متغيّر جيني قد يكمن وراء تفاوت مضاعفات السكري

يلعب دوراً في سرعة تشخيصه وعلاجه

العلاج الجيني لنقص الانزيم يقلل من حالات اعتلال الشبكية السكري
العلاج الجيني لنقص الانزيم يقلل من حالات اعتلال الشبكية السكري
TT

متغيّر جيني قد يكمن وراء تفاوت مضاعفات السكري

العلاج الجيني لنقص الانزيم يقلل من حالات اعتلال الشبكية السكري
العلاج الجيني لنقص الانزيم يقلل من حالات اعتلال الشبكية السكري

وجد الباحثون في دراسة حديثة أن تشخيص مرض السكري والعلاج اللازم لمنع مضاعفاته قد يتأخر لدى الأشخاص الذين يحملون المتغير الجيني «نقص إنزيم الغلوكوز 6 فوسفات ديهيدروجينيز» لأنه يرتبط بانخفاض مستويات السكر التراكمي، وهو علامة سريرية تستخدم على نطاق واسع لمستويات الغلوكوز في الدم.

وخلصت الدراسة المنشورة في 25 يونيو (حزيران) 2024 في مجلة «نتشر مديسن» Nature Medicine، إلى أن اختبار الاختلافات الجينية التي تسبب نقص الإنزيم يمكن أن يؤدي إلى تحسينات في الطريقة التي يقوم بها الأطباء بتشخيص وعلاج مرض السكري، ما يساعد على تقليل التفاوت الملحوظ منذ فترة طويلة في مضاعفات مرض السكري بين الأفراد من أصول أوروبية وأفريقية، حيث يرتبط الاختلاف الجيني الشائع بين الأشخاص من أصل أفريقي بزيادة خطر حدوث مضاعفات مرض السكري، بما في ذلك اعتلال شبكية العين لدى المصابين به.

اضطراب وراثي

نقص إنزيم الغلوكوز 6 فوسفات ديهيدروجينيز G6PDdef، هو اضطراب وراثي يحدث عندما لا يكون لدى الجسم ما يكفي من الإنزيم (G6PD) الذي يساعد خلايا الدم الحمراء على العمل ويحميها من المواد الضارة.

ويحدث هذا الاضطراب بسبب خلل وراثي في الإنزيم المهم الذي يشارك في استقلاب خلايا الدم الحمراء. ويؤدي هذا الخلل إلى تدمير خلايا الدم الحمراء عند التعرض لبعض الأمراض أو الأدوية، مما يسبب ظهور أعراض مثل اصفرار الجلد، وبياض العينين، والبول الداكن، وأحياناً آلام في الظهر أو البطن.

ويعد نقص الإنزيم مرتبطاً بكروموسوم «إكس» X، مما يعني أن الذكور يتأثرون بشكل رئيسي، وتكون الإناث حاملات للجين المعيوب. ومع ذلك، فإن نشاط جين الغلوكوز 6 فوسفات ديهيدروجينيز متغير بدرجة كبيرة، لذلك في بعض الأشخاص لا يعمل الإنزيم تماماً كما ينبغي. وفي حالات أخرى لا يعمل على الإطلاق.

وهذا العيب شائع عند الذكور من أصول أفريقية أو أميركية سوداء، وهو شائع أيضاً بين الأشخاص الذين لديهم أسلاف من حوض البحر الأبيض المتوسط، مثل المنحدرين من أصول إيطالية ويونانية وعربية، والأشخاص الذين لديهم أسلاف من آسيا.

ويعاني أكثر من 400 مليون شخص حول العالم من نقص إنزيم الغلوكوز 6 فوسفات ديهيدروجينيز. ورغم أن معظم المشاركين في الدراسة كانوا من الرجال فإن ملايين النساء يتعرضن أيضاً لخطر متزايد للإصابة بمضاعفات مرض السكري إذا حملن نسخة من متغير الإنزيم.

تأثير المتغير على الشبكية والكلية

يسبب المتغير نقصاً في إنزيم الغلوكوز 6 فوسفات ديهيدروجينيز، ما يؤدي إلى قصر عمر خلايا الدم الحمراء، وبالتالي انخفاض مستويات السكر التراكمي HbA1c. وهذا التناقص يمكن أن يخفي المدى الحقيقي لارتفاع السكر في الدم ما يجعل السيطرة على مرض السكري صعبة. وقد وجد العلماء في تحليلهم أن الأفراد من أصول أفريقية غير إسبانية المصابين بهذا المتغير كانت لديهم احتمالية أعلى بكثير للإصابة باثنين من مضاعفات مرض السكري هما اعتلال الشبكية السكري واعتلال الكلية السكري مقارنة بالأفراد الذين لا يعانون من المتغير، رغم تلقي العلاج القياسي للرعاية لخفض مستوى السكر في الدم أي مستويات السكر التراكمي.

