متغيرات وراثية للأم ترتبط بزيادة خطر الإصابة بأمراض الطفل حديث الولادة

دراسة صينية رصدت تسبّبها في 35 مرضاً مختلفاً

متغيرات وراثية للأم ترتبط بزيادة خطر الإصابة بأمراض الطفل حديث الولادة
TT

متغيرات وراثية للأم ترتبط بزيادة خطر الإصابة بأمراض الطفل حديث الولادة

متغيرات وراثية للأم ترتبط بزيادة خطر الإصابة بأمراض الطفل حديث الولادة

قدمت دراسة جديدة رؤى مهمة حول الروابط الجينية بين صحة الأم والطفل حديث الولادة، وذلك من خلال تحليل تسلسلات الحمض النووي «دي إن إيه» للجينوم الكامل المستخلصة من الاختبارات غير الجراحية قبل الولادة لأكثر من 25 ألف من النساء الصينيات الحوامل.

متغيرات وراثية فريدة

وحددت الدراسة المتغيرات الوراثية الفريدة التي تزيد من خطر الإصابة بأمراض الأم مثل مرض سكري الحمل والسمنة والربو والصدفية وبطانة الرحم والغدة الدرقية. والجدير بالذكر أن 83 في المائة من المواقع الوراثية التي تم تحديدها قد تم ربطها بأمراض الأم المتعددة، مما يبرز التفاعلات المعقدة في الاستعدادات الوراثية.

وحددت الدراسة التي نشرت في مجلة Cell Genomics في 9 أكتوبر (تشرين الأول) 2024 أيضاً 21 من المتغيرات الوراثية للأم المرتبطة بزيادة خطر الإصابة بـ35 مرضاً مختلفاً في الأطفال حديثي الولادة.

أمراض الأم والطفل

ومن المثير للاهتمام أن اثنين من هذه المتغيرات كانت مرتبطة بنفس الأمراض لدى كل من الأمهات وأطفالهن مثل التهاب الجلد والتهاب الجيوب الأنفية الحاد، في حين ارتبط قصور الغدة الدرقية بأمراض مختلفة عند الرضع (على سبيل المثال التهاب المعدة والأمعاء عند الأطفال والتهاب القولون والتهاب اللوزتين الحاد)، وهو ما يشير إلى تأثير وراثي متعدد الأوجه على صحة الأم والطفل مما يوفر طرقاً جديدة لفهم الأمراض المصاحبة للأم والطفل

تشوهات الكروموسومات

واستخدم الباحثون بقيادة كيان لي الباحث في قسم طب الأطفال ويولين كهو الباحثة في مركز التشخيص والبحوث الموحد لعلم الوراثة السريرية بمستشفى النساء والأطفال، وكلاهما من كلية الطب جامعة شيامن الصين، البيانات الوراثية التي تم جمعها من اختبار ما قبل الولادة غير الجراحي (NIPT) non-invasive prenatal testing للكشف عن تشوهات الكروموسومات في الجنين. ثم قارنوها مع سجلات صحية إلكترونية لتحديد الارتباطات الوراثية المتعلقة بالأمراض.

وقام الباحثون بتحليل تسلسل الجينوم الكامل من 25 ألف و639 امرأة حامل و 14 ألف و151 من الأطفال حديثي الولادة مع التركيز على كيفية تأثير العوامل الوراثية للأم على صحة كل من الأم والطفل

وتؤكد نتائجهم على إمكانات استخدام اختبار ما قبل الولادة غير الجراحي للدراسات الجينومية على نطاق واسع بطريقة فعالة من حيث التكلفة، وهو ما يمتد إلى ما يتجاوز تركيزه الحالي على اكتشاف تشوهات الكروموسومات أو عدد غير طبيعي من الكروموسومات حينما توجد ثلاثة كروموسومات بدلاً من اثنين طبيعيين. وهذا يمكن أن يؤدي إلى تطبيقات سريرية أكثر شمولاً، مما يؤدي إلى تحسين التشخيص قبل الولادة للاضطرابات الوراثية والأمراض النادرة.

