الأنواع الحية تتداول الأسماء... من الإنسان إلى الأفيال

الأفيال والدلافين تطلق التسمّيات على أفراد قطيعها

الأنواع الحية تتداول الأسماء... من الإنسان إلى الأفيال
TT

الأنواع الحية تتداول الأسماء... من الإنسان إلى الأفيال

الأنواع الحية تتداول الأسماء... من الإنسان إلى الأفيال

بالنسبة لي، فإن أفضل شيء فعلته اللغة لنا على الإطلاق، هو منحنا القدرة على التحدث مع بعضنا بعضاً، وعن بعضنا بعضاً.

الأسماء ضرورية

الكلمات ليست مهمة. فما أهميتها إذا كنت لا تستطيع جذب انتباه صديقك في شارع مزدحم مثلاً. وهذا يعني أن اللغة ستكون عديمة الفائدة إلى حدٍ كبير... من دون أسماء. وبمجرد أن تصبح مجموعة من الأفراد أكبر، تصبح الأسماء ضرورية: فالإشارة إلى الشخص الذي يشاركك الكهف أو نار المخيم باسم «هذا الرجل» لا تفيد شيئاً.

وربما لأن الأسماء مهمة للغاية وشخصية، فإن تسمية الأشياء يمكن أن تبدو إنسانية بشكل فريد. وقبل ما يزيد قليلاً عن عقد من الزمن فقط، كان العلماء يعتقدون في الغالب أن هذا صحيح. ثم، في عام 2013، افترضت دراسة أن «الدلافين قارورية الأنف» bottlenose dolphins تستخدم نداءات تشبه الأسماء. وقد وجد العلماء منذ ذلك الحين أدلة على أن الببغاوات، وربما الحيتان والخفافيش، تستخدم نداءات تحدد هويتها كأفراد أيضاً.

وفي يونيو (حزيران) الماضي أظهرت دراسة نشرت في مجلة Nature Ecology & Evolution أن الأفيال تفعل الشيء نفسه.

الاسم ليس بشرياً فقط

ترتبط الأسماء بالهوية بشكل لا ينفصم بين البشر على الأقل. وحقيقة أننا لسنا فريدين في استخدامها، هي علامة محيرة على أننا لسنا الكائنات الوحيدة التي يمكنها التعرف على أنفسنا ومن حولنا كأفراد.

تولد العديد من الحيوانات ولديها القدرة على إصدار مجموعة محددة من الأصوات، مثل نداءات الإنذار التي ترتبط بالحيوانات المفترسة الجوية أو التهديدات على الأرض. لكن «الأسماء، بحكم تعريفها، يجب تعلمها»، كما أخبرني ميكي باردو، باحث ما بعد الدكتوراه في جامعة ولاية كولورادو، الذي قاد دراسة الأفيال.

إن كل الأنواع التي تستخدم أسماء سمعية (أو معرّفات تشبه الأسماء) يجب بالضرورة أن تكون قادرة على ما يسميه العلماء «تعلم الإنتاج الصوتي» – أي القدرة على تعلم وإنتاج أصوات جديدة أو تعديل الأصوات الموجودة.

وحقيقة أن العديد من الأنواع المختلفة القادرة على تعلم الإنتاج الصوتي تستخدم نداءات تشبه الأسماء - وخاصة الأنواع ذات السلالات التطورية المختلفة - تؤكد مدى أهمية التسمية.

في الواقع، قال باردو، من المعقول أن مثل هذه المخلوقات اكتسبت القدرة على تعلم أصوات جديدة خصيصاً لغرض تسمية بعضها بعضاً. في حالة البشر، افترض باردو، أن المهارات التي تم تمكينها من خلال التسمية ربما «سمحت لنظام الاتصال لدينا بأن يصبح أكثر تطوراً حتى أصبح لدينا لغة».

كائنات اجتماعية

حتى الآن، فإن الأنواع التي تستخدم الأسماء (أو أي شيء مثلها)، بما في ذلك نحن البشر، هي كائنات اجتماعية للغاية. إذ إننا نعيش جميعاً في مجموعات مرنة: في بعض الأحيان يقضي الأفراد وقتاً مع العائلة والأصدقاء أو الشركاء المرتبطون بهم بشكل وثيق، وفي أحيان أخرى يكونون محاطين بالغرباء أو المعارف.

