تدابير وقائية تُقلل من أضرار تغير المناخ على البنية التحتية

تنفيذ أساليب مبتكرة للتنبؤ بالظواهر الجوية

تغير المناخ يؤثر على البنية التحتية (رويترز)
تغير المناخ يؤثر على البنية التحتية (رويترز)
TT

تدابير وقائية تُقلل من أضرار تغير المناخ على البنية التحتية

تغير المناخ يؤثر على البنية التحتية (رويترز)
تغير المناخ يؤثر على البنية التحتية (رويترز)

يؤثر تغير المناخ بشكل كبير في البنية التحتية في جميع أنحاء العالم، نتيجة ارتفاع درجات الحرارة وزيادة هطول الأمطار والفيضانات، وارتفاع مستويات سطح البحر، ويمكن أن تؤدي هذه التأثيرات إلى تلف الطرق والجسور وشبكات الكهرباء؛ ما يتطلّب إصلاحات مكلفة.

بنية تحتية مهددة

ورصدت دراسة أجراها باحثون من جامعات في ألمانيا وفنلندا والمكسيك والبرتغال مدى تأثير تغير المناخ في البنية التحتية، باستخدام التحليل العالمي للبيانات من عام 1997 إلى 2022، ودراسات حالة من 5 قارات حول العالم، ونصحت بضرورة اتخاذ تدابير استباقية لتعزيز متانة البنية التحتية لمواجهة تحديات تغير المناخ.

وركزت الدراسة، التي نُشرت في عدد 19 يونيو (حزيران) 2024 من دورية «ساينتفك ريبورتس»، على تقييم التأثير السلبي لتغير المناخ في البنية التحتية، خصوصاً في البلدان النامية، واستعراض أبرز مشاريع البنية التحتية وتدابير التكيف الحالية لمعالجة تغير المناخ.

وحلّل فريق البحث بيانات مشاريع للتكيف مع تغير المناخ من جميع أنحاء العالم، والاستراتيجيات المختلفة التي يجري تنفيذها، ففي اليابان، نُفّذت خطة تكيف للسكك الحديدية عبر زيادة درجة حرارة التشغيل القصوى لمواجهة ارتفاع درجات الحرارة.

وفي الولايات المتحدة، أُعيد إعمار نيوجيرسي بعد تأثير إعصار ساندي، لتكون البنية التحتية أكثر مقاومة لتغير المناخ. وفي أستراليا، ركزت خطة شبه جزيرة آير على تكييف البنية التحتية الساحلية لمواجهة زيادة الفيضانات الساحلية. أما في الدنمارك فهناك مشاريع تهدف إلى إدارة مخاطر الفيضانات بطرق مبتكرة لتحسين تصريف المياه وتقليل الأضرار. وأظهرت النتائج أن البنية التحتية الحالية عرضة لتأثيرات تغير المناخ، وهذا يبرز الحاجة إلى فهم أفضل للعلاقات والتأثيرات بين تغير المناخ ومجالات حيوية، مثل النقل والبنية التحتية الساحلية، خصوصاً في البلدان النامية والصناعية.

حلول علمية

وبناء على نتائج التحليل، وضع الباحثون مجموعة من الحلول العلمية، لمواجهة تأثيرات تغير المناخ في البنية التحتية حول العالم، أبرزها: ضرورة استثمار الحكومات في قدرة البنية التحتية على الصمود أمام تغير المناخ، عبر تدابير وقائية، للحد من التأثيرات المباشرة، وأبرزها الفيضانات، من خلال تطوير أنظمة الإنذار المبكر واعتمادها.

كما تشمل الحلول تعديل مواصفات البنية التحتية للطرق والجسور، لزيادة قدرتها على تحمّل درجات الحرارة المرتفعة والظواهر الجوية القاسية، وتعزيز مشاريع تصريف مياه الأمطار والفيضانات، وتنفيذ أساليب مبتكرة للتنبؤ بالظواهر الجوية. بالإضافة إلى ذلك العمل على تقليل انبعاثات غازات الدفيئة.

وشدد الباحثون على أن تأثيرات تغير المناخ في البنية التحتية الحيوية فورية وشديدة، ويتعيّن على الحكومات وصناع السياسات أن يتحرّكوا بصورة حاسمة لحماية البنية التحتية الحيوية وضمان الرفاهة المجتمعية، مشيرين إلى أن الاستثمار في تدابير التكيف حالياً من شأنه أن يخفّف من المخاطر المستقبلية ويحمي الاستقرار الاقتصادي والصحة العامة والسلامة.

