تقنيات مطوّرة للرؤية على الطرق الذكية

دمج بيانات الكاميرات والرادارات لرصد السيارات من مسافات أبعد

تقنيات الرصد بالراردار والكامير والماسح الراداري الضوئي
تقنيات الرصد بالراردار والكامير والماسح الراداري الضوئي
TT

تقنيات مطوّرة للرؤية على الطرق الذكية

تقنيات الرصد بالراردار والكامير والماسح الراداري الضوئي
تقنيات الرصد بالراردار والكامير والماسح الراداري الضوئي

قد تصبح الطرق الذكية التي تصمم بوسائل متقدمة في استشعار المركبات محور مستقبل أنظمة النقل الذكية. وربما ستساعد أيضاً في توسيع «النطاق الإدراكي الحسي» للسيارات التي تتحرك من دون سائق.

بيانات مدمجة

وفي نهج جديد يدمج بيانات الكاميرات وأجهزة الرادار معاً يمكن الآن رصد مركبات بدقة من على مسافات تصل إلى 500 متر.

يمكن أن تساعد بيانات متواترة في الوقت الحقيقي الفعلي خاصة بالتدفق المروري والكثافة المرورية الأشخاص القائمين على إدارة المدن في تفادي التكدس والاختناق المروري ووقوع الحوادث. ويمكن أن يساعد ما يُطلق عليه نظام «إدراك الطريق» (roadside perception)، الذي يستخدم مستشعرات وكاميرات لرصد المركبات، في إنشاء طرق ذكية تعمل باستمرار على جمع هذه المعلومات ونقلها وتحويلها إلى غرف التحكم.

وصرحت يانيونغ زانغ، أستاذة علوم الكومبيوتر في جامعة الصين للعلوم والتكنولوجيا، بمدينة خفي في تعليقها على هذه التطويرات: «هذا هو العمل الأول من نوعه الذي يقدم حلاً عملياً يجمع بين هذين النوعين من البيانات، ويعمل في العالم الواقعي، وعلى مسافات طويلة تمثل تحدياً بالفعل».

مع ذلك، قد تكون تكلفة تركيب أعداد كبيرة من المستشعرات على جانب الطريق باهظة، وكذلك مستهلكة للوقت بشكل كبير، على حد قول يانيونغ زانغ. ولكي تصبح الطرق ذكية يجب استخدام أقل عدد ممكن من المستشعرات؛ وهو ما يعني ضرورة أن تكون المستشعرات قادرة على رصد المركبات على مسافات كبيرة.

وقد أنشأ فريق البحث الذي ترأسته، نهجاً جديداً لدمج البيانات من كاميرات عالية الدقة وأجهزة رادار الموجة المليمترية، لتطوير نظام قادر على تحديد موقع المركبات في نطاق يتراوح بين 1.3 متر و500 متر. وتم استعراض النتائج في ورقة بحثية تم نشرها مؤخراً في دورية «آي إي إي إي روبوتكس أند أوتوميشن ليترز» لعلم الروبوتات والتشغيل الذاتي.

تقول زانغ: «إذا قمت بتوسيع النطاق إلى أقصى حد ممكن، يمكنك تقليل عدد أجهزة الاستشعار التي تحتاج إلى نشرها».

دمج أجهزة الرادار والكاميرات

تقول زانغ إن الكاميرات وأجهزة الرادار من الخيارات الجيدة منخفضة التكلفة لرصد المركبات، لكنها على المستوى الفردي لا تعمل بكفاءة على المسافات التي تزيد على مائة متر. لذا؛ يمكن أن يزيد دمج أجهزة الرادار والكاميرات معاً النطاقات بشكل كبير، لكن يتطلب ذلك تجاوز مجموعة من التحديات؛ لأن المستشعرات تقدم أنواعاً مختلفة من البيانات.

في الوقت الذي تلتقط فيه الكاميرا صورة بسيطة ثنائية الأبعاد، تكون مخرجات جهاز الرادار ثلاثية الأبعاد، ويمكن معالجتها لتوفير رؤية عامة من نقطة عليا مثل عين الطائر.

