ابتكار بلاستيك متين قابل لإعادة التدوير

الطرق الحالية لتدوير البلاستيك تنتج مواد بجودة أقل من المواد الأصلية (رويترز)
الطرق الحالية لتدوير البلاستيك تنتج مواد بجودة أقل من المواد الأصلية (رويترز)
TT

ابتكار بلاستيك متين قابل لإعادة التدوير

الطرق الحالية لتدوير البلاستيك تنتج مواد بجودة أقل من المواد الأصلية (رويترز)
الطرق الحالية لتدوير البلاستيك تنتج مواد بجودة أقل من المواد الأصلية (رويترز)

تمكن باحثون من جامعة أوساكا في اليابان من تطوير بوليمرات متينة وعالية الأداء يمكن تفكيكها بسهولة وإعادة تدويرها إلى مواد نقية.

وأوضح الباحثون، أن هذا الابتكار يمكن أن يُوسّع استخدامات البلاستيك القابل لإعادة التدوير ويقلل من مشكلة التلوث البلاستيكي، ونشرت النتائج، الاثنين، في دورية «Chemical Science».

ويعدّ البلاستيك من أهم مكونات الحياة العصرية، حيث يدعم مجالات مثل الطب والتكنولوجيا وسلامة الأغذية بفضل قوته. ومع ذلك، يبقى البلاستيك مصدراً كبيراً للتلوث وصعباً في إعادة التدوير.

وتمكن معالجة هذه المشكلة المتزايدة من خلال تطوير أنواع من البلاستيك تُسهّل عملية إعادة التدوير. ويتكون البلاستيك من جزيئات تعرف بالبوليمرات، وهي سلاسل طويلة من وحدات صغيرة متكررة تسمى «المونومرات».

وتستخدم الطرق الحالية لإعادة التدوير الفيزيائي البوليمرات دون تفكيكها؛ ما يؤدي عادةً إلى الحصول على مواد مُعاد تدويرها بجودة أقل من المواد الأصلية. أما إعادة التدوير الكيميائي، وهي طريقة أحدث، فتقوم بتفكيك سلاسل البوليمرات إلى وحداتها المونومرية ثم إعادة تجميعها؛ ما ينتج بلاستيكاً بجودة تعادل الجودة الأصلية.

لكن تكمن المشكلة في أن البوليمرات المصممة لإعادة التدوير الكيميائي عادةً ما تكون ضعيفة، حيث تكون الروابط بين الوحدات هشة لضمان سهولة التفكيك.

ونجح الفريق في تطوير بوليمرات قوية قابلة لإعادة التدوير كيميائياً دون التضحية بمقاومتها للحرارة والمواد الكيميائية.

يقول الباحث المشارك في الدراسة بجامعة أوساكا، الدكتور ساتوشي أوغاوا: «كنا نعلم أنه يجب أن نجعل الروابط بين المونومرات قوية في الظروف القاسية، لكن سهلة الكسر في ظروف محددة لإعادة التدوير. وفوجئنا أن لا أحد قد جرب إدخال مجموعة موجهة تعمل مثل القفل، بحيث لا تنكسر الروابط إلا بوجود محفز معدني».

وأضاف عبر موقع الجامعة، أن المجموعة الموجهة عملت مثل القفل الذي لا يُفتح إلا بالمفتاح الصحيح. وعلى الرغم من أن البوليمرات صمدت أمام درجات الحرارة العالية والمواد الكيميائية القاسية، فإنه عند بدء عملية إعادة التدوير الكيميائية، تصرف المحفز النيكل مثل المفتاح، ففتح الروابط بسهولة، وأُطلقت المونومرات، وتمكن الباحثون من إعادة تركيب البوليمر الأصلي من جديد.

وأشار الفريق إلى أن النتائج تمثل خطوة هائلة إلى الأمام، حيث تمكنوا من تصنيع بوليمر بهذه القوة يمكن تفكيكه وإعادة تدويره بسهولة ودقة إلى مادة نقية بعدد قليل من الخطوات.

ونوَّه الباحثون بأن هذا التصميم الثوري يمكن أن يُستخدم في إنتاج بوليمرات عالية الأداء قابلة لإعادة التدوير كيميائياً بلا حدود ودون فقدان الجودة؛ مما قد يسهم في التخلص من مشكلة التلوث البلاستيكي بشكل نهائي.


