«قارب أجرة» كهربائي ذاتيّ القيادة

سيُحدث تحولاً في النقل في الأنهار داخل المدن

«قارب أجرة» كهربائي ذاتيّ القيادة
TT

«قارب أجرة» كهربائي ذاتيّ القيادة

«قارب أجرة» كهربائي ذاتيّ القيادة

بمرور السنوات، تحولت الممرات المائية في المناطق الحضرية، مثل الأنهار والقنوات من ممرات أساسية للسفر والتجارة، إلى مجرد عناصر ثانوية داخل هذه المناطق. ولم تعد تستخدمها سوى سفن الشحن أو خدمات العبّارات المحدودة. أما بخلاف ذلك، فغالباً ما يطويها النسيان، ولا يفكر الملايين الذين يعيشون على شواطئها في الاقتراب منها.

قارب حضريّ مطوَّر

اليوم، يُقترح تصميم لقارب حضري جديد ذاتي القيادة، مستقبلاً يمكن في إطاره إعادة دمج مثل هذه الأنهار -من نهر التيمز في لندن إلى نهر إيست في نيويورك إلى قنوات أمستردام- في أسلوب حياة الناس وسبل تنقلهم داخل المدن.

يحمل القارب الجديد اسم «أوروب Orb»، مركبة مائية آلية متعددة الأغراض وذاتية التشغيل تشبه الكبسولة، مع مساحة تتسع لستة ركاب.

واللافت أن «أوروب» جرى تصميمه خصيصاً للمدن المزدحمة، حيث يشق طريقه عبر الماء على ما يشبه الأجنحة أو الوسادة، التي تمكنه من المناورة حول السفن الأكبر حجماً التي تتحرك عادةً في كثير من الممرات المائية في المناطق الحضرية.

من المفترض أن يشبه «أوروب» خدمة السيارات عند الطلب، لكن على الماء، ويهدف إلى جعل التنقل عبر الماء متاحاً على نطاق أوسع، لأنه لا يتطلب البنية التحتية البرية الكبيرة اللازمة للعبّارات أو سفن الركاب الأكبر حجماً.

جرى تصميم المفهوم الذي يقوم عليه «أوروب» من جانب «سيمورباول»، شركة تصميم مقرها لندن معروفة بعملها على مجموعة من المشروعات تتنوع ما بين تصميم الديكورات الداخلية للقطارات وصولاً إلى تصميم عبوات مزيل العرق.

وقال نيل بارون، مدير مساعد لشؤون تجربة المنتج لدى الشركة، وكان كبير فريق التصميم المعنيّ بمشروع «أوروب»، إن المفهوم طرأ على ذهن أفراد الفريق، بعدما عاينوا الازدحام المتزايد داخل وحول لندن، ومقارنة ذلك بالمياه الواسعة المفتوحة لنهر التيمز.

في هذا السياق، عبَّر بارون عن اعتقاده بأنه «لا يجري استغلال النهر كما ينبغي على الصعيد العام. ومع أن هناك قوارب تجوب النهر ذهاباً وإياباً كل ساعة، فإنها لا تُنزل ركابها في كثير من الأماكن».

«كبسولة» كهربائية وأرصفة إضافية

وأضاف: «بالتأكيد بمقدورنا إيجاد حل آخر أكثر مرونة عن الوضع الراهن -بحيث يشكل بديلاً أكثر نشاطاً وسهولة ومتعة».

وبناءً على خبرة الشركة الممتدة إلى 40 عاماً في مجال التصميم بالتعاون مع السكك الحديدية وشركات الطيران، جمع مصممو «سيمورباول» أحدث الأفكار في مجال ضمان راحة المسافرين عبر وسائل النقل الداخلي، مع الاستعانة بالتقنيات الناشئة التي تمكِّن المركبات من العمل ذاتياً.

وعبر تجسيد مثل هذه الأفكار في شكل كبسولة صغيرة نسبياً تعمل بالطاقة الكهربائية، يصور التصميم مستقبلاً قريباً تتمكن في إطاره مركبات الأجرة المائية، التي يسهل الوصول إليها، من التوسع داخل شبكات النقل الحضرية الحالية.

وجرى وضع تصميم النظام بحيث يتضمن رصيفاً معيارياً يمكن وضعه بسهولة على حافة المياه وربطه بأرصفة إضافية مثل مكعبات «ليغو». وستعمل البنية التحتية للشحن المدمج على إعادة تعبئة بطاريات القوارب، وستساعد الألواح الشمسية الموجودة على متنها على إدارة الرحلات الأطول.

في هذا الصدد، أوضح بارون أن نظام القوارب الحضرية ذاتية القيادة يمكن أن يتولى تسيير رحلات قصيرة، مثل الرحلات من إحدى ضفتي نهر بمنطقة حضرية إلى الضفة الأخرى، أو الرحلات الأهم، مثل الرحلات من وسط مدينة شيكاغو إلى منزل شاطئ بحيرة ميشيغان.

