ماتشادو... ومستقبلها المحتمل في ظل روبيو

ماتشادو (أ ف ب)
ماتشادو (أ ف ب)
TT
20

ماتشادو... ومستقبلها المحتمل في ظل روبيو

ماتشادو (أ ف ب)
ماتشادو (أ ف ب)

> عندما قرّر النظام الفنزويلي تجريد القيادية اليمينية المعارضة ماريا كورينا ماتشادو من حقوقها السياسية ومنعها من الترشح للانتخابات الرئاسية، اضطرت المعارضة لاختيار إدموندو غونزاليس أورّوتيا بديلاً عنها.

يومذاك، كانت جميع استطلاعات الرأي ترجّح فوز ماتشادو على الرئيس مادورو الذي لجأ إلى المدعي العام طارق صعب لفبركة ملف اتهامي ضدها يقطع عليها الطريق إلى الرئاسة.

ولكن حتى بعد «فوز» غونزاليس، الذي اعترفت به معظم الدول الديمقراطية واليمينية، تظل ماتشادو هي «أيقونة» المعارضة الفنزويلية والخصم الفعلي لمادورو، ومنافسته الوحيدة حالياً، خاصة أن علاقات وثيقة تربطها بوزير الخارجية الأميركي الجديد ماركو روبيو، الذي يناصب النظام الفنزويلي وداعمه النظام الكوبي عداءً شديداً.

هذا، وقبل فترة غير بعيدة، أعلن «مجلس أوروبا» منح «جائزة فاتسلاف هافل»، التي تحمل اسم الكاتب والمناضل السياسي التشيكي، وقائد «الثورة المخملية» التي أسقطت النظام الشيوعي في تشيكوسلوفاكيا عام 1989، لماريا ماتشادو. وبرّر ذلك بـ«الدور الاستثنائي الذي تلعبه في الدفاع عن حقوق الإنسان والمبادئ الديمقراطية». وخلال حفل تسلم ابنتها الجائزة نيابة عنها، وجهت ماتشادو رسالة مسجلة عبر الفيديو قالت فيها إنها تهدي الجائزة لملايين الفنزويليين الذين يجسدون كل يوم المبادئ والقيم التي دافع عنه هافل، والذين هم على استعداد لتقديم المزيد من التضحيات. وأدانت ماتشادو «ردة الفعل الوحشية لنظام نيكولاس مادورو ضد الذين تظاهروا رفضاً للنتائج الرسمية، وحملات الاعتقال والتعذيب التي تعرّض لها الآلاف، والمنفى القسري الذي فرضه النظام على مرشح المعارضة».

الصعود السريع

حتى مطالع العام الماضي كانت ماتشادو اسماً شبه مغمور في مشهد المعارضة الفنزويلية التي - لأسباب عديدة - فشلت طوال سنوات في سعيها إلى توحيد الصفوف وراء زعامة واحدة تقف بوجه النظام الذي سهلت عليه محاصرتها والتفرقة بين مكوناتها. بيد أن ماتشادو، التي يرى فيها البعض النسخة الفنزويلية الانفعالية والعاطفية لرئيسة الوزراء البريطانية الراحلة مارغريت ثاتشر، أضحت اليوم في عداد القيادات اليمينية المحافظة التي ظهرت بسرعة على مسرح الأحداث مثل دونالد ترمب في الولايات المتحدة، وجاير بولسونارو في البرازيل، وخافيير ميلي في الأرجنتين، ونجيب أبو كيلة في السالفادور.

مع هذا، ليست هذه الزعيمة المعارضة وجهاً طارئاً على المشهد السياسي الفنزويلي ولا حديثة عهد في النضال ضد النظام الذي أرسى قواعده هوغو تشافيز. أكثر من هذا، لا تعد ماتشادو من طينة القيادات اليمينية المتطرفة أو التيارات الشعبوية التي تعزف على أوتار الأزمات الاجتماعية والمعيشية لتأليب الأنصار واستقطاب المؤيدين. فلقد بدأت مسيرتها النضالية منذ عقود في صفوف الجناح الراديكالي للمعارضة الفنزويلية الذي تقوده منذ سنوات. وكان تشافيز وصفها يوماً بأنها أفضل من يمثل «البورجوازية الناعمة»، وإن كان يحلو لأنصارها تلقيبها بـ«المرأة الحديدية»؛ تيمناً برئيسة الوزراء البريطانية السابقة الراحلة مارغريت ثاتشر.

