36 ساعة في تورينو الملقبة بـ«باريس الصغيرة»

تعرَّف أجمل معالم رابع أكبر مدينة في إيطاليا

‪مدينة تورينو الإيطالية (نيويورك تايمز)
‪مدينة تورينو الإيطالية (نيويورك تايمز)
TT

36 ساعة في تورينو الملقبة بـ«باريس الصغيرة»

‪مدينة تورينو الإيطالية (نيويورك تايمز)
‪مدينة تورينو الإيطالية (نيويورك تايمز)

مع وجود خلفية كجبال الألب، تعدّ تورينو، رابع أكبر مدينة في إيطاليا، أنيقة وجذابة وغنية بالتاريخ. تكثر الميادين الكبرى والقصور الملكية السابقة في هذا المعبر الحدودي الشمالي الإيطالي، الذي أطلق عليه اسم «ليتل باريس أو باريس الصغيرة»، والذي كان لفترة وجيزة أول عاصمة لإيطاليا بعد توحيد البلاد عام 1861. والمدينة غارقة في الملذات الدنيوية. وقد تم اختراع شوكولاته «جياندوجا» هناك، ويمكن تذوقها بين المقاهي التاريخية، ومتاجر الشوكولاته. ومما يكتسب أهمية خاصة في فصل الشتاء، وجود تشكيلة متزايدة من المعارض والمتاحف الآخذة في الاتساع -بما في ذلك واحدة من أكبر مجموعات الآثار المصرية في العالم، ومتحف للفاكهة المزيفة، ومركز جديد للفن المعاصر على مضمار سباق على أسطح المنازل- يوفر الراحة من البرد، وهو غذاء للروح.

‪مدينة تورينو الإيطالية (نيويورك تايمز)

التنزه سيراً على الأقدام إلى كنيسة أعلى التل

إذا كان تسلق جبل حقيقي يبدو شاقاً، فإن السير لمدة 15 دقيقة صعوداً إلى جبل مونتي دي كابوتشيني، قمة التل الذي تعلوه كنيسة من القرن السابع عشر، سوف يمنحكم على الأقل إطلالات جبلية رائعة. أما في الغرب، فإن شبكة شوارع تورينو من المباني الباروكية وأبراج الجرس تمتد لأميال، يتخللها برج وقبة مولي أنطونيليانا، وهو صرح بارز من الطوب يعود إلى القرن التاسع عشر بُنيَ في الأصل ليكون معبداً يهودياً، ولكن تم تغيير الغرض منه ليكون نصباً تذكارياً لتوحيد إيطاليا. (حتى عام 1861، كانت إيطاليا خليطاً من الممالك المستقلة والدوقيات ودول المدن). واليوم، يضم «مولي أنطونيليانا» المتحف الوطني للسينما. خارج منظر المدينة، تشكل جبال الألب جداراً طويلاً مثلجاً مسنناً بقممه السامقة.

تورينو رابع أكبر مدينة في إيطاليا (نيويورك تايمز)

الانغماس في المطبخ المحلي

حي سان سالفاريو، الذي كان ذات يوم منطقة رثة بالقرب من محطة القطار المركزية، يعج الآن بالمقاهي والحانات من كل نوع. يبدو مطعم سكانابيو، وهو مطعم محبوب للغاية افتتح في عام 2008، بأنه أقدم من 100 عام على الأقل بسبب مراياه المصطنعة بالطلاء المذهب، وصور مناظر المدينة بلونها البني الداكن، وأطعمة بييمونتي اللذيذة والعريقة.

زيارة سوق واسعة

تعدّ سوق «ميركاتو دي بورتا بالازو»، الواقعة في ساحة الجمهورية الكبرى، واحدة من أكبر الأسواق في أوروبا، وهي مثيرة من حيث الحجم والتمدد. وتنقسم السوق مربعات، لكل منها تخصصه الخاص. في أحد هذه المواقع، تتدفق الدكاكين بالخيرات الزراعية للبلاد، بما في ذلك الليمون الصقلي، والخرشوف السرديني، والفلفل البوليزي. وربع ثانٍ مخصص للنظارات الشمسية، والحقائب، والبيجامات، وقمصان كرة قدم الإيطالية، والملابس، والإكسسوارات الأخرى رخيصة الثمن. أما الربع الثالث فيضم قاعة «أنتيكو تيتويا ديل أوروليو»- وهي سوق مغطاة بالزجاج والمعادن تعج بمتعهدي القهوة والجبن واللحوم المشفاة والخبز والزيتون وغيرها من الأطعمة الإيطالية الكلاسيكية، في حين أن الربع الأخير يحتوي على مطعم «ميركاتو سنترال تورينو»، وهو عبارة عن صالة واسعة مخصصة للأطعمة المنزلية الحديثة. إذا كنت لا تزال في مزاج التسوق، فإن سوق «إل بالون» المفضلة في تورينو، يُقام من الاثنين إلى السبت (ساعات العمل متفاوتة) في شبكة من الشوارع القريبة، لا سيما عبر بورغو دورا.

