مغيب الشمس من سطوح بيروت... استثنائية التجربة البصرية

«الروف توب» لا تحدّه جدران ولا يأسره المشهد الواحد

مشهد الغروب يؤكد استثنائية التجربة البصرية (حساب «C-Lounge» في «فيسبوك»)
مشهد الغروب يؤكد استثنائية التجربة البصرية (حساب «C-Lounge» في «فيسبوك»)
TT

مغيب الشمس من سطوح بيروت... استثنائية التجربة البصرية

مشهد الغروب يؤكد استثنائية التجربة البصرية (حساب «C-Lounge» في «فيسبوك»)
مشهد الغروب يؤكد استثنائية التجربة البصرية (حساب «C-Lounge» في «فيسبوك»)

تحلو الجلسة المُطلَّة على مشهد يُبهج النفس ويهدِّئ همَّ الأيام. في بيروت، تتعدَّد الأماكن المشرفة على العاصمة ببحرها ومبانيها وأفقها البعيد حيث تتوارى الشمس مُسلِّمة لليل رسم المشهد الجمالي. إنه «الروف توب»، وهو يتجاوز كونه طاولة لجَمْعة، أو احتساء مشروب، أو تناول لقمة، فيتيح حَبْك علاقة مع الفضاء الأوسع، وفكرة المدينة، والهواء المتسلِّل إلى الروح فيُسعدها.

يعلم قاصدو السطوح بأنّ شيئاً آخر غير النكهة واللمَّة سيجمع. المكان هو المتعة الأولى. لأنه مُطلّ، ومُنطلق. لا تحدّه جدران ولا يأسره المشهد الواحد. الآتون إلى «Clap» مثلاً يتطلّعون إلى احتضان بيروت بنظرة. هذا المطعم الأنيق الواقع في الطبقة الثامنة من مبنى جريدة «النهار» في وسط المدينة، لا يقدّم تجربة طعام راقية فحسب، بل لحظة فاخرة تتوهَّج بإمكان الإحاطة بالمشهد البيروتي واكتمال الإطلالة على ما مرَّت به.

غروب الشمس في بيروت موعد يومي يحتفل به اللبنانيون (شاترستوك)

على مسافة من «ساحة الشهداء» التاريخية، تصطفّ الطاولات وسط إضاءة هادئة تُرخي المزاج. التصميم الداخلي أنيق، وإنما مَن يقصدونه يشاؤون اختبار المساحة الخارجية. منها، تبدو المدينة في متناول اليد، كأنها حقاً للجميع، ومتاحة لغزل عشاقها.

أجواء «Clap Beirut» وطعامه، وضعاه في المركز 47 بين أفضل 50 مطعماً في العالم بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لعام 2022. الكوكتيلات أيضاً تتضاعف لذّتها وهي تُرتَشف على وَقْع صمود بيروت وتغلّبها الأسطوري على المحن.

مشهد الغروب يؤكد استثنائية التجربة البصرية (حساب «C-Lounge» في «فيسبوك»)

وسبق أن شغل الطبقةَ الثامنة من مبنى «النهار» عنوانٌ آخر للمكان المنشرح، هو «Iris»، لينتقل عام 2018 إلى سطح جناح «سي سايد» في الواجهة البحرية لبيروت. مساحة تمنح زائرها إحساساً بالحرّية. وإن قلَّ ارتفاعه عمّا كان عليه سابقاً، لا يزال جارَ البحر، لا يبخل بمدّ العين بمنظر مُشتهى للمدينة وليلها.

هذه المساحات الحرّة، مميّزة بترّاسها الشاسع لإتاحة الإشراف على كل ما لا يظهر دون الارتفاعات وفَضْلها. أرائك كبيرة وأخرى أصغر قليلاً، تتكئ على الكراسي، فتمنح الجالس وضعية مريحة. الآتون قبل مغيب الشمس، يستدركون معنى الدقائق الجميلة الفاصلة بين الضوء والعتمة. الأمكنة المرتفعة، تجعل مشهد الغروب مُنتَظراً ومقصوداً، فتنطبع صورته في البال ويُحفَظ على الهواتف لهواة الفيديو والصورة. يحدُث ذلك وسط جوّ شبابي نابض وطاقة مفعَمة مُعزَّزة بحضور طاغٍ للموسيقى وحماساتها. الكوكتيلات والأطباق العالمية، بينما الشمس تغيب والليل يتسلّل على مهل، قبل اقتحام الأمسية، هما مزيج اللحظة التي تُحسَب والتذوّق الذي يجعل الطَعم يُعلِّم.