وتوضح زانغ في حديث نقلته مجلة «سبيكترم» الهندسية الأميركية أن أكثر طرق دمج الكاميرات وأجهزة الرادار معاً حتى يومنا هذا تعمل على إسقاط بيانات الكاميرا على رؤية جهاز الرادار الشاملة من نقطة عليا، لكن الباحثين اكتشفوا أن هذا الأمر كان أبعد ما يكون عن المثالية.

لفهم المشكلة على نحو أفضل، ركّب فريق جامعة الصين للعلوم والتكنولوجيا جهاز رادار وكاميرا على عمود في نهاية طريق سريعة مستقيمة ممتدة بالقرب من الجامعة. كذلك ثبّتوا ماسح راداري ضوئياً «ليدار» على العمود للحصول على القياسات الخاصة بموقع مركبة حقيقية، وتم قيادة مركبتين مزودتين بوحدتي «جي بي إس» (نظام التموضع العالمي) ذواتي جودة عالية جيئة وذهاباً على الطريق للمساعدة في ضبط المستشعرات.

وأجرى ياو لي، أحد باحثي الدكتوراه الذين يعملون مع زانغ، بعد ذلك تجارب باستخدام البيانات التي تم جمعها باستخدام المستشعرات. واكتشف أن إسقاط بيانات جهاز الرادار ثلاثي الأبعاد على الصور ثنائية الأبعاد أدى إلى عدد أقل من الأخطاء المتعلقة بالمواقع على المدى الأطول، مقارنة بالطريقة القياسية التي يتم فيها ربط بيانات الصور ببيانات جهاز الرادار. وقادت النتائج نحو استنتاج أنه من المنطقي دمج البيانات في الصور ثنائية الأبعاد قبل إسقاطها مرة أخرى على الرؤية العامة من نقطة عليا لرصد المركبات.

الباحثون الصينيون يلتقطون بيانات رصد السيارات من الرادار (الاخضر)، الكاميرا (الازرق) ويدمجونها (الاصفر) في طريث سريع بمدينة خفيUSTC researchers captured car-tracking data from a radar [green], camera [blue], and a fusion of the two [yellow] on an expressway in Heifei, China.

تحديد دقيق للمواقع

كذلك، أوضح الباحثون أن الطريقة الجديدة، بإتاحتها التحديد الدقيق للمواقع على مسافات تصل إلى 500 متر، قد زادت متوسط دقة الرصد على مسافات أقصر بنسبة 32 في المائة مقارنة بالطرق السابقة.

يستلزم استخدام أكثر من مستشعر واحد مزامنة حذرة؛ لضمان تطابق دفقات بياناتها. ولكن وبمرور الوقت، تؤدي الاضطرابات البيئية حتماً إلى تفكك المستشعرات، ويجب أن يتم إعادة ضبطها. ويتطلب ذلك قيادة المركبة المزودة بنظام الـ«جي بي إس» جيئة وذهاباً على طول الطريق السريعة لجمع القياسات الخاصة بموقع مركبة حقيقية يمكن استخدامها لضبط المستشعرات. وتعد هذه العملية مكلّفة ومستهلكة للوقت بشكل كبير؛ لذا أضاف الباحثون إمكانية الضبط الذاتي التلقائي في نظامهم.

وتوضح زانغ أن الطريقة عملية للاستخدام في العالم الواقعي، وتعتقد أن هذا النوع من الإدراك على جانب الطريق قادر على توفير بيانات أفضل لأنظمة النقل الذكية، إلى جانب تزويد السيارات المستقبلية ذاتية القيادة بوعي ذي قيمة بالمواقع والظروف.

وتضيف: «إن الأمر مستقبلي، لكن لنقل إن هناك شيء يحدث على بعد مائة متر، والسيارة لا تعلمه نظراً للاختناق والتكدس المروري، ونطاق الاستشعار الخاص بها لا يصل إلى ذلك البعد، يمكن للمستشعرات المثبتة على طول الطريق السريع نشر هذه المعلومات ونقلها إلى السيارات المتجهة نحو المنطقة بحيث تكون أكثر حرصاً، أو تختار طريقاً مختلفة».



