«المعادي»... ضاحية مصرية من «الزمن الجميل»

من أكثر مناطق القاهرة أناقة وعراقة

محمية وادي دجلة (صورة لمحمد سلامة)
محمية وادي دجلة (صورة لمحمد سلامة)
TT

«المعادي»... ضاحية مصرية من «الزمن الجميل»

محمية وادي دجلة (صورة لمحمد سلامة)
محمية وادي دجلة (صورة لمحمد سلامة)

في أفلام «الأبيض والأسود» المصرية القديمة، تطل ضاحية «المعادي» بقصورها الفخمة وفيلاتها الفسيحة وشوارعها المظللة. واليوم حين تزور هذه الضاحية، جنوب القاهرة، يفاجئك أنها لا تزال تحتفظ بطابعها العريق، مع لمسات حياتية عصرية؛ فتستمتع فيها بالأجواء الهادئة الممتزجة بوسائل الراحة الحديثة، مجسدةً تلاقي الماضي والحاضر.

محمية وادي دجلة (صورة لمحمد سلامة)

عندما أقام الخديوي إسماعيل مدينة «حلوان» لتكون مشتى للعائلة الملكية والنبلاء، تحولت المعادي المجاورة من قرية ريفية تتمتع بجمال الطبيعة والمساحات الخضراء، إلى محطة رئيسية في طريق الوصول إلى حلوان. يقول الباحث في التاريخ أمجد عبد المجيد لـ«الشرق الأوسط»: «عندما تتجول في شوارع المعادي تشعر أنك عدت سنوات طويلة للوراء، إلى أجواء الزمن الجميل؛ حيث الهدوء والرقي والمباني الكلاسيكية، والأشجار العتيقة».

بمرور السنوات ازدادت أعداد هذه الأشجار؛ فحين تسير في شوارع المعادي تنبهر بجمال وألوان البونسيانا والجاكرندا والأكاسيا، كما يستوقفك منظر الأشجار المثمرة، مثل المانجو والتوت والنبق والليمون والجوافة. وإذا صادفتَ أحد سكانها في الطريق وسألته عن السر، يقول لك بفخر: «عندما بدأ السكان يقطنون المعادي حدث فيما بينهم ميثاق شرف غير مكتوب، مفاده أن كل من يبني بيتاً أو ينتقل إلى منزل بها، عليه أن يزرع شجرة من اختياره؛ ما جعل المكان كالجنة».

زواحف وحيوانات لهواة السياحة البيئية في محمية وادي دجلة (تصوير: محمد وجيه)

للأماكن القديمة مميزاتها الاستثنائية بالنسبة لكثيرين؛ وليس من الغريب -وفق أمجد- أن تحتفظ المعادي بكل سماتها الأساسية؛ لأنها مكان عريق يرجع إلى عام 1903، فقد كانت في الأصل منطقة زراعية تعبر منها المراكب بين شاطئي النيل، وكان ذلك وراء تسميتها «المعادي»، فهي كلمة مأخوذة من «معدية» الركاب النيلية.

يقول عبد المجيد: «شهدت تطويراً كبيراً عام 1890 لتلائم الطبقة الأرستقراطية التي تمر بها إلى حلوان، إلى أن سكنها أبناء هذه الطبقة؛ حيث قام المهندس الكندي ألكسندر آدامز بتخطيطها، مستلهما طابع القرى الإنجليزية، ومن ثم تميزت المعادي ببيوتها ذات الطابقين والحدائق الخلفية الواسعة. والمفاجأة أن المؤرخ الراحل موفق بيومي قدَّم وثيقة تاريخية تثبت إنشاء أول محطة طاقة شمسية بالمعادي عام 1911؛ لذلك كله فإن الضاحية مسجلة بوصفها منطقة ذات قيمة تراثية».

وحين تزور هذه الضاحية، فإنك تشعر بكل هذا العبق التاريخي والثراء الجمالي للمكان. ورغم نشأة امتدادات لها يرتبط اسمها بها، فإن «المعادي القديمة» لا تزال ملاذاً للأثرياء والجاليات الأجنبية.

المعادي حنين للزمن الجميل (تصوير: مي تركي)

إذا كنتَ من عشاق القراءة، فإنك حين إقامتك في هذا الحي لفترة طويلة أو قصيرة، أو حتى عند زيارته لبضع ساعات، حتماً ستشعر بنوستالجيا غامرة؛ فهنا على سبيل المثال عاش «المغامرون الخمسة» أبطال السلسلة البوليسية الشهيرة في الوطن العربي.