يُذكر أن هناك بالفعل بعض السوابق لهذا النوع من الخدمة، فقد بدأت مركبات الأجرة المائية ذاتية القيادة في العمل، حديثاً، بمدينة هلسنكي في فنلندا، حيث تقوم برحلات قصيرة إلى جزر تقع على بعد أميال قليلة من ساحل المدينة.

ويمكن للنظام الذي صممته «سيمورباول» العمل كأسطول صغير أو شبكة ضخمة. وشرح بارون أنه بدلاً عن ركوب حافلة أو مترو أنفاق بخط سير ثابت، يمكن للراكب أن يصعد إلى متن «أوروب»، ليختار من قائمة محطات قبل أن ينطلق عبر الماء.

مستقبل السفر في المناطق الحضرية

يمكن أن تستعيد الممرات المائية داخل المدن حول العالم نشاطها وسهولة الوصول إليها بوصفها جزءاً من شبكات النقل الحضري، فضلاً عن كونها أماكن للسفر الترفيهي. عن هذا، قال بارون إن التصميم استوحى إلهامه من حافلات لندن التي صممها توماس هيذرويك، والتي أعطت الأولوية للإطلالات على معالم المدينة التي يستمتع بها الركاب. وبالمثل، يتيح الزجاج المنحني والشكل الكروي لـ«أوروب» إطلالة بانورامية على المدينة.

من جهته، وصف كبير المصممين عمر شرايبي، المشروع بأنه «وجهة نظر عائمة»، وأنه بمثابة نظام نقل بقدر ما هو معلم سياحي.

وأضاف: «بدأ هذا المشروع بوصفه مفهوماً مرتبطاً بلندن، ولا يزال كذلك. ولا يزال يبدو مثالياً لنهر التيمز، لكن عندما أطلعني زميلي على التصميمات التي وضعوها لمدينة فينيسيا، شعرت بإثارة بالغة. هناك عنصر في التصميم ممتع للغاية، ويدفع المرء إلى الهروب إلى مكان أجمل».

حتى هذه اللحظة، يبقى الأمر مجرد مفهوم. ومع ذلك، يلفت مشروع القارب الحضري ذاتي القيادة «أوروب» الانتباه إلى الممرات المائية داخل المدن، التي لم تَجرِ الاستفادة منها بشكل كافٍ في مجال النقل في العقود الأخيرة، لأسباب عملية عديدة.

وعبر الجمع بين أساليب التصميم الجديدة والتكنولوجيا الحديثة، يرى بارون أن المفهوم يمكن أن يُحيي وسيلة نقل يعود تاريخ ظهورها إلى تاريخ تأسيس المدن نفسها.

* مجلة «فاست كومباني»، خدمات «تريبيون ميديا».


مقالات ذات صلة

الطائرات المُسيّرة... ابتكارات متعددة لتحسين جهود مكافحة الأمراض

علوم الطائرات المُسيرة أداة فعالة لمكافحة الأمراض المنقولة بواسطة البعوض (برنامج البعوض العالمي)

الطائرات المُسيّرة... ابتكارات متعددة لتحسين جهود مكافحة الأمراض

يتنامى دور الطائرات المُسيّرة «الدرونز» في عديد من المجالات من بينها مجال الصحة العامة ومكافحة الأمراض حيث تقدّم هذه التكنولوجيا حلولاً مبتكرة للوصول إلى المناطق النائية وتسهم في تقليل انتشار المرض ويمثّل استخدام الطائرات المُسيّرة في مكافحة الأمراض المنقولة بواسطة البعوض تطوراً مهماً في الصحة العامة حيث يجمع بين التكنولوجيا الحديثة والفاعلية في السيطرة على انتشار الأمراض، وحماية صحة الإنسان.

محمد السيد علي (القاهرة)
الاقتصاد مقر شركة تايوان لصناعة أشباه الموصّلات (TSMC) (من الموقع الإلكتروني للشركة)

مليارا دولار إعانات من اليابان والصين لشركة تايوانية لأشباه الموصّلات

ذكرت شركة تايوان لصناعة أشباه الموصّلات السبت، أنها حصلت على إجمالي 62.5 مليار دولار تايواني (1.95 مليار دولار أميركي)، في صورة إعانات من حكومتَي الصين واليابان

«الشرق الأوسط» (تايبيه)
عالم الاعمال «آيسر» تتجه للاحتفال بالذكرى الخمسين لتأسيسها

«آيسر» تتجه للاحتفال بالذكرى الخمسين لتأسيسها

تركز شركة «آيسر» على المستقبل مع السعي إلى جعل التكنولوجيا متاحة بشكل فوري للجميع، وذلك بالاعتماد على الابتكار كوسيلة لمواجهة التحديات.

