منصات عالية الارتفاع لإيصال الإنترنت إلى بقاع العالم النائية

بديل أفضل من الأقمار الاصطناعية

منصات عالية الارتفاع لإيصال الإنترنت إلى بقاع العالم النائية
TT

منصات عالية الارتفاع لإيصال الإنترنت إلى بقاع العالم النائية

منصات عالية الارتفاع لإيصال الإنترنت إلى بقاع العالم النائية

معدات اتصالات متمركزة على بالونات ومركبات جوية وطائرات شراعية يفتقر نحو ثُلث سكان العالم، أي نحو 3 مليارات نسمة، إلى القدرة على الوصول إلى الإنترنت، أو لديهم اتصالات ضعيفة؛ بسبب القيود التي تفرضها البنية الأساسية، والتفاوتات الاقتصادية، والعزلة الجغرافية.

فجوات الاتصالات

وتُخلّف الأقمار الاصطناعية والشبكات الأرضية وراءها، اليوم، فجوات على صعيد الاتصالات، خصوصاً في ظل حقيقة أن معدات الاتصالات الأرضية التقليدية قد تكون مكلفة للغاية، بسبب العوامل الجغرافية.

هنا، قد تسهم محطات المنصات عالية الارتفاع (معدات الاتصالات المتمركزة في الهواء على بالونات غير مأهولة، ومركبات جوية، وطائرات شراعية، وطائرات) في تحسين مستوى المساواة الاجتماعية والاقتصادية، عبر سدّ فجوات الاتصال بالإنترنت في التغطية الأرضية والفضائية. وقد يتيح هذا، بدوره، لأعداد أكبر المشارَكة الكاملة في العصر الرقمي.

شبكات الجيل الخامس الجوية

من بين الخبراء الفاعلين في هذا المجال، محمد سليم العلويني، مهندس كهربائي أسهم في تجربة أظهرت أنه من الممكن توفير معدلات بيانات عالية، وتغطية شبكة اتصالات الجيل الخامس في كل مكان، من طبقة الستراتوسفير.

يذكر أن الستراتوسفير، ثاني أدنى طبقة في الغلاف الجوي، ويتراوح ارتفاعها من 4 إلى 30 ميلاً فوق الأرض. وعادة ما تحلق الطائرات التجارية في الجزء السفلي من طبقة الستراتوسفير. وقد تولى القائمون على التجربة قياس الإشارات بين محطات المنصات والمستخدمين على الأرض في 3 سيناريوهات: شخص يقيم في مكان محدد، وآخر يقود سيارة، وثالث يقود قارباً.

ويقول العلويني، إن زملاءه تولوا قياس مدى قوة الإشارة، فيما يتعلق بمستويات التداخل والضوضاء الخلفية، وهو واحد من مقاييس موثوقية الشبكة. وأظهرت النتائج أن محطات المنصات يمكنها دعم التطبيقات ذات المعدلات المرتفعة من البيانات، مثل بث مقاطع الفيديو بدقة «كيه 4 (4K)»، ويمكنها تغطية مساحة من 15 إلى 20 ضعف المساحة التي تغطيها الأبراج الأرضية القياسية.

لم تصادف المحاولات المبكرة التي أقدم عليها «فيسبوك» و«غوغل» لنشر محطات المنصات، النجاح تجارياً. ومع ذلك، فإن الاستثمارات الأخيرة، والتحسينات التكنولوجية، والاهتمام من جانب شركات الطيران التقليدية، والشركات الناشئة المتخصصة بمجال الطيران والفضاء، قد تغير المعادلة.

ويتمثل الهدف من وراء محطات المنصات في توفير قدرة اتصال بالإنترنت على المستوى العالمي، السبب الذي أدى إلى الاعتراف بفكرة محطات المنصات في تقرير «المنتدى الاقتصادي العالمي» لأفضل 10 تقنيات ناشئة لعام 2024. كما تعمل مبادرة «تحالف محطات المنصات عالية الارتفاع»، التي تضم شركاء أكاديميين، على الدفع قدماً نحو هذا الهدف.

