«بيت ملحم» في زحلة... عمرُه 133 سنة وخصوصيتُه حكايتُه

مزيّن باللوحات والألوان على الجدران العتيقة

لوحات وأضواء وإحساس بالإحاطة (صفحة «بيت ملحم» في «فيسبوك»)
لوحات وأضواء وإحساس بالإحاطة (صفحة «بيت ملحم» في «فيسبوك»)
TT

«بيت ملحم» في زحلة... عمرُه 133 سنة وخصوصيتُه حكايتُه

لوحات وأضواء وإحساس بالإحاطة (صفحة «بيت ملحم» في «فيسبوك»)
لوحات وأضواء وإحساس بالإحاطة (صفحة «بيت ملحم» في «فيسبوك»)

4 أجيال سكنت بيت آل الشماس بمدينة زحلة البقاعية، المشيَّد عام 1890. يتوارث رجال الأسرة الأسماء، فالجد يُدعى ملحم، حمَّل ابنه اسم إبراهيم، ليردَّ الابن أمانة الاسم إلى ابنه ويسمّيه ملحم، وهكذا دواليك: ملحم وإبراهيم... تبدأ صاحبة المنزل ماغي الشماس حديثها مع «الشرق الأوسط» باستعادة شجرة العائلة للإشارة إلى تجذُّر العلاقة. منذ الصيف، وإثر وفاة زوجها ملحم، شاءت وابنها إبراهيم تحوُّل المنزل بيتَ ضيافة يستقبل باحثين عن ألفة الأمسيات الدافئة.

البيت حميمي أمسياته أليفة (صفحته في «فيسبوك»)

رمَّمت العائلة المنزل قبل 12 عاماً، ومضى على انشغال ماغي الشماس بالرسم والتزيين نحو 3 عقود. تحمل أدواتها وألوانها، وتُضفي حياة إلى الجدران والزجاج. لوحاتها في المكان، ولمستها على ما يحتويه من فسيفساء وموزاييك. تقيم وابنها مع الضيوف، وأمام امتلاء الغرف، تُخصِّص لهما مساحة تسمّيها «منزلاً داخل المنزل»، تاركة الانشراح والراحة التامة للزوار.

الألوان تضيف دفئاً على المكان (صفحة «بيت ملحم» في «فيسبوك»)

يدق راغبون في التقاط الصور بابها، بعدما تخلّت عن إغلاق المكان ليصبح متاحاً لمَن يودّ الاحتفاظ بذكرى. يسألونها الدخول لإلقاء نظرة أيضاً. فالمنزل أليف، بناسه وجدرانه وخشبه وقرميده. والحجارة قديمة برائحة الزمن الجميل. تلوّن ماغي الشماس ما تطوله يداها لتضيف إحساساً بالإحاطة. كأنّ المكان للفرد الزائر، أسوة بأصحابه، فيشعرون وسط الألوان، والرسوم، واللوحات، بأنهم بعضُ مشهديته الفريدة.

لمسات ماغي الشماس في كل الزوايا (صفحة «بيت ملحم» في «فيسبوك»)

ما إنْ افتُتِح «بيت ملحم» رسمياً، حتى وجد زواراً يتحمّسون للتجربة. راحوا يتزايدون؛ فمَن يحضُر، يُصوِّر، ويُحمِّل على حساباته في مواقع التواصل، فيجرَّ المُعجب معجبين كثراً. تقول ماغي: «يأتون من مناطق مجاورة في البقاع، ومن بيروت وزغرتا الشمالية وجزين الجنوبية. يحضر الأجانب أيضاً، لكن الحرب على غزة ألغت حجوزات. نترقّب المرحلة المقبلة فيحلَّ العَوض».

يتزيّن المنزل بحلّة الميلاد، وتوقَد المدفأة وسط الأحمر والأبيض وبعض الذهبي الذي يعانق اللون البنّي على الخشب، فيُشكّل رقصة. إنها ألوان ديسمبر (كانون الأول)، شهر البركة، فتأمل ماغي الشماس بأن تعمّ وتعود بالخير. لهذا الشهر، تخصّص نشاطات: «ليلة سوشي، وليلة نبيذ مع الجبن... هي للضيوف ولمَن ينضمّون من الخارج. بعد الميلاد ورأس السنة، نبدأ التحضير لعيد الحب في فبراير (شباط)، فنزيّن بالأحمر للقلوب العاشقة».