التشخيص الوراثي قبل الولادة

ويقود هذا البحث إلى عملية اكتشاف ما إذا كان الجنين يعاني من بعض الأمراض أو التشوهات الوراثية أثناء نمو الجنين باستخدام طرق وتقنيات مختلفة.

والغرض من التشخيص الوراثي قبل الولادة هو تزويد الوالدين المحتملين بمعلومات وراثية عن الجنين وتوفير الفرص لتعديل إدارة الحمل أو الرعاية بعد الولادة. وقد تم إجراء التشخيص الوراثي قبل الولادة لأول مرة في الخمسينات من القرن الماضي، وذلك بأخذ عينه من السائل الأمنيوتي (الأمنيوسي) amniotic fluid (وهو سائل غذائي ويُوفر الحماية للجنين يُوجد داخل الكيس الأمنيوتي في رحم المرأة) بشكل أساسي للكشف عما إذا كان الجنين يعاني من تشوهات كروموسومية أو من عيوب.

ومع تطور العلم والتكنولوجيا ظهر التشخيص الوراثي قبل الولادة تدريجياً مع المزيد من الطرق والتقنيات مثل أخذ عينات من الزغابات المشيمية وأخذ عينات من دم الجنين وتقنيات التشخيص الجزيئي في السنوات الأخيرة. ومع ظهور التشخيص الوراثي قبل الولادة غير الجراحي دخل التشخيص مرحلة جديدة.

وقد تمهد النتائج الطريق للحصول على رعاية ما قبل الولادة الشخصية والاستراتيجيات الوقائية للأطفال ما يفيد في نهاية المطاف صحة الأم والوليد. ومع ذلك هناك حاجة إلى مزيد من البحث لفهم الآليات الوراثية الكامنة وراء الجمعيات المكتشفة في هذه الدراسة.

اختبار تسلسل الجنين غير الجراحي

وكان فريق من الباحثين في الولايات المتحدة، قام قبل إجراء الدراسة الصينية، بتطوير اختبار وراثي جديد غير جراحي يمكنه تحليل الحمض النووي للجنين foetal DNA من عينة دم بسيطة مأخوذة من النساء الحوامل.

ويوفر الاختبار المعروف باسم تسلسل الجنين غير الجراحي (non-invasive foetal sequencing (NIFS وسيلة لفحص جينوم الجنين للمتغيرات الوراثية دون الحاجة إلى إجراءات مماثله أخرى. ففي دراستهم التي نشرت في مجلة نيو إنغلاند الطبية The New England Journal of Medicine في 22 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 اختبر الفريق برئاسة مايكل تالكوفسكي من مستشفى ماساتشوستس العام بوسطن الولايات المتحدة، طريقة تسلسل الجنين غير الجراحي على عينات دم من 51 امرأة حامل.

اكتشاف الطفرات الجديدة

ووجد الباحثون أن الطريقة كانت قادرة على اكتشاف المتغيرات الجينية التي تنتقل من الأم وكذلك الطفرات الجديدة غير الموجودة في جينوم الأم. وأشارت نتائجهم إلى أن هذا الاختبار يمكن أن يحل محل الاختبارات غير الجراحية من خلال تقديم بديل أقل خطورة للتشخيصات الجينية قبل الولادة.

ويعد اختبار تسلسل الجنين غير الجراحي تقدماً كبيراً مقارنة بالاختبارات الحالية الأخرى، والتي تقوم تقليدياً بفحص التغيرات الكروموسومية الكبيرة مثل «متلازمة داون»، غير أنها محدودة في اكتشاف التغيرات الجينية الأصغر. ومن خلال التركيز على «الإكسوم» exome (أو مناطق ترميز البروتين في الجينوم) فان العديد من الأمراض البشرية بما في ذلك الاضطرابات الوراثية ترتبط باختلافات في الجينوم، وغالباً ما يكون من الصعب تشخيص هذه الاضطرابات بسبب ظروفها السريرية المعقدة، وبالتالي هناك حاجة إلى طريقة كشف فعالة لتسهيل التشخيص السريري ودرء العيوب الخلقية، وهو أمر أساسي لتشخيص العديد من الحالات الجينية.