أخبرتني ستيفاني كينغ، الأستاذة المشاركة في جامعة بريستول بإنجلترا، والمؤلفة الرئيسية للبحث حول الدلافين قارورية الأنف، أن الأسماء في مثل هذه المجتمعات تؤدي وظيفة عملية. إنها تسمح لك بتتبع رفاقك الاجتماعيين ومخاطبتهم، سواء كانوا بالقرب منك أو انفصلت عنهم. وهذا مفيد بشكل خاص إذا كنت تعتمد على تعاون الآخرين في البحث عن الصغار أو الاعتناء بهم.

وقالت كينغ: «بالنسبة للدلافين، من المهم تتبع من يمكنك الاعتماد عليه لمساعدتك في أوقات الصراع».

ويمكن أن يكون للأسماء أيضاً أغراض عاطفية أكثر. وقال باردو إنه بين الأفيال والدلافين، قد يكون استدعاء الأسماء علامة على التقارب: يبدو أن الأفراد من كلا النوعين أكثر ميلاً إلى استخدام أسماء الحيوانات الأخرى التي يرتبطون بها.

عاشت الأسامي

يمكن للبشر أيضاً استخدام الأسماء لإظهار العلاقة الحميمة أو خلقها. على سبيل المثال، في إحدى الدراسات، كان الناس أكثر ميلاً إلى تقديم خدمة مجانية لشخص يتذكر اسمهم. عندما أقابل شخصاً ما وأريد البقاء على اتصال به، أبذل قصارى جهدي لمعرفة اسمه وتذكره.

ولعل هذا يعطي بعض المصداقية لنصيحة ديل كارنيجي في كتابه «كيف تكسب الأصدقاء وتؤثر في الناس لمعرفة أسماء الآخرين؟»: «اسم الشخص هو بالنسبة لذلك الشخص أحلى وأهم صوت في أي لغة».

وتدعم التجربة الشخصية لي، هذه النظرية. إذ في كثير من الأحيان، كان اسمي Tove، سبب لي المتاعب. نظراً لأنه إسكندنافي، فهو يتناغم مع نوفا Nova، أكثر من تناغمه مع كلمة Stove، مما يعني أنني أقضي ساعات لا حصر لها من حياتي في نطق اسمي وتهجئة الناس عندما أفضل التحدث عن أي شيء آخر.

ولكن بقدر ما يزعجني ذلك، فلن أغير اسمي أبداً - فهو اسمي - وأهتم بأن يفهمه الآخرون بشكل صحيح.

بالنسبة للبشر، لا يمكن فصل أهمية الأسماء عن مفاهيم الهوية والفردية.

يمكننا أن نتجول ونصف بعضنا بعضاً باستخدام التسميات مثل: أميركي، امرأة، طفل، خباز، مشاة - لكن الناس عموماً لا يحبون أن تتم مخاطبتهم أو الإشارة إليهم بهذه الطريقة. وقالت لي لوريل ساتون، رئيسة جمعية الأسماء الأميركية: «إنها تجعلك تشعر بأنك أقل من إنسان»، ربما لأن مثل هذه الصفات تفشل في التمييز بين الفرد والمجموعة...نحن فرديون للغاية كنوع.

أدلة على أن الببغاوات وربما الحيتان والخفافيش تستخدم نداءات تحدد هويتها كأفراد

تسميات بين الحيوانات

لا يعرف العلماء حتى الآن ما إذا كانت الأسماء قد اكتسبت مثل هذه الأهمية العميقة بين الأنواع الأخرى. لكن مجرد وجود تسميات بين الحيوانات هو إشارة إلى أن لديها شعوراً بأنها منفصلة عن العالم من حولهم. وهذا ليس الدليل الأول الذي توصل إليه العلماء حول مثل هذا الاحتمال.

منذ سبعينات القرن العشرين، اجتازت حيوانات الشمبانزي - والدلافين وحتى أسماك الشعاب المرجانية، حسب بعض الروايات - «اختبار المرآة» «mirror test» المثير للجدل، الذي يتفاعل فيه الحيوان مع علامة توضع على جسده ويمكن رؤيتها في المرآة.

لكن لمس نقطة حمراء على جبهتك لا يزال مختلفاً تماماً عن فهم أن كل فرد من جنسك هو فرد. لا شك أن الأسماء واختبار المرآة ليست الوسيلة الوحيدة التي تُظهر بها الحيوانات وعياً بشيء يقترب من الهوية.

