مواد ميكروبية تحمي الأمعاء والدماغ من الأمراض الهضمية والعقلية

«الدهون قصيرة السلسلة»... مراسِلات تلعب دوراً وقائياً حاسماً

مواد ميكروبية تحمي الأمعاء والدماغ من الأمراض الهضمية والعقلية
TT

مواد ميكروبية تحمي الأمعاء والدماغ من الأمراض الهضمية والعقلية

مواد ميكروبية تحمي الأمعاء والدماغ من الأمراض الهضمية والعقلية

«الأحماض الدهنية قصيرة السلسلة» مواد تتولد في أغلبها من الميكروبات. وهي نجوم في محور الميكروبيوم والأمعاء والدماغ.

أنتم تعرفون الآن أن الأمعاء ومليارات الميكروبات التي تعيش فيها لها تأثير قوي في عمليات أعضاء أخرى كثيرة من الجسم، بما فيها الدماغ، وربما في الدماغ بشكل خصوصي. ولكن إذا كنت ترغب في فهم كيفية عمل كل ذلك، فانتبه إلى 3 مواد تُعرف مجتمعة باسم «الأحماض الدهنية قصيرة السلسلة» (SCFAs) short-chain fatty acids: الأسيتات acetate ، والبروبيونات propionate ، والبوتيرات butyrate.

مراسِلات الأمعاء للدماغ

يبدو أن هذه المواد مراسلات رئيسية لدماغك من أمعائك، وتؤثر في فسيولوجيا الدماغ وسلوكه بصفة مباشرة وغير مباشرة، بما في ذلك من خلال الجهاز المناعي. فهي تؤثر في مستوى طاقتك، وشهيتك، واستجابتك للأحداث المجهدة، وحالتك المزاجية، وأكثر من ذلك.

على عكس معظم الدهون التي يحتاجها الجسم، لا يتم توفير «الأحماض الدهنية قصيرة السلسلة» الثلاثة مباشرة عن طريق الطعام. بدلاً من ذلك، يتم إنتاجها من قبل أنواع محددة من البكتيريا التي تعتمد على الألياف الغذائية، وهي منيعة إلى حد بعيد في وجه الإنزيمات الهضمية؛ بحيث تصل إلى القولون سليمة. وهناك، شريطة أن تكون قد تناولت الطعام بشكل جيد، تكمن تلك البكتيريا الشجاعة قيد الانتظار لتخمير الألياف، وإطلاق الطاقة، والغازات، وعدد قليل من المستقلبات، وهي «الأحماض الدهنية قصيرة السلسلة».

تعتمد كمية «الأحماض الدهنية قصيرة السلسلة» المنتجة في أمعائك على مقدار الطعام الغني بالألياف الذي تستهلكه للحفاظ على البكتيريا التي تتغذى عليها. والأسيتات هي النوع الأكثر وفرة من «الأحماض الدهنية قصيرة السلسلة»، وتُشكل 60 في المائة من الإجمالي، مع البروبيونات بنسبة 25 في المائة، والبوتيرات بنسبة 15 في المائة.

حماية الأمعاء والدماغ

تُستهلك «الأحماض الدهنية قصيرة السلسلة» بوصفها مصدراً للطاقة من قبل الخلايا المبطنة للأمعاء. كما أنها تحفّز الإنتاج الموضعي للمخاط، وتحافظ على خلايا جدار الأمعاء مترابطة بإحكام حتى لا تتسرب المواد من الأمعاء إلى مجرى الدم.

من المهم معرفة التأثيرات الموضعية في الأمعاء؛ لأن لها آثاراً كثيرة على عمليات الدماغ. فالأمعاء المتسربة، على سبيل المثال، تسمح للبكتيريا والسموم بالهرب عبر جدار الأمعاء والوصول إلى الدماغ، حيث تكون قادرة على إطلاق رد فعل التهابي يمكنه تعطيل وظيفة الأعصاب، وتشكيل خطر الاكتئاب، والقلق، وجنون الارتياب (الذُهان الكبريائي) والصعوبات الإدراكية، وحتى الذُهان والخرف.

