مشاريع فضائية لإعادة الشحنات من المدار نحو الأرض

لإيصال الاختبارات العلمية والأدوية المصنعة خارجها

حاويات شحن فضائية
حاويات شحن فضائية
TT

مشاريع فضائية لإعادة الشحنات من المدار نحو الأرض

حاويات شحن فضائية
حاويات شحن فضائية

مستقبل التصنيع التحويلي في الفضاء يعتمد على تصاميم مركبات لإعادة الأشياء إلى الأرض ظلت صناعة الفضاء مبنية على طريق ذي اتجاه واحد. إذ كانت عقود من الابتكارات البشرية جيدة للغاية في إرسال المركبات الفضائية والأقمار الاصطناعية إلى المدار، ولكن الشركات لا تزال تعمل على إيجاد مسار فعال لعودة البضائع، ما سيمكن الصناعة التحويلية الفضائية من الازدهار.

شحنات من المدار إلى الأرضتعتبر شركة «أوت - بوست - Outpost» إحدى الشركات الناشئة التي تتصدر تلك المهمة، والتي تأخذ منهجاً مختلفاً تماماً في إرجاع الأشياء إلى الأرض من المدار. وهكذا تستعد شركة «إيرث ريترن - Earth Return» ومقرها لوس أنجليس للإطلاق الأول ثم العودة لمركبة «كاريول - Carryall» الفضائية وهي بحجم حاوية شحن.

منذ الأيام الأولى لرحلات الفضاء البشرية، ظلت تكنولوجيا العودة إلى الأرض من دون تغيير إلى حد كبير. إذ يتم تزويد الكبسولات الفضائية العائدة من المدار بالدروع الحرارية الاستئصالية لتحمل الحرارة الهائلة الناتجة عن العودة. وهي مليئة بمخزون كبير من الوقود الدافع لإبطاء سرعتها بالقوة عبر الغلاف الجوي، ولديها مظلات ثقيلة أو «بارافويل»، التي يتم فتحها ونشرها على ارتفاعات منخفضة لجلب الكبسولات إلى بقية الطريق إلى الأرض.

نتيجة لذلك، فإن الكبسولات الفضائية لها قدرة محدودة وصعوبة معروفة في الوصول إلى هدف محدد سلفاً على الأرض.

إن أي شخص يحاول الحصول على الأشياء - من نتائج التجارب العلمية إلى الأدوية المصنعة في المدار من الأرض - يواجه تكاليف باهظة للغاية، الأمر الذي يؤدي في النهاية إلى الحد من عدد الأشياء التي يمكن بناؤها أو اختبارها في الفضاء وإعادتها في حالة سليمة.

ويقول جيسون دون، الرئيس التنفيذي لشركة «أوت - بوست»: «الشركات التي نجحت في هذا، بجمع التبرعات على الأقل، وجدت حالات استخدام لأشياء يمكن أن تتلاءم مع هذه الكبسولات الصغيرة ذات القيمة الهائلة. لذا، يمكن وضع شيء ما في أنبوب اختبار أو قارورة تبلغ قيمتها ملايين الدولارات».

مع ذلك، فإن مستقبل التصنيع التحويلي في الفضاء يعتمد على شركات العودة للأرض التي تجد وسيلة لإعادة كميات أكبر من الفضاء - مثل حاويات الشحن، على سبيل المثال.

مراحل إعادة الشحنات من المدار إلى الأرض (أوت بوست)

نظام «أوت-بوست»تجمع المركبة الفضائية «فيريول - Ferryall» و«كاريول - Carryall» التابعة لشركة «أوت - بوست» عدداً من التقنيات البسيطة نسبياً لإعادة الأجسام من المدار بطريقة ثورية. وتشمل هذه المكونات ما يلي:

> «حافلة المدار»: وهي تحمل نظام الدفع الذي يسمح للمركبة الفضائية بالمناورة في المدار وإعادة إرسالها إلى الأرض.