محطات سريعة أفضل من الأقمار الاصطناعية

بوجه عام، ستوفر المحطات الأرضية اتصالاً أسرع وأفضل من حيث الجدوى الاقتصادية وأكثر مرونة، عن الأنظمة القائمة على الأقمار الاصطناعية. ولأنها تحافظ على معدات الاتصالات أقرب إلى الأرض عن الأقمار الاصطناعية، فإن محطات المنصات يمكن أن توفر إشارات أقوى وأعلى سعة. وهذا من شأنه أن يتيح الاتصالات في الوقت الحقيقي بسرعة كافية للتواصل مع الهواتف الذكية القياسية، وقدرات عالية الدقة لمهام التصوير، وحساسية أكبر لتطبيقات الاستشعار. وتنقل هذه المحطات البيانات عبر البصريات الفضائية الحرة، أو أشعة الضوء، وأنظمة صفيف الهوائيات واسعة النطاق، التي يمكنها إرسال كميات ضخمة من البيانات بسرعة.

علاوة على ما سبق، فإن الأقمار الاصطناعية عرضة للتنصت أو التشويش، عندما تحملها مداراتها فوق بلدان معادية، بينما تظل محطات المنصات عالية تظل داخل المجال الجوي لدولة واحدة، ما يحد من هذا الخطر.

أضف إلى ما سبق أن محطات المنصات عالية الارتفاع، أسهل في التركيب من الأقمار الاصطناعية، التي تتطلب تكاليف إطلاق وصيانة مرتفعة. ومن المرجح أن تكون المتطلبات التنظيمية والإجراءات المطلوبة لتأمين المواقع في طبقة الستراتوسفير، أبسط عن القوانين الدولية المعقدة، التي تحكم مدارات الأقمار الاصطناعية. كما أن محطات المنصات أسهل من حيث التحديث، وبالتالي يمكن نشر التحسينات بسرعة أكبر.

علاوة على ذلك، تشير الاحتمالات إلى أن محطات المنصات أقل تلويثاً عن مجموعات الأقمار الاصطناعية الضخمة، لأن الأقمار الاصطناعية تحترق عند إعادة الدخول إلى الغلاف الجوي، ويمكن أن تطلق معادن ضارة فيه، في حين يمكن تشغيل محطات المنصات بمصادر الطاقة النظيفة، مثل الطاقة الشمسية والهيدروجين الأخضر.

على الجانب الآخر، تتركز التحديات الرئيسة التي تواجه محطات المنصات، في زيادة الوقت الذي يمكنها البقاء فيه في الهواء، إلى أشهر في المرة الواحدة، وتعزيز الطاقة الخضراء على متنها، وتحسين درجة الموثوقية، خصوصاً في أثناء الإقلاع والهبوط الآلي عبر الطبقات المضطربة السفلية من الغلاف الجوي.

دور حاسم في حالات الطوارئ

يمكن لمحطات المنصات أن تلعب دوراً حاسماً في حالات الطوارئ والحالات الإنسانية، عبر دعم جهود الإغاثة عندما تتضرر الشبكات الأرضية أو تصبح غير صالحة للعمل

كما يمكن لمحطات المنصات كذلك أن تربط أجهزة إنترنت الأشياء وأجهزة الاستشعار في أماكن بعيدة، لمراقبة البيئة وإدارة الموارد بشكل أفضل.

وبالمجال الزراعي، يمكن للمحطات استخدام تكنولوجيا التصوير والاستشعار، لمساعدة المزارعين على مراقبة صحة المحاصيل، وظروف التربة وموارد المياه. كما يمكن أن تدعم قدرتها على التصوير عالي الدقة أنشطة الملاحة والرسم الخرائطي الحاسمة لرسم الخرائط والتخطيط الحضري والاستجابة للكوارث.

ويمكن للمحطات كذلك القيام بمهام متنوعة عبر حمل أدوات لمراقبة الغلاف الجوي، ودراسات المناخ، والاستشعار عن بعد لخصائص سطح الأرض والنباتات والمحيطات.

من البالونات إلى الطائرات

يمكن أن تستند محطات المنصات إلى أنواع مختلفة من الطائرات.