الفنون والتعلم

يجد الأفراد الذين لديهم شغف بالفن ضالتهم في المعادي؛ حيث تحتضن الضاحية فرصاً لا حصر لها للتعلم والإبداع، بدءاً من البازارات الموسمية، وحتى العروض المتنوعة للفنانين المحليين والأجانب. وتزخر بمراكز ثقافية، بعضها فيلَّات قديمة قرر أصحابها تحويلها إلى ساحات للفن، تقدم العروض السينمائية والمسرحية والفنون الحركية التشكيلية، والكتب، وورشات العمل للأطفال والكبار وفصول الرقص، مثل السالسا، والتانغو، والرومبا، فضلاً عن تنظيم أسواق المنتجات اليدوية التقليدية.

«فيلا بيل إيبوك» له طابع خاص في المعادي (صفحة الفندق على فيسبوك)

متعة التسوق

إذا قررتَ الإقامة لفترة في المعادي، فلن تحتاج إلى الخروج بعيداً للتسوق؛ فكل شيء حولك رهن إشارتك، من العلامات العالمية أو المنتجات المحلية. تضم المعادي كثيراً من مجمعات التسوق. وبجانب المولات ستجد متاجر تتخصص في القطع اليدوية الفريدة التي تجمع بين الحرفية التقليدية والجماليات الحديثة. وتشتهر المعادي أيضاً بمتاجر أخرى تبيع منتجات عالية الجودة للعناية الشخصية بأسعار معقولة، مقارنة بالمراكز التجارية.

المعادي حي له سمات خاصة (تصوير: عمر المصري)

التخييم

الاستمتاع بأجواء الصحراء والتخييم في مصر لا يشترط أن تتوجه إلى خارج العاصمة؛ ففي قلب المعادي توجد «محمية وادي دجلة»، وهي من أفضل أماكن التخييم؛ لتمتعها بالطقس المعتدل؛ فهي مناسبة للزيارة في الصيف والشتاء؛ لاحتوائها على تجويفات في الجبل تجعل الجو رطباً حتى مع ارتفاع درجة الحرارة.

داخل المحمية، اترك نفسك لجمال الطبيعة، واستمتع بالهدوء والاسترخاء، وشاهد عن قرب حيوانات وطيور نادرة، سواء كان ذلك سيراً، أو باستخدام الدراجات في المحمية؛ ما يجعل المغامرة أكثر متعة.

فيلَّات محاطة بالأشجار والزهور (تصوير: مي تركي)

جبل الخشب

لا تغادر المعادي بعد زيارة المحمية؛ فإذا كنت من عشاق السياحة البيئية، فأمامك مكان آخر ينتظرك، وهو محمية «الغابة المتحجرة» التي تكونت عبر ملايين السنين، ويُطلق عليها في كثير من المراجع العلمية اسم «جبل الخشب»؛ حيث تعد أثراً جيولوجياً نادراً.

طعام مختلف

لا يوجد في السفر والرحلات أروع من تناول الطعام اللذيذ بعد يوم مليء بالحركة والتنقل. في المعادي أمامك عدد مذهل من المطاعم، وخيارات الطعام التي لا حصر لها. يتوفر كل شيء، بدءاً من المخبوزات الطازجة الساخنة القادمة من مختلف مطابخ العالم، مروراً بأطباق اللحوم المختلفة والأسماك والبيتزا، فضلاً عن مطاعم المأكولات العالمية، مثل السوشي الطازج والأطباق الفنزويلية والبرتغالية وغير ذلك، وصولاً إلى أحدث اتجاهات السلطات والأكل النباتي والصحي.

في مطاعم المعادي انغمس في روعة مذاق أطباق من مختلف مطابخ العالم (تصوير مي تركي)

جولة نيلية

من أروع الأنشطة هناك، الاستمتاع بالإطلالة الساحرة على ضفاف النيل، على متن إحدى البواخر الثابتة أو المتحركة؛ حيث المنظر الخلاب والنسيم المنعش. وهناك يمكنك الاختيار بين تشكيلة متنوعة من أشهى الأطباق، بينما تستمتع عيناك بجمال الطبيعة، وستعيش أيضاً أجواء فنية مميزة؛ حيث تقدم البواخر برامج استعراضية فلكلورية، مثل عروض التنورة على أنغام الموسيقى.