بالمناسبة، تعرّف ماتشادو عن نفسها بأنها ليبرالية في السياسة والاقتصاد وفي مقاربة القضايا الاجتماعية مثل الإجهاض والحريات الجنسية. وتدور رؤيتها الاقتصادية حول الدفاع عن الخصخصة والحد من دور الدولة في تأمين الخدمات الأساسية، وتشجيع القطاع الخاص والمبادرات الفردية بهدف زيادة فرص العمل والثروة العامة. وقد أعربت في غير مناسبة عن إعجابها بالرئيس الأميركي الراحل رونالد ريغان ومارغريت ثاتشر، التي قالت عنها إنها «تجرأت في الدفاع طيلة حياتها عن القيم التي كانت تؤمن بها، غير آبهة بمن وما كان يقف ضدها».

سيرة شخصية

ماتشادو (55 سنة) مطلقة وأم لثلاثة أولاد عاشوا خارج فنزويلا وبعيدين عنها. وهي منذ بداية مسيرتها السياسية لم تستوعب أبداً جنوح النظام نحو اليسار مع تشافيز، وكانت تعتبر مثل أنصارها الذين كانوا يقتصرون على الطبقة الميسورة التي تنتمي إليها أسرتها، أن النموذج الكوبي الذي استنسخه تشافيز يشكل تهديداً مباشراً لمصالحها.

إلا أنها منذ بروزها زعيمة لا منازع لها في صفوف المعارضة ومحاصرة النظام لها، تحولت إلى ما يشبه «الأميرة الشعبية» التي يتهافت المواطنون، سواء أثرياء وفقراء، على تأييدها والتجاوب مع دعواتها وطروحاتها لمعالجة الأزمتين المعيشية والسياسية. وعندما فازت في الانتخابات الأولية التي أجرتها أحزاب المعارضة لاختيار مرشحها للرئاسة قالت: «إذا كان استئصال الفقر مسؤولية المجتمع هو طرح يساري فأنا يسارية... وإذا كانت الحرية الفردية والاستثمار والإنتاجية من طروحات اليمين فأنا يمينية».

في أي حال، يصف متابعو مسيرتها السياسية طروحاتها بأنها تقع على يمين الأحزاب المحافظة التقليدية التي تعاقبت على الحكم في فنزويلا قبل ظهور تشافيز، وأن رؤيتها أقرب إلى النموذج الأميركي منها إلى الأوروبي بالنسبة لتوزيع الموارد الاجتماعية، كما خطابها المناهض للشيوعية يكاد الجمهوريون الأميركيون يحسدونها عليه.



ترسيم حدود لبنان وسوريا يشكّل الاختبار الأول لعلاقاتهما

الأمير خالد بن سلمان وزير الدفاع السعودي يتوسط الوزيرين منسى وابو قصرة في لقاء التوقيع بمدينة جدة (واس)
الأمير خالد بن سلمان وزير الدفاع السعودي يتوسط الوزيرين منسى وابو قصرة في لقاء التوقيع بمدينة جدة (واس)
TT
20

ترسيم حدود لبنان وسوريا يشكّل الاختبار الأول لعلاقاتهما

الأمير خالد بن سلمان وزير الدفاع السعودي يتوسط الوزيرين منسى وابو قصرة في لقاء التوقيع بمدينة جدة (واس)
الأمير خالد بن سلمان وزير الدفاع السعودي يتوسط الوزيرين منسى وابو قصرة في لقاء التوقيع بمدينة جدة (واس)

شكّلت الاشتباكات التي شهدتها الحدود الشرقية للبنان منتصف شهر مارس (آذار) الحالي أول اختبار للدولتين اللبنانية والسورية الجديدتين، في مقاربة الملفات المعقّدة والمتراكمة التي كان النظام السوري السابق كما الحكومات اللبنانية التي كان يسيطر عليها «حزب الله» تفضّل أن تبقى مجمّدة على حالها تبعاً لمصالح الطرفين. الحدود اللبنانية - السورية تمتد على طول أكثر من 375 كلم. ويُجمع الخبراء على أن تأخر ترسيمها، ووجود عوامل جغرافية واجتماعية تضاف إليها عوامل أخرى سياسية وأمنية، أمور تجعل منها «خاصرة رخوة» للبلدين، قد تشهد تجدد المواجهات العسكرية في أي وقت كان، وبخاصة أن فيها عشرات المعابر غير الشرعية التي تُستخدم لتهريب الأفراد والسلع والسلاح منذ سنوات طويلة.