من أسواق الخضراوات والفاكهة التقليدية في المدينة (نيويورك تايمز)

احتضان التاريخ

يدور مشهد من تاريخ تورينو حول ساحة سان جيوفاني، وهي ساحة مركزية. وإلى الشمال، انظروا مدخل بورتا بالاتينا، وهي بوابة من الطوب الروماني ترجع إلى العصر الروماني للمدينة. إلى الشرق، وأسفل بعض السلالم، تخفي آثار مدرج روماني (الدخول مجاني) في ظل متحف غاليريا سابودا (15 يورو)، وهو متحف كلاسيكي جديد يضم الفنون التي جمعها دوقات وملوك آل سافوي، السلالة الملكية التاريخية. بجانب المتحف، يحلّق برج الجرس الطويل في كاتدرائية القديس يوحنا من عصر النهضة فوق المبنى الرئيسي المنفصل، الذي تضم كنيسته كفن تورينو، وهو قطعة قماش يبلغ طولها 14 قدماً تحمل صورة باهتة لرجل ملتح يعتقد البعض أنه يسوع المسيح. لا يتم عرض القماش للعامة، ولكن متحف الكفن (8 يوروات)، الذي يبعد مسافة قصيرة، يشرح تاريخه وبعض الدراسات العلمية التي أجريت للوقوف على أصوله.

مدينة غنية بالتاريخ والأماكن الأثرية (نيويورك تايمز)

التسوق

بالنسبة إلى الأشخاص العصريين الذين يخشون أغطية الشتاء المرهقة التي تغلف الجسم، فإن نزهة التسوق بين القصور الأنيقة في وسط تورينو هي بمثابة تعليم مشجع على الطراز الشتوي. وهناك متجران راقيان يبرزان في هذا السياق. «دانبول»، بالقرب من حديقة سامباير، هو متجر معاصر، حيث يمكنك الجمع بين سترة مموهة من «باربيد»، وسترة من صوف الكشمير من «فيديلي»، وأحذية رياضية راقية سوداء من «بوشمي» مع أبازيم ذهبية للحصول على مظهر إيطالي بالكامل. يقع خلف ساحة المتحف والمطاعم المصطفة على الجانبين متجر «بيازا سان كارلو» من عام 1973، وهو عبارة عن متجر من الملابس النسائية المعاصرة.

ابدأ يومك بالشوكولاته

لا يمكنك إلقاء حبة من الكاكاو من دون أن تصطدم بمتجر للشوكولاته في تورينو، موطن شوكولاته «جياندوجا» الفخري، مزيج من الشوكولاته ومعجون البندق. يمكن العثور على نوعين من الشوكولاته الكثيفة والداكنة على شارع «فيا بو»، وهو شارع فاخر توفر أروقته المقببة الحماية من المطر والثلوج؛ مما يجعله مثالياً لنزهات فصل الشتاء. ولا توجد مقاعد وسط العلب الزجاجية المليئة بالفطائر والكعك والبسكويت في متجر «باستيكيريا غيغو» للحلويات الذي افتتح عام 1870؛ لذا فإن السكان المحليين يحتشدون على المناضد لاحتساء الشوكولاته الساخنة الغنية (4.50 يورو). لمزيد من الراحة، انضم إلى مأدبة واستمتع بالأقمشة الحمراء الفاخرة والسجاد الفخم وورق الجدران الأصيل في «كافيه فيوريو» من القرن الثامن عشر، الذي كان من بين زبائنه الفيلسوف الألماني فريدريش نيتشه خلال إقامته في تورينو. تتبخر شوكولاته «جياندوجا» الساخنة السميكة (5.50 يورو) في الكأس مثل الصهارة الداكنة.

