حقوق الإنسان... على أساس فلسفي

إن حقوق الإنسان - بحسب سارتر - تتجسد في الحرية لا في غيرها (أ.ف.ب)
إن حقوق الإنسان - بحسب سارتر - تتجسد في الحرية لا في غيرها (أ.ف.ب)
TT

حقوق الإنسان... على أساس فلسفي

إن حقوق الإنسان - بحسب سارتر - تتجسد في الحرية لا في غيرها (أ.ف.ب)
إن حقوق الإنسان - بحسب سارتر - تتجسد في الحرية لا في غيرها (أ.ف.ب)

إذا ألقينا نظرة إلى تاريخ الفلسفة فسوف نلاحظ بوضوح أن اهتمام الفلاسفة كان موجهاً نحو الميتافيزيقا بحثاً عن تفسير الكون ومصدره. وكان السؤال المحفز لتأملات الفلاسفة الأوائل مطروحاً على الشكل التالي: «لماذا هناك شيء ما بدلاً من لا شيء؟». ومن هنا بدأت الميتافيزيقا واستمرت طالما هناك تمييز بين الكائن الموجود وبين الكينونة. هذا المسار الميتافيزيقي حكم تاريخ الفلسفة، بحيث سيطر الهم الميتافيزيقي بحثاً عن المبدأ أو الأصل الكامن وراء الطبيعة الفيزيقية، وصولاً إلى عصر النهضة ثم إلى عصر التنوير، حيث برز الاهتمام بالإنسان كذات فاعلة في التاريخ وكقيمة أساسية في الكون. هنا، برزت النزعة الإنسانية وأصبح للإنسان الفرد دور مهم في صناعة التاريخ وفي بناء المجتمع القائم على القيم الأخلاقية. وهنا، لا بد من الإشارة إلى قاعدة أساسية من قواعد الأخلاق الكانطية التي تقول بضرورة التعامل مع الإنسان كغاية وليس كوسيلة. ولكن هذا المسار الإنساني تعرض لانتكاسات قوية بسبب الحروب العالمية من جهة، وبسبب ظهور الأنظمة الفاشية والنازية والتوتاليتارية الشمولية من جهة أخرى. أضف إلى ذلك بروز التيارات الفلسفية والاجتماعية التي أعطت الأهمية لدور الأنساق والبنى الخفية على حساب الإنسان كذات فاعلة، مما أدى إلى جدال عميق بين الوجودية من جهة، والتيارات البنيوية من جهة أخرى. وفي ظل هذا الواقع، برزت مسألة حقوق الإنسان حيث أطلق الفيلسوف الفرنسي الشهير جان - بول سارتر خطابه المعروف تحت عنوان «الوجودية هي نزعة إنسانية»، معلناً أنه يراهن على الإنسان. ولكن سارتر أراد أن يقيم حقوق الإنسان على أساس فلسفي.
في هذا المقال المكثف، سوف نحاول البحث عن الأسس الفلسفية لحقوق الإنسان بحسب سارتر، وذلك من أجل تبرير التزامه المستبسل في الدفاع عن هذه الحقوق وتبيان كم هي صلبة القاعدة التي يتأسس عليها هذا الالتزام.
وأخيراً سنستخلص من الالتزام السارتري درساً قد يستطيع مساعدتنا على فهم الإنسان وعلى تأسيس أخلاقنا انطلاقاً منه وفي سبيله، لأنه هو نفسه مستقبله وقدره.
كيف يؤسس سارتر فلسفياً فكرة حقوق الإنسان؟ بالنسبة إليه، إن الحق هو سلب الواقع القائم. وهذا يعني أنه حافز التجاوز الدائم من حالة قائمة في الواقع إلى حالة قائمة على الحق، أو، من الكينونة إلى وجوب - الكينونة. هكذا، فإن الحق هو في آن واحد نفي (سلب) وإثبات للكينونة: سلب أو نفي لواقع قائم، من جهة، وإثبات لوجود كينونة المستقبل الذي سيكون بدوره مسلوباً أو منفياً من قبل حالة حق أخرى، من جهة أخرى. وحول هذه القضية كتب سارتر: «الحق: إثبات في كل حالة خاصة لعدم قيمة