«دراما» اختيار رئيس الكونغرس الأميركي تبدو كأنها صُنعت لـ«تلفزيون الواقع» واشنطن: «الشرق الأوسط»

 شون هانيتي (رويترز)
شون هانيتي (رويترز)
TT

«دراما» اختيار رئيس الكونغرس الأميركي تبدو كأنها صُنعت لـ«تلفزيون الواقع» واشنطن: «الشرق الأوسط»

 شون هانيتي (رويترز)
شون هانيتي (رويترز)

في حالة الصراع، سواءً داخل «البيت الجمهوري» أو بين أعضاء مجلس النواب الأميركي عموماً، كانت النتيجة سلسلة من الأحداث التي تشير إلى الفوضى السياسية الأساسية:

- أول انتخابات لرئيس مجلس النواب، بعد 15 جولة منذ ما يقرب من قرنين من الزمن، عندما اختير كيفن مكارثي في يناير (كانون الثاني)

- وأول إطاحة لرئيس المجلس من خلال التصويت عندما عُزل هذا الشهر

- وأول وظيفة شاغرة منذ أكثر من نصف قرن، لا تزال مستمرة.

في سياق هذه «الدراما»، تشير وسائل الإعلام الأميركية، إلى أنه من بين العوامل التي ساهمت في تعميق تعطيل المؤسسة التشريعية، الدور الذي تلعبه بعض وسائل الاعلام نفسها، وبالأخص اليمينية منها، من خلال بعض نجومها من أمثال شون هانيتي، المضيف المحافظ الأكثر شهرة على محطة «فوكس نيوز»، وستيف بانون المستشار السابق للرئيس دونالد ترمب.

ستيف بانون (رويترز)

وفي حين يلعب هذان الرجلان اليوم دوراً كبيراً في حملة الترويج لجيم جوردان، أحد أكبر وجوه تيار اليمين المتشدد، لتولي منصب رئيس مجلس النواب وإقناع معارضيه الجمهوريين بالتخلي عن اعتراضاتهم، فإن الرجلين حُمّلا أيضاً المسؤولية عن إحداث اضطراب كبير في العملية التي كانت تجري عادة بهدوء خلف الكواليس في أروقة الكابيتول.

كريس ستيروالت، محرر الشؤون السياسية السابق في «فوكس نيوز»، يقول في سياق كلامه عن اختيار رئيس المجلس الجديد: «يمثل، وينبغي أن يكون، لحظة مملة للغاية بالنسبة لمعظم الأميركيين. في الظروف العادية، لا يعرف معظم الأميركيين اسم رئيس مجلس النواب». ثم يضيف: «لكن هذه المرة، أصبحت القصة دراما شخصية... وتبدو وكأنها صُنعت لتلفزيون الواقع»، حيث يغذي «الجناح الترفيهي» للحزب الجمهوري الحدث، على حد قوله. أما إيريك بولينج، مقدم البرامج في شبكة «نيوزماكس» المحافظة، فيقول: إنه في العقود الأخيرة، «أصبح أكبر المحبوبين من وسائل الإعلام هم أولئك الذين يُنتخَبون ويُرَقّون ويرتقون إلى أعلى المراتب السياسية».

شون هانيتي (رويترز)

جيم جوردان (أ.ب)

وفي سياق متصل، يؤمن الكثير من الجمهوريين، بأن السياسة اليوم تكافئ الاهتمام والمال، أكثر مما تكافئ فعلياً تحويل مشاريع القوانين إلى قانون. ويقول النائب الجمهوري السابق ماك ثورنبيري، الذي خدم 13 دورة انتخابية، قبل تقاعده عام 2019 - وكان أكبر جمهوري في لجنة القوات المسلحة -: «الآن؛ ولجذب الانتباه، بات على السياسيين أن يكونوا أكثر إثارة للجدل... ولذا؛ أخشى أن نكون الآن في دوامة»، قبل ان يشبّه ذلك بخوارزمية وسائل التواصل الاجتماعي لجذب المزيد من الاهتمام. وحقاً، منذ الإطاحة بكيفن مكارثي، أصبح النائب مات غايتز، نجماً إعلامياً يمينياً بسبب رغبته في الإطاحة بالنظام القائم. وانضم إلى هانيتي وبانون في دعم جوردان، الذي دعمه ترمب أيضاً.

