ماري وعبسة... «سيدتا القصر»

الرئيس فاي بين زوجتيه ماري (إلى اليمين) وعبسة (أ.ف.ب)
الرئيس فاي بين زوجتيه ماري (إلى اليمين) وعبسة (أ.ف.ب)
TT

ماري وعبسة... «سيدتا القصر»

الرئيس فاي بين زوجتيه ماري (إلى اليمين) وعبسة (أ.ف.ب)
الرئيس فاي بين زوجتيه ماري (إلى اليمين) وعبسة (أ.ف.ب)

> من الملامح غير «التقليدية» لوصول الرئيس السنغالي الجديد بسيرو ديوماي فاي إلى القصر الرئاسي في داكار، أنه أول رئيس سنغالي يصطحب معه إلى القصر الرئاسي... زوجتين.

القصة برزت عندما أصر فاي خلال الحملة الانتخابية على اصطحاب زوجتيه في مؤتمراته الجماهيرية، وأثناء إدلائه بصوته، كما حرص على اصطحابهما عند أدائه اليمين الدستورية، مبدياً اعتزازه بأنه ربّ أسرة كبيرة، ولديه زوجتان مخلصتان، هما ماري، وعبسة، والعديد من الأطفال. وخلال الحملة الانتخابية الرئاسية قال فاي: «لديّ أطفال جميلون، لأن لدي زوجتين رائعتين، إنهما جميلتان للغاية. وأشكر الله لأنهما تقفان إلى جانبي دائماً».

تنتمي ماري خون، التي تزوجها فاي قبل 15 سنة، ولديه منها أربعة أولاد، إلى القرية ذاتها التي نشأ فيها. أما الزوجة الثانية عبسة، فتزوجها قبل أكثر من سنة بعدما لمع نجمه السياسي. ومع أن تعدّد الزوجات من الأمور المعتادة في السنغال، ويمثل جزءاً من المباهاة الاجتماعية -وبخاصة في الأقاليم الريفية-، فإن مشهد اعتلاء الرئيس فاي منصات المؤتمرات الانتخابية، ممسكاً بيدي زوجتيه، ما كان من المشاهد المألوفة في الحياة السياسية السنغالية، ولذا استقطب الأمر اهتماماً واسعاً من وسائل الإعلام.

ومع صعوبة تحديد عدد الزيجات، لأن الكثير منها غير مسجل، فإن 32.5 في المائة من السنغاليين يتبنّون تعدد الزوجات، بحسب تقرير حديث صادر عن المركز الوطني للإحصاء والتعداد السكاني. وهنا، لن تقتصر مشكلة الرئيس فاي فقط على تدبير أمر زوجتيه داخل القصر الرئاسي، بل قد يمتد الأمر إلى العديد من الاعتبارات البروتوكولية... سواءً في الاحتفالات الرسمية داخل البلاد، أو في الزيارات الخارجية، التي لا تقرّ قواعد البروتوكول فيها سوى وجود «سيدة أولى» واحدة فقط.

ثم إنه رغم أن لقب «السيدة الأولى» غير موجود في الدستور أو في أي نص قانوني سنغالي آخر، وبالتالي قد لا يواجه فاي مشكلة في منح أي من زوجتيه هذا اللقب، قد تبرز المشكلة في العديد من الدول الغربية التي سيبدو الأمر فيها مثيراً للتساؤلات عندما يزورها الرئيس السنغالي، أو يكون على قرينة الرئيس المشاركة في بعض المناسبات ذات الطابع الاجتماعي، أو الإنساني، أو عندما يلجأ مسؤولو المراسم في بعض تلك الدول إلى وضع مقعد واحد لـ«السيدة الأولى»، في مقابل نظيرتها من الجانب المستضيف.