توزّع لوحاتها في الغرف لتمنحها القدرة على التحلّي بحكاية خاصة. تروي أنّ إحدى الزبونات سبقتها في الاستيقاظ عند السادسة صباحاً للتجوّل في المنزل وتأمُّل تفاصيله. قالت لها إنها لا تحبّذ النوم أمام جمال ما ترى، لذا؛ تستيقظ وتُصوِّر. تنتظر كلَّ مَن ينهض غرفةٌ هي مزيج من مساحة لتناوُل الطعام ومحترف للتلوين والرسم تشغله الشماس. فبينما الفطور «البلدي» يفترش السفرة، تُكمل عملها على مسافة قليلة من الزوار.

الحجر القديم والأضواء المسكوبة عليه (صفحة «بيت ملحم» في «فيسبوك»)

تتحدّث عن الفطور، وهو الوجبة الوحيدة التي يقدّمها «بيت ملحم»: «من إعدادي، أحضّره بيدي. لبنة، وزيتون، وباذنجان مكدوس، وأجبان على أنواعها، مع مناقيش الكشك والجبن والزعتر، وأصناف من المربّيات. معظم ما أقدِّم، مصدره معروف وموثوق به. أحرص على فطور من خيرات الأرض».

3 وسائل تدفئة، تتوزّع في المنزل: «الشوفاج، والموقدة، والصوبيا». الأخيرة جلستها خاصة، والطعام حولها يُصاب بمزيد من اللذّة. ففي الغرفة حيث الصوبيا، تُقام الجَمعة وتحلو اللَّمة، ويعود الحديث إلى ما فات؛ منها الأيام والذكريات ومنها الحنين إلى بشر.

يضع موسم الشتاء حداً لجلسة الحديقة وتمايُل أوراق الشجر. تصف ماغي الشماس الفسحة الخارجية المتّسعة لـ100 شخص: «فيها المراجيح والكراسي، ومحاطة بالأضواء ومزاج الطبيعة. في الصيف، أقمنا احتفالات أعياد ميلاد، وأعراساً وحفلات خطوبة. يحلّ الشتاء، فيؤجَّل هذا المتّسع في الهواء الطلق إلى العام المقبل».

صورة القديس شربل في إحدى الغرف (صفحة «بيت ملحم» في «فيسبوك»)

على الجدران، في الداخل، تُعلّق الشمّاس صوراً لقديس لبنان شربل مخلوف، لتبارك المكان وزوّاره: «بهذه اللمسات، يمتاز (بيت ملحم). كل ما فيه من صنع اليد. أشعرُ أنه بعضي، فأضيف إليه ما استطعتُ إضافته. لم ندع مظاهر الحداثة تتسلّل. أردنا الحفاظ على نَفَسه التراثي. السقف عالٍ بطول 6 أمتار، والحجر عمره سنوات طويلة. خصوصيته هي حكايته».

والأسعار؟ تجيب أنها «مناسبة»، ففي الصيف تراوح إيجار الغرفة ما بين 50 و70 دولاراً. الشتاء يعني تدفئة، والتدفئة تتطلّب المازوت والحطب، فيرتفع السعر. يعنيها أنّ المغادرين يعدونها بالرجوع: «لا يودّعنا أحد من دون أن يردّد: (نراكم لاحقاً)، وغالباً يعودون».