> الدرع الحراري: الدرع الحراري لشركة «أوت - بوست»، الذي يستخدم التكنولوجيا التي طورتها وكالة «ناسا»، وتم اختباره عام 2023، مصنوع من نسيج ثلاثي الأبعاد من ألياف الكربون التي تتكشف في المدار لحماية الحمولة وإبطاء سرعة المركبة.

> الحاوية: يمكن لمركبة «فيريول - Ferryall» أن تحمل حمولة قدرها 100 كيلوغرام، في حين أن مركبة «كاريول - Carryall» هي بحجم حاوية شحن قياسية بطول 20 قدماً ويمكن أن تستضيف حمولات تصل إلى 10 أطنان.

> الطائرة الشراعية الآلية: عند العودة للأرض، يُنشر جناح الطائرة الشراعية ويقود المركبة الفضائية آلياً إلى مقصدها بدقة متناهية.

تأتي مركبة «فيريول - Ferryall»، النموذج الأصغر، مصممة لهندسة مشاركة الرحلات لدى شركة «سبيس إكس»، في حين أن مركبة «كاريول - Carryall» سوف تكون قادرة على الانتظام في منصات الإطلاق المتوسطة الحالية، مثل «فالكون 9».كيفية العملبمجرد وصولها إلى المدار، تخرج «كاريول - Carryall» من مركبة الإطلاق ويُفتح درعها الحراري.

> يسمح نظام الدفع على متن المركبة بالمناورة كما يفعل أي قمر اصطناعي آخر. وعندما تكون مستعدة للعودة إلى الأرض، فإنها توجه نفسها نحو مسار إعادة الدخول وتبدأ في الهبوط.

> من هنا، يُظهر الدرع الحراري فوائده الفريدة. ومن خلال التبريد الإشعاعي، فإنه يحمي الحمولة خلفه من الحرارة المفرطة من دون الحاجة إلى غلاف خلفي. الأهم من ذلك، أن المساحة الكبيرة للدرع الحراري تؤدي إلى إبطاء سرعة المركبة إلى ما دون سرعة الصوت بصورة أسرع بكثير من الكبسولات أو الطائرات الفضائية.

> على مسافة 30 كيلومتراً تقريباً عن الأرض، تنشر «كاريول - Carryall» مظلة التوجيه المسؤولة عن استقرار المركبة الفضائية والإقلال من سرعتها أثناء إغلاق الدرع الحراري.

> على مسافة 20 كيلومتراً تقريباً، تُطلق «كاريول - Carryall» مظلتها وتفتح جناحها الشراعي الذي يتحكم به الروبوت، والذي يسمح لشركة «أوت - بوست» بتوفير التسليم من نقطة إلى نقطة، في أي مكان في العالم، بدقة مذهلة.

يقول جيسون دون: «العودة للأرض لا تعني مجرد العودة إلى الكوكب. إنها تتعلق بالعودة إلى مكان محدد للغاية على الأرض. نريد بلوغ دقة منصة الهبوط».

عززت الشركة، خلال أكثر من 100 اختبار طيران، من هذه الدقة. وفي أحد الاختبارات، نشرت مركبة الاختبار جناحها الشراعي من منطاد الطقس على ارتفاع 20 كيلومتراً، وحلقت لمسافة تزيد على 180 كيلومتراً إلى الأسفل، وهبطت على الهدف بارتفاع 5 أمتار.

الحمولات المستقبليةيسمح هذا النظام للشركات باختبار الأشياء في الفضاء بهدف إعادتها إلى الأرض، وتصنيع كميات هائلة من السلع لبيعها على الأرض.

قال جيسون دون، في مؤتمر «أمازون مارس» عام 2023: «نظراً لأن نظام الدخول لدينا بأكمله هيكلي وخفيف الوزن ومنخفض الكتلة، يمكننا تخصيص كمية كبيرة من مركبتنا لحمولة الزبون. تخصص الكبسولة النموذجية الحالية العائدة من الفضاء نسبة 5 في المائة، أو ربما 10 في المائة، من كتلة الحمولة الكاملة لحمولة الزبون - إننا نخصص نسبة في نطاق 50 في المائة وأعلى».

