«قيادة متمحورة حول الإنسان»... لدمج الذكاء الاصطناعي في فريق العمل

للحيلولة دون إهمال الموظفين

«قيادة متمحورة حول الإنسان»... لدمج الذكاء الاصطناعي في فريق العمل
TT

«قيادة متمحورة حول الإنسان»... لدمج الذكاء الاصطناعي في فريق العمل

«قيادة متمحورة حول الإنسان»... لدمج الذكاء الاصطناعي في فريق العمل

تجاوز الذكاء الاصطناعي نطاق التقنيات الهامشية، ليصبح قوةً تحويليةً في مختلف القطاعات، مؤثراً في عمليات التوظيف، والتشخيص الطبي، وتحديد أولويات المنتجات، واختيار الأفكار الإبداعية، كما كتب توني مارتينيتي(*). ومع ذلك، فإن السؤال الأكثر إلحاحاً للقادة لا يتعلق بسرعة تبني الذكاء الاصطناعي، بل بكيفية دمج القيم الإنسانية مع هذه التكنولوجيا القوية.

قادة بصفات إنسانية

بوصفي مستشاراً في شؤون القيادة، فإني أرى أن القادة الناجحين في هذا المشهد المتطور هم أولئك الذين يُضفون صفاتهم الإنسانية المتميزة - الفطنة، والذكاء العاطفي، والبصيرة - على عمليات صنع القرار. وبذلك، يضمنون أنه مع ازدياد ذكاء الآلات، يصبح البشر مسؤولين عن المعنى والهدف.

انظر إلى ما وراء ثنائية التفكير

غالباً ما يندرج النهج السائد للتكنولوجيا ضمن فئات ثنائية: الاختيار بين البشر والآلات، التناظرية والرقمية، الأتمتة ومقاومة الأتمتة. ومع ذلك، يتطلب المستقبل منظوراً أكثر دقة.

تكشف دراسة أجرتها مجلة «MIT Sloan Management Review»، و«مجموعة بوسطن الاستشارية» عن أنه «في حين أن 85 في المائة من الشركات التي تستخدم الذكاء الاصطناعي تُبلغ عن فوائد تجارية ملموسة، فإن أقل من 20 في المائة منها قامت بتكييف أدوار وقدرات قواها العاملة لتتماشى مع هذه التطورات».

تقدم التكنولوجيا... وتأخر المنظومات البشرية

يُسلط هذا التفاوت الضوء على مشكلة حرجة: التكنولوجيا تتقدَّم بسرعة، لكن المنظومات البشرية لا تزال متأخرةً. ولسد هذه الفجوة، يحتاج القادة إلى اعتماد إطار عمل لا يدرس فقط ما يمكن للذكاء الاصطناعي فعله، بل أيضاً نوع العالم الذي نهدف إلى خلقه به.

إطار عمل للتفكير المتكامل مع الإنسان

وأقدم هنا إطار عمل للتفكير المتكامل مع الإنسان «Human-Integrated Thinking» بوصفه نموذجَ قيادة لتوجيه دمج الذكاء الاصطناعي مع السمات المتمحورة حول الإنسان. لا ينبغي أن يهدف الذكاء الاصطناعي إلى استبدال الفكر البشري، بل إلى توسيعه وإثرائه. يدعو إطار عمل تكنولوجيا المعلومات الصحية القادة إلى تبني 3 قدرات بشرية أساسية تجعلنا لا غنى عنا: الخيال، والتعاطف، والقدرة على خلق المعنى. تضمن هذه الصفات، عند صقلها، أن يكون الذكاء الاصطناعي أداةً لتعزيز القيمة الإنسانية بدلاً من إضعافها.

تفوُّق البشر في المجالات الإنسانية

في هذا العصر الجديد، لا يكمن السؤال عن مدى قدرة البشر على التفوق على الذكاء الاصطناعي في المهام الحسابية - فالآلات ستتفوق فيها حتماً. بل يجب على البشر التفوُّق على الآلات في مجالات إنسانية فريدة مثل الإبداع، والتواصل العاطفي، والتفكير الأخلاقي. ويحث إطار عمل تكنولوجيا المعلومات السليم القادة على إعطاء الأولوية لهذه السمات، وضمان أن يعمل الذكاء الاصطناعي مكملاً للبشرية بدلاً من أن يكون منافساً لها.