تأثيرات الحرارة الشديدة

يقول أستاذ العلوم البيئية بجامعة «عين شمس» في مصر، الدكتور وحيد إمام، إن الحرارة الشديدة يمكن أن تسبّب تليين الأسفلت وتمدده؛ ما يؤدي إلى ظهور الشقوق والحفر بالطرق، كما أن الفيضانات قد تؤدي إلى تآكل أساسات الطرق وانجرافها، في حين يهدد ارتفاع مستوى البحر الطرق الساحلية بالغمر.

وأضاف إمام لـ«الشرق الأوسط»، أن موجات الحر قد تتسبّب في انقطاع التيار الكهربائي، وتقليل كفاءة توليد الطاقة الشمسية، في حين يؤثر نقص المياه والجفاف في توليد الطاقة الكهرومائية وعمليات التبريد في محطات الطاقة الحرارية، ونتيجة لذلك؛ تزيد تكاليف الصيانة والإصلاح ويزيد استهلاك الطاقة، بسبب زيادة استخدام أجهزة التبريد.

ونبه إلى ضرورة توجه العالم بقوة إلى الاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة، مثل: الرياح والطاقة الشمسية لتقليل الانبعاثات وتنويع مصادر الطاقة، والاستثمار في تقنيات تخزين الطاقة لضمان إمدادات طاقة موثوقة في أثناء انقطاع التيار الكهربائي، بالإضافة إلى تنفيذ عمليات فحص وصيانة منتظمة للطرق والجسور.



قادة الأعمال: 5 تحولات للبقاء في عصر العمل المدعّم بالمهارات

قادة الأعمال: 5 تحولات للبقاء في عصر العمل المدعّم بالمهارات
TT

قادة الأعمال: 5 تحولات للبقاء في عصر العمل المدعّم بالمهارات

قادة الأعمال: 5 تحولات للبقاء في عصر العمل المدعّم بالمهارات

حتى وقت قريب أمضى العديد من القادة حياتهم المهنية في ظل نموذج عمل يركز على الوظائف التي تتمحور حول التسلسل الهرمي للقيادة والسيطرة. إلا إن إعادة التوجيه إلى نموذج أكثر مرونة وأكثر تعزيزاً للمهارات ستكون تحولاً نموذجياً كبيراً بالنسبة لهم.

تحولات في العقلية والمهارات

رافين جيسوثاسان، الذي ألّف مع زميله تانوغ كابلاشرامي كتاب «المؤسسات المدعّمة بالمهارات: الرحلة إلى مؤسسات الجيل المقبل (The Skills-Powered Organization: The Journey to the Next-Generation Enterprisei)» الصادر بداية الشهر الحالي عن «MIT Press»، كتب يقول إن مستقبل العمل لا يتطلب تغييراً في عقلية القادة فحسب، بل يتطلب أيضاً تحولاً في مجموعة المهارات. إذ ستكون هناك حاجة إلى مهارات وقيم اجتماعية وسلوكيات جديدة. ولن يتم تحديد نجاح القيادة باللقب بقدر ما سيتم تحديده بالمشاريع والإنجازات، وفي النهاية، الشخصية.

وسوف يحتاج القادة إلى إعادة التفكير في الأساسيات مثل جذب العمال والاحتفاظ بهم وتحفيزهم وإشراكهم. وسوف يرغب القادة في اغتنام هذه الفرصة لإعادة التوجيه نحو قيادة أكثر إنسانية. والقادة الأكثر نجاحاً - الذين يمكنهم جذب المواهب بشكل أفضل - سيكونون أولئك الذين يمكنهم توجيه السفينة بشكل ثابت ومستدام ومطابقة المهارات للعمل.

تكيّف القادة: تحولات أساسية

إن تكيف القادة لقيادة مؤسسة مدعومة بالمهارات يتطلب إجراء 5 تحولات أساسية في المهارات.

الانتقال من السلطة الهرمية إلى التمكين والاصطفاف مع العاملين.

أحد أكثر التغييرات التي يمكن ملاحظتها في المؤسسة المدعمة بالمهارات هو التحول في كيفية إنجاز العمل. سوف يحتاج القادة إلى الانتقال من التفكير في كيفية تنظيم الوظائف إلى التفكير في كيفية إنجاز المهام والمشاريع. ومع اكتساب الموظفين المرونة اللازمة للتحول من مشروع إلى آخر بناءً على المهارات والتفضيلات، يتعيّن على القادة وضع أطر قوية لموازنة هذا التمكين مع المساءلة وخلق اتساق على مستوى المؤسسة يحافظ على انسجام الأشخاص مع المهمة الأوسع.