خاص تزداد عمليات الاحتيال التي تستهدف المستهلكين عبر الرسائل والبريد الإلكتروني والقنوات الرقمية الأخرى (شاترستوك)

خاص تطبيقات الرسائل تشكل 62 % من عمليات الاحتيال الإلكتروني

غالباً ما يقوم المحتالون بإنشاء وتوزيع فرص عمل وهمية على منصات مثل «واتساب».

نسيم رمضان
تكنولوجيا يستعد هذا الروبوت المسمى «آيرون كاب» لإحداث ثورة في كيفية استجابتنا لحالات الطوارئ (IIT)

أول روبوت «بشري» في العالم يطير بقوة الدفع النفاثة!

جُهز بأربعة محركات نفاثة، اثنان منها مثبتان على ذراعيه والآخران على حقيبة نفاثة مثبتة على ظهره.

نسيم رمضان (لندن)

علماء صينيون ينتجون الماء من تربة القمر

طن واحد من تربة القمر يمكنه إنتاج ما بين 51 و76 كيلوجراما من الماء (إ.ب.أ)
طن واحد من تربة القمر يمكنه إنتاج ما بين 51 و76 كيلوجراما من الماء (إ.ب.أ)
TT

علماء صينيون ينتجون الماء من تربة القمر

طن واحد من تربة القمر يمكنه إنتاج ما بين 51 و76 كيلوجراما من الماء (إ.ب.أ)
طن واحد من تربة القمر يمكنه إنتاج ما بين 51 و76 كيلوجراما من الماء (إ.ب.أ)

قال تلفزيون الصين المركزي اليوم الخميس إن علماء صينيين اكتشفوا "طريقة جديدة تماما" لإنتاج كميات كبيرة من المياه باستخدام تربة من القمر جلبتها بعثة في عام 2020.

ففي ذلك العام، مثلت بعثة مركبة "تشانغ آه-5" الصينية المرة الأولى التي يحصل فيها البشر على عينات من القمر في 44 عاما. وقال التلفزيون إن باحثين من الأكاديمية الصينية للعلوم التي تديرها الدولة اكتشفوا أن المعادن الموجودة في "تربة القمر" هذه تحتوي على كميات كبيرة من الهيدروجين الذي يتفاعل مع عناصر أخرى عند تسخينه إلى درجات حرارة مرتفعة جدا فينتج بخار الماء.

وأضاف تلفزيون الصين المركزي "بعد ثلاث سنوات من البحث المدقق والتحقق المتكرر، اكتُشفت طريقة جديدة تماما لاستخدام تربة القمر لإنتاج كميات كبيرة من المياه، ومن المتوقع أن توفر أساس تصميم مهما لبناء محطات بحوث علمية على القمر ومحطات فضائية في المستقبل".

وقد يكون لهذا الاكتشاف تأثير مهم على مشروع الصين القائم منذ عقود لبناء موقع دائم على القمر في غمرة سباق بين الولايات المتحدة والصين للعثور على موارد على القمر واستخراجها. ودأب بيل نيلسون رئيس إدارة الطيران والفضاء الأميركية (ناسا) على التحذير من التقدم السريع في برنامج الفضاء الصيني ومن احتمال هيمنة بكين على معظم المواقع الغنية بالموارد على القمر.

وقال تلفزيون الصين المركزي إنه باستخدام الطريقة الجديدة، وبطن واحد من تربة القمر، من الممكن إنتاج ما بين 51 و76 كيلوجراما من الماء، أي ما يزيد عن 100 زجاجة ماء سعة الواحدة نصف لتر، أو ما يعادل استهلاك 50 شخصا من مياه الشرب في اليوم. وتأمل الصين في أن تضع البعثات للقمر في الآونة الأخيرة وفي المستقبل الأساس لبناء محطة الأبحاث القمرية الدولية، وهي مبادرة تشاركها روسيا في قيادتها.

وحددت وكالة الفضاء الصينية عام 2035 موعدا لبناء "محطة أساسية" على القطب الجنوبي للقمر، ثم إضافة محطة فضائية تدور حول القمر بحلول عام 2045. ويأتي الإعلان عن الاكتشاف في وقت يعكف فيه علماء صينيون بالفعل على إجراء تجارب على عينات من القمر جلبتها مهمة تشانغ آه-6 في يونيو (حزيران). وانتزعت مهمة "تشانغ آه-5" عينات من الجانب القريب من القمر، بينما انتزعت "تشانغ آه-6" تربة من الجانب الذي يكون بعيدا دوما عن الأرض.

وتتجاوز أهمية مياه القمر جعل الوجود البشري الدائم ممكنا. فقد قال نيلسون من وكالة ناسا لإذاعة "إن.بي.آر" في مايو (أيار) إن المياه الموجودة على القمر يمكن استخدامها لإنتاج وقود الصواريخ الهيدروجيني ما قد يحفز على المزيد من الاستكشافات الفضائية إلى المريخ ووجهات أخرى.