وحول معركة رئاسة المجلس المستمرة فصولاً، غرّد هانيتي قائلاً: «سيكون أي نائب في الكونغرس مجنوناً إذا لم يدعم جيم جوردان لمنصب رئيس مجلس النواب. إنه زعيم مبدئي بالفطرة وسيقود الجمهوريين في مجلس النواب إلى التوحّد ضد اليسار الراديكالي». ومضى هانيتي في تقديم أرقام هواتف النواب المعترضين، حاثّا ناخبيهم على «الاتصال بهم». وانضم بانون إلى الحملة حاثّاً مستمعيه على «البودكاست» الخاص به، للضغط على أحد النواب المعارضين، قائلاً: «أنت في منطقة سوبر «ماغا» (شعار ترمب «اجعل أميركا عظيمة مرة أخرى»)، وعليك أن تفكر بشكل صحيح».

ويوم الاثنين الماضي، أشاد غايتز بجمهور بانون لإغراقه المشرّعين الجمهوريين بالمكالمات الهاتفية التي تحثّهم على ركوب ما أسماه غايتز «قطار جوردان».

في هذه الأثناء، هاجم بعض الجمهوريين زملاءهم بسبب اللعب أمام الكاميرات؛ إذ غرد النائب مايك كولينز الأسبوع الماضي، قائلاً: إن زملاءه يتخذون القرارات بناءً على «الغرور ووقت التلفزيون». وفي المقابل، ألقى آخرون باللوم على الهامشيين في الحزب الجمهوري، وقالت كاثرين براونيل، مؤلفة كتاب «سياسة 24/7: تلفزيون الكابل وتفتيت أميركا من ووترغيت إلى فوكس نيوز»، معلّقة: «هؤلاء الناس كانوا على الهامش، وتسلّقوا سلمّ الحزب باستخدام التكتيكات نفسها».


مقالات ذات صلة

الولايات المتحدة​ الطيار السابق في مشاة البحرية الأميركية دانييل دوغان (أ.ب)

أستراليا ستسلّم طياراً أميركياً سابقاً متهماً بتدريب طيارين عسكريين صينيين

ستسلِّم أستراليا الطيار السابق في مشاة البحرية الأميركية دانييل دوغان إلى الولايات المتحدة، على خلفية مزاعم قيامه بتدريب طيارين صينيين بشكل غير قانوني.

«الشرق الأوسط» (نيوكاسل (أستراليا))
الولايات المتحدة​ مشاهد للرجل المطلوب من إدارة شرطة نيويورك والمتهم بقتل امرأة أضرم فيها النيران أثناء نومها في مترو الأنفاق بنيويورك (رويترز)

مقتل امرأة بعد أن أضرم رجل النار فيها أثناء نومها بمترو نيويورك

ألقت شرطة نيويورك القبض على رجل قالت إنه أضرم النار في امرأة كانت تبدو نائمة بأحد قطارات مترو الأنفاق في المدينة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك )
الولايات المتحدة​ الرئيس البنمي خوسيه راوول مولينو (إ.ب.أ)

رئيس بنما يرفض تهديد ترمب باستعادة السيطرة على القناة

رفض رئيس بنما خوسيه راوول مولينو، تهديد الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، باستعادة السيطرة على هذا الممر بين المحيطين الأطلسي والهادئ.

«الشرق الأوسط» (بنما)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب والملياردير إيلون ماسك (أ.ب)

ترمب: إيلون ماسك لن يصبح رئيساً لأنه «لم يولد في أميركا»

أكد الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، الأحد، أن حليفه إيلون ماسك لا يمكن أن يصبح رئيساً للولايات المتحدة؛ لأنه «لم يولد في هذا البلد».