يمكن للأفراد من جميع الأنواع التعرف على نسلها وزملائها. قد تكون الدلافين قادرة على التعرف على رفاقها المألوفة بناءً على بولها في الماء. من المحتمل أن تستخدم الخفافيش التوقيعات المشفرة في مكالمات تحديد الموقع بالصدى للتمييز بين أفرادها الأخرى.

وبرغم أنه قد يكون من المغري العثور على نظائر للسلوك البشري بين الحيوانات، فقد حذرت كينغ من المبالغة في مثل هذه الحجج. وقالت: «من المثير للاهتمام أن ننظر إلى كيف ولماذا تتصرف الحيوانات كما تفعل في نظامها».

اسم الشخص هو بالنسبة له أحلى وأهم صوت في أي لغة

تحادث الإنسان مع الحيوان

ربما تكون دراسة سلوكيات تسمية الحيوانات أكثر قيمة للطرق التي تسمح بها للعلماء بمعرفة المزيد عن الأنواع الأخرى وكيفية تكيفها مع بيئاتها.

على سبيل المثال، قالت كينغ، إن صافرة توقيع الدلفين - اسمه - تكون منفصلة، في حين أن استدعاء اسم الفيل يشفر معلومات أخرى إلى جانب هوية الفيل.

وهي تفترض أن هذا الاختلاف ربما نشأ بسبب الطريقة التي ينتقل بها الصوت تحت الماء أو كيف يغير الضغط قدرة الدلافين على النطق. ولكن يمكن أن ينبع ذلك أيضاً من حقيقة أن الدلافين تواجه بشكل منتظم عدداً أكبر من الأفراد، مما يعني أنها تحتاج إلى تقديمات أكثر كفاءة.

إن العثور على الإجابة من شأنه أن يخبر العلماء بالمزيد عن مجتمعات هذه الأنواع واحتياجاتها التطورية، وليس فقط كونها تفعل شيئاً مشابهاً للبشر. ومع ذلك، لا يسعني إلا أن أشعر بإحساس بالارتباط عندما أعلم أن نوعاً جديداً قد انضم إلى صفوف أصحاب الأسماء. كما كتبت عالمة النبات روبن وول كيميرر في كتابها Braiding Sweetgrass، «الأسماء هي الطريقة التي نبني بها نحن البشر العلاقات، ليس فقط مع بعضنا بعضاً ولكن مع العالم الحي». وأسماء الأنواع الأخرى تجعلني آمل في احتمال أن تصبح هذه العلاقات أكثر تبادلية.

إن فكرة القدرة يوماً ما على مخاطبة الفيل بطريقة يمكن أن يفهمها هي فكرة سحرية تماماً. لأقول له: «مرحباً، أنا توفا. من فضلك قل لي اسمك».

* «ذا أتلانتيك»، خدمات «تريبيون ميديا».


مقالات ذات صلة

دلفين وحيد ببحر البلطيق يتكلَّم مع نفسه!

يوميات الشرق يشكو وحدة الحال (أدوب ستوك)

دلفين وحيد ببحر البلطيق يتكلَّم مع نفسه!

قال العلماء إنّ الأصوات التي يصدرها الدلفين «ديل» قد تكون «إشارات عاطفية» أو أصوات تؤدّي وظائف لا علاقة لها بالتواصل.

«الشرق الأوسط» (كوبنهاغن)
يوميات الشرق بإمكان الجميع بدء حياة أخرى (أ.ب)

شبل الأسد «سارة» أُجليت من لبنان إلى جنوب أفريقيا لحياة أفضل

بعد قضاء شهرين في شقّة صغيرة ببيروت مع جمعية للدفاع عن حقوق الحيوان، وصلت أنثى شبل الأسد إلى محمية للحيوانات البرّية بجنوب أفريقيا... هذه قصتها.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
يوميات الشرق الضوء الاصطناعي يهدد قدرة النحل على تلقيح المحاصيل (رويترز)

الضوء الاصطناعي يهدد نوم النحل

توصَّل الباحثون إلى أن الضوء الاصطناعي يمكن أن يعطل دورات النوم لدى نحل العسل، وهو ما يؤثر سلباً على دوره الحيوي بصفته مُلقحاً للنباتات والمحاصيل.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق مهارة مذهلة (إكس)

فِيلة تُذهل العلماء... «ملكة الاستحمام» عن جدارة! (فيديو)

أذهلت فِيلةٌ آسيويةٌ العلماءَ لاستحمامها بنفسها، مُستخدمةً خرطوماً مرناً في حديقة حيوان ألمانية، مما يدلّ على «مهارة رائعة».