نموذج تفكير يقدّر الثروات البشرية

يتطلب الدمج المدروس للذكاء الاصطناعي في الهياكل القيادية والتنظيمية تحولاً من التفكير الثنائي إلى نموذج يُقدّر تعقيد وثراء القدرات البشرية. ومع تطور الآلات، يصبح من الضروري للبشر التركيز على ما يجعلنا متميزين ولا غنى عنا.

ويوفر إطار العمل المعروض هنا لتكنولوجيا المعلومات السليمة خريطةَ طريقٍ مقنعةً للقادة للتنقل بين التحديات والفرص التي يفرضها الذكاء الاصطناعي، مع حماية الإنسانية التي تكمن في قلب الابتكار الهادف.

* مجلة «فاست كومباني» - خدمات «تريبيون ميديا».


مقالات ذات صلة

روبوت يُجري عملية استئصال مرارة بكفاءة بشرية

علوم في غرف العمليات حول العالم يُعزز الذكاء الاصطناعي دقة الجراحة وكفاءتها من خلال أنظمة روبوتية مدعومة بالذكاء الاصطناعي (رويترز)

روبوت يُجري عملية استئصال مرارة بكفاءة بشرية

أعلن باحثون من جامعة «جونز هوبكنز» الأميركية نجاح روبوت جراحي في إجراء عملية استئصال مرارة بشكل مستقل وبدقة بلغت 100 في المائة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شؤون إقليمية الرئيس التركي رجب طيب إردوغان (د.ب.أ)

تركيا تفرض قيوداً على روبوت الذكاء الاصطناعي التابع لماسك بعد إساءاته لإردوغان ووالدته

فرضت تركيا حظراً على «Grok»، وذلك عقب منشورات مسيئة وُجهت للرئيس رجب طيب إردوغان ووالدته الراحلة.

«الشرق الأوسط» (أنقرة)
الاقتصاد شعار شركة تصنيع أشباه الموصلات التايوانية يظهر بمقرها الرئيس في هسينشو (رويترز)

الذكاء الاصطناعي يدفع إيرادات «تي إس إم سي» لمستويات قياسية في النصف الأول

ارتفعت إيرادات شركة تايوان لصناعة أشباه الموصلات المحدودة (تي إس إم سي) الرائدة عالمياً بنسبة 40 % بالنصف الأول

«الشرق الأوسط» (تايبيه )
علوم واجهة «الدماغ - الكمبيوتر»... تقرأ الأفكار والنوايا

من التفكير إلى التنفيذ… هل يُمكن للدماغ أن يُحرّك العالم؟

واجهات «الدماغ - الكمبيوتر» ثورة عصبية لا تُقرأ فيها الكلمات بل تُقرأ النوايا

د. عميد خالد عبد الحميد (جنيف)
تكنولوجيا غالاكسي Z Flip7 يجمع بين التصميم الأنيق والتقنيات الذكية بفضل واجهة Galaxy AI الجديدة وشاشة AMOLED خارجية محسّنة  (سامسونغ)

إليك مزايا هواتف وساعات «سامسونغ» الجديدة... كما كشفتها في حدثها العالمي

تضمنت الإعلانات 3 هواتف قابلة للطي من سلسلة غالاكسي Z و3 ساعات ذكية من سلسلة غالاكسي Watch8 إلى جانب تحديثات برمجية متقدمة مدعومة بالذكاء الاصطناعي

عبد العزيز الرشيد (الرياض)

روبوت يُجري عملية استئصال مرارة بكفاءة بشرية

في غرف العمليات حول العالم يُعزز الذكاء الاصطناعي دقة الجراحة وكفاءتها من خلال أنظمة روبوتية مدعومة بالذكاء الاصطناعي (رويترز)
في غرف العمليات حول العالم يُعزز الذكاء الاصطناعي دقة الجراحة وكفاءتها من خلال أنظمة روبوتية مدعومة بالذكاء الاصطناعي (رويترز)
TT