الآتون إلى «الروف توب» يشاؤون احتضان بيروت بنظرة (حساب «SPINE» في «فيسبوك»)

مُرتَفع آخر ينبض بالحياة ويشير إلى خصوصية التجربة العصرية. في «SPINE» بشمال وسط بيروت، تتراءى المدينة على ارتفاع شاهق. فالمكان يقع في الطبقة الـ12 من «G1 تاور». ديكوره المُصمَّم على أشكال مربّعات ومستطيلات، يُرخي شعوراً بالفضاء المُجرَّد والحدود العصيّة على الإمساك بها. هذه لمسة «وهم» تتيحها الأضواء والتلاعُب بالظلّ، ما يمنح المكان طابعه الخاص.

لحظة فاخرة تتوهَّج بإمكان الإحاطة بالمشهد البيروتي (حساب «Clap» في «فيسبوك»)

حيازته جائزة التصميم مرات، وتحلّيه بإمكان رؤية أفق بيروت وبحرها بزاوية 360 درجة، يؤكد استثنائية التجربة البصرية. الإضاءة روح المكان وعصاه السحرية، بها يكسب التحدّي. وهي تتواطأ مع قائمة الطعام وأصناف الكوكتيلات لجَعْل الأناقة، هي الأخرى، وجبة رئيسية.

يتقدَّم الليل، لتتداخل مئات الألوان بالأنغام المُبهجة، وتعلو الأيدي المُصفِّقة، ويتمايل الراقصون على إيقاعات «الدي جاي» المتصاعدة كأنّ الفضاء كلّه لها.

وبجوار البحر؛ على مسافة قريبة من منارة بيروت الشهيرة، وبجانب كورنيش عين المريسة المزدحم، يرتفع «C-Lounge» ليتيح مشاهدة الغروب عن قُرب. هنا أيضاً تتداخل الموسيقى مع مكوّنات المائدة من طعام وشراب، لتشكِّل، مع جمال الإطلالة البانورامية على الأبيض المتوسّط، ثلاثية تريح الروح وتهدّئ ما تعكّره الأيام الصعبة.

«الروف توب» يتيح حَبْك علاقة مع فكرة المدينة (حساب «Clap» في «فيسبوك»)

على الطبقة السادسة من فندق «باي فيو هوتيل بيروت»، يقع تراس يشرف على مدينة لا تستريح. تبدو الأمواج كأنها تُفشي أسرار مَن لجأوا إليها وهم حزانى، فتُخبر عن كسر الخاطر، والأحضان التي بردت؛ وتحمل أخبار مَن عبروا الأفق وهي ترسو على رمال الشاطئ.

الغروب هو الوقت المفضَّل لزيارة هذه الأماكن. يبدو قرص الشمس متوهّجاً، وهو يفارق هذا الجزء من الأرض، لينتشل مَن هم في الطرف الآخر من سبات الليل. في بيروت أماكن كثيرة أخرى تمنح أسطحتُها قاصديها فرصة للإعجاب بالمشهد. الوارد في هذه السطور بعضٌ من خيارات تتنوَّع. محبّو السطوح يفضّلونها على المُغلق. بانشراحها، وارتفاعها، تُحمّلهم أجنحة وتُشعرهم بالتحليق خارج مختلف أشكال الأقفاص.


مقالات ذات صلة

جولة على أجمل أسواق العيد في ألمانيا

سفر وسياحة أسواق العيد في ميونخ (الشرق الاوسط)

جولة على أجمل أسواق العيد في ألمانيا

الأسواق المفتوحة تجسد روح موسم الأعياد في ألمانيا؛ حيث تشكل الساحات التي تعود إلى العصور الوسطى والشوارع المرصوفة بالحصى

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد جانب من المنتدى التاسع لمنظمة الأمم المتحدة لسياحة فن الطهي المقام في البحرين (الشرق الأوسط) play-circle 03:01

لجنة تنسيقية لترويج المعارض السياحية البحرينية السعودية

كشفت الرئيسة التنفيذية لهيئة البحرين للسياحة والمعارض سارة أحمد بوحجي عن وجود لجنة معنية بالتنسيق فيما يخص المعارض والمؤتمرات السياحية بين المنامة والرياض.