تعتزم شركة «أوت - بوست» خفض تكلفة التصنيع التحويلي في الفضاء وفتح الباب أمام حالات استخدام جديدة في الصناعة التي قد تكون باهظة التكلفة مع نظم العودة الأخرى. إضافة إلى ذلك، تأمل الشركة في أن تقلل التكنولوجيا التي تمتلكها من كمية النفايات الفضائية في المدار، وتعزز من قابلية إعادة الاستخدام.

ووقعت الشركة بالفعل صفقة قيمتها 1.7 مليون دولار مع وزارة الدفاع الأميركية لبناء عبّارة فضائية لنقل العبارات لدعم مهام التجميع والتصنيع التحويلي في الفضاء (ISAM). كما أنها تتشارك مع وكالة «ناسا» لتطوير «عبّارة البضائع - Cargo Ferry»، التي سوف تُستخدم لإعادة الأشياء من محطات الفضاء التجارية والدولية.

ومن المقرر أن تبدأ أول مهمة للمركبة «فيريول - Ferryall» أوائل عام 2026، ومن المرجح أن يأتي العملاء الأوائل من الجيش الأميركي للتسليم من نقطة إلى نقطة، وتتطلع الشركات التجارية إلى إجراء اختبارات سريعة ومتكررة في المدار. كما يمكن لمركبة «كاريول - Carryall» الانطلاق في وقت مبكر من عام 2027.

• مجلة «فاست كومباني»

خدمات «تريبيون ميديا»



«جراح آلي» بذكاء اصطناعي دُرّب على مشاهدة فيديوهات طبية

«جراح آلي» بذكاء اصطناعي دُرّب على مشاهدة فيديوهات طبية
TT

«جراح آلي» بذكاء اصطناعي دُرّب على مشاهدة فيديوهات طبية

«جراح آلي» بذكاء اصطناعي دُرّب على مشاهدة فيديوهات طبية

«تخيل أنك بحاجة إلى إجراء عملية جراحية في غضون بضع دقائق لأنك قد لا تنجو... لا يوجد جراحون في الجوار ولكن يوجد روبوت جراحي مستقل متاح يمكنه إجراء هذا الإجراء باحتمالية عالية جداً للنجاح، هل ستغتنم الفرصة؟» هذا ما أجابني به طالب ما بعد الدكتوراه بجامعة جونز هوبكنز عبر البريد الإلكتروني، لدى سؤالي عن التطوير الجديد.

تعليم الروبوت بمقاطع فيديو للجراحة

لأول مرة في التاريخ، تمكن كيم وزملاؤه من تعليم الذكاء الاصطناعي استخدام آلة جراحة آلية لأداء مهام جراحية دقيقة، من خلال جعلها تشاهد آلاف الساعات من الإجراءات الفعلية التي تحدث في ردهات جراحية حقيقية. ويقول فريق البحث إنه تطور رائد يتجاوز حدوداً طبية محددة ويفتح الطريق لعصر جديد في الرعاية الصحية.

وفقاً لورقتهم البحثية المنشورة حديثاً، يقول الباحثون إن الذكاء الاصطناعي تمكن من تحقيق مستوى أداء مماثل لجراحي البشر دون برمجة مسبقة.

جراحة بتوظيف الروبوت

تدريب على العروض بدلاً من البرمجة

وبدلاً من محاولة برمجة الروبوت بشق الأنفس للعمل -وهو ما تقول ورقة البحث إنه فشل دائماً في الماضي- قاموا بتدريب هذا الذكاء الاصطناعي من خلال شيء يسمى التعلم بالتقليد، وهو فرع من الذكاء الاصطناعي حيث تراقب الآلة وتكرر الأفعال البشرية. سمح هذا للذكاء الاصطناعي بتعلم التسلسلات المعقدة للأفعال المطلوبة لإكمال المهام الجراحية عن طريق تقسيمها إلى مكونات حركية. وتترجم هذه المكونات إلى أفعال أبسط -مثل زوايا المفاصل ومواضعها ومساراتها- والتي يسهل فهمها وتكرارها وتكييفها أثناء الجراحة.

