نظارات تراقب تعابير الوجه وترصد المؤشرات الصحية

مجسات تتابع نشاط عضلات الوجه قرب العينين والفم

الصورة من «إمتيك لابس»
الصورة من «إمتيك لابس»
TT

نظارات تراقب تعابير الوجه وترصد المؤشرات الصحية

الصورة من «إمتيك لابس»
الصورة من «إمتيك لابس»

تسعى شركة «إمتيك لابس» لإنتاج نظارة تشكل الذروة الجديدة للتكنولوجيا الصحية القابلة للارتداء. وبالفعل، طرحت الشركة، ومقرها برايتون في إنجلترا، نظارة جديدة قادرة على استشعار المشاعر البشرية، وتحت اسم «سنس» Sense.

رصد تعابير الوجه

وتحوي النظارة تسعة مجسات بصرية، موزعة عبر الحواف لرصد التغييرات الدقيقة في تعبيرات الوجه، بمستوى دقة يتجاوز 93 في المائة، عند اقترانها ببرنامج «إمتيك» الحالي.

في هذا الصدد، شرح ستين ستراند، الرئيس التنفيذي الجديد للشركة: «إذا تحرك وجهك، يمكننا التقاطه». وبالاعتماد على مثل هذه البيانات التفصيلية، «يمكنك الشروع حقاً في فك شفرة جميع البيانات التفصيلية».

ويمكن لهذه البيانات المستمرة معاونة الأفراد على اكتشاف أنماط محددة في سلوكهم وحالتهم المزاجية، على غرار تطبيقات تعقب النشاطات أو النوم.

وتسعى «إمتيك لابس» (Emteq Labs)، في الوقت الراهن، إلى دفع التكنولوجيا الخاصة بها إلى خارج حدود المختبرات وتحويلها إلى تطبيقات مستخدمة على أرض الواقع. وتنتج الشركة حالياً عدداً ضئيلاً من نظارات «سنس»، ومن المقرر إتاحتها لشركاء تجاريين في ديسمبر (كانون الأول).

ويأتي هذا الإعلان بعد أسابيع فقط من كشف كل من «ميتا» و«سناب» عن نظارات واقع معزز لا تزال قيد التطوير.

إلا أن نظارات «سينس» لا تزال بعيدة عن طور الاستخدام كما يقول ستراند، الذي كان يشغل سابقاً القسم المعني بنظارات الواقع المعزز. ويضيف: «يمكننا لاحقاً طرح نظارات خفيفة الوزن نعتقد أن بإمكانها توفير بعض المزايا الصحية الرائعة حقاً».

الصورة من «إمتيك لابس»

خفة التصميم وثقل البطاريات

وفي الوقت الذي تتطلب سماعات الواقع المعزز الحالية التي يجري ارتداؤها على الرأس، حزم بطاريات كبيرة لتشغيل الأجهزة، فإن النظارات بطبيعتها تستلزم تصميماً خفيف الوزن.

وعن ذلك، قال ستراند في حديث لمجلة «سبيكترم» الصادرة عن جمعية المهندسين الكهربائيين الأميركية: «تكتسب كل ذرة من الطاقة، وكل ذرة من الوزن أهمية حيوية». جدير بالذكر أن النسخة الراهنة من نظارات «سنس» تبلغ زنتها 62 غراماً، مما يجعلها أثقل قليلاً عن نظارات «راي بان ميتا» الذكية، التي يقدر وزنها بنحو 50 غراماً.

وبسبب القيود التي تفرضها مسألة الوزن، لم تتمكن «إمتيك» من استخدام الكاميرات التي تستهلك الكثير من الطاقة، والتي تستخدم عادة في خوذ الرأس. وفي العادة ومن خلال الكاميرات في تلك الخوذ يجري اكتشاف الحركة عبر النظر في كيفية تغير البكسل بين الصور المتتالية. وتعتبر هذه الطريقة فاعلة، لكنها تلتقط الكثير من المعلومات المكررة، وتستهلك المزيد من الطاقة.

