«الكيمياء» تُقدّم حلاً واعداً لنفايات «الموضة السريعة»

تتم إعادة تدوير 1 % فقط من بقايا الملابس عالمياً

الكيمياء تقدم حلاً أكثر واقعية لإعادة تدوير الألياف المتعددة (جامعة ديلاوير)
الكيمياء تقدم حلاً أكثر واقعية لإعادة تدوير الألياف المتعددة (جامعة ديلاوير)
TT

«الكيمياء» تُقدّم حلاً واعداً لنفايات «الموضة السريعة»

الكيمياء تقدم حلاً أكثر واقعية لإعادة تدوير الألياف المتعددة (جامعة ديلاوير)
الكيمياء تقدم حلاً أكثر واقعية لإعادة تدوير الألياف المتعددة (جامعة ديلاوير)

تُقدّم الموضة السريعة ملابس عصرية منخفضة التكلفة، لكنها تأتي على حساب البيئة من خلال إنتاج كميات هائلة من النفايات والتلوث البيئي. وتركز صناعة الموضة السريعة على إنتاج ملابس عصرية وحديثة لتلبية طلبات المستهلكين المتغيرة بسرعة، ويتميز هذا النموذج بالإنتاج السريع، والجودة والتكلفة المنخفضة، والتجديد المستمر، ما يجعل المنتجات متاحة لشريحة واسعة من المستهلكين، لكن بعمر افتراضي قصير. وتُنتج الموضة السريعة نحو 92 مليون طن من النفايات النسيجية سنوياً عالمياً، لكن أقل من 1 في المائة من هذه الكمية يتم إعادة تدويرها. ويعود ذلك جزئياً إلى أن معظم الأقمشة يحتوي على مزيج من الألياف مثل البوليستر والقطن أو النايلون وألياف السباندكس. ويتطلب إعادة تدويرها فرزاً وفصلاً لهذه الألياف المميزة، وهي عملية غير قابلة للتنفيذ يدوياً على نطاق صناعي.

حل بديلوتقدم الكيمياء حلاً بديلاً أكثر واقعية لإعادة تدوير الألياف المتعددة على نطاق كبير. وركز باحثون بجامعة ديلاوير الأميركية، على نهج كيميائي جديد يمكنه بفاعلية فصل البوليستر والنايلون والقطن والسباندكس، ما يعالج تحدياً رئيسياً في إعادة تدوير الأقمشة المختلطة.

وأضافوا في دراستهم المنشورة في عدد 3 يوليو (تموز) 2024، من دورية (Science Advances) أن هذه الاستراتيجية قابلة للتوسع وقد تساهم في تقليل نفايات «الموضة السريعة» في يوم من الأيام.

يقول الباحث المشارك بالدراسة الدكتور ديونيسيوس فلاشوس، أستاذ الطاقة والهندسة الكيميائية والبيولوجية الجزيئية بجامعة ديلاوير، إن التحديات الرئيسية للتعامل مع نفايات المنسوجات المختلطة تعود إلى تعقيد وتنوع المواد المستخدمة. وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «غالباً ما تحتوي المنسوجات على مجموعة متنوعة من الألياف مثل البوليستر والقطن والنايلون والسباندكس، وتتم معالجتها عادةً بالأصباغ والمواد المضافة، ما يجعل عمليات إعادة التدوير أكثر تعقيداً».

وأشار إلى أن إعادة التدوير الميكانيكية التي تتم عبر فرز النفايات وتنظيفها وتقطيعها وصهرها لتشكيل حبيبات أو رقائق، هي الطريقة الأكثر استخداماً، لكنها لا تتناسب مع المنسوجات متعددة الألياف أو المواد المضافة أو الملونات بشكل فعال، ما يؤدي إلى تدهور جودة الألياف وقيمتها.

طريقة فعالةوركزت الدراسة على تطوير طريقة كيميائية فعالة لإعادة تدوير مخلفات المنسوجات المختلطة الموجودة في مرافق إعادة التدوير ومدافن النفايات، من خلال عملية تحلل معتمدة على الحرارة بمساعدة الميكروويف وتستخدم عامل تحفيز من أكسيد الزنك.

وتمكنت هذه العملية، التي تستغرق 15 دقيقة فقط، من تفكيك البوليستر إلى مكونات مفيدة لصناعة الخيوط والراتنجات والمواد الليفية، وكذلك تحويل ألياف السباندكس إلى مكونات تستخدم في صناعة الرغوة البلاستيكية، وهي مادة مصنوعة من البلاستيك تتميز بتركيب خفيف ومرن، بالإضافة إلى الألياف الزجاجية.

وعند اختبار هذه الطريقة على مزيج من البوليستر والقطن والسباندكس والنايلون باستخدام مذيب حمضي، احتفظت العملية بسلامة القطن والنايلون. ولاحظ الفريق أن مثبطات اللهب والأصباغ تؤثر سلباً على العملية، لذا يوصون بإزالتها قبل إعادة التدوير.