وإذا كنت تبحث عن إقامة مختلفة تجمع بين الرفاهية ودفء البساطة المصرية، فأنصحك بالابتعاد عن الفنادق العالمية الفخمة، واختيار أحد فنادق المعادي القديمة، في فيلات أنيقة مفعمة بذكريات أُسر عريقة، عاشت فيها عشرات السنوات، ومنها فندق «فيلا بيل إيبوك» الذي يعود إلى عشرينات القرن الماضي، وتحيط به المساحات الخضراء.


مقالات ذات صلة

جنوب سردينيا القسم الجميل والمهمل في إيطاليا

سفر وسياحة جزيرة نائية تسكنها نسبة قليلة من الإيطاليين (نيويورك تايمز)

جنوب سردينيا القسم الجميل والمهمل في إيطاليا

كان الضجيج نادراً في جنوب سردينيا منذ مدة طويلة، يقول البعض ربما منذ انحدار الحضارة النوراجية من العصر البرونزي في المنطقة. ومع ذلك، في ثاني أكبر جزيرة إيطالية

سفر وسياحة متحف بلفيدير (نيويورك تايمز)

كيف تُمضي أجمل 36 ساعة في فيينا؟

تتشبث فيينا، عاصمة النمسا، بالتقاليد. استنشق الروائح الخالدة فقط للكستناء المشوية في أسواق عيد الميلاد، التي تنتشر بجميع أنحاء المدينة.

فاليريا سافرونوفا (فيينا)
الاقتصاد أبرز المعالم السياحية في محافظة العلا بالسعودية (واس)

السعودية تستعرض في هونغ كونغ الفرص الاستثمارية لقطاعها السياحي

استعرضت وزارة السياحة الفرص الاستثمارية الكبيرة التي تتوفر بالقطاع في المملكة، خلال مشاركتها في المؤتمر الدولي للاستثمار في الضيافة المقام في هونغ كونغ.

«الشرق الأوسط» (هونغ كونغ )
الاقتصاد أبرز المعالم السياحية في محافظة العُلا الواقعة شمال غربي المملكة (واس)

صندوق النقد الدولي يتوقع مساهمة السياحة بـ16 % في الناتج المحلي السعودي

كشف صندوق النقد الدولي عن توقعاته بنمو مساهمة قطاع السياحة إلى 16 في المائة في الناتج المحلي الإجمالي السعودي، بحلول عام 2034.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد سائحون من مختلف البلدان في أحد المنتجعات السياحية باليونان (أ.ف.ب)

اليونان تتخوف من زيادة أعداد السائحين

أعلن رئيس الوزراء اليوناني، عن اتخاذ إجراءات بهدف معالجة التأثير السلبي للسياحة المفرطة، جراء استمرار وصول السياح بأعداد قياسية في فترة ما بعد «كورونا».

«الشرق الأوسط» (أثينا)

كيف تُمضي أجمل 36 ساعة في فيينا؟

متحف بلفيدير (نيويورك تايمز)
متحف بلفيدير (نيويورك تايمز)
TT

كيف تُمضي أجمل 36 ساعة في فيينا؟

متحف بلفيدير (نيويورك تايمز)
متحف بلفيدير (نيويورك تايمز)

تتشبث فيينا، عاصمة النمسا، بالتقاليد. استنشق الروائح الخالدة فقط للكستناء المشوية في أسواق عيد الميلاد، التي تنتشر بجميع أنحاء المدينة في شهر ديسمبر (كانون الأول) من كل عام.

فيما يخص كثيراً من زوار المدينة، غالباً ما تكون المدينة بمثابة محطة توقف لفترة قصيرة، في إطار جولة سريعة عبر دول وسط أوروبا، ما يترك قليلاً من الوقت لاستكشاف الكثير خارج القلب التاريخي لفيينا، الذي يحمل اسم «الضاحية الأولى».

ومع ذلك، يبقى هناك الكثير مما يُمكِن رؤيته والقيام به داخل ضواحيها الأخرى، بما في ذلك بعض المؤسسات الثقافية المنشأة حديثاً. على سبيل المثال، أعيد افتتاح متحف فيينا، الذي يعد الوجهة الأولى لراغبي التعرف على تاريخ المدينة، هذا الشهر، بعد أعمال تجديد استمرت 3 سنوات، بينما جرت إضافة «بيت شتراوس»، وهو متحف وقاعة حفلات موسيقية أقيم تكريماً لعائلة شتراوس الموسيقية، إلى قائمة مزارات المدينة الثقافية، في أكتوبر (تشرين الأول).