مقالات ذات صلة

تطوّر العلاقات السعودية ـ الصينية... شراكة استراتيجية على مختلف الأصعدة

حصاد الأسبوع الرئيس الصيني شي جينبينغ مستقبلاً خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز في بكين في مارس 2017 (أ.ف.ب)

تطوّر العلاقات السعودية ـ الصينية... شراكة استراتيجية على مختلف الأصعدة

عقدت أخيراً في الرياض الجولة الثانية من المشاورات السياسية بين وزارة الخارجية السعودية ووزارة الخارجية الصينية، وترأس الجانب السعودي نائب وزير الخارجية وليد

وارف قميحة (بيروت)
حصاد الأسبوع صادرات السيارات الألمانية إلى أميركا في قلب التأزم المحتمل مع ترمب (أ ف ب)

ألمانيا تتأهّب لانتخابات تعِد اليمين باستعادة الحكم

عوضاً عن بدء ألمانيا استعداداتها للتعامل مع ولاية جديدة للرئيس الأميركي «العائد» دونالد ترمب والتحديات التي ستفرضها عليها إدارته الثانية، فإنها دخلت أخيراً في

راغدة بهنام (برلين)
حصاد الأسبوع  زارا فاغنكنيشت (رويترز)

وضع الليبراليين مُقلق في استطلاعات الرأي

يحلّ حزب «البديل من أجل ألمانيا» اليميني المتطرف راهناً في المركز الثاني في استطلاعات الرأي للانتخابات الألمانية المقبلة، وتصل درجة التأييد له إلى 18 في

حصاد الأسبوع روبيو play-circle 01:45

ترمب يختار روبيو وزيراً للخارجية بعدما تأكد من ولائه وتبنّيه شعارات «ماغا»

بينما يراقب العالم السياسات الخارجية للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، التي ستتحدّد على أساس شعاره «جعل أميركا عظيمة مرة أخرى» (ماغا)، بادر ترمب إلى تشكيل.

إيلي يوسف (واشنطن)
حصاد الأسبوع مواقف روبيو غير قاطعة من حرب أوكرانيا (غيتي)

نظرة إلى سجلّ سياسات روبيو الخارجية

يعد نهج وزير الخارجية الأميركي المرشح ماركو روبيو في السياسة الخارجية بأنه «تدخلي» و«متشدد». ذلك أن روبيو دعم غزو العراق عام 2003، والتدخل العسكري في ليبيا،

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

بوتسوانا... «ماسة أفريقيا» الباحثة عن استعادة بريقها

بوتسوانا... «ماسة أفريقيا» الباحثة عن استعادة بريقها
TT

بوتسوانا... «ماسة أفريقيا» الباحثة عن استعادة بريقها

بوتسوانا... «ماسة أفريقيا» الباحثة عن استعادة بريقها

خطفت بوتسوانا (بتشوانالاند سابقاً) أنظار العالم منذ أشهر باكتشاف ثاني أكبر ماسة في العالم، بيد أن أنظار المراقبين تخاطفت الإعجاب مبكراً بتلك الدولة الأفريقية الحبيسة، بفضل نموذجها الديمقراطي النادر في قارتها، وأدائها الاقتصادي الصاعد.

قد يكون هذا الإعجاب سجل خفوتاً في مؤشراته، خصوصاً مع موجة ركود وبطالة اجتاحت البلاد منذ سنوات قليلة، إلا أنه يبحث عن استعادة البريق مع رئيس جديد منتخب ديمقراطياً.

على عكس الكثير من دول «القارة السمراء»، لم تودّع بوتسوانا حقبة الاستعمار عام 1966 بمتوالية ديكتاتوريات وانقلابات عسكرية، بل اختارت صندوق الاقتراع ليفرز برلماناً تختار أغلبيته الرئيس. وأظهر أربعة من زعماء بوتسوانا التزاماً نادراً بالتنحي عن السلطة بمجرد استكمال مدّد ولايتهم المنصوص عليها دستورياً، بدءاً من كيتوميلي ماسيري، الذي خلف «السير» سيريتسي خاما عند وفاته في منصبه بصفته أول رئيس لبوتسوانا. وهذا التقليد الذي يصفه «مركز أفريقيا للدراسات الاستراتيجية» بأنه «مثير للإعجاب»، جنت بوتسوانا ثماره أخيراً بانتقال سلمي للسلطة إلى الحقوقي والمحامي اليساري المعارض دوما بوكو.