«الشرق الأوسط» (برلين)
يوميات الشرق الجمهور يُحفّز الشمبانزي على أداء أفضل في المهمّات الصعبة (جامعة كيوتو)

الشمبانزي يُحسِّن أداءه عندما يراقبه البشر!

كشفت دراسة يابانية أن أداء الشمبانزي في المهمّات الصعبة يتحسّن عندما يراقبه عدد من البشر، وهو ما يُعرف بـ«تأثير الجمهور».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

الكشف عن العوامل الوراثية المرتبطة بـ«الانزلاق الغضروفي»

 41 منطقة جديدة من الجينوم تعمل على تعديل خطر الإصابة بالانزلاق الغضروفي (غيتي)
41 منطقة جديدة من الجينوم تعمل على تعديل خطر الإصابة بالانزلاق الغضروفي (غيتي)
TT

الكشف عن العوامل الوراثية المرتبطة بـ«الانزلاق الغضروفي»

 41 منطقة جديدة من الجينوم تعمل على تعديل خطر الإصابة بالانزلاق الغضروفي (غيتي)
41 منطقة جديدة من الجينوم تعمل على تعديل خطر الإصابة بالانزلاق الغضروفي (غيتي)

سلطت دراسة حديثة الضوء على التقدم الكبير في فهم الأسس الجينية للانزلاق الغضروفي القطني، ووجدت 41 منطقة جديدة من الجينوم تعمل على تعديل خطر الإصابة بالانزلاق الغضروفي، بالإضافة إلى 23 منطقة كانت حُددت سابقاً.

كما توفر الدراسة رؤى جديدة بشأن كيفية تأثير هذه المناطق على بنية القرص الموجود بين الفقرات (القرص الفقري)، والالتهاب، ووظيفة الأعصاب. وتتعلق النتائج الرئيسية بالجينات المرتبطة بالأعصاب، والتي تعزز فهمنا كيفية تسبب الانزلاق الغضروفي في ألم طويل الأمد وتجارب ألم متفاوتة.

الجينات و«الانزلاق الغضروفي»

يعدّ الانزلاق الغضروفي القطني أحد أكثر التغيرات البنيوية شيوعاً في أسفل الظهر، والسبب الأكثر شيوعاً لألم العصب الوركي في الساق، وقد حُقق في عوامل الخطر الوراثية للانزلاق الغضروفي في دراسة دولية قادتها مجموعة بحثية من فلندا.

وحللت الدراسة، التي نُشرت في مجلة «Nature Communications» يوم 7 نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، برئاسة يوهانس كيتونين، من وحدة أبحاث الصحة السكانية بكلية الطب والمركز الحيوي في جامعة أولو، البيانات الجينية والصحية لنحو 830 ألف مشارك من بنوك حيوية قوية، مثل «البنك الحيوي الفلندي والإستوني» و«البنك الحيوي البريطاني»، وقيّمت دور مجموعات البيانات الكبيرة في الكشف عن العلاقات الجينية المعقدة. وكان لاكتشاف 5 مناطق جينومية جديدة مرتبطة بحالات أكثر شدة تتطلب الجراحة أهمية كبيرة للتأكيد على إمكانية تصميم التدخلات الطبية.

وحددت الدراسة، بالإضافة إلى ذلك، ارتباطات جديدة بالقرب من الجينات المرتبطة بالجهاز العصبي ووظيفة الأعصاب. وقد أدت النتائج المتعلقة بوظائف الجهاز العصبي إلى زيادة فهمنا العلاقة بين الانزلاق الغضروفي العرضي والألم المنتشر.

جينات الاستعداد الوراثي

وقال فيلي سالو، الباحث في جامعة أولو والمحلل الرئيسي في الدراسة، إنهم وجدوا جينات الاستعداد الوراثي التي يمكنها تفسير إطالة الألم جزئياً وكذلك الاختلافات التي لوحظت سريرياً في الألم الذي يعانيه المرضى.

وهذا ما يساعد في تطوير أساليب إدارة الألم لمرضى الانزلاق الغضروفي الذين يعانون آلاماً شديدة، وبالتالي تحسين نوعية حياتهم، كما يقول المختص في الطب الطبيعي الذي شارك في البحث، جوهاني ماتا، من وحدة أبحاث العلوم الصحية والتكنولوجيا بكلية الطب في جامعة أولو بفنلندا.