وتوفر البالونات عملية مستقرة وطويلة الأمد على ارتفاعات عالية، ويمكن ربطها أو تعويمها بحرية. أما المناطيد فتعتمد على غازات أخف من الهواء، وهي أكبر وأكثر قدرة على المناورة من البالونات. وتعدّ مناسبة، بشكل خاص، لأغراض المراقبة والاتصالات والأبحاث.

ويمكن التحكم في الطائرات الشراعية، والطائرات التي تعمل بالطاقة بشكل أكثر دقة عن البالونات، والتي تكون حساسة للتغيرات في سرعة الرياح. بالإضافة إلى ذلك، يمكن للطائرات التي تعمل بالطاقة، التي تتضمن الطائرات المسيّرة والطائرات ذات الأجنحة الثابتة، توفير الكهرباء لمعدات الاتصالات وأجهزة الاستشعار والكاميرات.

يمكن لمحطات المنصات الاستفادة من مصادر طاقة متنوعة، بما في ذلك الخلايا الشمسية خفيفة الوزن والفعالة بشكل متزايد، والبطاريات عالية الكثافة من الطاقة، ومحركات الاحتراق الداخلي للهيدروجين الأخضر، وخلايا وقود الهيدروجين الأخضر، التي هي الآن في مرحلة الاختبار، وكذلك تشغيل أشعة الليزر من محطات الطاقة الشمسية الأرضية أو الفضائية.

وبفضل تطور تصميمات الطائرات الخفيفة الوزن، إلى جانب التقدم في المحركات والمراوح عالية الكفاءة، أصبح بإمكان الطائرات أن تحلق لفترة أطول، مع وجود حمولات أثقل على متنها. وقد تسهم هذه الطائرات الخفيفة الوزن والمتطورة، في إنشاء محطات منصات قادرة على المناورة في طبقة الستراتوسفير لفترات طويلة.

وفي الوقت نفسه، فإن التحسينات في نماذج الطقس الستراتوسفيري، والنماذج الجوية تجعل من الأسهل التنبؤ بالظروف التي ستعمل فيها محطات المنصات ومحاكاتها.

سد الفجوة الرقمية العالمية

من المحتمل أن يتم نشر محطات المنصات التجارية، على الأقل في حالات ما بعد الكوارث أو حالات الطوارئ، بحلول نهاية العقد. على سبيل المثال، خصص كونسرتيوم شركات في اليابان، وهي دولة بها مجتمعات جبلية وجزرية نائية، 100 مليون دولار لمحطات المنصات التي تعمل بالطاقة الشمسية على ارتفاعات عالية.

ويمكن لمحطات المنصات سد الفجوة الرقمية، عبر تعزيز القدرة على الوصول إلى الخدمات الحيوية، مثل التعليم والرعاية الصحية، وتوفير فرص اقتصادية جديدة، وتحسين الاستجابة للطوارئ والمراقبة البيئية. ومع استمرار التقدم في التكنولوجيا في دفع تطورها، تبدو محطات المنصات في طريقها للاضطلاع بدور محوري في مستقبل رقمي أكثر شمولاً ومرونة.

* مجلة «فاست كومباني»

خدمات «تريبيون ميديا»الجيل المقبل من الطاقة



لأول مرة: تنبؤات الذكاء الاصطناعي الدقيقة لقوة الأعاصير تتفوق على دقة النظم الكومبيوترية

التنبؤ الدقيق بالأعاصير يقلل من حجم الكوارث الناجمة عنها
التنبؤ الدقيق بالأعاصير يقلل من حجم الكوارث الناجمة عنها
TT

لأول مرة: تنبؤات الذكاء الاصطناعي الدقيقة لقوة الأعاصير تتفوق على دقة النظم الكومبيوترية

التنبؤ الدقيق بالأعاصير يقلل من حجم الكوارث الناجمة عنها
التنبؤ الدقيق بالأعاصير يقلل من حجم الكوارث الناجمة عنها

كنت أدرس الأعاصير وأتنبأ بها وأكتب عنها لأكثر من عقدين من الزمان، منذ وقت طويل عندما كنا نرسم خرائط الطقس يدوياً، كما كتب إريك هولثاوس (*).