توظيف روبوت «دافنشي» للتدريب

استخدم كيم وزملاؤه نظام دافنشي الجراحي كأيدٍ وعيون لهذا الذكاء الاصطناعي. ولكن قبل استخدام المنصة الروبوتية الراسخة (التي يستخدمها الجراحون حالياً لإجراء عمليات دقيقة محلياً وعن بُعد) لإثبات نجاح الذكاء الاصطناعي الجديد، قاموا أيضاً بتشغيل محاكاة افتراضية. وقد سمح هذا بتكرار أسرع وتحقق من السلامة قبل تطبيق الإجراءات التي تم تعلمها على الأجهزة الفعلية.

«كل ما نحتاجه هو إدخال الصورة، ثم يجد نظام الذكاء الاصطناعي هذا الإجراء الصحيح»، كما يقول كيم. كانت روبوتات دافنشي أيضاً مصدر مقاطع الفيديو التي حللها الذكاء الاصطناعي، باستخدام أكثر من 10000 تسجيل تم التقاطها بواسطة كاميرات المعصم أثناء العمليات الجراحية التي يقودها الإنسان.

تعلّم 3 مهام جراحية

وكان الهدف تعلم ثلاث مهام جراحية: التعامل مع إبرة جراحية وتحديد موضعها، ورفع الأنسجة والتلاعب بها بعناية، والخياطة -كلها مهام معقدة تتطلب تحكماً دقيقاً وحساساً للغاية.

مكنت مجموعة البيانات واسعة النطاق هذه الذكاء الاصطناعي من تعلم الاختلافات الدقيقة بين الإجراءات الجراحية المتشابهة، مثل شدة التوتر المناسب اللازم للتعامل مع الأنسجة دون التسبب في ضرر.

تعد مقاطع الفيديو التدريبية هذه جزءاً صغيراً جداً من مستودع واسع النطاق للبيانات الجراحية. مع ما يقرب من 7000 روبوت دافنشي قيد الاستخدام في جميع أنحاء العالم، هناك مكتبة ضخمة من العروض الجراحية للمراقبة والتعلم منها، والتي يستخدمها فريق البحث الآن لتوسيع ذخيرة الذكاء الاصطناعي الجراحية لدراسة جديدة لم تُنشر بعد.

«في عملنا المتابع، والذي سنصدره قريباً، ندرس ما إذا كانت هذه النماذج يمكن أن تعمل في الإجراءات الجراحية طويلة المدى التي تنطوي على هياكل تشريحية غير مرئية»، يكتب كيم، في إشارة إلى الإجراءات الجراحية المعقدة التي تتطلب التكيف مع حالة المريض في أي وقت معين، مثل إجراء عملية جراحية على جرح داخلي خطير.

التحقق من صحة النموذج المطور

أثناء التطوير، عمل الفريق عن كثب مع الجراحين الممارسين لتقييم أداء النموذج وتقديم ملاحظات حاسمة (خاصة فيما يتعلق بالتعامل الدقيق مع الأنسجة)، والتي قام الروبوت بدمجها في عملية التعلم الخاصة به.

أخيراً، للتحقق من صحة النموذج، استخدموا مجموعة بيانات منفصلة غير مدرجة في التدريب الأولي لإنشاء محاكاة افتراضية، ما يضمن قدرة الذكاء الاصطناعي على التكيف مع السيناريوهات الجراحية الجديدة وغير المرئية قبل الشروع في اختبارها في الإجراءات المادية. أكد هذا التحقق المتبادل قدرة الروبوت على التعميم بدلاً من مجرد حفظ الإجراءات، وهو أمر بالغ الأهمية بالطبع نظراً للعدد المجهول المحتمل الذي قد ينشأ في غرفة العمليات.