رصد أدق للمتغيرات الوراثية

وكان لتسلسل الجنين غير الجراحي حساسية عالية، حيث تلتقط المتغيرات الوراثية بدقة تزيد عن 99 في المائة في البيانات الأولية، والأمر المهم أنه في 14 حالة حمل تم فيها إجراء اختبار جيني تقليدي نجح الاختبار في تحديد جميع المتغيرات ذات الصلة سريرياً.

كما أكد الدكتور مايكل تالكوفسكي المشرف الرئيسي على الدراسة أن اختبارات تسلسل الجنين غير الجراحي يمكن أن تقدم نفس المعلومات التشخيصية مثل الإجراءات غير الجراحية الأخرى ولكن دون المخاطر المرتبطة بالأم والجنين. ويعمل الباحثون الآن على تحسين الطريقة وتوسيع دراساتهم إلى عدد أكبر من السكان.

ورغم أن الاختبار لم يكن متاحاً بعد كاختبار سريري فإن إمكاناته يمكن أن تحول الفحص الوراثي قبل الولادة عن طريق جعله أكثر سهولة وأكثر أماناً وأقل إرهاقاً للآباء والأمهات؟ ويشدد الباحثون على أنه كما هو الحال مع الاختبارات الجينية الحالية سيحتاج المرضى إلى دعم شامل من فريق طبي متعدد التخصصات بما في ذلك المستشارون الوراثيون وأخصائيو الأطفال للمساعدة في تفسير النتائج وعرض خياراتهم.


مقالات ذات صلة

الإفراط في تناول الدهون والسكر قد يدمر الكبد

يوميات الشرق سرطان الكبد من بين السرطانات الأكثر شيوعاً في العالم (جامعة ييل)

الإفراط في تناول الدهون والسكر قد يدمر الكبد

حذّرت دراسة أميركية من أن الإفراط في تناول الدهون والسكريات يمكن أن يزيد من خطر الإصابة بسرطان الكبد، وذلك من خلال تدمير الحمض النووي في خلايا الكبد.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق شاي الكركديه يحتوي على نسبة عالية من مادة «البوليفينول» (غيتي)

مواد طبيعية قد تمنحك خصراً نحيفاً وقلباً صحياً وضغط دم منخفضاً

ثمة كلمة جديدة رائجة في مجال الصحة هي «البوليفينولات»، فبينما ظل العلماء يدرسون المركبات النباتية لسنوات، فقد جذب المصطلح الآن خيال الجمهور لسبب وجيه.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق جانب من تمرين عالي الطاقة في صالة ألعاب رياضية في نيويورك (أرشيفية - رويترز)

«هارد 75»... تحدٍّ جديد يجتاح «تيك توك» مع بداية العام

مع بداية العام الجديد، انتشر تحدٍّ جديد عبر تطبيق «تيك توك» باسم «هارد 75».

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك ليست جميع المشروبات قادرة بالفعل على علاجك من نزلات البرد والإنفلونزا (رويترز)

مشروب منزلي يساعد في التخلص من نزلات البرد

تحدثت اختصاصية التغذية كيلي كونيك لشبكة «فوكس نيوز» الأميركية عن المشروب المنزلي الأمثل لعلاج نزلات البرد والإنفلونزا.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك الفواكه والخضراوات مليئة بمضادات الأكسدة والفيتامينات والمعادن (رويترز)

تناول الفواكه والخضراوات يقلل خطر إصابتك بالاكتئاب

أكدت دراسة جديدة أن زيادة كمية الفواكه والخضراوات في نظامك الغذائي يمكن أن تقلل من خطر الإصابة بالاكتئاب بمرور الوقت.