مملكة الكينونة. تدمير معمم لكل ما هو كائن** عندما أثبت حقي فإني أقوم برد فعل ضد حالة قائمة تهدد ما لدي كملكية أو ما يجب علي امتلاكه لأنه يجب أن يكون لي. ومن خلال رد فعلي ضد الواقع أدمر الكينونة التي تصبح عائقاً أمام قيمي التي من أجلها ألتزم في الكفاح ضد حالة قائمة من دون قيمة. إذن، إن حقي سيكون إثباتاً لقيمي الخاصة بوجوب - الكينونة، وتدميراً للكينونة من خلال الشروع في اللاكينونة (العدم). هكذا، أنا أفضل أن أموت على أن أتنازل عن حقي في الوجود على نمط وجوب كينونة ما يجب علي أن أكونه بصفتي مشروعاً أن أكون كل كينونتي الماضية والحاضرة والمستقبلية.
هكذا فإن سارتر يربط فكرة الحق بالنضال، خصوصاً عندما يتصور الحق بمثابة إشارة التباعد بين الكينونة وبين وجوب - الكينونة. وذلك يولّد شعوراً بالظلم لدى الناس الذين يقيمون أنفسهم كما لو أنهم يملكون الحق في أن يكونوا شيئاً آخر غير ما هم يكونون عليه في حالة قائمة ومحددة، كما تحت الاستعمار أو العبودية أو قمع الدولة. إذن، إن الحق يكون منشوداً منذ أن يشعر الناس أنهم مكسورون ضمن إطار رتابة وضع قائم ومحرومون من حقهم في الوجود كأناس حقيقيين لديهم المستقبل بمثابة مشروع حرية وتحرير دائم. بهذا المعنى كتب سارتر في «دفاتر من أجل أخلاق»: «إن الحق يختفي إذا جرى كل شيء طبقاً له. حينئذٍ يصبح عادة (أو تقليداً). فهو لا يبرز إلا عندما يكون منفياً وكنفي لما ينفيه... ففي هذه المجتمعات تحديداً (المستعمرة والمقموعة) يمكن للحق أن يوجد بسبب التباعد القائم بين الكينونة ووجوب الكينونة»***.
إذن، إن فكرة الحق هي فكرة ثورية لأنها، من جهة، رفض للعادة وللتقليد ونفي للواقع القائم باعتباره متمتعاً بحق نسبي غير أبدي، ومن جهة أخرى، تأخذ قيمتها من كونها محررة للإنسان من خلال المساهمة في تحقيق مشروعه في أن يكون مستقبل ذاته في إطار دولة حق تستطيع أن تنبعث من جديد عند كل عملية تحرير. فبحسب سارتر: «إن العيش من دون حق يعني فقدان كل أمل بتبرير الذات أي العيش من دون مبرر».****
إذن، الإنسان الحقيقي هو ذلك الذي يعتبر مستقبله بمثابة حق، ذلك لأن الإنسان، بحسب سارتر، هو مشروع. هذا يعني أن الموجود بصفته تجاوزاً دائماً لوضعه يمثل الحق في الشروع بحرية في المستقبل من خلال نفي الوضع القائم الذي يصبح ماضياً بالنسبة له.
على أي حال فإن حقوق الإنسان تجد أسسها في التصور السارتري للإنسان. وبالفعل، إن سارتر يعتبر أن الإنسان هو كوني مفرداً، إذ إنه بمقدار ما يشارك في الشرط الإنساني هو كوني أو كلي وبمقدار ما يكون حالة خاصة في العالم الملموس هو مفرد.
إذن، بحسب سارتر، إن الإنسان في شرطه الإنساني يكون حراً بما أنه يتمتع بذاتية فردية ولا يخضع لسيطرة «طبيعة إنسانية»، يمكن أن تمحو فرادته ووضعه الملموس. ولكن الشرط الإنساني، بكل بساطة، يحل، بحسب سارتر، محل الطبيعة الإنسانية، وذلك لأن كل الناس يمكن أن يكونوا محدّدين تبعاً لهذا الشرط، إذ إن الإنسان، حيثما يكون، يتمتع كما كل الناس الآخرين بميزة كونية وبميزة الذاتية الفردية، فهو يعيش ويموت ويأكل ويفكر كما كل البشر، ولكنه كفرد يتمتع بخصوصياته التي لا يمكن لأي شخص آخر تقاسمها معه، فهو لديه طريقة في العيش وفي الموت وفي الأكل وفي التفكير وباختصار هو مشروع ذاته. ويستنتج سارتر حول هذا الموضوع بالقول:
