دُرة ساحرة تتلألأ على البحر المتوسط بعد أن ارتبط اسمها طويلاً بالصحراء والحروب، أبراج شاهقة ومنتجعات فاخرة على أنقاض حقول ألغام... سيدهشك هذا التناقض للوهلة الأولى عند زيارة مدينة العلمين الجديدة في مصر، التي باتت حالياً بمثابة «عاصمة ساحلية» لمصر بصبغة ترفيهية حديثة، تشتهر بإطلالاتها المميزة على الساحل الشمالي الغربي للبلاد.
وتراهن مصر على العلمين الجديدة بوصفها وجهة تحمل مقومات السياحة الترفيهية، وجعلها وجهة مهمة لكثير من المصريين والسائحين العرب، حيث توفر أنماطاً جديدة من السياحة لم تكن متوفرة من قبل، بما يعمل على جذب الزائرين إلى تلك البقعة بما تضمه من شواطئ ومنتجعات ومراكز تسوق فاخرة، إلى جانب شهرة المدينة التراثية بالسياحة التاريخية، باحتضانها موقع «معركة العلمين» الشهيرة، التي لا تزال مقصداً للسائحين الأجانب بما تضمه من مقابر الجنود الأجانب الذين شاركوا بالحرب العالمية الثانية.
أين تقع العلمين الجديدة... وكيفية الوصول؟
العلمين الجديدة، هي أول مدينة مليونية في الساحل الشمالي الغربي لمصر، تقع داخل الحدود الإدارية لمحافظة مرسى مطروح على الطريق الدولي (الإسكندرية - مطروح)، وتمتد على البحر بمسافة 14 كيلومتراً، وتبلغ مساحتها ما يقرب من 50 ألف فدان بعمق أكثر من 60 كيلومتراً جنوب الشريط الساحلي. وتعدّ المدينة إحدى مدن الجيل الرابع، حيث تتميز بضخامة المشروعات وحداثتها، وتشمل مراكز تجارية عالمية وأبراجاً سكنية وسياحية، وأحدث المشروعات التكنولوجية والعمرانية.
يسهل الوصول إليها من الإسكندرية، حيث تبلغ المسافة بين الإسكندرية ومدينة العلمين الجديدة 104 كيلومترات، في اتجاه غرب مدينة الإسكندرية، بينما تبعد المسافة بينها وبين القاهرة 261 كيلومتراً. ويمكن الوصول إلى العلمين من مطار برج العرب، الذي يبعد عن المدينة مسافة 89 كيلومتراً، أو من مطار العلمين الدولي، على بعد 35 كيلومتراً عن المدينة.
الإمكانات السياحية
سواء كنت ممن يحبون الاستمتاع بمشهد ومياه البحر، أو ترغب في التمتع بطقس ممتاز، أو كنت ممن يحبون السهر والتسوق والاستمتاع بالأمسيات في المطاعم المختلفة والكافيهات، تقدم لك العلمين الجديدة باقة من المراكز التجارية العالمية والأحياء المميزة، ما يجعلها نموذجاً مثالياً للسياحة الترفيهية، وأبرزها ما يلي:
ـ شاطئ العلمين الجديدة: تم تنفيذه بتوفير الخدمات التي سوف تحتاجها على أي شاطئ، يتضمن الشاطئ غرفاً لتغيير الملابس وتوجد حمامات في كل كيلومتر، تم إنشاؤها تحت الأرض لتجنب إعاقة المنظر الطبيعي للبحر.
ـ الحي اللاتيني: يقع في المنطقة الجنوبية في العلمين الجديدة بالقرب من منطقة الجامعات، ومجمع السينمات والمسرح، ومدينة التراث والثقافة.
ـ تضم المدينة مجموعة من البحيرات المرتبطة بالبحر، كما أن ممشى الكورنيش السياحي بالمجان ودون رسوم دخول، ويضم مجموعة متنوعة من المطاعم والكافيهات.
ـ تشتهر بنشاط التجديف على مستوى العالم لموقعها المتميز على ساحل البحر المتوسط، وتستضيف المدينة سنوياً بطولة العلمين الدولية للتجديف.
ـ تضم المدينة حارات خاصة للدراجات بعرض 4 أمتار بطول الشاطئ.
مهرجان العلمين
انطلقت خلال الصيف الحالي فعاليات مهرجان العلمين، تحت شعار «العالم علمين»، بوصفه حدثاً ترفيهياً سنوياً هو الأكبر في الشرق الأوسط، الذي فتح أبوابه أمام الزوار لمدة 45 يوماً، وينتهي في 26 أغسطس (آب)، ومن المتوقع أن تستقبل المدينة خلال تلك الفترة ما يقرب من مليون زائر من داخل مصر والوطن العربي لحضور فعاليات المهرجان، التي تضم عروضاً ترفيهية، وفرقاً واتحادات دولية لرياضات مختلفة بأحداث المهرجان الرياضية، بالإضافة إلى حفلات غنائية وموسيقية لأبرز الفنانين من الوطن العربي، وعلى المستوى الدولي.
ويهدف المهرجان إلى لفت أنظار العالم إلى المدينة الجديدة بوصفها وجهة سياحية عالمية تروج للسياحة في مصر، وتعزيز النشاطات الثقافية والترفيهية لتقديم تجربة ممتعة للزوار، حيث يمكن لزائر المدينة خلال فترة المهرجان ممارسة كرة القدم الشاطئية، وسط مشاركة من نجوم كرة القدم المحليين والعالميين، والمشاركة في عروض الطائرات (RC)، وسباقات السيارات، والمشاركة في سباق «تراياثلون» الذي يضم 3 رياضات «السباحة وركوب الدراجات والجري»، إلى جانب عروض الأزياء.