«الشرق الأوسط» (سيدني)

«القمامة العقلية» أكثر ضرراً من تناول «شطيرة برغر بالجبن والبطاطا المقلية»

«القمامة العقلية» أكثر ضرراً من تناول «شطيرة برغر بالجبن والبطاطا المقلية»
TT

«القمامة العقلية» أكثر ضرراً من تناول «شطيرة برغر بالجبن والبطاطا المقلية»

«القمامة العقلية» أكثر ضرراً من تناول «شطيرة برغر بالجبن والبطاطا المقلية»

يفسر ريتشارد سيتويك، أحد علماء الأعصاب (وضع العصر الحالي) بقوله إن «القمامة العقلية التي نتعامل معها أكثر ضرراً من تناول شطيرة برغر بالجبن والبطاطا المقلية، من حين لآخر».

وريتشارد سيتويك، هو عالم أعصاب وعالم نفس عصبي ومؤلف كتب مدرسية، متخصص في الإدراك فوق المعرفي. وهو أستاذ في علم الأعصاب بجامعة جورج واشنطن. وكانت قصته التي نشرتها مجلة «نيويورك تايمز» عن السكرتير الصحافي الرئاسي جيمس برادي قد رشحت لجائزة بوليتسر عام 1982.

أدمغة البشر نتاج العصر الحجري

إن أدمغة البشر هي نتاج العصر الحجري، ولهذا فإن الحمل الحسّي الزائد لحياة العصر الرقمي، يهدد الأداء الطبيعي الأمثل لهذه البيولوجيا الأساسية. يشرح ريتشارد سيتويك، كيف ولماذا تكافح أدمغتنا لكي تزدهر وسط كتلة من التقنيات الجديدة المسببة للإدمان، وكيف أن عادات شاشاتنا الحديثة تضر بشكل لا يصدق بالسعادة والأداء. لحسن الحظ، يمتلك العلم إمكانية كسر اللعنة التي ألقتها الأجهزة الرقمية على حياتنا.

1 - حدود طاقة الدماغ

يعمل الدماغ ضمن حدود طاقة ثابتة. ويستخدم سيتويك مصطلح «العصر الحجري»؛ لأن أدمغة العصر الحديث لا تختلف عن أدمغة أسلافنا البعيدين. فهي لم تتطور، في حين نمت التكنولوجيا بشكل كبير. وهو يركز على عوامل التشتيت الرقمية والآثار الضارة للهواتف والشاشات على عقولنا... فقد «ذهبت فترات الانتباه إلى الجحيم».

يقول بعض من الناس: «أنا مدمن على هاتفي»، ثم يقضي ساعات في عبر الـ«تيك توك» و«إنستغرام» غير قادر عن التوقف بغض النظر عن مقدار ما يقول إنه يريد ذلك. ينظر الناس بشكل خاطئ إلى القضية باعتبارها مسألة قوى خارجية وليس من منظور الدماغ.

التحمل الحسّي الزائد

ويضيف سيتويك: «أنا أفكر أيضاً من منظور هندسي: ما هي تكلفة الطاقة لأداء عمل معين أو التفكير في شيء معين؟ لا يمكن لأي قدر من النظام الغذائي أو التمرين أو ألغاز السودوكو أن تزيد من الطاقة المتاحة. وبالمثل، فإن قوة الإرادة ووعاء من القهوة عديما الفائدة إذا لم نتمكن من التغلب على حدود الطاقة المتأصلة في الدماغ، فنحن بحاجة إلى العمل بما يتوفر لدينا».

ويضيف أن الدماغ البيولوجي يستهلك قدراً هائلاً من الطاقة. فهو لا يشكل سوى 2 في المائة من وزن الجسم، ومع ذلك يستهلك 20 في المائة من السعرات الحرارية التي نحرقها يومياً. ويذهب معظمها إلى الحفاظ على الهياكل الجسدية من خلال ضخ أيونات الصوديوم والبوتاسيوم عبر الأغشية. ولا يتبقى سوى القليل جداً للعمل العقلي.

ولهذا السبب نحن سيئون للغاية في أداء المهام المتعددة والتعامل مع التحميل الحسّي الزائد... إذ لا يمكن لانتباهك أن يستوعب شيئين في وقت واحد.