وكشفت الدراسة الحالية عن تسعة مواقع أو مواضع على الكروموسومات لم يتم الإبلاغ عنها سابقاً التي ارتبطت باعتلال الشبكية السكري، بما في ذلك متغير جيني متكيف تطورياً قد يفسر بعض التباين العرقي في مضاعفات مرض السكري. واعتلال الشبكية السكري هو تلف الأوعية الدموية في شبكية العين والأعصاب في الجزء الخلفي من العين، الذي يمكن أن يسبب فقدان البصر الدائم. وقد تم ربط الاعتلال سابقاً بالتغيرات الجينية التي تسمى تعدد أشكال النوكليوتيدات المفردة SNP Single nucleotide polymorphism، وهو اختلاف في التسلسل الجيني الذي يؤثر على واحدة فقط من وحدات البناء الأساسية.

وقد تمت دراسة هذه الارتباطات في المقام الأول لدى الأفراد من أصول أوروبية وآسيوية، حيث يتراوح معدل انتشار اعتلال الشبكية السكري diabetic retinopathy في الولايات المتحدة من 24 بالمائة لدى الأشخاص البيض غير اللاتينيين إلى 34 بالمائة لدى الأشخاص السود غير اللاتينيين.

علاج مستهدف لإدارة السكري

يمكن أن يؤدي اختبار نقص إنزيم الغلوكوز 6 فوسفات ديهيدروجينيز إلى تحسين تشخيص مرض السكري وعلاجه ومعالجة التباين في المضاعفات بين الأسلاف المختلفة.

وقدر الباحثون أنه في الولايات المتحدة يمكن للفحص الشامل والعلاج المستهدف أن يمنع 12 بالمائة من اعتلال الشبكية السكري و9 بالمائة من حالات الاعتلال العصبي السكري لدى الأميركيين من أصل أفريقي غير اللاتينيين.

وقال المؤلف الرئيسي في الدراسة تود إدواردز، الباحث في قسم علم الأوبئة وقسم الطب بالمركز الطبي بجامعة فاندربيلت ناشفيل تينيسي الولايات المتحدة الأميركية مع زملائه، إن هذا الاكتشاف قد يؤثر على كيفية إدارة ملايين الأفراد لمرض السكري، وكذلك فإنه يسلط الضوء أيضاً على أهمية تضمين مجموعات متنوعة من السكان في أبحاث الطب الحيوي للكشف عن الاختلافات الجينية التي تؤثر على النتائج الصحية.



الذكاء الاصطناعي في التعليم والصحة

نظم الذكاء الاصطناعي في الطب الشخصي المخصّص
نظم الذكاء الاصطناعي في الطب الشخصي المخصّص
TT

الذكاء الاصطناعي في التعليم والصحة

نظم الذكاء الاصطناعي في الطب الشخصي المخصّص
نظم الذكاء الاصطناعي في الطب الشخصي المخصّص

لندن: «الشرق الأوسط»

يمكن استغلال الذكاء الاصطناعي التوليدي في مجال التعليم، في تطوير خطط تعليمية مخصصة للطلاب، بحسب درجاتهم وفهمهم العام لمختلف المواد.

معاونة الطلاب والمدرسين

يمكن لأدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي مثل «تشات جي بي تي» ChatGPT، معاونة الطلاب على أداء المهام المعقدة، مثل التعمق في دراسة المناهج المطلوبة وذلك كمنطلق لجلسات الشحذ الذهني لمجموعات الطلاب. وإن كان هذا لا يمنع الاعتراف بأن «تشات جي بي تي» يساء استخدامه من جانب بعض الطلاب. وفيما يخص المعلمين المشغولين، يحمل الذكاء الاصطناعي التوليدي، وعوداً بتبسيط المهام اليومية الرتيبة، مثل صياغة خطط الدروس، وتحديد الخطوط العريضة للمهام، وإنشاء معايير التقييم، وبناء الاختبارات، وتوفير وسائل تعليمية مبتكرة، وغير ذلك.

تطبيقات للطلاب والمدرسين

> تجارب تعلُّم المفردات الشخصية يتوافق مع مستويات الطلاب

يعتمد نظام «نوجي» Knowji على الذكاء الاصطناعي التوليدي في بناء دروس لمفردات شخصية، تتوافق مع مستوى كفاءة المتعلم ووتيرة التعلم، وعبر إنشاء اختبارات مخصصة واستخدام خوارزميات التكرار المتباعد، ويضمن النظام الاحتفاظ الفاعل وإتقان الكلمات الجديدة، ما يجعل عملية تعلم اللغة أكثر كفاءة، مع تصميم يتماشى مع الاحتياجات الفردية.

ويتميز التطبيق بالجاذبية وطابع تفاعلي. ويساعد هذا المستخدمين على بناء اتصال أعمق باللغة، على نحو يساعدهم في جعل بناء المفردات متعة، وليس مهمة شاقة.