و«الانزلاق الغضروفي القطني» هو إصابة للغضروف بين فقرتين من العمود الفقري، وعادة ما يحدث بسبب الإجهاد المفرط أو صدمة للعمود الفقري، ويعدّ من أكثر التغيرات البنيوية شيوعاً في أسفل الظهر، كما أنه السبب الأكثر شيوعاً لـ«الألم المنتشر» الذي يسمى «عرق النسا»؛ إذ يحدث «الألم المنتشر» بسبب تهيج الأعصاب الذي يحدث بسبب ضيق العصب الناجم عن الانزلاق، وخصوصاً بسبب زيادة العوامل الالتهابية في منطقة الانزلاق الغضروفي.

والانزلاق الغضروفي شائع جداً حتى لدى الأشخاص الذين لا تظهر عليهم أعراض. ويزداد تكراره مع تقدم العمر، ويسبب أعراضاً لبعض الأشخاص فقط عندما يهيج العصب؛ فالعوامل المرتبطة بتطور الانزلاق الغضروفي معروفة نسبياً، لكن التحقيق في خلفيتها الوراثية لم يحظ باهتمام كبير.

التنبؤ بالإعاقة والألم بعد الجراحة

ووفقاً لدراسة نُشرت في 7 فبراير (شباط) 2024 بمجلة «JAMA»، وقادها بيورنار بيرج، من «مركز صحة الجهاز العضلي الهيكلي الذكي» بكلية العلوم الصحية في جامعة أوسلو النرويجية، فقد طور بيرج وزملاؤه نماذج التنبؤ بالإعاقة والألم بعد 12 شهراً من جراحة الانزلاق الغضروفي القطني، وأكدوا صحة هذه النماذج.

كما أكدت الدراسة على إمكانات التعلم الآلي في تعزيز عملية اتخاذ القرار السريري وإرشاد المرضى فيما يتعلق بنتائج جراحة الانزلاق الغضروفي القطني، فقد استخدم البحث مجموعة بيانات شاملة من السجل النرويجي لجراحة العمود الفقري، وحلل أكثر من 22 ألفاً و700 حالة لتطوير نماذج التنبؤ بالإعاقة والألم بعد الجراحة.

واكتشف الباحثون أن معدلات عدم نجاح العلاج كانت على النحو التالي: 33 في المائة للحالات التي قيست باستخدام «مؤشر أوزويستري للإعاقة (ODI)»، و27 في المائة للحالات التي قيست باستخدام «مقياس التصنيف العددي (NRS)» لألم الظهر، و31 في المائة للحالات التي قيست باستخدام المقياس نفسه؛ أي «مقياس التصنيف العددي لألم الساق».

وهذا يشير إلى أن نسبة كبيرة من المرضى لم يحققوا نتائج ناجحة في تقليل الإعاقة أو تخفيف الألم بعد جراحة الانزلاق الغضروفي القطني.

دعم التشخيصات

و«مؤشر أوزويستري للإعاقة Oswestry Disability Index (ODI)» مشتق من استبيان لآلام أسفل الظهر يستخدمه الأطباء والباحثون لقياس الإعاقة الناجمة عن آلام أسفل الظهر ونوعية الحياة. و«أوزويستري» مدينة تاريخية في شروبشاير بإنجلترا.

أما «مقياس التقييم الرقمي (NRS) Numeric Rating Scale» فيقيس مستوى الألم من 0 إلى 10 (حيث يشير 0 إلى عدم وجود ألم، و10 إلى ألم شديد).

ويشير استخدام البيانات قبل الجراحة بوصفها متنبئات إلى أنه يمكن دمج هذه النماذج في سير العمل السريري عبر أنظمة السجلات الطبية الإلكترونية، مما يدعم «التشخيصات الشخصية» ويساعد في اتخاذ القرارات المشتركة للجراحة.

ويؤكد المؤلفون على الحاجة إلى مزيد من التحقق الخارجي بسجلات جراحة العمود الفقري الأخرى؛ لتوسيع نطاق التطبيق. كما يمثل هذا التطور خطوة مهمة نحو الطب الدقيق في جراحة العمود الفقري، مما قد يحسن نتائج المرضى ويحسن التخطيط الجراحي.