انتصار بوكو جاء بعد معركة شرسة مع الرئيس السابق موكغويتسي ماسيسي ومن خلفه الحزب الديمقراطي... الذي حكم البلاد لمدة قاربت ستة عقود.

ويبدو أن تجربة تأسيس الحزب الديمقراطي من زعماء قبائل ونُخَب أوروبية كانت العلامة الأهم في رسم المسار الديمقراطي لبوتسوانا، عبر ما يعرف بـ«الإدماج الناعم» لهؤلاء الزعماء القبليين في بنية الدولة. لكن المفارقة كانت «الدور الإيجابي للاستعمار في هذا الشأن»، وفق كلام كايلو موليفي مُستشار الديمقراطية في مكتب رئيس بوتسوانا السابق للإذاعة السويسرية. وتكمن كلمة السر هنا في «كغوتلا»، فبحسب موليفي، اختار البريطانيون الحُكم غير المُباشر، عبر تَرك السلطة للقادة القبليين لتسيير شؤون شعبهم، من دون التدخل بهياكل الحكم التقليدية القائمة.

نظام «كغوتلا» يقوم على «مجلس اجتماعي»، ويحق بموجبه لكل فرد التعبير عن نفسه، بينما يناط إلى زعيم القبيلة مسؤولية التوصل إلى القرارات المُجتمعية بتوافق الآراء. ووفق هذا التقدير، قاد التحالف البلاد إلى استقرار سياسي، مع أنه تعيش في بوتسوانا 4 قبائل أكبرها «التسوانا» - التي تشكل 80 في المائة من السكان وهي التي أعطت البلاد اسمها -، بجانب «الكالانغا» و«الباسار» و«الهرو».

وإلى جانب البنية الديمقراطية ودور القبيلة، كان للنشأة الحديثة للجيش البوتسواني في حضن الديمقراطية دور مؤثر في قطع الطريق أمام شهوة السلطة ورغباتها الانقلابية، بفضل تأسيسه في عام 1977 وإفلاته من صراعات مع الجيران في جنوب أفريقيا وزيمبابوي وناميبيا.

على الصعيد الاقتصادي، كان الاستعمار البريطاني سخياً – على نحو غير مقصود – مع بوتسوانا في تجربة الحكم، إلا أنه تركها 1966 سابع أفقر دولة بناتج محلي ضئيل وبنية تحتية متهالكة، أو قل شبه معدومة في بعض القطاعات.

مع هذا، انعكس التأسيس الديمقراطي، وفق محللين، على تجربة رئيسها الأول «السير» سيريتسي خاما؛ إذ مضى عكس اتجاه الرياح الأفريقية، منتهجاً نظام «رأسمالية الدولة»، واقتصاد السوق، إلى جانب حرب شنَّها ضد الفساد الإداري.

على صعيد موازٍ، أنعشت التجربة البوتسوانية تصدير اللحوم، كما عزّز اكتشاف احتياطيات مهمة من المعادن - لا سيما النحاس والماس - الاقتصاد البوتسواني؛ إذ تحتضن بلدة أورابا أكبر منجم للماس في العالم.

ثم إنه، خلال العقدين الأخيرين، جنت بوتسوانا - التي تغطي صحرء كالاهاري 70 في المائة من أرضها - ثمار سياسات اقتصادية واعدة؛ إذ قفز متوسط الدخل السنوي للمواطن البوتسواني إلى 16 ألف دولار أميركي مقابل 20 دولاراً، بإجمالي ناتج محلي بلغ 19.3 مليار دولار، وفق أرقام البنك الدولي. كذلك حازت مراكز متقدمة في محاربة الفساد بشهادة «منظمة الشفافية العالمية». ومع أن الرئيس البوتسواني المنتخب تسلم مهام منصبه هذا الأسبوع في ظل مستويات بطالة مرتفعة، وانكماش النشاط الاقتصادي المدفوع بانخفاض الطلب الخارجي على الماس، إلا أن رهان المتابعين يبقى قائماً على استعادة الماسة البوتسوانية بريقها.