مقالات ذات صلة

مصر: البحث عن مفقودين في غرق مركب سياحي

شمال افريقيا ناجون من غرق المركب في مقهى بمرسى علم أمس (أ.ب)

مصر: البحث عن مفقودين في غرق مركب سياحي

عملت فرق الإنقاذ المصرية، على مدار الساعة، على إنقاذ العدد الأكبر من 45 شخصاً كانوا على متن «لنش» سياحي، تعرض للغرق بمنطقة سطايح شمال مدينة «مرسى علم».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا اللنش السياحي «سي ستوري» (محافظة البحر الأحمر - فيسبوك)

إنقاذ 28 شخصاً والبحث عن 17 آخرين بعد غرق مركب سياحي في مصر

أفادت وسائل إعلام مصرية، اليوم (الاثنين)، بغرق أحد اللنشات السياحية بأحد مناطق الشعاب المرجانية بمرسي علم بالبحر الأحمر.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق ستقدم للزوار رحلة فريدة لمعايشة أجواء استثنائية مشابهة لسلسلة الأفلام الأيقونية الشهيرة (منصة ويبوك)

تركي آل الشيخ و«براذرز ديسكفري» يكشفان عن «هاري بوتر: مغامرة موسم الرياض»

في حدث يجمع المتعة والإثارة، سيكون زوار موسم الرياض 2024 على موعد لمعايشة أجواء استثنائية مشابهة لسلسلة الأفلام الأيقونية الشهيرة «هاري بوتر: موسم الرياض».

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق المجدف الهولندي يبدأ رحلته من بني سويف حتى القاهرة (وزارة السياحة والآثار المصرية)

هولندي يروّج للسياحة المصرية بالتجديف في النيل لمدة أسبوع

دشن المجدف الهولندي المحترف، روب فان دير آر، مشروع «التجديف من أجل مصر 2024»، بهدف الترويج لمنتج السياحة الرياضية المصرية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
سفر وسياحة قرية النزلة بمحافظة الفيوم قبلة عالمية لصناعة الفخار اليدوي (رويترز)

قرى مصرية تبتكر نوعاً جديداً من السياحة التقليدية

في الخلف من البقع السياحية السحرية بأنحاء مصر توجد قرى مصرية تجذب السائحين من باب آخر حيث يقصدونها للتعرف على الحرف التقليدية العتيقة والصناعات المحلية التي تنتجها هذه القرى وتتخصص فيها منذ عشرات السنوات وفاقت شهرتها حدود البلاد

محمد عجم (القاهرة)

أي مقعد في الطائرة نختار من أجل رحلة ممتعة؟

علميا فإن مؤخرة الطائرة المكان الأكثر أمانا (الشرق الاوسط)
علميا فإن مؤخرة الطائرة المكان الأكثر أمانا (الشرق الاوسط)
TT

أي مقعد في الطائرة نختار من أجل رحلة ممتعة؟

علميا فإن مؤخرة الطائرة المكان الأكثر أمانا (الشرق الاوسط)
علميا فإن مؤخرة الطائرة المكان الأكثر أمانا (الشرق الاوسط)

تشكّل رحلات السفر هواية للبعض، إذ يجدون فيها مساحة للتغيير والترويح عن النفس. وهناك قسم آخر من الناس يُعدّون من الركاّب الدائمين، فطبيعة عملهم تتطلب منهم التنقل المستمر بين بلد وآخر.

عندما يحين موعد حجز مقعد الطائرة، هناك من يشترط الجلوس قرب النافذة، وغيرهم يفضل قسم درجة رجال الأعمال (بزنس)، فيما لا تهتم شريحة ثالثة لهذا الأمر، فتجلس على المقعد الذي يُحجَز لها من دون نقاش.

درجة رجال الاعمال لمحبي الراحة التامة (الشرق الاوسط)

ولكن بعض الأشخاص يبحثون عن المقعد الأكثر أماناً، فأيّ مقعد نختار من أجل رحلة سفر ممتعة؟

يقول الكابتن الطيار هاروت أرتينيان لـ«الشرق الأوسط» إن لكلٍّ منّا مقعده المفضل في الطائرة. كما أن الطائرات تسهّل لنا هذه الخيارات حسب أقسامها. فهندستها صُمّمت كي تقدّم أفضل الخدمات، وذلك كي يُمضي الراكب رحلته براحة.

ومن بين هذه الأقسام «البزنس» الذي يؤمِّن لصاحبه الرفاهية. الخدمات مقابل المبلغ المرتفع الذي يدفعه الراكب، تشمل المقاعد الفخمة والمريحة ونوعية الضيافات والطعام الفاخر.