شهد ملف ترسيم الحدود اللبنانية - السورية خلال الساعات الماضية خرقاً كبيراً بالإعلان من مدينة جدّة عن توقيع اتفاق برعاية ووساطة المملكة العربية السعودية بين وزير الدفاع اللبناني ميشال منسّى ووزير الدفاع السوري مُرهف أبو قصرة، جرى فيه التأكيد على «الأهمية الإستراتيجية لترسيم الحدود بين البلدين، وتشكيل لجان قانونية ومتخصصة بينهما في عدد من المجالات، وتفعيل آليات التنسيق بين الجانبين للتعامل مع التحديات الأمنية والعسكرية على أن يُعقد اجتماع متابعة في المملكة العربية السعودية خلال الفترة المقبلة».

الأمير خالد بن سلمان وزير الدفاع السعودي يتوسط الوزيرين منسى وابو قصرة في لقاء التوقيع بمدينة جدة (واس)
الأمير خالد بن سلمان وزير الدفاع السعودي يتوسط الوزيرين منسى وابو قصرة في لقاء التوقيع بمدينة جدة (واس)

مصادر مطلعة رأت أن دخول المملكة العربية السعودية على خط الوساطة بين البلدين «يجعل أي اتفاق أو تفاهم أمكن التوصل إليه ملزِماً للطرفين ويعطيه بُعداً أكثر جدية». وما تجدر الإشارة إليه هنا أن الجيش اللبناني ينشر 4 أفواج على طول الحدود اللبنانية - السورية بعدد عناصر يبلغ نحو 4838 عنصراً، يتوزّعون على 108 مراكز من بينها 38 برج مراقبة مجهزين بكاميرات وأجهزة استشعار ليلية، كما كان قد أعلن رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي. إلا أن هذا الواقع لم يحُل دون مواجهات عنيفة شهدتها هذه الحدود بدأت بين العشائر، وانضم إليها «حزب الله» قبل أن تتحوّل بين الجيش اللبناني وقوات الأمن السورية؛ ما أدى إلى مقتل 7 أشخاص في لبنان و3 من الجانب السوري.

التطورات الميدانية

المناطق الحدودية – في شمال شرقي لبنان بالذات - كانت قد شهدت، بعد سقوط النظام السابق في دمشق، اشتباكات متفرقة بين مهرّبين من الطرفين. وأطلقت قوات الأمن السورية خلال شهر فبراير (شباط) الماضي حملة أمنية في محافظة حمص التي تحدّ شمال لبنان وشماله الشرقي؛ بهدف إغلاق الطرق المستخدمة في تهريب الأسلحة والبضائع. وتتهم هذه القوات «حزب الله» بأنه ينشط في رعاية عصابات التهريب عبر الحدود، وأن المواجهات المسلحة التي خاضتها على الحدود الشرقية للبنان شارك فيها عناصر الحزب بشكل مباشر. غير أن قيادة «حزب الله» نفت أي علاقة له بالموضوع.

وفي منتصف الشهر الحالي، بعد مواجهات دامية بين الطرفين على أثر اتهام سوريا عناصر «حزب الله» بدخول أراضيها وخطف وقتل ثلاثة من أفراد الجيش السوري، دخل الجيش اللبناني على الخط بإيعاز من رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون الذي أعطى توجيهاته بالردّ على مصادر النيران والانتشار في بلدة حوش السيد علي التي شهدت أعنف المواجهات. ومن ثم، أوكل الرئيس عون وزير الخارجية اللبناني يوسف رجّي التواصل مع السلطات السورية لحل الأزمة، قبل أن يتسلّم وزير الدفاع منّسى الملف.