روبوت يُجري عملية استئصال مرارة بكفاءة بشرية

في غرف العمليات حول العالم يُعزز الذكاء الاصطناعي دقة الجراحة وكفاءتها من خلال أنظمة روبوتية مدعومة بالذكاء الاصطناعي (رويترز)
في غرف العمليات حول العالم يُعزز الذكاء الاصطناعي دقة الجراحة وكفاءتها من خلال أنظمة روبوتية مدعومة بالذكاء الاصطناعي (رويترز)

في إنجاز يُعد سابقة علمية في مجال الجراحة الآلية، أعلن باحثون من جامعة «جونز هوبكنز» الأميركية نجاح روبوت جراحي في إجراء عملية استئصال مرارة بشكل مستقل وبدقة بلغت 100 في المائة، في تجربة تُوصف بأنها نقطة تحول نحو مستقبل يعتمد على أنظمة جراحية مستقلة، وفقاً لموقع «سكاي».

وقال الباحثون إن الروبوت استطاع تنفيذ الجراحة على نموذج يحاكي جسد الإنسان بدقة، بعد أن خضع لتدريب متقدم على تسجيلات مصورة لعمليات جراحية سابقة، ليتمكن من اتخاذ قرارات فورية، والتعامل مع مفاجآت مشابهة لما قد يواجهه الجراح البشري داخل غرفة العمليات.

وفي تعليق على التجربة، قال الدكتور أكسل كريغر، الأستاذ المشارك في قسم الهندسة الميكانيكية بالجامعة: «ما قمنا به يمثل انتقالاً نوعياً من روبوتات تنفِّذ أوامر محددة إلى أنظمة تدرك السياق الجراحي الكامل. هذه قفزة تكنولوجية حقيقية تقرِّبنا من بيئة طبية تستخدم روبوتات قادرة على اتخاذ القرار والتكيف مع المتغيرات بشكل ذاتي».

العملية التي نُفذت شملت 17 خطوة دقيقة، منها تحديد الشرايين والقنوات، ووضع المشابك الجراحية في نقاط استراتيجية، ومن ثم إزالة المرارة باستخدام أدوات دقيقة. حتى عند إدخال مادة صبغية غيّرت مظهر الأنسجة، حافظ الروبوت على أدائه الدقيق، دون تدخل بشري مباشر.

وتمكّن الجهاز من الاستجابة لتوجيهات صوتية مثل: «أمسك رأس المرارة» و «حرّك الذراع اليسرى قليلاً».

ويستند هذا النظام إلى نماذج تعليم آلي شبيهة بتلك التي تدعم تقنيات الذكاء الاصطناعي مثل «شات جي بي تي»، مما يتيح له القدرة على التكيف مع اختلافات التشريح بين المرضى وتصحيح الأخطاء تلقائياً في أثناء الجراحة.

وقد مولت هذا البحث جهات فيدرالية، ونُشرت نتائجه في دورية «Science Robotics» العلمية المتخصصة.

وفي مقارنة بأعمال سابقة، أشار الفريق إلى تجربة أُجريت عام 2022، شهدت تنفيذ روبوت جراحة على خنزير، لكنها كانت ضمن بيئة شديدة الضبط وتحت خطة جراحية محددة سلفاً. أما الإنجاز الحالي، فيصفه كريغر بأنه يشبه الانتقال من تعليم قيادة على طريق واحد إلى قدرة القيادة في شوارع متعددة وتحت ظروف متغيرة.

في سياق متصل، شددت الدكتورة نُهى ياسين، استشارية الجراحة الروبوتية وعضو مجلس الكلية الملكية للجراحين في إنجلترا، على ضرورة توخي الحذر رغم الإعجاب بالتقدم العلمي، قائلةً: «رغم ما تحمله هذه النتائج من وعود واعدة، تبقى الاختبارات السريرية على البشر المعيار الحقيقي لقياس مدى أمان وفاعلية هذا النوع من الابتكارات، لا سيما حين يتعلق الأمر بسلامة المريض».

ورغم أن الوقت الذي استغرقه الروبوت في تنفيذ العملية تجاوز نظيره البشري، فإن جودة الأداء والنتائج الجراحية جاءت متطابقة مع ما قد يقدمه جرّاح متمرس، وفقاً لفريق الباحثين. ويواصل الفريق حالياً توسيع نطاق التجارب لتشمل أنواعاً إضافية من العمليات الجراحية، مما قد يؤسس لمرحلة جديدة في عالم الجراحة الآلية.