«إذا كان مستحيلاً العثور في كل إنسان على جوهر (أو ماهية) كوني والذي يمكن أن يكون الطبيعة الإنسانية، فمع ذلك يوجد هناك شرط ذات طابع إنساني كوني».***** هكذا إذن فإن النزعة الإنسانية عند سارتر تستند إلى الإنسان الكوني - المفرد وتعتبر أن كل إنسان يتمتع بالحقوق الكونية في أن يكون إنساناً متساوياً مع الآخرين وفي أن يتمتع بفروقاته التي تطبع شخصيته وحريته الفردية.
وبما أن الإنسان، عند سارتر، هو بالتعريف حرية، فإن هذه الحرية تصبح حقاً مقدساً لكل فرد يريد أن يكون إنساناً بالمعنى الخالص للكلمة، وليس كائناً دون - الإنسان. هكذا إن النزعة الإنسانية السارترية تريد إنساناً حراً ومسؤولاً يصنع نفسه من خلال الكفاح ضد القمع والاستلاب مهما كان مصدرهما، وبما أن كل ما يحدث للإنسان لا يأتي إلا من الإنسان فإن تحرير البشرية يصبح ممكناً بمقدار ما ستخاض معركتها من أجل الحرية ومن أجل كل حقوق الإنسان، في مجتمع بشري حيث لا قوة فوق - بشرية تستطيع أن تحمي إنساناً ضد إنسان آخر. وطالما أن القمع والاستلاب يوجدان في بُنى المجتمع البشري فإن المعركة في سبيل حقوق الإنسان في الحرية وفي الكرامة ستكون دائماً مفتوحة.
وانطلاقاً من هذه الروحية راح سارتر يخوض معركة من دون هوادة في سبيل حقوق الإنسان، مستخدماً كل الأسلحة التي يمتلكها لإنجاحها. لقد كان مثقفاً قادراً على ترجمة أفكاره الفلسفية في معاركه في الشارع من أجل انتصار قضية الإنسان التي كان قد كرس كل حياته في سبيلها. لذلك يمكننا القول إن حياة سارتر لم تكن سوى معركة من أجل حرية الإنسان تبدأ بالكفاح ضد الاحتلال الألماني وتصل إلى الكفاح ضد كل نظام شمولي وكل نظام إمبريالي مروراً بالكفاح ضد الاستعمار (حرب الجزائر).
سارتر كان يريدنا أن نفهم بأنه يجب أن يكون المرء أخلاقياً كي ينقذ الإنسان. وذلك يبرهن أيضاً أن سارتر كان صاحب مذهب أخلاقي أكثر من كونه رجلاً سياسياً، وذلك لأنه كان يمقت الواقعية السياسية التي يمكن لها أن تشعل الحروب وتدمر البشرية. في حين أن الأخلاق تتدخل دائماً لتخفيف أو محو قدر الإمكان التوتر الناتج عن الواقعية السياسية. قد يمكننا القول، إذن، أن سارتر، من أجل إنقاذ الإنسان، كان مثالياً في السياسة. وذلك لأنه لم يتنازل أبداً عن حقوق الإنسان في الحرية الكاملة في مجتمع حر وعادل.
هكذا فإن حقوق الإنسان، بحسب سارتر، تتجسد في الحرية لا في غيرها، وذلك لأن كل شيء سيكون ثانوياً بالنسبة للإنسان منذ أن يصبح حراً.
*باحث وأستاذ جامعي لبناني
** - Sartre، Cahiers pour une morale، (posthume)، Gallimard 1983 p.145.
*** - م. ن.، ص145.
**** - م. ن.، ص22.
***** - Sartre، L’existentialisme est un humanisme، Genève، Nagel 1970. p.67.