بندر مسلم (المنامة)
يوميات الشرق طائرة تُقلع ضمن رحلة تجريبية في سياتل بواشنطن (رويترز)

الشرطة تُخرج مسنة من طائرة بريطانية بعد خلاف حول شطيرة تونة

أخرجت الشرطة امرأة تبلغ من العمر 79 عاماً من طائرة تابعة لشركة Jet2 البريطانية بعد شجار حول لفافة تونة مجمدة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق أشخاص يسيرون أمام بوابة توري في ضريح ميجي بطوكيو (أ.ف.ب)

اليابان: اعتقال سائح أميركي بتهمة تشويه أحد أشهر الأضرحة في طوكيو

أعلنت الشرطة اليابانية، أمس (الخميس)، أنها اعتقلت سائحاً أميركياً بتهمة تشويه بوابة خشبية تقليدية في ضريح شهير بطوكيو من خلال نقش حروف عليها.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
يوميات الشرق سياح يصطفون للدخول إلى معرض أوفيزي في فلورنسا (أ.ب)

على غرار مدن أخرى... فلورنسا الإيطالية تتخذ تدابير لمكافحة السياحة المفرطة

تتخذ مدينة فلورنسا الإيطالية التاريخية خطوات للحد من السياحة المفرطة، حيث قدمت تدابير بما في ذلك حظر استخدام صناديق المفاتيح الخاصة بالمستأجرين لفترات قصيرة.

«الشرق الأوسط» (روما)

«سوق السفر العالمي» ينطلق في لندن والعيون على السعودية

وزير السياحة أحمد بن عقيل الخطيب يفتتح الجناح السعودي في «سوق السفر العالمي» بلندن
وزير السياحة أحمد بن عقيل الخطيب يفتتح الجناح السعودي في «سوق السفر العالمي» بلندن
TT

«سوق السفر العالمي» ينطلق في لندن والعيون على السعودية

وزير السياحة أحمد بن عقيل الخطيب يفتتح الجناح السعودي في «سوق السفر العالمي» بلندن
وزير السياحة أحمد بن عقيل الخطيب يفتتح الجناح السعودي في «سوق السفر العالمي» بلندن

انطلقت فعاليات معرض «سوق السفر العالمي» WTM في نسخته الـ44 في المركز الدولي للمؤتمرات والمعارض في إكسيل في شرق لندن وتستمر لغاية الخميس.

ويعدّ هذا المعرض الأكثر تأثيراً في صناعة السفر، ويقدم فرصة مثالية لبناء العارضين شبكات قوية تساهم في تعزيز إجراء صفقات تجارية وشراكات جديدة والتعرف على أحدث تطورات السوق السياحية في العالم.

ويشارك هذا العام في المعرض 4 آلاف عارض، بما في ذلك مجالس وممثلو السياحة وأصحاب الفنادق والخدمات التكنولوجية والتجارب العالمية وشركات الطيران، بالإضافة إلى انضمام 80 عارضاً جديداً هذا العام. وعلقت جولييت لوساردو، مديرة العارضين: «سيكون عام 2024 أفضل عام حتى الآن بالنسبة إلى سوق السفر العالمي، حيث تشير التوقعات إلى حدوث نمو وتوسع بنسبة 7 في المائة؛ مما يعكس ازدهار قطاع السياحة الدولي».

ويسهم المعرض في تسليط الضوء على التحديات والفرص المستقبلية، خصوصاً في ظل التغيرات الاقتصادية والتكنولوجية، مثل تأثير الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا والابتكار والاستدامة البيئية في صناعة السياحة، إضافة إلى استعادة صناعة السفر من تداعيات جائحة «كوفيد - 19» وكيفية تكييف الشركات مع التغيرات الكبيرة في سلوكيات السفر.

مشاركة قوية من المملكة السعودية (الشرق الأوسط)

ويتضمن المعرض أيضاً عدداً من الندوات والجلسات حول مواضيع متنوعة مثل الأمن السيبراني والاستثمار في السياحة وكيفية جذب السياح في ظل المنافسة العالمية.

واللافت هذا العام مشاركة المملكة العربية السعودية القوية، حيث تقود وفداً يضم 61 من أصحاب المصلحة الرئيسيين لتسليط الضوء على النمو السريع الذي تشهده البلاد في قطاع السياحة.

ويحتضن جناح «روح السعودية» هذا العام كثيراً من الأجنحة المميزة والتفاعلية التي ترسخ الحفاوة السعودية، وتبرز الثقافة الغنية والأصيلة، وتسلط الضوء على الطبيعة الساحرة والتنوع الطبيعي والمناخي.

وكشفت السعودية خلال المعرض عن خطط سياحية جديدة، وتركت انطباعاً قوياً في «سوق السفر العالمي» من خلال حجم منصات العرض الخاصة بها والعروض التي قدمتها للمشاركين في المعرض وتعريفهم بثقافة البلاد وتقديم القهوة والحلويات التقليدية للضيوف.

وترأس الوفد السعودي أحمد الخطيب، وزير السياحة ورئيس مجلس إدارة الهيئة السعودية للسياحة، إلى جانب الرئيس التنفيذي للهيئة فهد حميد الدين وشخصيات رئيسية أخرى من قطاع السياحة السعودي.