«رؤية الذبابة»

وبدلاً من ذلك، اختار مهندسو النظارات الاعتماد على أجهزة استشعار بصرية، تلتقط بكفاءة «المتجهات» عندما تتحرك النقاط على الوجه بسبب حركة العضلات الأساسية. واستوحى مبتكرو النظارة هذه الفكرة من كفاءة رؤية الذبابة.

في هذا الصدد، قال تشارلز ندوكا، مؤسس شركة «إمتيك»: «يتميز الذباب بفعالية يتعذر تصديقها فيما يخص قياس الحركة. ولهذا السبب تحديداً يعجز المرء عن ضرب هذه الأشياء اللعينة، فهي تتمتع بمعدل التقاط عينات مرتفع للغاية داخلياً».

بوجه عام، يمكن لنظارات الاستشعار التقاط البيانات بمعدل يصل إلى 6 آلاف مرة في الثانية. كما يضيف النهج القائم على المتجهات بعداً ثالثاً إلى عرض الكاميرا النموذجي ثنائي الأبعاد للبكسلات في مستوى واحد.

وتبحث هذه المستشعرات أو المجسات عن تنشيط عضلات الوجه. ولذا فإن المنطقة المحيطة بالعينين مكان مثالي في هذا الصدد. وأوضح ندوكا، الذي يعمل كذلك جراح تجميل في المملكة المتحدة، أنه في حين أنه من السهل قمع الابتسامة أو فرضها على الوجه، فإن النصف العلوي من وجهنا عادة ما يكون مسرحاً للمزيد من الاستجابات اللاإرادية.

ومع ذلك، يمكن للنظارات كذلك جمع معلومات حول منطقة الفم، عبر مراقبة عضلات الخد التي تتحكم في حركات الفك، والواقعة بالقرب من الحافة السفلية للنظارة. بعد ذلك، يجري نقل البيانات، التي جرى جمعها من النظارات، لتمريرها عبر خوارزميات «إمتيك»، من أجل ترجمة بيانات المتجهات إلى معلومات قابلة للاستخدام.

وجبات الطعام والمؤشرات الصحية

بجانب تفسير تعبيرات الوجه، يمكن الاستعانة بـ«سنس» لتتبع عملية تناول الطعام، وهو تطبيق جاء اكتشافه بالصدفة عندما كان أحد مطوري «إمتيك»، يرتدي النظارات في أثناء تناول الإفطار. وعبر مراقبة حركة الفك، تكتشف النظارات متى يمضغ المستخدم طعامه، ومدى سرعة تناوله للطعام. وفي الوقت نفسه، تلتقط الكاميرا الموجهة لأسفل صورة بغرض تسجيل الطعام، وتعتمد على نموذج لغوي ضخم لتحديد ما هو موجود بالصورة.

وفي الوقت الحاضر، تعتمد «إمتيك» على نسخة من نموذج «جي بي تي - 4 GPT - 4» اللغوي الكبير لإنجاز هذه المهمة. ومع ذلك، لدى الشركة خطط لإنشاء خوارزميتها الخاصة في المستقبل. كما أن هناك تطبيقات أخرى، بما في ذلك مراقبة النشاط البدني والوضعية، قيد التطوير.

ويعبر ندوكا عن اعتقاده بأن نظارات «إمتيك» تمثل «تكنولوجيا أساسية»، على غرار الطريقة التي يستخدم بها مقياس التسارع لمجموعة من التطبيقات في الهواتف الذكية، بما في ذلك إدارة اتجاه الشاشة، وتتبع النشاط، وحتى الكشف عن أضرار البنية التحتية.