غزة... تاريخ من المواجهات والحروب قبل السابع من أكتوبر

TT

غزة... تاريخ من المواجهات والحروب قبل السابع من أكتوبر

مخيم نازحين في دير البلح عند شاطئ غزة (أرشيفية - أ.ب)
مخيم نازحين في دير البلح عند شاطئ غزة (أرشيفية - أ.ب)

في المنطقة الجنوبية من الساحل الفلسطيني على البحر المتوسط، على مساحة لا تزيد على 360 كيلومتراً مربعاً، بطول 41 كم، وعرض يتراوح بين 5 و15 كم، يعيش في قطاع غزة نحو مليوني نسمة، ما يجعل القطاع البقعة الأكثر كثافة سكانية في العالم.

تبلغ نسبة الكثافة وفقاً لأرقام حديثة أكثر من 27 ألف ساكن في الكيلومتر المربع الواحد، أما في المخيمات فترتفع الكثافة السكانية إلى حدود 56 ألف ساكن تقريباً بالكيلومتر المربع.

تأتي تسمية القطاع «قطاع غزة» نسبة لأكبر مدنه، غزة، التي تعود مشكلة إسرائيل معها إلى ما قبل احتلالها في عام 1967، عندما كانت تحت الحكم المصري.

فقد تردد ديفيد بن غوريون، أول رئيس وزراء لإسرائيل، في احتلال القطاع بعد حرب 1948، قبل أن يعود بعد 7 سنوات، في أثناء حملة سيناء، لاحتلاله لكن بشكل لم يدُم طويلاً، ثم عاد واحتله وزير الدفاع الإسرائيلي موشيه ديان عام 1967.

خيام النازحين الفلسطينيين على شاطئ دير البلح وسط قطاع غزة الأربعاء (إ.ب.أ)

في عام 1987، أطلق قطاع غزة شرارة الانتفاضة الشعبية الأولى، وغدا مصدر إزعاج كبيراً لإسرائيل لدرجة أن رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق، إسحاق رابين، تمنى لو يصحو يوماً ويجد غزة وقد غرقت في البحر.

لكن غزة لم تغرق كما يشتهي رابين، ورمتها إسرائيل في حضن السلطة الفلسطينية عام 1994 على أمل أن تتحول هذه السلطة إلى شرطي حدود. لكن هذا كان أيضاً بمثابة وهم جديد؛ إذ اضطرت إسرائيل إلى شن أولى عملياتها العسكرية ضد غزة بعد تسليمها السلطة بنحو 8 سنوات، وتحديداً في نهاية أبريل (نيسان) 2001.

وفي مايو (أيار) 2004، شنت إسرائيل عملية «قوس قزح»، وفي سبتمبر (أيلول) 2004، عادت ونفذت عملية «أيام الندم». ثم في 2005، انسحبت إسرائيل من قطاع غزة ضمن خطة عرفت آنذاك بـ«خطة فك الارتباط الأحادي الجانب».

بعد الانسحاب شنت إسرائيل حربين سريعين، الأولى في 25 سبتمبر (أيلول) 2005 باسم «أول الغيث»، وهي أول عملية بعد خطة فك الارتباط بأسبوعين، وبعد عام واحد، في يونيو (حزيران) 2006، شنت إسرائيل عملية باسم «سيف جلعاد» في محاولة فاشلة لاستعادة الجندي الإسرائيلي الذي خطفته «حماس» آنذاك جلعاد شاليط، بينما ما زالت السلطة تحكم قطاع غزة.

عام واحد بعد ذلك سيطرت حماس على القطاع ثم توالت حروب أكبر وأوسع وأضخم تطورت معها قدرة الحركة وقدرات الفصائل الأخرى، مثل «الجهاد الإسلامي» التي اضطرت في السنوات الأخيرة لخوض حروب منفردة.