إنشاء محتوى آلي للمدرسين

بفضل الذكاء الاصطناعي التوليدي، يساعد نظام «جاسبر» Jasper، المدرسين في إنشاء مواد لدورة تعليمية شاملة ومخصصة.

وعبر إدخال موضوع، يمكن للتطبيق إنشاء خطط درس مفصلة وملاحظات محاضرات ومحتوى تعليمي، ما يوفر للمعلمين الكثير من الوقت والجهد. وعلاوة على ذلك، يعمل النظام بمثابة أداة تعاونية تتيح للمعلمين تحسين المحتوى الذي جرى إنشاؤه بواسطة الذكاء الاصطناعي، والتأكد من أنه يتوافق مع المعايير والأهداف التعليمية.

نظام الذكاء الاصطناعي التعليمي "نوجي"

تعلم اللغات وممارستها

يستخدم نظام «دوالنغو» Duolingo الذكاء الاصطناعي التوليدي لتخصيص تجارب تعلم اللغة لمستخدميه. وتتكيف المنصة مع وتيرة تقدم كل متعلم، وتولد تمارين ومحادثات تستهدف مجالات معينة من التحسين، ما يجعل عملية تعلم اللغة أكثر تفاعلية وتكيفاً. وتجعل اللعبة من مسألة تعلم لغة جديدة تجربة ممتعة، وتشجع على الممارسة اليومية المتسقة.

طب شخصي مخصص

تخضع صناعة الرعاية الصحية لتغييرات كبرى بفضل الذكاء الاصطناعي التوليدي، مع شروع الكثير من منظمات الرعاية الصحية حالياً في الاستفادة من الذكاء الاصطناعي التوليدي بطرق مختلفة. على سبيل المثال، يمكن للأطباء استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي لتطوير خطط رعاية خاصة تتوافق مع احتياجات المرضى. كما يوفر الذكاء الاصطناعي التوليدي حلولاً رائدة على صعيدي التشخيص، وتخطيط العلاج واكتشاف الأدوية، من بين استخدامات أخرى، الأمر الذي يمكّن مقدمي الرعاية الصحية من توفير خدمات رعاية صحية أكثر كفاءة، مع تخصيص رعاية المرضى على نحو غير مسبوق.

الطب الشخصي

يعتمد «إنسليكو ميديسن» Insilico Medicine على الذكاء الاصطناعي التوليدي لإحداث ثورة في اكتشاف الأدوية وخطط العلاج الشخصية.

ومن خلال التنبؤ بتأثيرات الأدوية على الملفات الجينية الفردية المحددة، تمكّن هذه الأداة من تطوير علاجات مخصصة، الأمر الذي يقلل من معدلات التجربة والخطأ في اختيار العلاج، ويعزز فاعلية التدخلات الطبية. وبفضل قدرتها على فحص ملايين الجزيئات بسرعة، بحثاً عن تأثيرات علاجية محتملة، تساهم في تسريع وتيرة الانتقال من مرحلة البحث إلى مرحلة التجارب السريرية بشكل كبير، وتعزز الأمل في تحقيق اختراقات أسرع في الطب.

منصات تفاعلية

منصات تفاعل المرضى المدعومة بالذكاء الاصطناعي

يستخدم نظام «هيرو» Hyro تقنية الذكاء الاصطناعي التوليدي لتشغيل منصة المحادثة المتوافقة مع قانون نقل للتأمين الصحي ومسائل الرعاية الصحية. وتعمل على أتمتة تفاعلات المرضى، وتوفر المعلومات والدعم في الوقت المناسب، بهدف تحسين تجربة رعاية المرضى لمستخدميها، مع المساعدة في الوقت ذاته في تخفيف مشكلات التوظيف داخل المؤسسات الطبية. وبجانب التفاعل مع المرضى، يتكامل الذكاء الاصطناعي من «هيرو» مع أنظمة الرعاية الصحية لتوفير تحليلات البيانات في الوقت الفعلي، التي تعزز الكفاءة التشغيلية وجهود التنسيق لرعاية المرضى.

كشف السرطان مبكراً

يمثل نظام «سكن فيجن» SkinVision خدمة طبية منظمة، قائمة على الذكاء الاصطناعي التوليدي لتحليل صور الجلد، بحثاً عن العلامات المبكرة لسرطان الجلد. ويتولى التطبيق إنشاء تقييمات بناءً على الأنماط المرئية، ما يساهم في الكشف المبكر عن الحالات الصحية المرتبطة بالجلد وعلاجها. ويعتمد الذكاء الاصطناعي التوليدي على خبرة أطباء الجلد وغيرهم من المتخصصين في صحة الجلد. وعبر تشجيع الفحوصات الجلدية المنتظمة، يزيد التطبيق بشكل كبير من فرص نجاح العلاج لمرضى سرطان الجلد.