توقعات الذكاء الاصطناعي الدقيقة للطقس

إلا أن إعصارَي «هيلين» و«ميلتون» كانا أول إعصارين اعتمدت فيهما بشدة على توقعات الطقس التي تم إنشاؤها بواسطة الذكاء الاصطناعي. ويبدو هذا الأمر وكأنه نقطة تحول.

وفي عصرنا الحالي الذي يتسم بحالة الطوارئ المناخية المتصاعدة، تساعد الأجواء الدافئة في جعل الطقس أكثر تطرفاً وخطورة، مما يعرض مزيداً من الناس للخطر كل عام. ولذا فإن التنبؤات الأكثر ثقة بتلك الأعاصير التي ستتحول إلى وحش أو التي ستتلاشى بأمان، تمنح الناس مزيداً من الوقت للاستعداد.

تحديث تطور الأعاصير ساعة بساعة

خلال إعصاري «هيلين» و«ميلتون»، تم تطوير أداة الذكاء الاصطناعي التي استخدمتها كثيراً -AI RI- بواسطة باحثين في جامعة ويسكونسن. وهي تقدم احتمالات محدثة كل ساعة حول فرص حدوث نوبة من التكثيف السريع لسيرورة إعصار ناشئ جديد.

في مرحلة ما، كانت هذه الأداة (AI RI) تعطي فرصة بنسبة 100 في المائة تقريباً بأن «ميلتون» سيزداد قوة ليتحول من الفئة 1 إلى الفئة 5 في غضون 24 ساعة قادمة. وبالطبع، تبين أن هذا التنبؤ صحيح.

ولم يشهد أي إعصار أطلسي في 175 عاماً من تسجيلاتنا للأعاصير تعززاً في قوته، مثل إعصار «ميلتون». ولم يكن لأحد أن يتصور حدوث مثل هذا.

تنبؤات غير مسبوقة

هذا التنبؤ الدقيق حتى قبل 5 سنوات كان صعباً باستخدام نماذج الطقس الحاسوبية التقليدية.

قبل قرن واحد فقط، كان من المستحيل تقريباً وضع توقعات للظروف الجوية المعاكسة بشكل موثوق، ضمن أي نطاق زمني. ولإعطاء فكرة عن حجم التقدم، فإن التنبؤ بالطقس لمدة 4 أيام أصبح الآن دقيقاً، مثلما كان حال التنبؤ بالطقس ليوم واحد في عام 1995.

ويعِد الذكاء الاصطناعي بتمديد هذه المكاسب أياماً وأسابيع وأشهراً في المستقبل، وعلى مقاييس جغرافية أدق وأدق، حتى على مستوى المناخ المحلي والحي.

** في غضون 25 عاماً، من المتوقع أن تكلف التأثيرات الإجمالية لتغير المناخ تريليونات الدولارات سنوياً **

كلفة الكوارث الطبيعية

وحتى بعد تعديل التضخم النقدي، تكلف الكوارث الطبيعية الآن نحو 5 أضعاف ما كانت عليه في الثمانينات. ويمكن أن تمثل التقلبات الجوية اليومية ما يصل إلى 3 في المائة- 6 في المائة، من الناتج المحلي الإجمالي سنوياً. أما الفيضانات الناجمة عن هطول الأمطار الشديدة وحدها، مثل تلك التي نجمت عن «هيلين»، فتكلف الآن ما متوسطه 1 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة كل عام.

وفي غضون 25 عاماً، من المتوقع أن تكلف التأثيرات الإجمالية لتغير المناخ تريليونات الدولارات سنوياً.

تطبيق ذكاء اصطناعي على كومبيوتر محمول

ورداً على سؤالي: «لقد فوجئت قليلاً بأن عمليات التشغيل الروتينية لنموذج التكثيف السريع لا تتطلب أي طاقة حاسوبية على الإطلاق»، تقول سارة غريفين، الخبيرة في الأعاصير والأقمار الاصطناعية في جامعة ويسكونسن التي طورت أداة الذكاء الاصطناعي: «إنها لا تحتاج إلى أي شيء فاخر؛ إذ لا توجد حاجة إلى وحدة معالجة رسومية، وعادة ما تعمل في أقل من دقيقة».