متحف بلفيدير (نيويورك تايمز)

استكشف الألفيات

أعيد افتتاح «متحف فيينا»، الذي يركز على تاريخ المدينة، في 6 ديسمبر، في كارلسبلاتز، ساحة واسعة، بها كنيسة على الطراز الباروكي، مع كثير من الأجنحة الجديدة وتراس كبير، ما يضاعف حجمه السابق تقريباً. ينفرد المتحف بخطوطه المستقيمة والخرسانة البيضاء، التي تميزه عن العجائب الفخمة التي أقامها آل هابسبورغ، السلالة التي حكمت النمسا لأكثر من 600 عام، مثل «متحف بلفيدير لتاريخ الفن». وتتبع المعروضات الجديدة الدائمة بالمتحف، حيث الدخول مجاني، تاريخ فيينا عبر مجموعة متنوعة من الأشياء، بما في ذلك الجدار الخارجي لمتجر اضطر رجل أعمال يهودي إلى تصفيته قبل أن يفرّ من النمسا، بعد ضمّ البلاد إلى ألمانيا النازية.

اللافت أن أهل فيينا العاديين يشكلون محور الاهتمام هنا بقدر ما تشكله النخبة. على سبيل المثال، توجد لوحة لغوستاف كليمت معلقة بالقرب من سرير قابل للطي، يعود تاريخه إلى أوائل القرن العشرين كان يستخدمه الخدم.

فيينا عاصمة جميلة صيفا وشتاء (نيويورك تايمز)

جرّب الوجبات الخفيفة اليابانية

بالتأكيد، طبق «شنيتزل» جيد، لكن المشهد العام المرتبط بالطعام في فيينا يقدم أكثر من لحم العجل المخبوز. انظر، على سبيل المثال، إلى «كيكو با»، وهو مطعم ياباني تتميز قائمته بالوجبات الخفيفة اليابانية، التي جرى إعدادها من مكونات نمساوية. من بين أشهر أطباقه «تارتار اللحم البقري» (16.90 يورو، أو نحو 18 دولاراً)، مع قليل من كريمة الخرشوف، وقطع من عشب البحر المجفف المقرمش. كما يحوّل المطعم سمك البحر النيء إلى طبق «سيفيتشي» لذيذ (16.90 يورو). كما يغطي «أودون كاربونارا» الكريمي (15.90 يورو) بالثوم المعمر، الذي يهيمن على أطباق المطبخ النمساوي، ورقائق البونيتو ​​والأعشاب البحرية المجففة.

تناول وجبة خفيفة من «الكيسكراينر»، وهي نقانق محشوة بالجبن (13.90 يورو)، أو فطائر الحنطة السوداء (13.50 يورو).

استمتع بأجواء «غورتل»

على طول قسم طويل من طريق غورتل الدائري، الذي يفصل بين أحياء فيينا الداخلية والخارجية، يمر قطار المترو فوق جسر. وفي الأسفل، بين الأقواس، تتخذ المقاهي موطناً لها. وفي عطلات نهاية الأسبوع، تنتشر الموسيقى الحية في الشارع، جنباً إلى جنب مع رواد الحفلات.

وعلى بعد دقائق سيراً على الأقدام شمالاً يقع «فينستر 99»، مقهى صغير بجدران مزخرفة بالرسومات الغرافيكية، التي غالباً ما تتميز بعروض موسيقى «الروك»، علاوة على كثير من الأماكن الأخرى للرقص أو الاسترخاء.

فيينا مشهورة بخبزها ومخبوزاتها (نيويورك تايمز)

تذوق خبز فيينا

يفتخر النمساويون كثيراً بخبزهم ويعتزون به، ولهم كل الحق في ذلك، فرغيف الخبز البني السميك المحشو بالبذور في فيينا ينافس نظيره من الخبز الفرنسي في باريس. وتقدم بعض المخابز في المدينة، بما في ذلك سلاسل مثل «أوفرل» و«جوزيف بروت» و«فيلزل»، قوائم إفطار كاملة. ويقدم أحد المخابز الصغيرة التابعة لـ«أوفرل»، في الضاحية الثالثة من المدينة، الذي يتميز بتصميم بسيط وعدد من الألوان المحايدة، الإفطار حتى الساعة 6:30 مساءً. وهنا، يشمل إفطار المخبوزات (17.50 يورو) لفائف الخبز والزبدة الحامضة والمربى والجبن من جبال الألب واللحم. أما النسخة النباتية (15.50 يورو) فتحل كرات جبن الماعز محل اللحم.