بالنسبة إلى العائلات الذين يصطحبون معهم مولودهم الجديد، تخصِّص لهم شركات الطيران أحواضاً أو أسرَّة خاصة بأطفالهم، فينعمون بنوم عميق طيلة الرحلة من دون أن يتسببوا بإزعاج لباقي الركاب.

المقاعد في الدرجة الاقتصادية في مؤخرة الطائرة (الشرق الاوسط)

فيما الثنائي المسافر يفضّل حجز مقعدين مجاورين كي يمضيا الرحلة معاً، فيتسامران أو يتابعان فيلماً سينمائياً، كي يمرّ الوقت بسرعة.

ولكن ماذا عن الأشخاص الذي يفتّشون عن المقعد الأكثر أماناً؟

يردّ الكابتن هاروت أرتينيان لـ«الشرق الأوسط»: «لا يمكننا إلا التأكيد أن الطائرة في جميع أقسامها آمنة. ولكن إذا أردنا أن نفصّل الأمر علمياً واستناداً إلى علم الفيزياء يمكننا الركون إلى معلومات معينة. وهناك دراسات قامت بها شركات طيران معروفة مثل «بوينغ» تشير إلى هذا الموضوع، وتبين من خلالها أن المقاعد الموجودة في القسم الأخير من الطائرة هي الأكثر أماناً». ويتابع أرتينيان: «منطقياً، جميعنا نعلم أن الصندوق الأسود الذي يحفظ المعلومات عن سير كل رحلة يوجد في آخر الطائرة. وهو الوحيد الذي يبقى سليماً في حال تعرّضت الطائرة لحادث ما. وكذلك ندرك جيداً أنه في حال سقوط الطائرة، فهي تهوي نحو الأسفل بدءاً من الجهة الأمامية، فيكون ذنب الطائرة آخر قسم منها يحطّ على الأرض، ولذلك كلما كان مقعدنا قريباً من الجهة الخلفية نكون في أمان أكبر».

كابتن الطيران هاروت أرتينيان (الشرق الاوسط)

قد يعلّق البعض على هذا الأمر بأن ركاب «البزنس» يدفعون تكلفة مرتفعة ويواجهون خطراً أكبر. يعلّق كابتن هاروت أرتينيان: «لا يمكننا التفكير بهذه الطريقة. ففي حال تعرّضت الطائرة لحادث، هناك نسبة تفوق 85 في المائة أن يلاقي جميع الركاب حتفهم. وتأتي مقصورة قائد الطائرة ومساعده في مقدمة هؤلاء. ولكن البعض يعتقد أن فرصة النجاة بنسبة 10 أو 15 في المائة قد تكون متاحة. ولذلك يبحث عن المقعد الأكثر أماناً في الطائرة».

أرتينيان اسم مشهور على وسائل التواصل الاجتماعي. وعبر حسابه «بايلوت هاروت» على «إنستغرام» و«تيك توك» يقدم نصائح ومعلومات في موضوع الطيران، ويقسم الطائرة إلى ثلاثة أقسام: «درجة رجال الأعمال (بزنس) الخاص بالرفاهية. والقسم الوسط بين جناحي الطائرة الذي يعد الأفضل لعدم التأثر بالمطبات الهوائية. والقسم الأخير الذي يُحفَظ فيه الصندوق الأسود. ويحبّذ بعض الركاب الجلوس فيه لأنه قريب من صالة الحمام.

ويؤكد أرتينيان في سياق حديثه أن الطائرة تصنع مقابل تكلفة مرتفعة جداً تفوق ملايين الدولارات. ولذلك يأخذ صنّاعها بعين الاعتبار تأمين كل عناصر الراحة والأمان. ويختم لـ«الشرق الأوسط»: «جميع مقاعد الطائرة تؤمِّن الراحة لركابها. فيكون الهدوء والسكينة عنوانها لإمضاء رحلة مريحة. وفي حال كانت قديمة الصنع فقد يتأثر ركابها بالضجيج الذي تُصدره محركاتها. ولكن في الصناعات الحديثة للطائرات يغيب هذا الموضوع عنها».