ويشير فلاشوس إلى أن هذا النهج المبتكر يجعل إعادة تدوير نفايات المنسوجات المختلطة أسرع وأكثر فاعلية، ما يؤدي إلى إنتاج مواد معاد تدويرها عالية الجودة وصناعة نسيج أكثر استدامة. ويضيف أن تفكيك الألياف الاصطناعية بسرعة مع الحفاظ على الألياف الطبيعية يساعد في إنشاء صناعة نسيج أكثر استدامة ودائرية، حيث يمكن إعادة تدوير الملابس القديمة إلى مواد جديدة عالية الجودة، وهذه خطوة مهمة نحو تقليل الكمية الهائلة من نفايات المنسوجات في مدافن النفايات أو المحروقة.

ومن ناحية الآثار الاقتصادية، فإن توسيع نطاق هذه التكنولوجيا عالمياً أمر مجدٍ اقتصادياً ومفيد بيئياً، كما يمكن أن يخلق العديد من فرص العمل، وفق فلاشوس.

وباستخدام النمذجة الرياضية، توصل الباحثون إلى أن هذه الطريقة يمكن أن تكون اقتصادية وصناعية في المستقبل، ويمكن أن تساهم في تحقيق معدل تدوير عالمي للأقمشة يصل إلى 88 في المائة.



الممارسات المكثفة تكيّف الدماغ ونشاطاته

الممارسات المكثفة تكيّف الدماغ ونشاطاته
TT

الممارسات المكثفة تكيّف الدماغ ونشاطاته

الممارسات المكثفة تكيّف الدماغ ونشاطاته

قضيت الأسبوع الماضي ثلاثة أيام في ميامي، بوصفي عضواً في مجموعة مختارة من الأفراد، تعمقنا في علم «لدونة الدماغ» brain plasticity مع ديفيد إيغلمان عالم الأعصاب والبروفسور بجامعة ستانفورد.

وقد سلطت أفكار البروفيسور إيغلمان حول كيفية عمل الدماغ البشري، الضوء على كيفية إتقان البشر لمهارات جديدة، خصوصاً العنصر المحوري فيها الذي يجعل قاعدة الـ10000 ساعة، فاعلة.

واقع الدماغ البشري

ولكن وقبل التعمق في الأمر، دعونا نستكشف كيفية عمل أدمغتنا، وما الذي يجعل هذه المعلومات مهمة.

لدى مناقشة قدرة الدماغ البشري على التكيف، وكيف أنه يشكل نفسه بناءً على ما نقضي معظم وقتنا في الاضطلاع به، طرح إيغلمان مفهوماً مثيراً؛ أن دماغنا عبارة عن عقار (قطعة أرض) مخصص. وباختصار، فإن المهام التي نخصص لها معظم الوقت ستشغل، نهاية المطاف، الحيز الأكبر في منطقة قطعة الأرض هذه من الدماغ، التي تنشأ فيها اتصالات عصبية أقوى.

واستعان إيغلمان بمثال الأخوات بولغار the Polgar sisters، ثلاث أستاذات في لعبة الشطرنج جرى تدريبهن بصرامة على يد والدهن منذ صغرهن. وهذه الممارسة المكثفة والمركزة رسخت اللعبة بعمق في عقلهن الباطن، ما يوضح كيف تتكيف «عقاراتنا العصبية» مع الأنشطة المتكررة.

ودائماً ما تلعب الجينات دوراً، ببساطة لأن هناك حاجة إلى درجة معينة من الموهبة الطبيعية لكي تبرع في أي شيء. ومع ذلك، فإن علم الأعصاب يؤكد لنا أهمية قضاء ساعات من الممارسة المتعمدة لشيء ما قبل أن نصبح خبراء فيه.

وفي المجال الرياضي، يمكن النظر إلى الأختين ويليامز في التنس. إذ إن سنوات التدريب المتفاني لهما التي أشرف عليها والدهما، وأخلاقيات العمل الدؤوبة التي تتمتع بها الشقيقتان، أسهمت في تشكيل أدمغتهما على نحو مكنهما من تقديم أداء رياضي استثنائي.

الممارسة مقابل الموهبة

ورغم أنه يستحيل أن نعرف على وجه اليقين حجم تأثير هذا النوع من الممارسة المخصصة على مستوى إتقان مهارة ما، مقارنة بتأثير الموهبة الطبيعية، فإن الطريقة التي تعمل بها أدمغتنا تثبت أن قاعدة الـ10000 ساعة 10000 -hour rule صحيحة، عندما نهدف إلى إتقان مهارة ما. (20 ساعة أسبوعياً لمدة 10 سنين).

بوجه عام، كلما زاد الوقت الذي نخصصه لشيء ما، زادت مساحة الدماغ المخصصة لهذه الممارسة أو المهمة. وكلما زادت المساحة المخصصة لشيء ما في الدماغ، زادت براعتنا في هذا الشيء المحدد. وتعكس دوائر دماغنا أنشطتنا الأكثر تكراراً، ما يجعل الممارسة المركزة ضرورية لإتقان أي مهارة.