الترسيم أولاًفي أي حال، يرى كثيرون أن حل الأزمة الحدودية بين البلدين تبدأ بترسيم الحدود. وحقاً، هذا ما نصّ عليه قرار مجلس الأمن الدولي في عام 2006، وحمل الرقم 1680، ولحظ إلى جانب الترسيم إقامة علاقات دبلوماسية رسمية بين البلدين، كما أكد على وجوب نزع سلاح الميليشيات. غير أن سوريا رفضت، يومذاك، القرار، واعتبرته تدخلاً في شؤونها الداخلية، بينما رحّب به عدد من الدول الغربية بجانب الحكومة اللبنانية.

قوات في المنطقة الحدودية بين سوريا ولبنان (آ ب)
قوات في المنطقة الحدودية بين سوريا ولبنان (آ ب)

العميد المتقاعد خليل الحلو، الباحث اللبناني في الشؤون السياسية والاستراتيجية، يرى أن «مسألة ترسيم الحدود مع سوريا ليست مسألة طوبوغرافية حصراً، إنما لها بُعد اجتماعي باعتبار أن لدى كثيرين من اللبنانيين أملاكاً في الجهة السورية من الحدود، ما يتطلب نقاشات ومفاوضات طويلة». ويلفت الحلو في لقاء مع «الشرق الأوسط» إلى أن «القضية لا تُحل على مستوى وزيري الدفاع أو الجيشين اللبناني والسوري، بل تحتاج إلى مؤتمر قمة بين رئيسي جمهورية البلدين يضم وزراء متخصصين، وهي ورشة إذا ما انطلقت قد تستمر لسنوات».

وفق الحلو، فإن «تطبيق القرار الدولي 1680 مرتبط بشكل أساسي بقدرة الجيش اللبناني على الانتشار لضبط الحدود. وراهناً لديه 4 أفواج حدود برّية وعشرات أبراج المراقبة، كما يمتلك سلاح جو. وبالتالي، إذا ما كُلّف فعلياً ضبط الحدود عبر قرار سياسي واضح، لا بالكلام وحده، فهو قادر على ذلك، من دون تناسي أدوار الأجهزة الأمنية الأخرى في هذا المجال».

للعلم، تربط لبنان وسوريا 6 معابر نظامية، هي:

- معبر المصنع الذي يربط بين بيروت ودمشق من جهة البقاع الشرقي

- معبر جوسية الواقع بين بلدة القاع اللبنانية ومدينة القصير السورية

- معبر مطربا شرقي مدينة الهرمل اللبنانية

- معبر الدبوسية بشمال لبنان

- معبر تلكلخ غربي محافظة حمص، مقابل منطقة وادي خالد في عكار

- ومعبر العريضة قرب الشاطئ الذي يؤدي من شمال لبنان إلى مدينة طرطوس السورية.

أما المعابر غير الشرعية فتعدُ بالمئات.

الرؤية السورية

في هذه الأثناء، ترى جهات رسمية لبنانية، فضَّلت إغفال ذكر هويتها، أن السلطة الجديدة في سوريا «لا تبدو متحمسة أو مستعجلة» لبت الملفات العالقة مع لبنان، سواء الملف الحدودي أو ملف اللاجئين أو سواها من الملفات؛ نظراً لأن أولوياتها لا تزال محصورة بضبط الوضع في الداخل السوري، ومعالجة مئات الملفات لتسهيل أمور الناس داخل البلاد. وتشير مصادر في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى وجود علامات استفهام حول قدرة السلطات الجديدة هناك من الإمساك بكامل الأراضي السورية وضمناً الحدود.

في المقابل، توضح السياسية والباحثة السورية - الأميركية الدكتورة مرح البقاعي لـ«الشرق الأوسط» أن «الدولة الجديدة في سوريا لا تزال في مرحلة التأسيس؛ إذ لم يتجاوز عمرها ثلاثة أشهر». ومن ثم تتطرق إلى «الكثير من القضايا والمشكلات العالقة في الداخل السوري، خصوصاً بعد سقوط نظام استبدّ بالحكم لمدة خمسين سنة ونصف السنة. لذلك؛ حتى الآن، لم يكتمل المشهد الداخلي السوري بصورته الرسمية والإجرائية».