الكشف عن العوامل الوراثية المرتبطة بـ«الانزلاق الغضروفي»

 41 منطقة جديدة من الجينوم تعمل على تعديل خطر الإصابة بالانزلاق الغضروفي (غيتي)
41 منطقة جديدة من الجينوم تعمل على تعديل خطر الإصابة بالانزلاق الغضروفي (غيتي)
TT

الكشف عن العوامل الوراثية المرتبطة بـ«الانزلاق الغضروفي»

 41 منطقة جديدة من الجينوم تعمل على تعديل خطر الإصابة بالانزلاق الغضروفي (غيتي)
41 منطقة جديدة من الجينوم تعمل على تعديل خطر الإصابة بالانزلاق الغضروفي (غيتي)

سلطت دراسة حديثة الضوء على التقدم الكبير في فهم الأسس الجينية للانزلاق الغضروفي القطني، ووجدت 41 منطقة جديدة من الجينوم تعمل على تعديل خطر الإصابة بالانزلاق الغضروفي، بالإضافة إلى 23 منطقة كانت حُددت سابقاً.

كما توفر الدراسة رؤى جديدة بشأن كيفية تأثير هذه المناطق على بنية القرص الموجود بين الفقرات (القرص الفقري)، والالتهاب، ووظيفة الأعصاب. وتتعلق النتائج الرئيسية بالجينات المرتبطة بالأعصاب، والتي تعزز فهمنا كيفية تسبب الانزلاق الغضروفي في ألم طويل الأمد وتجارب ألم متفاوتة.

الجينات و«الانزلاق الغضروفي»

يعدّ الانزلاق الغضروفي القطني أحد أكثر التغيرات البنيوية شيوعاً في أسفل الظهر، والسبب الأكثر شيوعاً لألم العصب الوركي في الساق، وقد حُقق في عوامل الخطر الوراثية للانزلاق الغضروفي في دراسة دولية قادتها مجموعة بحثية من فلندا.

وحللت الدراسة، التي نُشرت في مجلة «Nature Communications» يوم 7 نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، برئاسة يوهانس كيتونين، من وحدة أبحاث الصحة السكانية بكلية الطب والمركز الحيوي في جامعة أولو، البيانات الجينية والصحية لنحو 830 ألف مشارك من بنوك حيوية قوية، مثل «البنك الحيوي الفلندي والإستوني» و«البنك الحيوي البريطاني»، وقيّمت دور مجموعات البيانات الكبيرة في الكشف عن العلاقات الجينية المعقدة. وكان لاكتشاف 5 مناطق جينومية جديدة مرتبطة بحالات أكثر شدة تتطلب الجراحة أهمية كبيرة للتأكيد على إمكانية تصميم التدخلات الطبية.

وحددت الدراسة، بالإضافة إلى ذلك، ارتباطات جديدة بالقرب من الجينات المرتبطة بالجهاز العصبي ووظيفة الأعصاب. وقد أدت النتائج المتعلقة بوظائف الجهاز العصبي إلى زيادة فهمنا العلاقة بين الانزلاق الغضروفي العرضي والألم المنتشر.

جينات الاستعداد الوراثي

وقال فيلي سالو، الباحث في جامعة أولو والمحلل الرئيسي في الدراسة، إنهم وجدوا جينات الاستعداد الوراثي التي يمكنها تفسير إطالة الألم جزئياً وكذلك الاختلافات التي لوحظت سريرياً في الألم الذي يعانيه المرضى.

وهذا ما يساعد في تطوير أساليب إدارة الألم لمرضى الانزلاق الغضروفي الذين يعانون آلاماً شديدة، وبالتالي تحسين نوعية حياتهم، كما يقول المختص في الطب الطبيعي الذي شارك في البحث، جوهاني ماتا، من وحدة أبحاث العلوم الصحية والتكنولوجيا بكلية الطب في جامعة أولو بفنلندا.