اشترِ سلعاً معاداً تدويرها

في الضاحية السابعة الأنيقة، تتوافر المعاطف والسترات الصوفية السميكة بكثرة. وتركز سوق أعياد الميلاد في «سبيتلبيرغ»، والممتدة على طول شارع جانبي مرصوف بالحصى، على السلع المعاد تدويرها، خلال عام 2023. داخل خيمة، ستجد منتجات صوف منغولية، كما تضم السوق كشكاً يبيع السكاكين المصنوعة من قطع غيار السيارات. واحرص على وجود نقود معك، لأن بعض الأكشاك لا تقبل البطاقات. كما تضم السوق كثيراً من متاجر التحف والبوتيكات القريبة، بما في ذلك «فولتا فيينا»، المتخصص في السلع المنزلية، ويبيع مزهريات منحوتة وأكواباً وشمعدانات. وهناك متاجر متخصصة في بيع حقائب جلدية ناعمة ومجوهرات ذهبية دقيقة وهدايا غريبة، مثل الشموع على شكل أجساد نسائية، علاوة على «لوف ذي شوب»، الذي يبيع الملابس ذات الألوان الزاهية، بما في ذلك السترات الصوفية المحبوكة وفساتين الحفلات، من الدول الاسكندنافية.

تعرّف على عائلة شتراوس

قد يبدو أن الموسيقى الكلاسيكية قديمة الطراز، لكن قبل 200 عام، كانت أي شيء إلا ذلك. فلم يكن هناك عند أهل فيينا في القرن التاسع عشر شيء يحبون قضاء وقتهم الحرّ فيه أكثر من الرقص على أنغام الفالس الرومانسي أو الرقص السريع المليء بالحيوية. يستخدم منزل شتراوس، وهو متحف وقاعة موسيقية في مبنى جميل يعود للقرن التاسع عشر، التكنولوجيا والصور التاريخية والصوت ببراعة لمشاركة قصة عائلة فيينية ذائعة الشهرة. يعدّ يوهان شتراوس، وابنه يوهان شتراوس الثاني، مؤلف رقصة فالس «الدانوب الأزرق»، من قبل بعض المؤرخين أول نجوم موسيقى البوب في العالم، فقد قاموا بطبع صور لأنفسهم على النوتة الموسيقية، المعروضة في المتحف، وجابوا العالم لإقامة الحفلات الموسيقية والمهرجانات (23 يورو للبالغين).

استمتع بالمناظر على متن قارب

يقع «بادشيف فاين»، وهو قارب به مطعم، راسياً في القناة الطويلة التي تمر عبر وسط فيينا. يمكن من سطح القارب رؤية المباني المهيبة في المركز التاريخي مقابل الجدران المزخرفة بالرسومات الغرافيكية للقناة، ما يُجسد الشعور الفخم لفيينا، وربما غير المُرتب بعض الشيء. صدق أو لا تصدق، يمكنك السباحة في المسبح غير المدفأ على السطح على مدار العام، ولكن إذا لم تكن من عشاق الغطس في المياه الباردة للغاية، فلا تقلق، من نوفمبر (تشرين الثاني) إلى مارس (آذار)، يقدم قارب «بادشيف» عدة ملاءات مجعدة (من 30 إلى 45 يورو لاستئجار ملاءة واحدة لمدة 30 دقيقة) أثناء السباحة.