وعلى نحو مماثل، اختارت «إمتيك» تطوير التكنولوجيا كمنصة عامة لبيانات الوجه لمجموعة من الاستخدامات. على سبيل المثال، يبدي ندوكا حماسه إزاء تطوير أداة لمساعدة المصابين بشلل الوجه. إلا أن الجهاز المتخصص لهؤلاء المرضى سيتسم بتكلفة مرتفعة للوحدة، ولن يكون في متناول المستخدم المستهدف. وعليه، فإن السماح لمزيد من الشركات باستخدام الملكية الفكرية وخوارزميات «إمتيك» من شأنه أن يخفض التكلفة.

وفي ظل هذا التوجه، يتمثل الهدف العام لاستخدامات «سنس» المحتملة في ابتكار تطبيقات صحية. وإذا نظرنا إلى تاريخ الأجهزة القابلة للارتداء، فستجد أن الصحة لطالما شكلت المحرك الأساسي لها.

وقد ينطبق القول ذاته على النظارات. وهنا، أوضح ستراند أن هناك إمكانية لأن تصبح البيانات المتعلقة بالنظام الغذائي والعواطف، «الركيزة التالية لتطبيقات الصحة»، بعد النوم والنشاط البدني.

إلا أنه حتى الآن، لم يتحدد بعد السبيل لتوصيل البيانات إلى المستخدم. ففي بعض التطبيقات، يمكن استخدام النظارات لتوفير ردود فعل في الوقت الحقيقي - على سبيل المثال، عبر الاهتزاز لتذكير المستخدم بإبطاء تناول الطعام. أو يمكن استخدامها من قبل المتخصصين بمجال الصحة فقط لجمع بيانات أسبوع كامل، من داخل المنزل، للمرضى الذين يعانون من حالات صحية.

تفسيرات متفاوتة وخروقات الخصوصية

وتخطط شركة «إمتيك» للعمل مع مقدمي الخدمات من الخبراء لتعبئة المعلومات بشكل مناسب للمستخدمين. في هذا الصدد، قالت فيفيان جينارو موتي، الأستاذة المساعدة بجامعة جورج ميسون، التي تقود مختبر التصميم المرتكز على الإنسان، إن تفسير البيانات يجب أن يجري بعناية. وقد تختلف معاني التعبيرات، بحسب العوامل الثقافية والديموغرافية. وهنا، كما أضافت موتي: «نحن بحاجة إلى الأخذ في الاعتبار أن الناس يستجيبون أحياناً للعواطف بطرق مختلفة». وشرحت أنه في ضوء ضعف التنظيم للأجهزة القابلة للارتداء، من المهم ضمان الخصوصية وحماية بيانات المستخدم. وحرصت موتي على إثارة هذه النقاط ببساطة لأن هناك إمكانات واعدة للجهاز. وعن ذلك، قالت: «إذا انتشرت هذه التكنولوجيا على نطاق واسع، من المهم أن نفكر بعناية في الآثار المترتبة عليها».

بالمثل، ينصب اهتمام إدوارد سازونوف، أستاذ الهندسة الكهربائية والحاسوبية بجامعة ألاباما، الذي طور جهازاً مشابهاً لتتبع النظام الغذائي في مختبره، على مسألة الخصوصية. بالتأكيد وجود كاميرا مثبتة على نظارات «إمتيك» يمكن أن يخلق مشكلات، سواء فيما يتعلق بخصوصية المحيطين بالمستخدم أو المعلومات الشخصية للمستخدم نفسه. وبالنظر إلى أن الكثير من الأشخاص يتناولون طعامهم أمام أجهزة الكومبيوتر أو الهواتف المحمولة، لذا قد تكون البيانات المرئية حساسة.

وعليه، عبر سازونوف عن اعتقاده بأنه من أجل اعتماد تكنولوجيا مثل تلك الخاصة بنظارات «سنس»، يجب أولاً الإجابة عن الأسئلة المتعلقة بسهولة الاستخدام ومخاوف الخصوصية. وأضاف: «إن التكنولوجيا القائمة على النظارات لديها إمكانات مستقبلية عظيمة - إذا نجحنا في استغلالها على النحو الصائب».