تشتهر تورينو بمطبخها المميز (نيويورك تايمز)

الوصول إلى المكان الصحيح

لا توجد علامة تجارية أكثر ارتباطاً بتورينو من «فيات»، التي كان مصنعها في مقاطعة لينغوتو الجنوبية ينتج السيارات من عشرينات القرن العشرين حتى الثمانينات. يضم المبنى متعدد الأغراض (الذي تم ترميمه من قِبل المهندس المعماري الإيطالي رينزو بيانو) معرض «بيناكوتيكا أنيللي» (10.60 يورو)، وهو معرض فني يعرض نحو عشرين لوحة فنية - من قِبل الفنانين، بما في ذلك إدوارد مانيت، هنري ماتيس، أميديو موديلياني، وبابلو بيكاسو - جمعها أعضاء من عائلة أنيللي، مؤسسي شركة «فيات». كانت الإضافة الأكثر إثارة للإعجاب في المصنع السابق هي «لابيستا 500» (2.10 يورو)، وهي مساحة فنية في الهواء الطلق افتتحت عام 2022 على ممشى بيضاوي الشكل أعلى سطح المبنى كان يستخدم في وقت من الأوقات كمسار اختبار لسيارات «فيات». وتغطي هذه الدائرة آلاف النباتات والأعمال الفنية الكبيرة في الهواء الطلق، بما في ذلك لوحة إعلانية مصورة للفنانة الإيرانية شيرين علي آبادي، ولافتة نيون للفنانة السويسرية سيلفي فلوري مكتوب عليها «نعم للجميع». لكن الجاذبية السحرية الرئيسية هي منظر جبال الألب ذات القمم البيضاء المكسوة بالثلوج. التقط صورة أخيرة وقل «وداعاً».

* خدمة «نيويورك تايمز»


مقالات ذات صلة

جولة على أجمل أسواق العيد في ألمانيا

سفر وسياحة أسواق العيد في ميونخ (الشرق الاوسط)

جولة على أجمل أسواق العيد في ألمانيا

الأسواق المفتوحة تجسد روح موسم الأعياد في ألمانيا؛ حيث تشكل الساحات التي تعود إلى العصور الوسطى والشوارع المرصوفة بالحصى

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد جانب من المنتدى التاسع لمنظمة الأمم المتحدة لسياحة فن الطهي المقام في البحرين (الشرق الأوسط) play-circle 03:01

لجنة تنسيقية لترويج المعارض السياحية البحرينية السعودية

كشفت الرئيسة التنفيذية لهيئة البحرين للسياحة والمعارض سارة أحمد بوحجي عن وجود لجنة معنية بالتنسيق فيما يخص المعارض والمؤتمرات السياحية بين المنامة والرياض.

بندر مسلم (المنامة)
يوميات الشرق طائرة تُقلع ضمن رحلة تجريبية في سياتل بواشنطن (رويترز)

الشرطة تُخرج مسنة من طائرة بريطانية بعد خلاف حول شطيرة تونة

أخرجت الشرطة امرأة تبلغ من العمر 79 عاماً من طائرة تابعة لشركة Jet2 البريطانية بعد شجار حول لفافة تونة مجمدة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق أشخاص يسيرون أمام بوابة توري في ضريح ميجي بطوكيو (أ.ف.ب)

اليابان: اعتقال سائح أميركي بتهمة تشويه أحد أشهر الأضرحة في طوكيو

أعلنت الشرطة اليابانية، أمس (الخميس)، أنها اعتقلت سائحاً أميركياً بتهمة تشويه بوابة خشبية تقليدية في ضريح شهير بطوكيو من خلال نقش حروف عليها.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
يوميات الشرق سياح يصطفون للدخول إلى معرض أوفيزي في فلورنسا (أ.ب)

على غرار مدن أخرى... فلورنسا الإيطالية تتخذ تدابير لمكافحة السياحة المفرطة

تتخذ مدينة فلورنسا الإيطالية التاريخية خطوات للحد من السياحة المفرطة، حيث قدمت تدابير بما في ذلك حظر استخدام صناديق المفاتيح الخاصة بالمستأجرين لفترات قصيرة.

«الشرق الأوسط» (روما)

مساعٍ سعودية لتحويل 8 مدن واعدة إلى وجهات عالمية

التعاون يستهدف تحسين جودة الحياة عبر تجديد الحدائق والمرافق البلدية بشكل مبتكر (واس)
التعاون يستهدف تحسين جودة الحياة عبر تجديد الحدائق والمرافق البلدية بشكل مبتكر (واس)
TT

مساعٍ سعودية لتحويل 8 مدن واعدة إلى وجهات عالمية

التعاون يستهدف تحسين جودة الحياة عبر تجديد الحدائق والمرافق البلدية بشكل مبتكر (واس)
التعاون يستهدف تحسين جودة الحياة عبر تجديد الحدائق والمرافق البلدية بشكل مبتكر (واس)

وسط مسعى السعودية لتنمية مدنها والارتقاء بمعايير جودة الحياة العصرية وتوسيع نطاق العروض السياحية، أبرم عدد من الجهات في القطاعين الخاص والحكومي اتفاقيات بارزة مؤخّراً في هذا الإطار، وشهد معرض «سيتي سكيب» العالمي في الرياض توقيع عدد من هذه الاتفاقيات.