احتفال حتى الفجر

فيينا ليست برلين عندما يتعلق الأمر بثقافة النوادي الليلية، ولكن هناك بعض الأماكن التي تقترب منها. إذا كنت تبحث عن تجربة الرقص الصاخب حتى الفجر، فإن ملهى «داس فيرك»، على ضفاف قناة الدانوب، هو المكان المناسب لذلك، رغم أنه على عكس بعض النوادي الحصرية في برلين، لا يهتم الراقصون في «داس فيرك» بمظهر ملابسك. هنا، لا يبدأ الحفل قبل الساعة الحادية عشرة مساء، عندما يصبح الجمهور مفتوناً بالدي جي، أو بعروض الأضواء على الجدران المحيطة. إذا أخذت استراحة في الخارج، فتأكد من زيارة المعرض الفني في الهواء الطلق. منذ عدة سنوات، تمت دعوة فناني الشارع من جميع أنحاء العالم لتزيين جدران المباني حول «داس فيرك» بلوحات جدارية كبيرة. وتبلغ تكلفة الدخول من 10 إلى 15 يورو.

رحلة عبر الزمن على فنجان قهوة

تعود ثقافة المقاهي في فيينا إلى القرن السابع عشر. وفي عام 2011، حصلت على تصنيف التراث الثقافي غير المادي لليونسكو. وترسل كتيبات السفر السياح إلى مقهى «سنترال»، حيث كان «سيغموند فرويد» أحد رواده، ومقهى «لاندتمان»، وهو نقطة لقاء السياسيين. لكن أهل فيينا يميلون إلى تفضيل المقاهي الأرخص والأكثر غباراً والمتهالكة قليلاً، مع النوادل الذين يبدو أنهم يفضلون القيام بأي شيء آخر. جرّب مقهى «روديغرهوف»، الذي تأسس عام 1902، حيث توجد الصحف على حوامل خشبية قديمة الطراز، ووجبة الإفطار بسيطة. سيكلفك المزيج؛ القهوة مع الحليب المبخر والرغوة، مع بيضة ولفافتين مع الزبدة والمربى أو العسل، 7.10 يورو. لا تفوّت الطبق الفييني الكلاسيكي؛ بيضتين مقشرتين مسلوقتين يقدمان في كوب واسع الحواف مع ملعقة. المقهى يقبل الدفع النقدي فقط.

استمتع بدفء الساونا

عندما يكون الطقس بارداً ومخيفاً، لا شيء يضاهي جلسة الساونا وحمام الماء الساخن. يعدّ منتجع «ثيرم فاين» المكان الأمثل للعناية الذاتية في الصباح. قد لا يكون هذا المكان فاخراً بدرجة الخمس نجوم، لكنه نظيف وواسع، ويضم مقهى، ومطعماً، وإطلالات على الحديقة الخارجية، ومناطق هادئة مع شلالات صغيرة. ويوفر المجمع حمامات السباحة والساونا وأحواض الجاكوزي الساخنة. ويقدم المنتجع الصحي خدمات التقشير والتدليك، لكن تأكد من حجز الخدمات مقدماً. تبلغ رسوم الدخول لمدة تصل إلى 3 ساعات 28 يورو، وتكلفة الساونا 12 يورو إضافية. كما تبلغ تكلفة إيجار المنشفة 6 يورو.

أماكن تناول الطعام

رايز: صالة موسيقية وبار حيث يشغل منسقو الأغاني الموسيقى الإلكترونية التجريبية.

فينستر 99: بار شعبي ومتواضع مع أجواء ودية، يستضيف الحفلات الموسيقية ويتميز بسياسة الدفع حسب الرغبة.

أوفرل: مخبز بتصميم بسيط، يقدم مجموعة واسعة من الخبز، وقائمة إفطار طوال اليوم في اثنين من فروعه.

مونتي أوفيليو: بار ومقهى يأخذ ثقافة «الأبيريتيفو» الإيطالية على محمل الجد، مع الجبن واللحوم المستوردة من إيطاليا.

مقهى روديغرهوف: تأسس عام 1902، ويوفر تجربة المقهى الفييني النموذجي، مع إفطار بسيط والقهوة النمساوية.

أماكن الإقامة

روزوود فيينا: فندق فاخر في مبنى من عصر النهضة الكلاسيكية الجديدة، تم تجديده من القرن التاسع عشر، حيث تم ترميم الغرف بشكل بديع مع إشارات تصميمية إلى التاريخ الفييني. يوفر البار في الطابق العلوي إطلالات رائعة على المركز التاريخي.

فندق إنديغو فيينا - ناشماركت: فندق أنيق ومريح من فئة 4 نجوم، يقع على مسافة قصيرة بالمترو من الدائرة الأولى، ويمكن الوصول منه إلى المتاجر والبارات والمطاعم في أحياء المدينة العصرية سيراً على الأقدام.

* خدمة «نيويورك تايمز»