2 - شهية التعامل مع القمامة العقلية

الناس مهووسون بما يضعونه في أجسادهم: مادة عضوية، أو نباتية، أو خالية من الغلوتين، أو من دون ألوان صناعية.

إذن، لماذا لا يكونون انتقائيين بشأن ما يتناولونه من خلال الحواس؟ إن القمامة العقلية التي نتناولها أكثر ضرراً من شطيرة برغر بالجبن والبطاطا المقلية. يصوم بعض الأفراد لأسباب صحية أو دينية.

الصيام الحسّي صحي

ولكن ماذا لو كان من الممكن أن نستسلم للصيام الحسي ليوم واحد - أو حتى ساعة - خالياً من الرسائل النصية والتغريدات ومقاطع الفيديو والرسائل الإلكترونية، وغير ذلك من الوجبات السريعة الرقمية؟

لم تتطور أدمغتنا لتتوق إلى التحفيز المستمر؛ بل تتوق إلى المشاركة الاجتماعية وجهاً لوجه. وبالنسبة للطفل، لا يوجد شيء أكثر جاذبية من وجه بشري. فهو يركز عليه ويتبعه ويبتسم بينما تتسع حدقات عينيه. وكل والد وجدّ يعرف هذا. فلماذا إذن نحجب وجوهنا الحقيقية عن بعضنا البعض بصور وسيطة على الهواتف والأجهزة اللوحية؟

إن آلاف الإعجابات والمتابعات والمعارف عبر الإنترنت هي لا شيء مقارنة بالاتصال الحميمي بالشخص الجالس بجانبنا. لقد رأينا جميعاً أشخاصاً يتجمعون حول بعضهم البعض، كل واحد منهم يحدق في هاتفه المحمول بمفرده، ويفشل في التفاعل مع الشخص الذي يبعد عنه قدماً واحدة. فهل من المستغرب أن يبرز وباء الوحدة؟

3 - الشاشات تسبب التوحد الافتراضي

التوحد الافتراضي هو تطور سلوكيات تشبه التوحد لدى الأطفال العاديين الذين يتعرضون لكميات كبيرة من الوسائط التي تعرضها الشاشات، وخاصة الألعاب. تم تقديم مصطلح «التوحد الافتراضي» في عام 2018 من قبل الطبيب النفسي ماريوس تيودور زامفير، الذي درس الأطفال المعرضين لوقت طويل أمام الشاشات.

رغم أن السلوكيات تحاكي سلوكيات اضطراب طيف التوحد - أي تجنب الاتصال البصري، والانسحاب الاجتماعي، وتأخر اللغة، وقلة اللعب الخيالي - فإن هؤلاء الأطفال يتعافون عادة بمجرد تقليل وقت الشاشة بشكل كبير أو القضاء عليه.

الإشباع الحسّي على حساب الذكاء الاجتماعي

إن أدمغة الشباب قابلة للتشكيل والتشكيل وفقاً لأي بيئة يتعرضون لها. وتعد «النوافذ الحرجة»، وخاصة خلال العامين الأولين من الحياة، ضرورية لتنمية الاتصالات في مناطق الدماغ المسؤولة عن الرؤية واللغة والإدراك الاجتماعي. وتتداخل الشاشات مع هذا التطور الطبيعي من خلال تعزيز المسارات التي تعطي الأولوية للإشباع الحسي - مثل التسلسلات السريعة من المشاهد والأصوات - على حساب تلك الخاصة بالذكاء الاجتماعي والعاطفي والتعاطف والخيال.

4 - الشاشات تؤثر مثل التدخين السلبي

كما تعلمنا كيف نحمي أنفسنا من أبخرة السجائر، يمكننا أن نحمي أنفسنا من التعرض غير المرغوب فيه للشاشات.

تعرض الشاشات برامج الطبخ أثناء وجودك على جهاز المشي الكهربائي. وتدعوك الإعلانات في محطات المترو وملاجئ الحافلات. هل تتذكر عندما كانت تلك الأماكن هادئة حيث يمكنك أن تكون بمفردك مع أفكارك؟ قد تكون لديك ساعة لتمضيتها في المطار، لكن الشاشة في الصالة تبث أحدث الأخبار، وكأن التحديثات هي شيء لا يمكنك العيش دون معرفته الآن. إنها تستحوذ على انتباهك مثل الفراشة المتوجهة إلى اللهب وتحتفظ به. تطلب الشاشات أن يتم النظر إليها.