ظلت إسرائيل تقول إن «طنجرة الضغط» في غزة تمثل تهديداً يجب التعامل معه حتى تعاملت معها «حماس» في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) بانفجار لم تتوقعه أو تستوعبه إسرائيل وجر حرباً دموية على غزة، وأخرى على لبنان، وسلسلة مواجهات باردة في جبهات أخرى في حرب تبدو نصف إقليمية، وما أسهل أن تتحول إلى نصف عالمية.

أبرز الحروب

«الرصاص المصبوب» حسب التسمية الإسرائيلية أو «الفرقان» فلسطينياً:

بدأت في 27 ديسمبر (كانون الأول) 2008، وشنت خلالها إسرائيل إحدى أكبر عملياتها العسكرية على غزة وأكثرها دموية منذ الانسحاب من القطاع في 2005. واستهلتها بضربة جوية تسببت في مقتل 89 شرطياً تابعين لحركة «حماس»، إضافة إلى نحو 80 آخرين من المدنيين، ثم اقتحمت إسرائيل شمال وجنوب القطاع.

خلفت العمليات الدامية التي استمرت 21 يوماً، نحو 1400 قتيل فلسطيني و5500 جريح، ودمر أكثر من 4000 منزل في غزة، فيما تكبدت إسرائيل أكثر من 14 قتيلاً وإصابة 168 بين جنودها، يضاف إليهم ثلاثة مستوطنين ونحو ألف جريح.

وفي هذه الحرب اتهمت منظمة «هيومان رايتس ووتش» إسرائيل باستخدام الفسفور الأبيض بشكل ممنهج في قصف مناطق مأهولة بالسكان خلال الحرب.

«عمود السحاب» إسرائيلياً أو «حجارة السجيل» فلسطينياً:

أطلقت إسرائيل العملية في 14 نوفمبر (تشرين الثاني) 2012 باغتيال رئيس أركان «حماس»، أحمد الجعبري. واكتفت إسرائيل بالهجمات الجوية ونفذت مئات الطلعات على غزة، وأدت العمليات إلى مقتل 174 فلسطينياً وجرح 1400.

شنت «حماس» أعنف هجوم على إسرائيل آنذاك، واستخدمت للمرة الأولى صواريخ طويلة المدى وصلت إلى تل أبيب والقدس وكانت صادمة للإسرائيليين. وأطلق خلال العملية تجاه إسرائيل أكثر من 1500 صاروخ، سقط من بينها على المدن 58 صاروخاً وجرى اعتراض 431. والبقية سقطت في مساحات مفتوحة. وقتل خلال العملية 5 إسرائيليين (أربعة مدنيين وجندي واحد) بالصواريخ الفلسطينية، بينما أصيب نحو 500 آخرين.

مقاتلون من «كتائب القسام» التابعة لـ«حماس» في قطاع غزة (أرشيفية - «كتائب القسام» عبر «تلغرام»)

«الجرف الصامد» إسرائيلياً أو «العصف المأكول» فلسطينياً:

بدأتها إسرائيل يوم الثلاثاء في 8 يوليو (تموز) 2014، ظلت 51 يوماً، وخلفت أكثر من 1500 قتيل فلسطيني ودماراً كبيراً.

اندلعت الحرب بعد أن اغتالت إسرائيل مسؤولين من حركة «حماس» اتهمتهم أنهم وراء اختطاف وقتل 3 مستوطنين في الضفة الغربية المحتلة.

شنت إسرائيل خلال الحرب أكثر من 60 ألف غارة على القطاع ودمرت 33 نفقاً تابعاً لـ«حماس» التي أطلقت في هذه المواجهة أكثر من 8000 صاروخ وصل بعضها للمرة الأولى في تاريخ المواجهات إلى تل أبيب والقدس وحيفا وتسببت بشل الحركة هناك، بما فيها إغلاق مطار بن غوريون.

قتل في الحرب 68 جندياً إسرائيلياً، و4 مدنيين، وأصيب 2500 بجروح.