ذكاء اصطناعي «شديد الحساسية للرائحة» يكتشف المصنوعات المقلَّدة

ذكاء اصطناعي «شديد الحساسية للرائحة» يكتشف المصنوعات المقلَّدة
TT

ذكاء اصطناعي «شديد الحساسية للرائحة» يكتشف المصنوعات المقلَّدة

ذكاء اصطناعي «شديد الحساسية للرائحة» يكتشف المصنوعات المقلَّدة

ابتكر أليكس ويلشكو، مؤسس شركة الذكاء الاصطناعي «أوسمو»، وفريقه نسخة «ألفا» من جهاز خيالي بحجم حقيبة الظهر مزودة بمستشعر شمّ يستخدم الذكاء الاصطناعي لتحديد المنتجات المقلدة من خلال تحليل تركيبها الكيميائي.

وأقامت شركة «أوسمو» (Osmo) شراكة مع منصات إعادة بيع الأحذية الرياضية لإظهار أن اختبار الشم عالي التقنية قادر على تحديد المنتجات المزيفة بدرجة عالية من الدقة.

الجزيئات المتطايرة تحدد الرائحة

كل شيء في العالم له رائحة، من الملابس إلى السيارات إلى جسمك. هذه الروائح هي جزيئات متطايرة، أو كيمياء «تطير» من تلك الأشياء وتصل إلى أنوفنا لتخبرنا بالأشياء. ويختبر الإنسان ذلك بوعي ووضوح عندما يكون هناك شيء جديد قرب أنفه، مثل شم سيارة جديدة أو زوج من الأحذية الرياضية. لكن حتى عندما لا تلاحظ الروائح، فإن الجزيئات موجودة دائماً.

رائحة المنتجات المقلَّدة

الأحذية المقلدة لها رائحة مختلفة عن الأحذية الحقيقية. إذ لا تختلف الأحذية الرياضية الأصلية والمقلدة في المواد، فحسب، لكن في التركيب الكيميائي. حتى الآن، اعتمدت شركات مثل «استوكس» (StockX) على اختبارات الشم البشري والفحص البصري لتمييز الأصالة - وهي عملية تتطلب عمالة مكثفة ومكلفة. وتهدف التقنية الجديدة إلى تبسيط العملية.

خريطة تحليل الفوارق اللونية

تدريب الذكاء الاصطناعي على الاختلافات الجزيئية

ووفقاً لويلشكو، درَّب فريقه «الذكاء الاصطناعي باستخدام أجهزة استشعار شديدة الحساسية للتمييز بين هذه الاختلافات الجزيئية».

وستغير هذه التكنولوجيا كيفية إجراء عمليات التحقق من الأصالة في الصناعات التي تعتمد تقليدياً على التفتيش اليدوي والحدس. وتهدف إلى رقمنة هذه العملية، وإضافة الاتساق والسرعة والدقة.

20 ثانية للتمييز بين المزيف والحقيقي

ويضيف أن آلة «أوسمو» تستغرق الآن نحو 20 ثانية للتمييز بين المنتج المزيف والحقيقي. وقريباً، كما يقول، ستقل الفترة إلى خمس ثوانٍ فقط. وفي النهاية، ستكون فورية تقريباً.

تم بناء أساس التقنية على سنوات من العمل المخبري باستخدام أجهزة استشعار شديدة الحساسية، كما يصفها ويلشكو، «بحجم غسالة الأطباق»، ويضيف: «تم تصميم أجهزة الاستشعار هذه لتكون حساسة مثل أنف الكلب، وقادرة على اكتشاف أضعف البصمات الكيميائية».

وتعمل هذه المستشعرات على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع، وتجمع باستمرار البيانات حول التركيب الكيميائي لكل شيء من البرقوق والخوخ إلى المنتجات المصنعة»، كما يوضح ويلشكو.