العناية الموضعية بالأمعاء هي مجرد جزء من الوصف الوظيفي الذي لا يزال يتكشف عن دور «الأحماض الدهنية قصيرة السلسلة». تعمل البروبيونات موضعياً أيضاً على تحفيز إفراز الهرمونات التي تنظم الشهية في الأمعاء مثل (ببتيد واي واي)، مما يُبطئ إفراغ المعدة، ويجعلك تشعر بالشبع بصورة أسرع. إضافة إلى ذلك، تؤثر «الأحماض الدهنية قصيرة السلسلة» في استقلاب الدهون. ولكن من جانبها، تؤثر البوتيرات في عملية التمثيل الغذائي الجهازي من خلال زيادة حساسية الإنسولين، وتقليل خطر الإصابة بمرض السكري.

تدخل «الأحماض الدهنية قصيرة السلسلة» جميعها إلى مجرى الدم من الأمعاء، ثم تعبر الحاجز الدموي الدماغي وتصل مباشرة إلى الدماغ. هناك، توسع تأثيراتها في الأيض من خلال العمل على الخلايا العصبية في منطقة ما تحت المهاد لتنظيم توازن الطاقة.

وتمتلك البوتيرات، على وجه الخصوص، عدداً قليلاً من المواهب الخاصة. ويمكنها أن تفعل للدماغ ما تفعله للأمعاء - المحافظة على سلامة الحاجز، وإقصاء العناصر السيئة. وبطبيعتها الكيميائية، فهي جزيء مضاد للالتهابات، يعمل على خفض الالتهاب.

في الأمعاء والدماغ، تستهدف البوتيرات والبروبيونات من «الأحماض الدهنية قصيرة السلسلة» الخلايا المناعية بغرض تنظيم رد الفعل الالتهابي. وهي توجه إنتاج الخلايا المضادة للالتهابات، وتقلل إنتاج السيتوكينات المضادة للالتهابات. وهذا العمل، كما تشير الدلائل، يحمي الدماغ من كل من الاكتئاب والألم المزمن.

تنمية الخلايا العصبية

علاوة على ذلك، فإن المستقبلات العصبية الخاصة بالبروبيونات، عند تنشيطها، تعمل على زيادة إنتاج الناقل العصبي «نورإبينفرين»، وهو مهم لتثبيط آلام الاعتلال العصبي والاكتئاب. تزيد البوتيرات من مستويات عامل التغذية العصبية المستمد من الدماغ في قشرة الفص الجبهي، مما يُحفز نمو الخلايا العصبية لفتح مسارات السلوك للخروج من الاكتئاب.

بمجرد دخول «الأحماض الدهنية قصيرة السلسلة» إلى مجرى الدم، تتخذ إجراءات مهمة ضد هرمونات التوتر. وتُظهر الدراسات أنها «تخفف بشكل كبير» من استجابة الكورتيزول للإجهاد النفسي والاجتماعي الحاد. كلما ارتفعت مستويات «الأحماض الدهنية قصيرة السلسلة»، انخفضت استجابة الكورتيزول، وقلّ تفاعلك مع التوتر.

مع ذلك، ربما من خلال العصب المبهم أن يكون «للأحماض الدهنية قصيرة السلسلة» أكبر تأثير في الدماغ والسلوك. فالعصب المبهم هو الأطول في الجسم، وينشأ في جذع الدماغ ويمتد إلى البطن، حاملاً الإشارات من وإلى الأحشاء؛ وهو يمكّن الأعضاء من التكيف الفوري مع متطلبات البيئة الداخلية والخارجية. ويبدو أن العصب المبهم هو الطريق السريعة الرئيسية بين العقل والجسم، وهو القناة الرئيسية للتواصل بين الأمعاء والدماغ؛ ومن المرجح أن تكون «الأحماض الدهنية قصيرة السلسلة» بمثابة سائقي الشاحنات على المسافات الطويلة.

بادئ ذي بدء، فإنها تعمل على تنشيط العصب الحائر مباشرة، وتحفّز وتيسر الاتصال المعوي الدماغي. تشير الدراسات إلى أن البوتيرات تزيد من معدل قدرة الخلايا العصبية الحائرة على نقل الإشارات إلى الدماغ، لا سيما الإشارات ذات الصلة بالشبع. تعمل البوتيرات عبر المسارات الحائرة، ولكن يبدو أيضاً أنها تنقل التفضيلات الغذائية إلى الدماغ، وتُغير مستقبلات الأومامي (أحد المذاقات الخمس الأساسية)، وربما المذاقات الأخرى، وتشكل التفضيلات الغذائية.