وبهدف تحسين جودة الحياة في عدد من المدن الواعدة في السعودية، أعلنت «أسفار»، الشركة السعودية للاستثمار السياحي، إحدى شركات صندوق الاستثمارات العامة السعودي، عن توقيع مذكرة تفاهم مع «وزارة البلديات والإسكان»، ووفقاً للمسؤولين، سيوفّر هذا التعاون الاستراتيجي فرصاً ترفيهية وثقافية ورياضية جديدة في الأماكن العامة غير المستغلة، ما يسهم في نمو قطاع السياحة في البلاد.

تعزيز الثقافة المحلية والجمال الطبيعي للمناطق

وفي حديث خاص لـ«الشرق الأوسط»، قال الدكتور فهد بن مشيط، الرئيس التنفيذي لشركة أسفار: «نسعى إلى تحويل المدن الواعدة في السعودية إلى وجهات عالمية من خلال استثمارات استراتيجية تعزز الثقافة المحلية، وتبرز الجمال الطبيعي الفريد لكل منطقة». وأضاف أن هذه المبادرات «تمثِّل خطوة مهمة في رحلتنا المستمرة نحو بناء شراكات قوية وتوحيد الجهود بين القطاعين العام والخاص لدفع عجلة السياحة في السعودية».

جانب من التوقيع بين «وزارة البلديات والإسكان» و«أسفار» إحدى شركات صندوق الاستثمارات العامة السعودي. (الشرق الأوسط)

وبحسب ابن مشيط، تتطلّع «أسفار» إلى تعزيز علاقتها مع البلديات وهيئات تطوير المناطق التي تستثمر فيها لتحقيق مهمتها، كاشفاً عن التزام بـ«ترسيخ مكانة السعودية على خريطة السياحة العالمية، وأن نكون جسراً نحو نمو مستدام يحقق قيمة طويلة الأمد للمجتمعات السعودية عبر كافة مناطق السعودية وإثراء تجارب الزوار».

تحويل المساحات إلى وجهات حيوية

وعلمت «الشرق الأوسط» أن التعاون الاستراتيجي يستهدف أيضاً تحويل المساحات غير المستغلة إلى وجهات مجتمعية حيوية، ما يساعد في تحسين جودة الحياة في عدد من المدن الواعدة في السعودية عبر تجديد الحدائق والمرافق البلدية بشكل مبتكر، وذلك تماشياً مع مشروع «بهجة» المبادرة الوطنية للوزارة، بهدف تنمية المدن وتعزيز رفاهية سكانها وتجربة زوارها نحو تحقيق مفهوم جودة الحياة، كما يتناغم مع ما تلتزم به «أسفار» من تحويل المدن الواعدة إلى وجهات سياحية بارزة، تحقيقاً لمستهدفات «رؤية السعودية 2030».

التعاون يستهدف تحسين جودة الحياة عبر تجديد الحدائق والمرافق البلدية بشكل مبتكر (واس)

8 مدن واعدة

ووفقاً لمصادر «الشرق الأوسط»، جاءت الـ8 مدن الواعدة، التي ستعمل «أسفار» على تحويلها إلى وجهات سياحية بارزة كالتالي: الأحساء، الباحة، الجوف، حائل، الخبر، ينبع، الطائف، الدمام.

وفي الإطار ذاته، أُبرمت الاثنين اتفاقية ثلاثية، جمعت أمانة المنطقة الشرقية، وهيئة تطوير المنطقة الشرقية، وشركة «أسفار»، بحضور خالد البكر الرئيس التنفيذي لبرنامج جودة الحياة في السعودية، وهدفت الاتفاقية إلى تعزيز الاستثمار السياحي في مدينة الخبر، ودعم أهداف برنامج جودة الحياة في السعودية، وتضمّنت الاتفاقية إلى جانب تعزيز الوجهات السياحية والترفيهية في المنطقة الشرقية، وتحديداً مدينة الخُبر، تطوير موقع «الكورنيش الجنوبي» ليصبح وجهة سياحية متكاملة ورائدة في القطاع السياحي للمواطنين، المقيمين والزوار على حد سواء.