** الذكاء الاصطناعي يغيِّر عمل خبراء الأرصاد الجوية**

قبل البداية السريعة لأدوات الذكاء الاصطناعي، تم تطوير أفضل نموذج حاسوبي للأعاصير بتكلفة 150 مليون دولار. وكان لا بد من تشغيله على أحد أسرع أجهزة الكومبيوتر في العالم.

لذا فإن حقيقة أنه يمكن تشغيل «AI RI» من الناحية النظرية، خلال بضع دقائق على جهاز كومبيوتر محمول، أشبه بالسحر. وقد ظلت إدارة الأرصاد الجوية الوطنية ومنظمتها الأم (NOAA) لسنوات، تستثمر في الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي لمساعدة علمائها على غربلة كميات هائلة من البيانات البيئية التي يجمعونها كل يوم.

وتؤتي هذه الاستثمارات ثمارها بالفعل، وبشكل كبير، وخصوصاً عندما يتعلق الأمر بجعل تكنولوجيا التنبؤ بالطقس أكثر فائدة للمجتمعات المحرومة والأشخاص على الخطوط الأمامية لحالة الطوارئ المناخية.

50 عاماً من نماذج الطقس الكومبيوترية

عرض الرادار من طائرة صيد الأعاصير التابعة للإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي

منذ اختراعها قبل نحو 50 عاماً، كانت نماذج الطقس بمساعدة الكومبيوتر تُشغَّل دائماً تقريباً على أكبر أجهزة الكومبيوتر التي يستطيع العلماء تحمل تكلفتها. وذلك لأن مئات الحسابات الرياضية والفيزيائية يجب إجراؤها مراراً وتكراراً لتتبع جميع المسارات المحتملة للأمام في الوقت المناسب لكل جزء من الغلاف الجوي الذي توجد بيانات عنه، بقدر ما يمكن جمع هذه البيانات. إنها دورة لا تنتهي أبداً من الخيارات الصعبة حول كيفية تركيز قوة الحوسبة النادرة بأكبر قدر من الكفاءة، وهو صراع صعب جداً ضد قوى الطبيعة.

وهذا يعني أن التنبؤ بالطقس كان مكلفاً دائماً، كما أن عدم المساواة صارخ؛ إذ تنفق الحكومات في البلدان الأكثر ثراءً -مثل الولايات المتحدة وأوروبا- ما معدله نحو 25 دولاراً سنوياً لكل مواطن على توقعات الطقس الخاصة بها، بينما تنفق البلدان الأكثر فقراً أقل من دولار واحد سنوياً لكل مواطن، الأمر الذي يؤدي إلى انخفاض دقة التوقعات بالنسبة للأشخاص الذين من المرجح أن يشاركوا في أنشطة حساسة للطقس، مثل الزراعة أو صيد الأسماك.

الذكاء الاصطناعي يحقق المساواة المناخية العالمية

ومن أفضل جوانب الذكاء الاصطناعي قدرته على تحقيق المساواة في هذا المجال. وللتعرف على مزيد حول هذا الموضوع، تحدثت مع مايكل فيشر الباحث في مجال الأعاصير، وأستاذ الأرصاد الجوية في جامعة ميامي. وميامي هي قلب عالم التنبؤ بالأعاصير، فهي المكان الذي يوجد فيه خبراء التنبؤ بالأعاصير الرسميون التابعون للمركز الوطني للأعاصير، كما أنها موطن «صائدي الأعاصير»، وهم قسم من احتياطي القوات الجوية الأميركية الذي كان لعقود من الزمان يطير بالطائرات عبر الأعاصير لقياس موقعها وحركتها وقوتها.

تحسين مُدخلات البيانات

يركز عمل فيشر على تحسين التنبؤ بالأعاصير، وخصوصاً فائدة رادارات الطقس المحمولة جواً على طائرات صائدي الأعاصير. ويقول: «أعتقد أن الذكاء الاصطناعي يفتح كثيراً من الأبواب التي ليست ممكنة بالضرورة، على الأقل مع القدرات الحسابية الحالية؛ لأن هذه النماذج يمكن أن تعمل بسرعة كبيرة». ويضيف: «إنه يسمح لنا بالقيام بأشياء، مثل إنشاء توقعات عالية الدقة للمناطق المحلية، ونأمل أن يساعد ذلك في إنقاذ الأرواح، إضافة إلى جوانب أخرى مثل موجات الحر والطقس المتطرف والأمطار الغزيرة».