الإقامة والطعام
تضم العلمين الجديدة مجموعة من الفنادق فئة 5 نجوم، التي تضم مرافق وغرفاً وأجنحة وإطلالات مختلفة ومطاعم على أعلى مستوى، وتقدم المأكولات المختلفة. ومن أبرز الفنادق: «ريكسوس العلمين»، و«كريستيل إن باي الماسة»، و«الماسة العلمين الجديدة».
ومن أهم المطاعم التي نرشحها لك: مطعم «نورماندي 2»، وهو أفضل مطعم للمأكولات الآسيوية، ويجهز أنواع السوشي تيبانياكي جميعها. ومطعم «بيتش جريل»، ويقع مباشرة على البحر، ويقدم الأكلات اللبنانية الشهيرة اللذيذة كافة، خصوصاً المأكولات البحرية.
ماذا تزور في المدينة القديمة؟
شهدت مدينة العلمين التراثية القديمة عدداً من الأحداث المهمة، حيث دارت على أرضها «معركة العلمين» التي تعد إحدى أشهر معارك الحرب العالمية الثانية، التي وقعت بين دول الحلفاء ودول المحور في أكتوبر (تشرين الأول) 1942، وتحتضن المدينة تبعاً لذلك الإرث التاريخي معالم لسياحة الحروب وسياحة المقابر، التي تخلّد ذكرى ضحايا تلك المعركة، حيث تستقطب أعداداً كبيرة من السائحين، لا سيما أحفاد الجنود المشاركين بالحرب؛ لإحياء ذكرى أجدادهم.
مقابر الكومنولث
هي أشهر المقابر وأكبرها بين مقابر العلمين، قام بتصميمها البريطاني السير هيبير ورثينغتون، وافتتحها برنارد مونتغمري في أكتوبر 1954. تضم المقابر رفات 7367 جندياً ممن شاركوا في الحرب العالمية الثانية من بريطانيا ونيوزيلندا وأستراليا وجنوب أفريقيا وفرنسا والهند وماليزيا، كما تشتمل على أسماء 11945 جندياً، الذين لم يتم العثور على أشلائهم، مكتوبة على الحائط.
المقابر الإيطالية
تقع المقابر على مسافة 5 كيلومترات غرب العلمين، قام بافتتاحها رئيس وزراء إيطاليا أمينتوري فانفاني في 9 يناير (كانون الثاني) 1959، بينما صممها المهندس الإيطالي باولو كاشيا دومينيوني. تضم المقابر رفات 4634 جندياً إيطالياً شاركوا في معركة العلمين، كما توجد كنيسة صغيرة ومسجد وقاعة للذكريات ومتحف صغير، بالإضافة إلى لوحة تذكارية كتب عليها: «كرس لمثوى 4600 جندي وبحار إيطالي... الصحراء والبحر لا يعيدان الـ3800 المفقودين»، فضلاً عن تمثال يخلد ذكرى المعماري الذي شيد المقبرة، ومتحف صغير يحتوي على عدد كبير من القطع والملابس والأسلحة للجيش الإيطالي، وخرائط وصور فوتوغرافية تجسد مراحل الحرب.
المقابر الألمانية
أُنشئت المقابر الألمانية في عام 1959، حين قررت الحكومة الألمانية بناء مقبرة خاصة للألمان، بعدما ظلوا مدفونين بمقبرة واحدة مع الجنود الإيطاليين حتى عام 1956، وهي مصممة على هيئة قلعة مقسمة إلى 8 غرف، كل واحدة تضم رفات 600 جندي، كما تضم بعض النياشين العسكرية والصور الفوتوغرافية، ولوحة تذكارية تخلد ذكرى روميل، إلى جانب «أوتوغراف الزيارات» الموقع من كبار العسكريين من مختلف أنحاء العالم.
متحف العلمين العسكري
يتبع إدارة المتاحف العسكرية في وزارة الدفاع المصرية، وافتُتح للمرة الأولى في عهد الرئيس جمال عبد الناصر، عام 1965، حينما أمر الزعيم الراحل بإنشائه تخليداً لدور مصر في معركة من أهم معارك الحرب العالمية الثانية، وتم تطويره وأُعيد افتتاحه في الذكرى الخمسين لمعركة العلمين، يوم 21 أكتوبر (تشرين الأول) 1992، ثم خضع للتطوير وأُعيد افتتاحه مرة أخرى عام 2014.
يوثق المتحف معركة العلمين من خلال عرض مجموعة من الأسلحة، والمدرعات، والمجسمات التي تحكي معارك العلمين، بالإضافة إلى مجموعة مهمة من خرائط سير المعارك، وبعض المقتنيات الخاصة بقادة الجيوش. ويضم 6 أقسام رئيسية هي القاعة المشتركة، وقاعة مصر، وقاعة إيطاليا، وقاعة ألمانيا، وقاعة إنجلترا، ومركز القيادة، إلى جانب ساحة العرض المكشوف التي تعرض مجموعة من الأسلحة والمعدات الثقيلة الخاصة بقوات المحور والحلفاء. كما يمكن للسياح مشاهدة مجموعة قصاصات وخطابات وصور ومقتنيات شخصية التُقطت أثناء الحرب، وهي مهداة من أُسر الجنود والقادة الذين شاركوا في معركة العلمين، يوثق بعضها انطباعاتهم عنها وعن أصدقائهم الذين فقدوهم.