سيحتاج القادة إلى التركيز على كيفية:

-تحديد المهمة الاستراتيجية الشاملة للمؤسسة

-تحديد المهام والمشاريع وإعطائها الأولوية

- تحديد المعايير والأهداف والشروط والأنظمة الداعمة والموارد والمهارات اللازمة لإنجاز هذه المهام

- دعم القادة والمديرين في جميع أنحاء المؤسسة

على مستوى المشروع، سيقوم القادة بتفكيك المشاريع إلى مهام والاستفادة من العاملين للانضمام إلى مشاريعهم وفرقهم بناءً على المهارات المطلوبة. لن يتم تعيين العاملين حصرياً لقائد أو دور واحد، بل سيكونون أحراراً. هذا يعني أن القادة والمديرين في جميع أنحاء المنظمة سيحتاجون إلى الانتقال من كونهم قادة للأشخاص في الأدوار إلى كونهم قادة للأشخاص في المشاريع، وتنظيم وتحسين الأشخاص والتكنولوجيا حول المهارات وتنسيق الموارد لإنجاز المهام وتحقيق الأهداف.

من الأتمتة إلى المشاركة الإنسانية

* الانتقال من الأتمتة الفنية إلى الإنسانية للعمل

مع استمرار أدوات الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي والتقنيات مثل ChatGPT-4 وDall-E 2 في تحويل العمل، يجب على القادة موازنة كيفية عمل البشر والأتمتة معاً عبر المشاريع والمهام.

إن النظر من خلال هذه العدسة سيساعد القادة على اتخاذ خيارات أفضل فيما يتعلق بكيفية استبدال أو تعزيز أو إعادة اختراع دور العاملين البشر. ولإجراء هذا التحول بنجاح، يجب على القادة التوصل إلى فهم أكثر دقة لما يجلبه البشر من فوائد فيما يتعلق بالإبداع الجمالي والسياق الثقافي والإمكانات الإبداعية. يجب عليهم أيضاً القضاء على التحيزات التي تفترض أن الآلات ستنتج دائماً كفاءة أو اتساقاً أكبر.

التنوع والمساواة والإدماج

* الانتقال من التركيز المتقطع إلى التركيز المستمر على التنوع والمساواة والإدماج

جزء كبير من التحول إلى مؤسسة تعتمد على المهارات يتمثل في إعادة التوجيه حول المزيد من القيم الاجتماعية الإنسانية. تشجع النماذج التقليدية وجهة نظر متقطعة للتنوع والمساواة والإدماج، ولكن مستقبل العمل سيحدده جودة التنوع والمساواة والإدماج في العلاقات والتفاعلات المستمرة. في المؤسسات التي تعتمد على المهارات، يشارك القادة بنشاط في اختيار وتعيين وتطوير أعضاء الفريق، وسيكون التركيز بشكل مباشر على جوهر هذه التفاعلات.

طلاقة تكنولوجية ومواهب خارجية

*الانتقال من المهارة الرقمية إلى الطلاقة التكنولوجية

تحدت الابتكارات الحديثة والسريعة في مجالات مثل الذكاء الاصطناعي والروبوتات الشركات لمواكبة التغييرات السريعة في العمليات وسير العمل، ولكن الجمع بين البشر والأتمتة في نظام العمل يعني موازنة الابتكارات مع الجدوى والعملية والقرارات على مستوى المشروع أو المهمة. وهذه علاقة تكافلية.

* الانتقال من تنفيذ العملية إلى توجيه المشروع

يتضمن هذا الحصول على المواهب من خارج المؤسسة التقليدية وتجميع الفرق بسرعة على أساس المهارات باستخدام الأدوات التي تستخدمها فرق العمل المصغرة . في البداية، قد يبدو أن المؤسسة التي تعمل بالمهارات تقلل من البعد الإنساني للعمل، لكن الخطوات المذكورة أعلاه توضح مدى أهمية الإنسانية لمثل هذه المؤسسة.

ولتجنب الفوضى وضمان التوافق مع استراتيجية أوسع، يجب على القادة تغيير كيفية توزيع السلطة والمساءلة والتطور إلى نموذج قيادة أكثر مرونة ومتسلسل يؤكد على مهاراتهم البشرية.

* مجلة «فاست كومباني»، خدمات «تريبيون ميديا».