«ديار بني هلال»... جنة الطبيعة وحكايات التاريخ

غنية بالنقوش والآثار

الطبيعة كما تبدو في قرية انحو (الشرق الأوسط)
الطبيعة كما تبدو في قرية انحو (الشرق الأوسط)
TT

«ديار بني هلال»... جنة الطبيعة وحكايات التاريخ

الطبيعة كما تبدو في قرية انحو (الشرق الأوسط)
الطبيعة كما تبدو في قرية انحو (الشرق الأوسط)

تبختر كيفما شئت وأنت تسير بين الحقول وعلى ضفاف النهر وعند أسفل الوادي والشلال، وتنشَّق التاريخ الذي استوطن على أكتاف «ديار بني هلال» الواقعة بين «الليث» و«أضم» جنوب غربي منطقة مكة المكرمة.

بعثر كُل تلك الصور القديمة، والتقط بما أتيح لك من أدوات، وادمج ذلك في مشهد واحد، القصة مكتوبة منذ آلاف السنين، فكل ما عليك فعله هو فقط تجميع تلك المشاهد وتحسين السيناريو الذي يبرز النقوش والبيوت العتيقة مع الطبيعة في كادر واحد، ليوثق لك هذا المشهد فيما بعد رحلة المغاوير من قديم الأزل، وبعض الحكايات لنقوش احتضنت الصخور المحفورة في بطون الجبال، لتدرك وأنت على أعتاب نهاية المونتاج لمشهدك العظيم، أن التاريخ لم يكن وحده هناك متفرداً في كل شيء، بل كانت القرية والوادي حلماً للباحثين عن الثراء.

هو الشغف المنثور في كل اتجاهات «ديار بني هلال»، الذي يقودك للماضي لتعيش معه كما تحب، وأنت تسمع قصة «سوق الجمعة» تلك السوق التي يرجع تاريخها لأكثر من 4 قرون، والتي شيدت باحترافية عالية داخل حصن كبير ومجموعة من الدور المنتظمة تدل على مهارة الإنسان في تلك الحقب رغم افتقاد الكثير من الأدوات المتاحة في هذا العصر، هو الشغف وأنت تمتع ناظريك بكثير من الرسومات والنقوش والرموز والكتابات على الصخور التابعة لأمم نقشت تاريخها واستوطنت في جبل عفف وقرية الكفو.

شلالات وادي مراج الذي يعد منطقة سياحية (الشرق الأوسط)

تقول الروايات وما ينطق عنه كبار وأعيان «الديار» إن سوق الجمعة كانت لها أغراض متعددة ففيها يجتمع الناس من قبائل بني هلال، والقبائل المجاورة وعابرو السبيل والتجار من مختلف المناطق، إذ كانت السوق تتمتع بنشاطات تجارية مختلفة استقطبت كل تلك الشرائح، ومن ذلك البيع والشراء للمواشي والمواد الغذائية من «الدخن، والذرة، والسمن، والعسل»، إضافة إلى قطاع الصناعة، حيث كانت تشتهر المنطقة بصناعة «الحلي، وأدوات الحرث، والسقاية، وتصنيع الملابس».

وبخلاف ما كانت تتمتع به السوق من تنوع، كانت مقر اجتماع القبيلة للتشاور في الأمور كافة، خاصة تلك التي تحتاج إلى الاتفاق عليه، وميزة السوق أنها تعدُّ محطة مهمة لحل الخصومات، إذ كانت تحتضن اجتماعات مخصصة للصلح بين المتنازعين من قبائل بني هلال والقبائل المجاورة، كما عرف عن السوق أنها ملاذ الباحثين عن الأمان وأولئك الذين يعتريهم الخوف، فتوفر السوق لهم مكاناً آمناً، ومن ثم إيجاد ما يتوافق من الحلول المناسبة لأخذ الحق له إن كان من المستضعفين.

من الزيارات المهمة في المنطقة، البيوت القديمة، ومقاري النحل، والتعرف على كيفية تمكن قاطني هذه الديار من عمليات البناء على هذا النحو الفريد، والتعامل مع كافة العوامل الجغرافية والمناخية، التي مكنتهم من تفادي سريان الوديان ببناء كثير من البيوت على مرتفعات صغيرة بزوايا مختلفة لكل بيت، مع استخدام أحجار ذات مقاسات محددة وجودة عالية قادرة على تحمل هذه الظروف.