الدافع عنصر أساسي

ومع ذلك، وفقاً لإيغلمان، فإن حجم التدريب ليس العامل الأكثر أهمية فيما يخص إتقان مهارة أو ممارسة جديدة. لذا فإن الـ10000 ساعة من التدريب ستضيع هباءً. ولجعل قاعدة الـ10000 ساعة تعمل لصالحك عليك أن تكون مندفعاً وشاعراً بأهمية الممارسة.

المقصود هنا أنه كي يتعلم دماغنا مهمة ما أو يمارسها بفاعلية، يجب أن تكون هذه المهمة ذات صلة بالشخص الذي يمارسها. من دون وجود دافع يحث على الاندفاع، فإن أدمغتنا لا تتفاعل بالطريقة نفسها. وشدد إيغلمان على أن أدمغتنا تتكيف بشكل أكثر فاعلية، عندما تكون المهام ذات معنى لنا.

ولإثبات هذه النقطة، قدم أمثلة على ممارسات مثل العلاج التقييدي، حيث يحسن المرضى عمل أطرافهم الأضعف عبر إجبارهم على استخدامها، مدفوعين في ذلك بدافع جوهري يتمثل في استعادة عمل هذه الأطراف.

وبالمثل، عندما يعاني الأشخاص من إعاقة في الرؤية في عين واحدة، غالباً ما تجري تغطية العين السليمة لإجبار العين الأضعف على العمل بجدية أكبر. ويشجع هذا الدافع القائم على القيود، الدماغ على تحسين أداء العين الأضعف، ما يوضح كيف أن الأهمية والضرورة تدفعان الدماغ إلى التكيف الفعال.

وأظهرت دراسات أجريت على الفئران، أن تعلم مهام جديدة يزداد صعوبة من دون وجود الناقل العصبي «أسيتيل كولين»، الذي يجري إطلاقه في الدماغ استجابة للأحداث ذات الصلة والمهمة التي تلفت انتباهنا. ويسلط ذلك الضوء على أنه من أجل إعادة توصيل الدماغ بشكل فعال، يجب على الدماغ أن يدرك أهمية المهمة التي بين يديه. وعليه، فإن مجرد قضاء الوقت في مهمة ما لا يكفي؛ يجب أن يجد الدماغ أن الأمر مناسب لتحفيز استجابة التعلم والتكيف بصورة حقيقية.

حب الاطلاع ومرونة الدماغ

الفضول وحب الاطلاع هما السبيل نحو بلوغ المستوى الأمثل من اللدونة للدماغ.

يركز نهج علم الأعصاب على أن التعلّم يرتكز على مدى اهتماماتنا، لذا فإن الفضول والدافع الداخلي يصبحان أقوى محركات التعلم، عندما يتعلق بمرونة أو لدونة الدماغ. وأوضح إيغلمان أنه عندما نكون مهتمين حقاً بشيء ما، تزداد قدرة أدمغتنا على التكيف، ويزيد استعدادها لاستيعاب المعلومات الجديدة.

وتشير أفكاره إلى أن الانخراط في مهام تتماشى مع اهتماماتنا يزيد من مرونة أدمغتنا، ومن ثم إمكانات التعلم لدينا.

ويعني تطبيق هذا المفهوم على التطوير المهني، أن قضاء ساعة مع مرشد حكيم يمكن أن يكون أكثر تأثيراً من ساعات لا حصر لها من الدراسة غير الموجهة. يمكن للمرشد تقديم تعليقات مستهدفة وذات صلة تتوافق مع أكثر ما نهتم به. وعبر التركيز على التحديات الهادفة، والبحث عن تعليقات وردود فعل بدافع من فضولنا، يمكننا تعظيم قوة عمليات التعلم الطبيعية في دماغنا لتحقيق نجاح أكبر.

من الممكن أن يسهم فهم أهمية التحفيز ودوره في مسألة التعلم، في تغيير الطريقة التي نتعامل بها مع مهمة إتقان مهارات جديدة. وباستطاعتنا تحقيق أقصى استفادة من مرونة أدمغتنا الرائعة عبر مواءمة جهودنا مع ما يهمنا حقاً.

وعليك التفكير في كيفية تطبيق هذه الفكرة على حياتك المهنية. ابحث عن المهام والتحديات التي تحفزك، وأحط نفسك بالأشخاص الذين يقدمون المعلومات ذات الصلة والتعليقات المفيدة، وحافظ على فضولك. عبر ذلك، ستفتح الباب أمام أفضل ما لديك من قدرات، وتجعل قاعدة الـ10000 ساعة تعمل لصالحك.

* «إنك»، خدمات «تريبيون ميديا».

عاجل الجيش الإسرائيلي يطالب سكان غزة بإخلاء المناطق الشرقية من مدينة خان يونس قبل عملية كبيرة