قبل نهاية الحرب أعلنت «كتائب القسام» أسرها الجندي الإسرائيلي شاؤول آرون، خلال تصديها لتوغل بري لجيش الاحتلال في حي الشجاعية شرق مدينة غزة، وما زال في الأسر.

«صيحة الفجر»:

عملية بدأتها إسرائيل صباح يوم 12 نوفمبر عام 2019، باغتيال قائد المنطقة الشمالية في سرايا القدس (الذراع العسكرية لحركة الجهاد الإسلامي) في غزة، بهاء أبو العطا، في شقته السكنية في حي الشجاعية شرق مدينة غزة، وردت «حركة الجهاد الإسلامي» بهجوم صاروخي استمر بضعة أيام، أطلقت خلالها مئات الصواريخ على مواقع وبلدات إسرائيلية.

كانت أول حرب لا تشارك فيها «حماس» وتنجح إسرائيل في إبقائها بعيدة.

طفل فلسطيني يسير أمام أنقاض المباني في مدينة غزة (أ.ف.ب)

«حارس الأسوار» أو «سيف القدس»:

بدأت شرارتها من القدس بعد مواجهات في حي الشيخ جراح، واقتحام القوات الإسرائيلية للمسجد الأقصى ثم تنظيم مسيرة «الأعلام» نحو البلدة القديمة، وهي المسيرة التي حذرت «حماس» من أنها إذا تقدمت فإنها ستقصف القدس، وهو ما تم فعلاً في يوم العاشر من مايو (أيار) عام 2021.

شنت إسرائيل هجمات مكثفة على غزة وقتلت في 11 يوماً نحو 250 فلسطينياً، وأطلقت الفصائل أكثر من 4 آلاف صاروخ على بلدات ومدن في إسرائيل، ووصلت الصواريخ إلى تخوم مطار رامون، وقتل في الهجمات 12 إسرائيلياً.

 

«الفجر الصادق» أو «وحدة الساحات»:

كررت إسرائيل هجوماً منفرداً على «الجهاد» في الخامس من أغسطس (آب) 2022 واغتالت قائد المنطقة الشمالية لـ«سرايا القدس» (الذراع العسكرية لحركة الجهاد الإسلامي) في غزة، تيسير الجعبري، بعد استنفار أعلنته «الجهاد» رداً على اعتقال مسؤول كبير في الحركة في جنين في الضفة الغربية، وهو بسام السعدي.

ردت «حركة الجهاد الإسلامي» بمئات الصواريخ على بلدات ومدن إسرائيلية، وقالت في بيان إنها عملية مشتركة مع كتائب المقاومة الوطنية وكتائب المجاهدين وكتائب شهداء الأقصى (الجناح العسكري لحركة فتح)، في انتقاد مبطن لعدم مشاركة «حماس» في القتال. توقفت العملية بعد أيام قليلة إثر تدخل وسطاء. وقتل في الهجمات الإسرائيلية 24 فلسطينياً بينهم 6 أطفال.

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمام خريطة لغزة خلال مؤتمره الصحافي في القدس ليلة الاثنين (إ.ب.أ)

«السهم الواقي» أو «ثأر الأحرار»:

حرب مفاجئة بدأتها إسرائيل في التاسع من مايو 2023، باغتيال 3 من أبرز قادة «سرايا القدس» (الذراع العسكرية لحركة الجهاد الإسلامي في قطاع غزة)، أمين سر المجلس العسكري لسرايا القدس، جهاد غنام (62 عاماً)، وقائد المنطقة الشمالية في السرايا خليل البهتيني (44 عاماً)، وعضو المكتب السياسي أحد مسؤولي العمل العسكري في الضفة الغربية، المبعد إلى غزة، طارق عز الدين (48 عاماً).

وحرب عام 2023 هي ثالث هجوم تشنه إسرائيل على «الجهاد الإسلامي» منفرداً، الذي رد هذه المرة بتنسيق كامل مع «حماس» عبر الغرفة المشتركة وقصف تل أبيب ومناطق أخرى كثيرة بوابل من الصواريخ تجاوز الـ500 صاروخ على الأقل.

... ثم الحرب الحالية في السابع من أكتوبر 2023.