إنشاء مناطق خالية من الشاشات

يمكننا استعادة انتباهنا، لكن الأمر يتطلب جهداً. ستستمر الشاشات في الانتشار. ولكن بوسعنا أن نتعلم كيف نتعايش مع هذه التحديات، من خلال إنشاء مناطق خالية من الشاشات، والتواصل وجهاً لوجه مع الآخرين في كثير من الأحيان. وبوسعنا أن نضع حدوداً لوقت ومكان استخدام أجهزتنا ومن نسمح له بإرسال الرسائل النصية إلينا، والشركات التي نسمح لها بإرسال إشعارات فورية إلينا. ومن السهل أن نقول هذا من أن نفعله، ولكن لا بد أن نبدأ من مكان ما. وأقوى ما يمكنك فعله هو أن تبدأ وتستمر في ذلك.

5 - أجهزة الآيباد هي أسوأ جليسة أطفال

إن هذه الأجهزة هي شكل من أشكال إساءة معاملة الأطفال. لقد عشنا ذات يوم في عالم طبيعي بطيء الخطى من البيئات الخضراء. والموارد التي ناضل أسلافنا من أجلها ذات يوم أصبحت الآن تطغى علينا.

وقد صُممت تكنولوجيا اليوم، التي وعدت بإثراء حياتنا، لجذب انتباه المستخدمين لأطول فترة ممكنة. لا يوجد سوى 1440 دقيقة في اليوم، وتقاتل شركات التكنولوجيا بلا رحمة من أجل جذب انتباهنا، ما يجعل من الصعب الانفصال عنا.

إذا علقت طفلاً بجهاز الآيباد، فسيصبح زبوناً له مدى الحياة. قد يقول الآباء الغاضبون إنه الشيء الوحيد الذي يبقي الأطفال هادئين، لكن أجهزة آيباد هي أسوأ جليسة أطفال على الإطلاق. إن وضعه أمام الطفل أو تعليقه فوق سرير الأطفال هو شكل من أشكال إساءة معاملة الأطفال، في رأيي، لأن القيام بذلك يعيق تطور رؤيتهم المركزية.

الرؤية الطبيعية 20/20؛ وحدة البصر لدى المولود الجديد 20/400. تصبح رؤية الألوان وظيفية في نحو أربعة إلى ستة أشهر، كما هو الحال مع الشبكات الأخرى لفك تشفير التعقيد الإدراكي للحركة.

نوافذ الذكاء العاطفي للطفل

رغم ضعف بصرهم، فإن الأطفال حديثي الولادة مخلوقات اجتماعية ذكية؛ حيث إن التركيز على حدقة العين المتسعة لدى شخص بالغ هو علامة شائعة على الاهتمام والمتعة التي تجعلهم يبتسمون.

تتداخل أجهزة آيباد مع هذا التطور الطبيعي. لا تتحدث الشخصيات على الشاشة مع الطفل بل تتحدث إليه. لا توفر أياً من الإشارات العاطفية والاجتماعية واللغوية التي تتدفق عندما يتفاعل الطفل مع أحد الوالدين أو الأجداد الحقيقيين.

توجد «نوافذ حاسمة» خلال العامين الأولين لنمو مناطق الدماغ المسؤولة عن الرؤية واللغة والذكاء العاطفي، بما في ذلك نظرية العقل، التي تتضمن تعلم كيفية قراءة الآخرين، وهي مهارة تتطور قبل وقت طويل من تعلمنا التحدث. تتداخل الشاشات مع تسلسل النضج الطبيعي من خلال تعزيز المسارات التي تعطي الأولوية للإشباع الحسي الفوري على المسارات المخصصة لهذا النوع من الذكاء العاطفي.

* مجلة «فاست كومباني» خدمات «تريبيون ميديا».