مقالات ذات صلة

تجميد الجثث أملاً في إحيائها مستقبلاً لم يعد يقتصر على الخيال العلمي

يوميات الشرق إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)

تجميد الجثث أملاً في إحيائها مستقبلاً لم يعد يقتصر على الخيال العلمي

قررت بيكا زيغلر البالغة 24 عاماً، تجميد جثتها في برّاد بعد وفاتها عن طريق مختبر في برلين، على أمل محدود بإعادة إحيائها مستقبلاً.

«الشرق الأوسط» (برلين)
يوميات الشرق جمال لوتشيا بونتي من نوع مختلف عن جدّتها (موقع الحفل)

حفيدة صوفيا لورين «مختلفة الجمال» تخرج إلى المجتمع في «حفل المبتدئات»

جرتْ العادة أن تحضُر كل مُشاركة بصحبة فتى من أبناء المشاهير والأثرياء، وأن ترقص معه «الفالس» كأنهما في حفل من حفلات القصور في عهود ملوك أوروبا.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق مبهجة ودافئة (جامعة «أبردين»)

أقدم آلة تشيللو أسكوتلندية تعزف للمرّة الأولى منذ القرن الـ18

خضعت آلة تشيللو يُعتقد أنها الأقدم من نوعها في أسكوتلندا لإعادة ترميم، ومن المقرَّر أن تعاود العزف مرّة أخرى في عرض خاص.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق جزء من التجهيز يظهر مجموعة الرؤوس (جناح نهاد السعيد)

«نشيد الحب» تجهيز شرقي ضخم يجمع 200 سنة من التاريخ

لا شيء يمنع الفنان الموهوب ألفريد طرزي، وهو يركّب «النشيد» المُهدى إلى عائلته، من أن يستخدم ما يراه مناسباً، من تركة الأهل، ليشيّد لذكراهم هذا العمل الفني.

سوسن الأبطح (بيروت)
يوميات الشرق نادرة جداً (مواقع التواصل)

للبيع... تذكرة لدخول مسرح بريستول تعود إلى عام 1766

من المتوقَّع أن تُحقّق ما وُصفَت بأنها «قطعة حقيقية من تاريخ بريستول» آلاف الجنيهات منذ عرضها للبيع في مزاد ببريطانيا.

«الشرق الأوسط» (لندن)

نظام «كريسبر» جديد لإسكات الجينات بدلاً من «قصّها»

نظام «كريسبر» جديد لإسكات الجينات بدلاً من «قصّها»
TT

نظام «كريسبر» جديد لإسكات الجينات بدلاً من «قصّها»

نظام «كريسبر» جديد لإسكات الجينات بدلاً من «قصّها»

توصَّل باحثون في «مركز علوم الحياة بجامعة» فيلنيوس في ليتوانيا، إلى اكتشاف طريقة جديدة رائدة في مجال البحث الجيني تسمح بإسكات (أو إيقاف عمل) جينات معينة دون إجراء قطع دائم للحمض النووي (دي إن إيه).

وتُقدِّم الدراسة مساراً جديداً محتملاً لتعديل الجينات بشكل أكثر أماناً يشبه الضغط على زر «إيقاف مؤقت» على التعليمات الجينية داخل الخلايا.

آلية عمل نظام «كريسبر» الجديد

اكتشف فريق البروفسور باتريك باوش من معهد الشراكة لتقنيات تحرير الجينوم بمركز العلوم الحياتية في جامعة فيلنيوس بليتوانيا، بالتعاون مع خبراء دوليين في البحث المنشور في مجلة «Nature Communications» في 29 أكتوبر (تشرين الأول) 2024، نظاماً جديداً مختلفاً للتعديل الجيني.

وعلى عكس نظام «كريسبر كاس9 (CRISPR-Cas9)»، المعروف الذي اشتهر بقدرته على قطع الحمض النووي (DNA)، يعمل نظام «كريسبر» من النوع «آي في إيه» (IV-A CRISPR) بشكل مختلف، حيث يستخدم مركباً موجهاً بالحمض النووي الريبي لإسكات الجينات دون انشقاق خيوط الحمض النووي «دي إن إيه (DNA)».

