سلطت دراسة حديثة الضوء على أهمية الكشف المبكر والفحص الجيني لمتلازمة «تشارج» (CHARGE)، وهي اضطراب وراثي نادر يتميز بكثير من الحالات الشاذة، ويؤثر على عدة أجزاء من جسم الطفل حديث الولادة، بما في ذلك العين والأعصاب والقلب والممرات الأنفية والأعضاء التناسلية والأذنان.
ويمكن أن يكون وجود تشوهات في أذن الجنين مؤشراً مبكراً لمتلازمة «تشارج»، لذا قد يكون التشخيص قبل الولادة ضرورياً لتأكيد وجود الاضطراب، وهو أمر مهم لأن الأم الحامل قد تتلقى مشورة طبية باستشارة وراثية بناءً على التشخيص الدقيق.
تشوهات أذن الجنين
في الدراسة التي نشرت في مجلة «Clinical Case Report» في 18 مارس (آذار) 2024 برئاسة تاو لي - من مركز الأبحاث (بي جي آي شنتشن) قسم الموجات فوق الصوتية بمستشفى شيجيا تشوانغ الرابع بمختبر هيبي الرئيسي لطب الأم والجنين بالصين - وزملائه، خضعت امرأة حامل لفحوصات بالموجات فوق الصوتية قبل الولادة في مراحل مختلفة من حملها، ما كشف عن تشوهات في شكل أذني الجنين عند الأسبوع الثاني والعشرين من الحمل، وذلك بعد الشكوك بوجود متلازمة «تشارج».
وقد أثار الاكتشاف الأولي لشكل الأذن غير الطبيعي في الأسابيع الأولى من الحمل الشكوك حول الإصابة بمتلازمة «تشارج»، ومع ذلك رفضت المرأة الحامل إجراء اختبارات ما قبل الولادة، لكن التقييمات الشاملة بعد الولادة، بما في ذلك الفحوصات البدنية، ووضع التسلسل الكامل للجينات أكدت صحة التشخيص.
وتجدر الإشارة إلى أن اسم متلازمة «تشارج» استخدم لأول مرة في عام 1981 بوصفه وسيلة سهلة للإشارة إلى مجموعة من الأعراض الشائعة لدى عدد من الأطفال. وتم ربطها لأول مرة أيضا بطفرات في جين يسمى (سي إتش دي 7) (CHD7) في عام 2004. إذ يشير الحرف الأول (C) إلى الكولوبوما (Coloboma)، وهي حالة فقدان الأنسجة الطبيعية داخل العين أو حولها عند الولادة، ويشير الحرف (H) إلى عيوب القلب، ويشير الحرف (A) لانسداد الممرات الأنفية بواسطة العظام أو الأنسجة، ويشير الحرف (R) لتأخر النمو والتطور العقلي، ويشير الحرف (G) لتشوهات الأعضاء التناسلية، والحرف (E) لتشوهات الأذن، وهي تشوهات خلقية متعددة.
ومع ارتفاع معدل الوفيات بسببها، فإن من الضروري تشخيصها في مرحلة مبكرة قبل الولادة، خصوصاً وأن تشوهات الأذن الخارجية هي من المظاهر البارزة الوحيدة قبل الولادة في هذه الحالة. ولذا يجب إجراء تقييم شامل لأذن الجنين بواسطة الموجات فوق الصوتية بين الأسبوعين العشرين والرابع والعشرين من الحمل؛ لتحديد تشوهات الأذن الدقيقة التي يتم رؤيتها عادةً خلال هذه الفترة.
تحليل جيني
وعند الاشتباه في المتلازمة بناءً على شكل الأذن وحجمها وأحيانا موقعها غير المعتاد يتم إجراء التحليل الجزيئي لجين (سي إتش دي 7)، حيث إن التشخيص المبكر قبل الولادة لمتلازمة «تشارج» سيؤدي إلى تحسين نتائج الحمل والسماح بالإدارة المناسبة لرعاية الأطفال حديثي الولادة.
وقد أدى اكتشاف الأساس الجزيئي لهذه المتلازمة إلى زيادة عدد الحالات المبلغ عنها، وتوسيع الشكل الظاهري والتباين السريري. وكانت تشوهات الأطراف هي نتائج سريرية عرضية في هذه المتلازمة، وهي موجودة في حوالي 30 في المائة من الحالات المبلغ عنها، حيث إن حدوث تشوهات الأطراف في هذه المتلازمة يشير إلى أنه ينبغي عدّها جزءاً من نطاق الشكل الظاهري كما يقول هنريكي سيريجاتو من مستشفى إعادة تأهيل التشوهات القحفية الوجهية بجامعة ساو باولو بالبرازيل، وزملاؤه في دراسة سابقة نشرت في مجلة «American Journal of Medical Genetics» في 14 فبراير (شباط) 2024.
وتؤكد النتائج الرئيسية للدراسة على التحديات التي تواجه تشخيص متلازمة «تشارج» بناءً على ملاحظات الموجات فوق الصوتية قبل الولادة فقط، حيث تختلف الأنماط الظاهرية لمتلازمة «تشارج» بشكل كبير، مما يجعل من الصعب إنشاء علاقة واضحة بين شدة الأعراض والطفرات الجينية المحددة.
علاوة على ذلك، تسلط الدراسة الضوء على أهمية الاختبارات الجينية في تأكيد الاضطرابات الوراثية المشتبه بها، والكشف عن طفرة جديدة في جين (سي إتش دي 7) عند الوليد.
ويعد التشخيص المبكر لمتلازمة «تشارج» أمراً بالغ الأهمية للإدارة والتدخل الفعالين. ويوصي الباحثون بإجراء فحوصات الموجات فوق الصوتية بين الأسبوعين 20 و24 من الحمل للكشف عن تشوهات أذن الجنين، ما قد يؤدي إلى إجراء المزيد من الاختبارات الجينية لطفرات الجين، إذ يتيح هذا النهج التدخلات في الوقت المناسب، ويُحسّن فهمنا للحالات الوراثية النادرة، مما يؤدي في النهاية إلى تعزيز بروتوكولات التشخيص، واستراتيجيات العلاج المستقبلية.