جراح آلي «ذو خبرة»

كل شيء سار بشكل جميل إذ تعلم نموذج الروبوت هذه المهام إلى مستوى الجراحين ذوي الخبرة. يقول أكسل كريغر، الأستاذ المساعد في الهندسة الميكانيكية في جامعة جونز هوبكنز والمؤلف الرئيسي للدراسة، في بيان عبر البريد الإلكتروني: «إنه لأمر سحري حقاً أن يكون لدينا هذا النموذج حيث كل ما نقوم به هو تلقيمه مدخلات الكاميرا، ويمكنه التنبؤ بالحركات الروبوتية اللازمة للجراحة». «نعتقد أن هذا يمثل خطوة مهمة إلى الأمام نحو أفق جديد في مجال الروبوتات الطبية».

تطوير رائد

إن أحد مفاتيح هذا النجاح هو استخدام الحركات النسبية بدلاً من التعليمات المطلقة. ففي نظام دافنشي قد لا تنتهي الأذرع الآلية إلى حيث هي مقصودة تماماً بسبب التناقضات الطفيفة في حركة المفصل التي تتراكم على مدار عدة حركات ويمكن أن تؤدي في النهاية إلى أخطاء كبيرة -خاصة في بيئة حساسة مثل الجراحة. كان على الفريق إيجاد حل، لذا بدلاً من الاعتماد على هذه القياسات، قام بتدريب النموذج على التحرك بناءً على ما يلاحظه في الوقت الفعلي أثناء إجراء العملية.

لكن الابتكار الرئيسي هنا هو أن التعلم بالتقليد يزيل الحاجة إلى البرمجة اليدوية للحركات الفردية. قبل هذا الاختراق، كانت برمجة الروبوت للخياطة تتطلب ترميزاً يدوياً لكل حركة بالتفصيل. يقول كيم إن هذه الطريقة كانت أيضاً عرضة للخطأ وتشكل قيداً رئيسياً في تقدم الجراحة الروبوتية. إذ إنها حدت مما يمكن للروبوت فعله بسبب جهود التطوير، والافتقار إلى المرونة التي جعلت من الصعب للغاية على الروبوتات القيام بمهام جديدة.

ومع ذلك، يسمح التعلم بالتقليد للروبوت بالتكيف بسرعة مع أي شيء يمكن مشاهدته، والتعلم على غرار طالب الجراحة. «(نحن) نحتاج فقط إلى جمع بيانات التعلم التقليدي لإجراءات مختلفة، ويمكننا تدريب الروبوت على تعلمها في غضون يومين»، كما يقول كريغر. «هذا يسمح لنا بالتعجيل نحو هدف الاستقلالية مع تقليل الأخطاء الطبية وتحقيق جراحة أكثر دقة».

تقييم مدى النجاح

لقياس مدى نجاح الذكاء الاصطناعي، حدد الباحثون مقاييس الأداء الرئيسية، مثل الدقة في وضع الإبرة والاتساق في التلاعب بالأنسجة باستخدام مجموعة من البيئات الجراحية الوهمية المادية، والتي تضمنت محاكيات الأنسجة الاصطناعية والدمى الجراحية. وكانت النتائج مذهلة. يقول كريغر: «النموذج جيد جداً في تعلم الأشياء التي لم نعلمه إياها. على سبيل المثال، إذا أسقط الإبرة، فسوف يلتقطها تلقائياً ويستمر».

لا تعد هذه القدرة على التكيف مهمة فقط لمواصلة تعلم مهارات جديدة ولكنها أيضاً ضرورية للتعامل مع الأحداث غير المتوقعة في الجراحات الحية، مثل تمزق الشريان أو تغير العلامات الحيوية للمريض فجأة. بالإضافة إلى ذلك، أظهر النموذج كفاءة زمنية محسنة، ما أدى إلى تقليل وقت الانتهاء للمهام الجراحية القياسية مثل الخياطة بنحو 30 في المائة، وهو أمر واعد بشكل خاص للعمليات الحرجة من حيث الوقت.

ويتصور العلماء سيناريو حيث تساعد هذه الروبوتات الجراحين في المواقف عالية الضغط، وتعزيز قدراتهم وتقليل الخطأ البشري. سيؤثر جراحو الذكاء الاصطناعي المستقبليون بشكل كبير على توفر الرعاية الجراحية، مما يجعل التدخلات الطبية عالية الجودة متاحة لعدد أكبر.