خريطة الرائحة الرئيسية

تشكل البيانات التي تم جمعها العمود الفقري لعملية تدريب الذكاء الاصطناعي الخاصة بالشركة، والتي تساعد في إنشاء فهم عالي الدقة للروائح المختلفة ومنحها موقعاً في نظام إحداثيات يسمى خريطة الرائحة الرئيسية.

إذا كنت على دراية بكيفية ترميز ألوان الصورة في الصور الرقمية، فان الطريقة تعمل بشكل مماثل. إذ تقريباً، يتوافق لون البكسل مع مكان على خريطة RGB، وهي نقطة في مساحة ثلاثية الأبعاد بها إحداثيات حمراء وخضراء وزرقاء.

تعمل خريطة الرائحة الرئيسية بشكل مشابه، باستثناء أن الإحداثيات في تلك المساحة تتنبأ بكيفية ورود رائحة مجموعات معينة من الجزيئات في العالم الحقيقي. يقول ويلشكو إن هذه الخريطة هي الصلصة السرية لشركة «أوسمو» لجعل الاختبار ممكناً في الوحدات المحمولة ذات أجهزة استشعار ذات دقة أقل وحساسة تقريباً مثل أنف الإنسان.

من المختبر إلى الأدوات اليومية

يقول ويلشكو إنه في حين أن أجهزة الاستشعار المحمولة أقل حساسية من وحدات المختبر، فإن البيانات المكثفة التي يتم جمعها باستخدام أجهزة الاستشعار عالية الدقة تجعل من الممكن إجراء اكتشاف فعال للرائحة. مثل الذكاء الاصطناعي لقياس الصورة القادر على استنتاج محتويات الصورة لإنشاء نسخة بدقة أعلى بناءً على مليارات الصور من نموذجه المدرب، فإن هذا يحدث بالطريقة نفسها مع الرائحة. تعدّ هذه القدرة على التكيف أمراً بالغ الأهمية للتطبيقات في العالم الحقيقي، حيث لا يكون نشر جهاز بحجم المختبر ممكناً.

من جهته، يشير روهينتون ميهتا، نائب الرئيس الأول للأجهزة والتصنيع في «أوسمو»، إلى أن مفتاح عملية التعريف لا يتعلق كثيراً بالروائح التي يمكننا إدراكها، لكن بالتركيب الكيميائي للكائن أو الشيء، وما يكمن تحته. ويقول: «الكثير من الأشياء التي نريد البحث عنها والتحقق من صحتها قد لا يكون لها حتى رائحة محسوسة. الأمر أشبه بمحاولة تحليل التركيب الكيميائي».

وهو يصف اختباراً تجريبياً أجرته الشركة مؤخراً مع شركة إعادة بيع أحذية رياضية كبيرة حقق معدل نجاح يزيد على 95 في المائة في التمييز بين الأحذية المزيفة والأحذية الحقيقية.

إلا أن الطريقة لا تعمل إلا مع الأشياء ذات الحجم الكبير، في الوقت الحالي. ولا يمكن للتكنولوجيا التحقق من صحة الأشياء النادرة جداً التي تم صنع ثلاثة منها فقط، مثلاً.

هذا لأنه، كما أخبرني ويلشكو، يتعلم الذكاء الاصطناعي باستخدام البيانات. لكي يتعلم رائحة طراز جديد معين من الأحذية، تحتاج إلى إعطائه نحو 10 أزواج من الأحذية الرياضية الحقيقية. في بعض الأحيان، تكون رائحة البصمة خافتة لدرجة أنه سيحتاج إلى 50 حذاءً رياضياً أصلياً ليتعلم الطراز الجديد.