وما يميز المواقع التاريخية والآثار في «ديار بني هلال» أنها في قلب الطبيعة عند وادي «مراج»، الذي يعد من أجمل المناطق السياحية للمتنزهين لكثرة المياه وجمال الطبيعة التي يمتاز بها، إلى جبال «عفف»، الذي يضم المواقع السياحية البكر والعديد من المباني التراثية التي تحكي سيرة الإنسان في حقب زمنية مختلفة، كما أن المنطقة تمتاز ببرودة الجو ونقاوته، وجمال الطبيعة وإنتاج بعض الفواكه الصيفية، مما يجعلها هدفاً ومزاراً حقيقياً في قادم الأيام للباحثين عن الجمال والهدوء.

هذا التاريخ وما فيه من حكايات وجولات، كان لا بد أن يكون شيئاً منه تحت سقف واحد يحكي سير الأقوام الفائتة، وهو ما ذهب إليه الشيخ حامد بن عدوان الهلالي، الذي عمد إنشاء متحف يحتضن كل أدوات التراث للإنسان القديم من «الأسلحة، ومعدات الحرث والزراعة، والحلي والملابس»، في خطوة للتعريف بتاريخ المنطقة على مدار قرون مضت وكيف عاشت في قلب التاريخ.


مقالات ذات صلة

متى وكيف تحجز أرخص تذاكر طيران ومقعد في درجة رجال الأعمال بأقل سعر؟

سفر وسياحة متى وكيف تحجز أرخص تذاكر طيران ومقعد في درجة رجال الأعمال بأقل سعر؟

متى وكيف تحجز أرخص تذاكر طيران ومقعد في درجة رجال الأعمال بأقل سعر؟

هذا الصيف، يتجه الجميع للاستمتاع بالاستجمام على شاطئ البحر، أو مطاردة سحر عواصم العالم المختلفة، أو مجرد الاسترخاء في وجهات مريحة

«الشرق الأوسط» (لندن)
عالم الاعمال «ساوث ميد - طلعت مصطفى» رفاهية وفخامة في أكبر مارينا عالمية

«ساوث ميد - طلعت مصطفى» رفاهية وفخامة في أكبر مارينا عالمية

يمتلك مشروع «ساوث ميد» - أحدث مشروعات «مجموعة طلعت مصطفى» بالساحل الشمالي الغربي لمصر - كل المقومات اللازمة ليصبح وجهة عالمية جديدة بجنوب البحر المتوسط.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق السفر مع أفراد العائلة يمكن أن يكون أمراً صعباً بشكل خاص (رويترز)

لإجازة عائلية من دون مشكلات... ضع 7 حدود قبل السفر وخلاله

حتى أجمل التجارب في الأماكن الخلابة يمكن أن تنهار أمام الخلافات العائلية.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
سفر وسياحة المدينة القديمة في ميكونوس الأكثر زحمة في الجزيرة (شاترستوك)

ميكونوس... جزيرة ترقص مع الريح

بعد أيام من الراحة والاستجمام في سانتوريني، جزيرة الرومانسية والهدوء والتأمل، أكملنا مشوارنا في التنقل ما بين أجمل جزر اليونان، واخترنا ميكونوس.

جوسلين إيليا (ميكونوس-اليونان)
العالم جواز سفر سنغافوري (أ.ف.ب)

سنغافورة تُتوج بلقب صاحبة أقوى جواز سفر في العالم

تفوقت سنغافورة على فرنسا وألمانيا وإيطاليا وإسبانيا لتصبح صاحبة أقوى جواز سفر في العالم حيث يمكن لحاملي جواز سفر سنغافوري دخول 195 دولة دون تأشيرة دخول.

«الشرق الأوسط» (سنغافورة)

الشواطئ ملاذ المصريين في مواجهة لهيب الطقس

شواطئ الساحل الشمالي تشهد إقبالاً من المصريين (الشرق الأوسط)
شواطئ الساحل الشمالي تشهد إقبالاً من المصريين (الشرق الأوسط)
TT

الشواطئ ملاذ المصريين في مواجهة لهيب الطقس

شواطئ الساحل الشمالي تشهد إقبالاً من المصريين (الشرق الأوسط)
شواطئ الساحل الشمالي تشهد إقبالاً من المصريين (الشرق الأوسط)

دفعت موجة الحرارة الشديدة كثيراً من المصريين نحو الشواطئ القريبة منهم، والمعروفة بقلّة تكلفتها أو العروض الخاصة التي تقدّمها خلال الصيف.