إنني كبير السن بما يكفي لأتذكر عندما كنت طالباً جامعياً في عام 2000 عندما بدأت نماذج الطقس الحاسوبية المبكرة في التفوق بشكل موثوق على مهارة المتنبئين البشريين. ومع ذلك، لم يثق أساتذتي بها، وبدلاً من ذلك كانوا يعلموننا صفحات من «القواعد الأساسية» و«الحيل البسيطة» لتقدير التوقعات بناءً على التعرف على الأنماط في خرائط الطقس.

لكن هناك شيئاً واحداً قالوه عن بناء نموذج طقس حاسوبي جدير بالاهتمام ظل عالقاً في ذهني حقاً: «القمامة تدخل، والقمامة تخرج». وهذا يعني أن توقعات الكومبيوتر الخاصة بك لا تكون جيدة إلا بقدر البيانات التي تبدأ بها. وهذا هو هدف مشروع تحسين توقعات الأعاصير الذي أطلقه فيشر، لاستخدام التعلم الآلي لمراقبة جودة البيانات المتدفقة من صائدي الأعاصير أثناء طيرانهم.

يقول فيشر إن الأمر يستغرق من عالم الأرصاد الجوية المدرب نحو أسبوعين لتصفية «الضوضاء» يدوياً من رادار الطائرة. يمكن لنموذج الذكاء الاصطناعي الخاص به القيام بذلك في دقائق، بينما لا تزال الطائرة في الهواء، بحيث يمكن بعد ذلك إرسال البيانات في الوقت الفعلي إلى نماذج الطقس للتوصل إلى توقعات.

نماذج طقس حكومية وخاصة

واليوم، بالطبع، ليست هيئة الأرصاد الجوية الوطنية هي الوحيدة التي تستثمر في تحسين نماذج الطقس باستخدام الذكاء الاصطناعي، فكل الأسماء الكبيرة في مجال الذكاء الاصطناعي تفعل ذلك أيضاً.

تمتلك «غوغل» GraphCast، بينما تمتلك «نيفيديا» FourCastNet. وتعِدُ الشركات الناشئة –مثل «precip.ai» و«atmo.ai»- عملاءها بتحليلات الطقس المحلية والدقيقة للغاية لجميع أنواع الاستخدامات. وتجعل «غوغل» أحدث نموذج للطقس المعزز بالذكاء الاصطناعي مفتوح المصدر. قد يكون التنبؤ بالطقس نقطة مضيئة نادرة في مجال الذكاء الاصطناعي؛ خصوصاً مع زيادة الحاجة بسبب تصاعد مخاطر المناخ.

تستخدم هيئة الأرصاد الجوية الوطنية الذكاء الاصطناعي في خدمة ترجمة لغة جديدة لنشرات الطقس، لجعل التوقعات في متناول الجميع بحيث لا تقتصر على اللغة الإنجليزية فقط.

مخاوف تحيّز الذكاء الاصطناعي

إلا أن فيشر يشعر ببعض المخاوف المألوفة، وخصوصاً بشأن التحيز الذي قد يقدمه فريقه أثناء تدريبهم للذكاء الاصطناعي؛ لكنه يعتقد في الوقت الحالي أن الأداة يمكن استخدامها بشكل متوازن.

وتمنح مشاركة شركات التكنولوجيا الكبرى فيشر الأمل في أن روح التعاون هذه في مواجهة حالة الطوارئ المناخية قد تستمر. ويقول: «إذا كان هدفنا الرئيسي هو محاولة المساعدة في إنقاذ الأرواح وحماية الممتلكات، فأعتقد أن العمل معاً بوصفنا مجتمعاً علمياً هو أفضل طريقة للقيام بذلك»،

* مجلة «فاست كومباني»، خدمات «تريبيون ميديا».