خلق روائح جديدة

لا يشم مختبر «أوسمو» الأشياء التي صنعها آخرون فحسب، بل يخلق أيضاً روائح جديدة داخل الشركة باستخدام أنظمة الذكاء الاصطناعي والروبوتات نفسها. أظهر علماء الشركة كيف يعمل هذا بطريقة عملية خلال تجربة أطلقوا عليها اسم مشروع نقل الرائحة. لقد التقطوا رائحة باستخدام مطياف الكتلة للتفريق اللوني الغازي (GCMS)، الذي يحللها إلى مكوناتها الجزيئية ويحمل البيانات إلى السحابة. أصبحت هذه البيانات الملتقطة إحداثيات على خريطة الرائحة الرئيسية. بمجرد رسم الخريطة، يتم توجيه روبوت التركيب في مكان آخر لخلط عناصر مختلفة وفقاً لوصفة الرائحة، وإعادة إنشاء الرائحة الأصلية بشكل فعال.

رائحة مصنّعة لتعريف المنتجات

باستخدام تقنية تصنيع الرائحة نفسها، يتخيل ويلشكو أن «أوسمو» يمكن أن تدمج جزيئات عديمة الرائحة مباشرة في المنتجات بصفتها معرفاتٍ فريدة؛ مما يخلق توقيعاً غير مرئي لن يكون لدى المزورين أي طريقة لاكتشافه أو تكراره. فكر في هذا باعتباره ختماً غير مرئي للأصالة.

وتعمل شركة «أوسمو» على تطوير هذه العلامات الفريدة لتُدمج في مواد مثل الغراء أو حتى في القماش نفسه؛ ما يوفر مؤشراً سرياً لا لبس فيه على الأصالة.

هناك فرصة كبيرة هنا. وكما أخبرني ويلشكو، فإن صناعة الرياضة هي سوق بمليارات الدولارات، حيث أعلنت شركة «نايكي» وحدها عن إيرادات بلغت 60 مليار دولار في العام الماضي. ومع ذلك، تنتشر النسخ المقلدة من منتجاتها على نطاق واسع، حيث أفادت التقارير بأن 20 مليار دولار من السلع المقلدة تقطع هذه الإيرادات. وقد صادرت الجمارك وحماية الحدود الأميركية سلعاً مقلدة بقيمة مليار دولار فقط في العام الماضي في جميع قطاعات الصناعة، وليس فقط السلع الرياضية. ومن الواضح أن تقنية الرائحة هذه يمكن أن تصبح سلاحاً حاسماً لمحاربة المنتجات المقلدة، خصوصاً في أصعب الحالات، حيث تفشل الأساليب التقليدية، مثل فحص العلامات المرئية.

الرائحة هي مفتاح المستقبل

يرى ويلشكو أن النظام جزء من استراتيجية أوسع لرقمنة حاسة الشم - وهو مفهوم بدأ العمل عليه عند عمله في قسم أبحاث «غوغل». إن أساس النظام يكمن في مفهوم يسمى العلاقة بين البنية والرائحة. وتتلخص هذه العلاقة في التنبؤ برائحة الجزيء بناءً على بنيته الكيميائية، وكان مفتاح حل هذه المشكلة هو استخدام الشبكات العصبية البيانية.

إمكانات طبية لرصد الأمراض

إن الإمكانات الطبية لهذه التقنية هي تحويلية بالقدر نفسه. ويتصور ويلشكو أن النظام يمكن استخدامه للكشف المبكر عن الأمراض - مثل السرطان أو السكري أو حتى الحالات العصبية مثل مرض باركنسون - من خلال تحليل التغييرات الدقيقة في رائحة الجسم التي تسبق الأعراض غالباً.

لكنه يقول إنه حذّر بشأن موعد حدوث هذا التقدم؛ لأنه يجب على العلماء أن يحددوا أولاً العلامات الجزيئية لهذه الروائح قبل أن تتمكن الآلة من اكتشاف أمراض مختلفة. وتعمل الشركة بالفعل مع عدد من الباحثين في هذا المجال.

* مجلة «فاست كومباني» - خدمات «تريبيون ميديا»