«الشرق الأوسط» (فينيكس (الولايات المتحدة))

ألمانيا... الحزب الديمقراطي الحر «شريك الحكم» شبه الدائم

شيل
شيل
TT

ألمانيا... الحزب الديمقراطي الحر «شريك الحكم» شبه الدائم

شيل
شيل

مع أن «الحزب الديمقراطي الحر»، الذي يعرف في ألمانيا بـ«الحزب الليبرالي»، حزب صغير نسبياً، مقارنةً بالقطبين الكبيرين «الاتحاد الديمقراطي المسيحي» (المحافظ) و«الحزب الديمقراطي الاجتماعي» (الاشتراكي)، فإنه كان غالباً «الشريك» المطلوب لتشكيل الحكومات الائتلافية المتعاقبة.

النظام الانتخابي في ألمانيا يساعد على ذلك، فهو بفضل «التمثيل النسبي» يصعّب على أي من الحزبين الكبيرين الفوز بغالبية مطلقة تسمح له بالحكم منفرداً. والحال أنه منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، تحكم ألمانيا حكومات ائتلافية يقودها الحزب الفائز وبجانبه حزب أو أحزاب أخرى صغيرة. ومنذ تأسيس «الحزب الديمقراطي الحر»، عام 1948، شارك في 5 حكومات من بينها الحكومة الحالية، قادها أحد من الحزبين الأساسيين، وكان جزءاً من حكومات المستشارين كونراد أديناور وهيلموت كول وأنجيلا ميركل.

يتمتع الحزب بشيء من الليونة في سياسته التي تُعد «وسطية»، تسمح له بالدخول في ائتلافات يسارية أو يمينية، مع أنه قد يكون أقرب لليمين. وتتمحور سياسات

الحزب حول أفكار ليبرالية، بتركيز على الأسواق التي يؤمن بأنها يجب أن تكون حرة من دون تدخل الدولة باستثناء تحديد سياسات تنظيمية لخلق أطر العمل. وهدف الحزب الأساسي خلق وظائف ومناخ إيجابي للأعمال وتقليل البيروقراطية والقيود التنظيمية وتخفيض الضرائب والالتزام بعدم زيادة الدين العام.

غينشر

من جهة أخرى، يصف الحزب نفسه بأنه أوروبي التوجه، مؤيد للاتحاد الأوروبي ويدعو لسياسات أوروبية خارجية موحدة. وهو يُعد منفتحاً في سياسات الهجرة التي تفيد الأعمال، وقد أيد تحديث «قانون المواطنة» الذي أدخلته الحكومة وعدداً من القوانين الأخرى التي تسهل دخول اليد العاملة الماهرة التي يحتاج إليها الاقتصاد الألماني. لكنه عارض سياسات المستشارة السابقة أنجيلا ميركل المتعلقة بالهجرة وسماحها لمئات آلاف اللاجئين السوريين بالدخول، فهو مع أنه لا يعارض استقبال اللاجئين من حيث المبدأ، يدعو لتوزيعهم «بشكل عادل» على دول الاتحاد الأوروبي.

من أبرز قادة الحزب، فالتر شيل، الذي قاد الليبراليين من عام 1968 حتى عام 1974، وخدم في عدد من المناصب المهمة، وكان رئيساً لألمانيا الغربية بين عامي 1974 و1979. وقبل ذلك كان وزيراً للخارجية في حكومة فيلي براندت بين عامي 1969 و1974. وخلال فترة رئاسته للخارجية، كان مسؤولاً عن قيادة فترة التقارب مع ألمانيا الديمقراطية الشرقية.

هانس ديتريش غينشر زعيم آخر لليبراليين ترك تأثيراً كبيراً، وقاد الحزب بين عامي 1974 و1985، وكان وزيراً للخارجية ونائب المستشار بين عامي 1974 و1992، ما جعله وزير الخارجية الذي أمضى أطول فترة في المنصب في ألمانيا. ويعتبر غينشر دبلوماسياً بارعاً، استحق عن جدارة لقب «مهندس الوحدة الألمانية».