ويضم الوفد ممثلين عن المنظمات الكبرى مثل وزارة السياحة وصندوق التنمية السياحية، وشركة «الرحلات البحرية السعودية»، و«طيران الرياض»، و«البحر الأحمر العالمية» و«الهيئة الملكية للعلا».

معرض سوق السفر السياحي بدورته الـ44 (الشرق الأوسط)

ويتم عرض المشروعات الرئيسية في المملكة مثل «نيوم»، بالإضافة إلى المعالم الثقافية والترفيهية مثل «موسم الرياض».

وتشارك أيضاً 17 علامة تجارية لفنادق محلية ودولية، وهو ما يمثل أكبر عدد من شركاء الفنادق الممثلين في الجناح السعودي.

وخلال المعرض من المتوقع كشف النقاب عن شراكات جديدة تتماشى مع استراتيجية السياحة التطلعية للمملكة.

عرض لمهن تراثية سعودية (الشرق الأوسط)

وكانت منطقة عسير في السعودية من بين المشاركين الجدد في المعرض هذا العام، حيث قال رئيس قطاع الوجهات السياحية حاتم الحربي: «هذه المشاركة الأولى لنا في ترويج منطقة عسير بصفتها وجهة سياحية بدعم من الهيئة السعودية للسياحة ووزارة السياحة السعودية»، وأضاف أن الغرض من المشاركة هو تقديم منطقة عسير بصفتها إحدى أهم الوجهات السياحية في السعودية؛ لأنها تجرية مختلفة تماماً وباستطاعتها تغيير الصورة النمطية عن المملكة التي تشير إلى أنها مناطق حارة وصحراء فحسب.

«سارة» الدليل السياحي السعودي المبرمجة بالذكاء الاصطناعي (الشرق الأوسط)

وقامت «الشرق الأوسط» باختبار معرفة سارة، الدليل السياحي السعودي الأول الذي يعمل بالذكاء الاصطناعي، عن طريق طرح أسئلة عن أجمل الأماكن السياحية وأفضل ما يمكن القيام به في مناطق مختلفة في السعودية، بالإضافة إلى نصائح سياحية... وكانت النتيجة أكثر من جيدة. وبحسب القائمين على المشروع، فمن المتوقع أن تكون سارة متوفرة في مرافق سياحية عدّة ومطارات مختلفة لتقديم المعلومات والنصائح للزوار عن طريق الذكاء الاصطناعي.

يشار إلى أن تطوير «مشروع سارة» استغرق أكثر من عشرة أشهر وتم اختيار ملامحها بتأنٍ لتقدم صورة مشابهة لصورة المرأة السعودية. سارة تتكلم ثلاث لغات، وهي العربية، والانجليزية، والصينية.

وتميز الجناح السعودي بتقديم مجموعة متنوعة من التجارب الغامرة، بما في ذلك جولات الواقع الافتراضي والعروض التقليدية والمأكولات المحلية، وتقديم مشروبات يقوم بتحضيرها الـ«ميكسولوجيست» السعودي يوسف عبد الرحمن الذي شرح لـ«الشرق الأوسط» عن طريقة ابتكاره كوكتيلات سعودية يحضّرها من منتجات محلية، مثل ورد الطائف وخزامى جازان وغيرها.

وتأتي مشاركة المملكة في المعرض في أعقاب إطلاق حملة «حيث يضيء الشتاء» هو جزء من مبادرة «هذه الأرض تنادي» الأوسع. وتهدف هذه المبادرة إلى جذب الزوار إلى الوجهات الرئيسية في السعودية ودعوة المسافرين على مدار العام مثل «موسم الرياض»، و«مهرجان العلا»، وسباق «الجائزة الكبرى السعودي للفورمولا 1» في جدة.

«طيران الرياض» من المشاركين في الجناح السعودي (الشرق الأوسط)

من المتوقع أن تقود الصين والهند النمو المستقبلي في الكثير من أسواق السياحة العالمية، بما في ذلك الشرق الأوسط. وتشير التوقعات أيضاً إلى ازدياد السفر إلى الخارج بنسبة 80 في المائة بحلول عام 2030.

وتوقع المجلس العالمي للسفر والسياحة (WTTC) أن تنمو مساهمة قطاع السفر والسياحة في الناتج المحلي الإجمالي إلى 15.5 تريليون دولار بحلول عام 2033، مما يمثل 11.6 في المائة من الاقتصاد العالمي، وسيوظف 430 مليون شخص حول العالم بمن فيهم ما يقارب 12 في المائة في هذا القطاع.