وارتفعت درجات الحرارة بشدّة خلال الأيام الماضية، فأعلنت هيئة الأرصاد الجوّية عن وصولها إلى 40 درجة في الظلّ في القاهرة في إطار موجة الحرّ التي انتهت ذروتها، السبت، مع تأكيد على انخفاضها خلال اليومين المقبلين، لتعود إلى الارتفاع تدريجياً الأربعاء المقبل.

لهذا قرَّر محمد السيد (38 عاماً)، المقيم في القاهرة والعامل في مجال التسويق بالقطاع الخاص، الهروب من حرارة الجوّ والسفر إلى أحد الشواطئ ليومين فقط بسبب ظروف عمله. وقال لـ«الشرق الأوسط» إنه اختار منطقة شاطئية قريبة من العاصمة في «العين السخنة»، حيث وجد عروضاً يمكن تحمُّل تكلفتها.

وشهدت شواطئ في مدن الغردقة وشرم الشيخ والإسماعيلية زحمة خلال موجة الحرّ الأخيرة، لقُرب بعضها من القاهرة، وللعروض المغرية لناحية الأسعار التي يقدّمها البعض، حيث تصل في شرم الشيخ إلى قضاء 4 أيام مقابل نحو 2000 جنيه (الدولار يساوي 48 جنيهاً مصرياً)، لتتراوح تذكرة الدخول إلى شواطئ مثل جمصة وبلطيم ورأس البر بين 5 و20 جنيهاً، بخلاف الخدمات.

كانت مصر قد شهدت أكثر من موجة حارّة، وأعلنت هيئة الأرصاد الجوّية في إحداها وصول الحرارة إلى 49 درجة في الظلّ بمحافظة أسوان الجنوبية؛ وهي قياسية وغير مسبوقة في هذا الموسم.

مصريون يقصدون البحر هرباً من الحرارة (الشرق الأوسط)

في هذا السياق، رأى المتخصِّص في الإرشاد السياحي الدكتور محمود المحمدي أنّ هذه الظاهرة تعمل على «تنشيط السياحة الداخلية في الصيف خصوصاً الترفيهية التي تعتمد على زيارة الشواطئ، وتُسهم في زيادة إشغال تلك المناطق لجهتَي المدة والسعة».

وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «الموجة الحالية يمكن مواجهتها برحلات اليوم الواحد؛ وهي المنتشرة في الشواطئ الشمالية، منها مدن جمصة ورأس البر وبلطيم»، لافتاً إلى أنّ «تلك الشواطئ تُعدُّ من المتاحة، ومن أهم مقاصد السياحة الترفيهية لسكان محافظات الوجه البحري، وبعضها يقدّم أيضاً خدمات الإسكان المؤقّت للأسر المتوسطة، المتراوحة مدّة إقامة أفرادها بين الأسبوع والـ10 أيام؛ وتكون عن طريق النقابات المهنية، وتُسجَّل فيها نسبة إنفاق متوسطة».

تشجَّع محمد السيد على السفر إلى أحد الشواطئ القريبة من القاهرة حين وجد عروضاً عن طريق أصدقاء، فقرّروا تشارُك التكلفة والمؤونة للاستمتاع بالبحر بعيداً عن حرارة القاهرة.

وإذ لفت المحمدي إلى «وجود نوع آخر من الأماكن السياحية المُعتمِدة على الفنادق والشقق الفندقية وتقصدها الطبقة الميسورة، حيث نسبة الإنفاق فيها تكون كبيرة»، أشار الخبير السياحي المصري محمد كارم إلى تعدُّد مستويات الشواطئ التي يلجأ إليها المصريون في مواجهة موجة الحرّ وخلال الإجازة الصيفية. يقول لـ«الشرق الأوسط»: «في مصر شواطئ كثيرة ومتنوّعة تُناسب جميع الطبقات. فالأسر البسيطة مادياً ترتاد رأس البر وجمصة وبور سعيد، والمتوسطة مادياً تقصد الإسكندرية والعين السخنة ورأس سدر، وفوق المتوسطة تذهب إلى الساحل الشمالي أو شرم الشيخ أو الغردقة». وختم: «موجة الحرّ وموسم الإجازة جعلا السواحل في مرسي مطروح والإسكندرية تشهد إقبالاً كبيراً».