وترى البقاعي أن «الاشتباكات عبر الحدود هي في منطقة لطالما كانت غير مستقرة لعقود. ثم أنها كانت تحت سيطرة النظام السابق في سوريا، شهدت تفاعلات معقدة، إذ كانت بعض العشائر المحلية على وفاق مع النظام الذي رحل، كما كان لها علاقات مع (حزب الله) في لبنان. هذه العشائر كانت تعمل على طرفي الحدود، وتعتمد بشكل أساسي على التهريب مصدراً للموارد».

وبحسب البقاعي، «تكمن المشكلة الأساسية في هذه المنطقة الحدودية - وتحديداً في المنطقة الشرقية - في غياب الأمن والسيطرة الفعلية، حيث تنتشر عصابات التهريب التي اعتاشت لعقود على هذه الأنشطة في ظل غياب أي تنمية حقيقية. ومع الواقع الجديد في البلدين، أتت الاشتباكات نتيجةً مباشرة لمحاولة الأطراف الجديدة فرض سيطرتها».

أما عن رؤيتها للحل، فتقول الباحثة السورية - الأميركية إنه «من الضروري البدء بوقف عمليات التهريب، لكن الحل الجذري يتطلب العودة إلى مسألة ترسيم الحدود بين البلدين. وهذا أمر معقّد وسيأخذ وقتاً؛ إذ إنه مرتبط بالوضع الإقليمي ككل، وليس فقط بالحدود اللبنانية - السورية، بل يشمل أيضاً الحدود اللبنانية مع إسرائيل».

وللعلم، تعدّ مصادر نيابية لبنانية أن وضع الحدود السورية الراهن مرتبطاً إلى حد كبير بوضع الحدود الجنوبية. وتشير لـ«الشرق الأوسط» إلى «وجود قرار أميركي - إسرائيلي حاسم بتضييق الخناق على (حزب الله)، وقطع كل طرق إمداده بكل الوسائل، ومن هنا تُفهم عمليات القصف الإسرائيلي التي نشهدها للحدود الشرقية بين الحين والآخر».

ولادة متعسّرة

في الحقيقة، بعد سقوط النظام في سوريا، كانت هناك خشية لبنانية كبيرة من تفلّت أمني ينسحب على لبنان. وظلّت السلطات في بيروت تراقب من بعيد التطورات إلى أن قرّر رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي زيارة دمشق للقاء الرئيس السوري أحمد الشرع منتصف يناير (كانون الثاني) الماضي، إلا أن اللقاء بقي دون نتائج. وعملية.

أيضاً، عُقد لقاء بين الشرع وعون على هامش القمة العربية في مارس (آذار) الحالي، شدَّدا خلاله على ضرورة ضبط الحدود بين البلدين. لكن المواجهات المسلحة التي تلت اللقاء أكدت أن الملف يتطلب معالجة أعمق وعلى المستويات كافة.

هنا لا تُنكر مرح البقاعي أن «العلاقات السورية - اللبنانية تشهد ولادة متعسّرة، سواءً في سوريا بعد سقوط النظام، أو في لبنان بعد الفراغ الحكومي الطويل. وكلا البلدين في حاجة ماسة إلى التعاون في مختلف المجالات، وأهمها المجال الأمني».

وهي ترى أيضاً أن «ما يمنح الدولة السورية الجديدة شرعية كبيرة، ويجعل المجتمع الدولي، بما في ذلك الولايات المتحدة الأميركية، يثق بها، هو أن بعض المجموعات التي كانت في السلطة سابقاً والمصنّفة على قوائم الإرهاب لم تعُد جزءاً من المشهد». وتتابع أن «الدول الأوروبية بدأت بالتعامل بشكل إيجابي مع الدولة الوليدة في سوريا. والسبب الرئيس لهذا التغير هو قدرة السلطات الجديدة في سوريا على إنهاء وجود حزب الله والميليشيات الإيرانية في البلاد خلال وقت قياسي... وهذا إنجاز يحسب لها، ليس فقط على المستويين الدولي والإقليمي، بل أيضاً بالنسبة للشعب السوري نفسه. إذ تم تحرير سوريا، وحياتها العامة، ومجتمعها من قبضة النفوذ الإيراني، الذي تسبّب في حالة من الفساد وانعدام الاستقرار لعقود طويلة».