كما يستخدم النظام الجديد مركباً مؤثراً يجنِّد إنزيماً يُعرف باسم «دين جي (DinG)». ويعمل هذا الإنزيم عن طريق التحرك على طول خيط الحمض النووي (DNA)، وتسهيل إسكات الجينات من خلال عملية غير جراحية.

تقنية «كريسبر-كاس9» للقص الجيني

هي أداة تعمل كمقص جزيئي لقص تسلسلات معينة من الحمض النووي (دي إن إيه). وتستخدم الحمض النووي الريبي الموجه للعثور على الحمض النووي المستهدف. و«كاس9» هو البروتين الذي يقوم بالقص، وهذا ما يسمح للعلماء بتعديل الجينات عن طريق إضافة أو إزالة أو تغيير أجزاء من الحمض النووي، وهو ما قد يساعد على علاج الأمراض الوراثية، وتعزيز الأبحاث.

** آفاق جديدة لتعديل الجينات بشكل أكثر أماناً وغير جراحي

بروتينات وحلقات

يستخدم نظام «كريسبر» من النوع «IV-A» بروتينين مهمين، هما «Cas8»، و«Cas5» للعثور على بقع محددة على الحمض النووي (DNA). ويبحث هذان البروتينان عن تسلسل قصير من الحمض النووي بجوار المنطقة المستهدفة التي تتطابق مع دليل الحمض النووي الريبي. وبمجرد العثور عليه يبدآن في فك الحمض النووي وإنشاء هياكل تسمى حلقات «آر (R)».

وحلقات «آر» هي الأماكن التي يلتصق فيها الحمض النووي الريبي بخيط واحد من الحمض النووي (DNA)، وتعمل بوصفها إشارةً للنظام لبدء إيقاف أو إسكات الجين.

وكما أوضح البروفسور باوش، فإن «آر» في حلقة «R» تعني الحمض النووي الريبي. وهذه الهياكل أساسية لأنها تخبر النظام متى وأين يبدأ العمل. ولكي تكون حلقات «آر» مستقرةً وفعالةً يجب أن يتطابق الحمض النووي، ودليل الحمض النووي الريبي بشكل صحيح.

وظيفة إنزيم «دين جي»

يساعد إنزيم «DinG» نظام «كريسبر» على العمل بشكل أفضل من خلال فك خيوط الحمض النووي (DNA). وهذا يجعل من الأسهل على النظام التأثير على قسم أكبر من هذا الحمض النووي، ما يجعل عملية إسكات الجينات أكثر فعالية وتستمر لفترة أطول.

وأشار البروفسور باوش إلى أنه نظراً لأن إنزيم «DinG» يمكنه تغيير كيفية التعبير عن الجينات دون قطع الحمض النووي، فقد يؤدي ذلك إلى تطوير أدوات وراثية أكثر أماناً في المستقبل.

تطبيقات محتملة لتخفيف تلف الحمض النووي

يحمل الاكتشاف إمكانات هائلة لتحرير الجينوم والبحث في المستقبل، إذ يمكن أن تخفف الطبيعة غير القاطعة لهذه الطريقة من المخاطر المرتبطة بتلف الحمض النووي( DNA). وهو مصدر قلق عند توظيف تقنيات تحرير الجينات الحالية.

ومن خلال تمكين تعديل الجينات دون إحداث تغييرات دائمة في الحمض النووي( DNA) يمكن أن يكون هذا النهج الجديد مفيداً بشكل خاص في التطبيقات السريرية مثل العلاج الجيني للاضطرابات الوراثية. كما أن القدرة الفريدة لهذا النظام على عبور الحمض النووي دون إجراء قطع، أمر مثير للاهتمام لتطبيقات تحرير الجينات المتقدمة.

الدقة والسلامة

ويعتقد فريق البحث بأن هذه الطريقة يمكن أن تزوِّد العلماء وخبراء التكنولوجيا الحيوية بأدوات أكثر دقة لدراسة وظائف الجينات وتصحيح التشوهات الجينية بطريقة خاضعة للرقابة.

ويمثل الاكتشاف تقدماً كبيراً في مجال البحث الجيني؛ حيث يفتح نظام «كريسبر» من النوع «IV-A» آفاقاً جديدة لتعديل الجينات بشكل أكثر أماناً وغير جراحي، ويمكن أن تحدث هذه الطريقة ثورةً في كيفية دراسة الأمراض الوراثية وعلاجها، مع التركيز على الدقة والسلامة.