و«الانزلاق الغضروفي القطني» هو إصابة للغضروف بين فقرتين من العمود الفقري، وعادة ما يحدث بسبب الإجهاد المفرط أو صدمة للعمود الفقري، ويعدّ من أكثر التغيرات البنيوية شيوعاً في أسفل الظهر، كما أنه السبب الأكثر شيوعاً لـ«الألم المنتشر» الذي يسمى «عرق النسا»؛ إذ يحدث «الألم المنتشر» بسبب تهيج الأعصاب الذي يحدث بسبب ضيق العصب الناجم عن الانزلاق، وخصوصاً بسبب زيادة العوامل الالتهابية في منطقة الانزلاق الغضروفي.

والانزلاق الغضروفي شائع جداً حتى لدى الأشخاص الذين لا تظهر عليهم أعراض. ويزداد تكراره مع تقدم العمر، ويسبب أعراضاً لبعض الأشخاص فقط عندما يهيج العصب؛ فالعوامل المرتبطة بتطور الانزلاق الغضروفي معروفة نسبياً، لكن التحقيق في خلفيتها الوراثية لم يحظ باهتمام كبير.

التنبؤ بالإعاقة والألم بعد الجراحة

ووفقاً لدراسة نُشرت في 7 فبراير (شباط) 2024 بمجلة «JAMA»، وقادها بيورنار بيرج، من «مركز صحة الجهاز العضلي الهيكلي الذكي» بكلية العلوم الصحية في جامعة أوسلو النرويجية، فقد طور بيرج وزملاؤه نماذج التنبؤ بالإعاقة والألم بعد 12 شهراً من جراحة الانزلاق الغضروفي القطني، وأكدوا صحة هذه النماذج.

كما أكدت الدراسة على إمكانات التعلم الآلي في تعزيز عملية اتخاذ القرار السريري وإرشاد المرضى فيما يتعلق بنتائج جراحة الانزلاق الغضروفي القطني، فقد استخدم البحث مجموعة بيانات شاملة من السجل النرويجي لجراحة العمود الفقري، وحلل أكثر من 22 ألفاً و700 حالة لتطوير نماذج التنبؤ بالإعاقة والألم بعد الجراحة.

واكتشف الباحثون أن معدلات عدم نجاح العلاج كانت على النحو التالي: 33 في المائة للحالات التي قيست باستخدام «مؤشر أوزويستري للإعاقة (ODI)»، و27 في المائة للحالات التي قيست باستخدام «مقياس التصنيف العددي (NRS)» لألم الظهر، و31 في المائة للحالات التي قيست باستخدام المقياس نفسه؛ أي «مقياس التصنيف العددي لألم الساق».

وهذا يشير إلى أن نسبة كبيرة من المرضى لم يحققوا نتائج ناجحة في تقليل الإعاقة أو تخفيف الألم بعد جراحة الانزلاق الغضروفي القطني.

دعم التشخيصات

و«مؤشر أوزويستري للإعاقة Oswestry Disability Index (ODI)» مشتق من استبيان لآلام أسفل الظهر يستخدمه الأطباء والباحثون لقياس الإعاقة الناجمة عن آلام أسفل الظهر ونوعية الحياة. و«أوزويستري» مدينة تاريخية في شروبشاير بإنجلترا.

أما «مقياس التقييم الرقمي (NRS) Numeric Rating Scale» فيقيس مستوى الألم من 0 إلى 10 (حيث يشير 0 إلى عدم وجود ألم، و10 إلى ألم شديد).

ويشير استخدام البيانات قبل الجراحة بوصفها متنبئات إلى أنه يمكن دمج هذه النماذج في سير العمل السريري عبر أنظمة السجلات الطبية الإلكترونية، مما يدعم «التشخيصات الشخصية» ويساعد في اتخاذ القرارات المشتركة للجراحة.

ويؤكد المؤلفون على الحاجة إلى مزيد من التحقق الخارجي بسجلات جراحة العمود الفقري الأخرى؛ لتوسيع نطاق التطبيق. كما يمثل هذا التطور خطوة مهمة نحو الطب الدقيق في جراحة العمود الفقري، مما قد يحسن نتائج المرضى ويحسن التخطيط الجراحي.