اللوائح التنظيمية وأخلاقيات الطب

هناك أيضاً تحديات أخلاقية وتنظيمية يجب معالجتها قبل نشر مثل هذا الذكاء الاصطناعي في بيئات جراحية حقيقية دون إشراف بشري. فالقفزة نحو الروبوتات الجراحية المستقلة تثير مخاوف أخلاقية جديدة.

هناك قضية المساءلة: من سيكون مسؤولاً إذا حدثت مشكلة؟ الشركة التي صنعت الجراح الذكي؟ المهنيون الطبيون الذين يشرفون عليه (إذا كان هناك أي إشراف)؟ هناك أيضاً مسألة موافقة المريض، والتي ستتطلب تثقيف كل من الشخص الذي يخضع للجراحة والأشخاص المحيطين به حول ماهية هذا الذكاء الاصطناعي، وما الذي يمكنهم فعله بالضبط، وما هي المخاطر التي تشكلها الروبوتات مقارنة بالجراحين البشر.

يعترف كيم بأن المستقبل الآن في منطقة رمادية حيث يمكن للجميع مجرد التكهن بما يجب أن يحدث أو سيحدث. ستكون أيدي السلطات التنظيمية مشغولة، من معالجة المساءلة والمخاوف الأخلاقية عند السماح لجراحي الذكاء الاصطناعي بالعمل بشكل مستقل، إلى وضع معايير للحصول على موافقة مستنيرة من المرضى.

ولكن عند الاختيار بين إجراء عملية جراحية طارئة منقذة للحياة بواسطة جراح مستقل أو عدم تلقي العلاج لأن الجراح البشري غير متاح (مثلاً في مكان بعيد أو منطقة متخلفة)، يزعم كيم أن الخيار الأفضل واضح. يمكنني بسهولة أن أتخيل مستقبلاً قريباً حيث يبدأ الناس في اختيار روبوتات الذكاء الاصطناعي على نظرائهم من البشر - في ظل وجود دليل إحصائي على أن جراحي الذكاء الاصطناعي يعملون بأمان.

وبعيداً عن التحديات الأخلاقية والقانونية، هناك حاجة إلى المزيد من العمل لتمكين التنفيذ العملي. ستحتاج المستشفيات إلى الاستثمار في البنية الأساسية التي تدعم جراحة الروبوتات بالذكاء الاصطناعي، بما في ذلك الأجهزة المادية والخبرة الفنية للتشغيل والصيانة. بالإضافة إلى ذلك، سيكون تدريب الفرق الطبية على إدارة العملية أمراً بالغ الأهمية. فالأطباء سيحتاجون إلى فهم الآلة ومتى يكون التدخل ضرورياً، وفي النهاية تحويل الجراحين البشريين من المهام الجراحية المباشرة إلى أدوار تركز على الإشراف والسلامة.

جراحات بسيطة أولاً

على المستوى العملي، يتصور الباحثون تقدماً تدريجياً، بدءاً بجراحات أبسط وأقل خطورة مثل إصلاح الفتق والتقدم تدريجياً إلى عمليات أكثر تعقيداً. سيساعد النهج التدريجي في التحقق من موثوقية الروبوت مع معالجة المخاوف التنظيمية والأخلاقية بمرور الوقت، فضلاً عن مساعدة السكان على الثقة في الذكاء الاصطناعي لإجراء العمليات الحرجة للحياة.

يقول كريغر: «ما زلنا في المراحل الأولى من فهم ما يمكن أن تحققه هذه الآلات حقاً. الهدف النهائي هو الحصول على أنظمة جراحية مستقلة تماماً وموثوقة وقابلة للتكيف وقادرة على إجراء العمليات الجراحية التي تتطلب حالياً اختصاصياً مدرباً تدريباً عالياً».

* مجلة «فاست كومباني» خدمات «تريبيون ميديا»

اقرأ أيضاً