نظراً لأن ميكروبات الأمعاء يجب أن تعيش على الطعام الذي نستهلكه، فإن النظام الغذائي البشري يؤثر مباشرة في تركيب البكتيريا في البيوم (الحَيَّوم أو التجمع الأحيائي). الميكروبات التي تعيش في القولون والتي تنتج «الأحماض الدهنية قصيرة السلسلة» لديها متطلبات غذائية محددة للغاية: الألياف والنشا المقاوم للهضم، أي المواد الموجودة في جدران خلايا النباتات. يزيد النظام الغذائي الغني بالألياف من عدد البكتيريا التي تتحول إلى «الأحماض الدهنية قصيرة السلسلة».

ونظراً لأنها تحفّز نمو البكتيريا النافعة، فإن مواد مثل الألياف تُعرف أيضاً باسم «بريبيوتك: مغذيات المعينات الحيوية» (تماماً كما يُشار إلى «الأحماض الدهنية قصيرة السلسلة» أحياناً باسم ما بعد البريبيوتك). تتضمن البريبيوتك الأكثر توثيقاً على نطاق كبير النشا المقاوم للهضم، المتوفر بكثرة في جذور الهندباء البرية، والموز غير الناضج، والثوم، والخرشوف، والشوفان، وسكريات الأليغو الفركتوزية (FOS)، الموجودة في الفواكه، والبصل، والملفوف، والهليون، والغالاكتو-أوليغوساكاريدات (GOS)، الموجودة في حليب البقر، والبقوليات. تعزز هذه من نمو أنواع مختلفة من البكتيريا «العصية اللبنية» أو بكتيريا «بيفيدوباكتيريوم» التي تنتج «الأحماض الدهنية قصيرة السلسلة».

التركيب الميكروبي المعوي

لسوء الحظ، إحدى السمات المميزة للنظام الغذائي الغربي هو نقص الألياف. ويُنظر إلى العوامل المؤثرة في سلامة التركيب الميكروبي المعوي على أنها قوة خفية وراء ارتفاع معدلات السمنة، والسكري، وسرطان القولون والمستقيم، وأمراض نفسية مثل القلق، والاكتئاب، والاضطرابات التنكسية العصبية.

ومن ناحية أخرى، يرتبط استهلاك الألياف بانخفاض معدل الوفيات الناجمة عن جميع الأسباب. ويعتقد بأن إنتاج «الأحماض الدهنية قصيرة السلسلة» من نظام البحر الأبيض المتوسط الغذائي الغني بالنباتات يمثل عديداً من الفوائد الصحية العقلية والبدنية.

تعدّ إضافة الأطعمة الغنية بالبريبيوتك إلى النظام الغذائي واحداً من أكثر التدابير المتاحة لتعزيز الصحة العقلية والبدنية. لكن البريبيوتك تستخرج أيضاً من الأطعمة وتتوفر بوصفها مكملات غذائية. يستكشف العلماء حالياً تركيبات البريبيوتك الخاصة بالاضطرابات لعلاج الاكتئاب، والقلق، والإجهاد، واضطرابات النوم، وداء ألزهايمر، ولكن هذا لا يمنع التركيبات ذات الأغراض العامة من تعزيز صحة الدماغ الآن.

حقائق عن «الدهون قصيرة السلسلة»

- ثبت أن التمارين البدنية تزيد من مستويات البكتيريا المنتجة لـ«الأحماض الدهنية قصيرة السلسلة» داخل الأمعاء.

- تعزز «الأحماض الدهنية قصيرة السلسلة» القدرة على التحمل، على الأقل لدى الفئران.

- يؤدي النظام الغذائي الغني بالدهون إلى تغيير تركيبة الأمعاء وتقليل الميكروبات المنتجة لـ«الأحماض الدهنية قصيرة السلسلة»، وتقليل الإشارات المعوية الدماغية.

- يعيق نقص «الأحماض الدهنية قصيرة السلسلة» الدماغ عن إزالة الحُطام (الشظايا الصغيرة جداً) المرتبط بالأمراض العصبية التنكسية.

- يؤدي الحرمان من النوم إلى استنزاف البكتيريا المنتجة لـ«الأحماض الدهنية قصيرة السلسلة»، ما يعزز الالتهاب ويضعف الإدراك.

- تحافظ «الأحماض الدهنية قصيرة السلسلة» في الأمعاء على إبقاء البكتيريا المسببة للأمراض تحت السيطرة، وتخفف من حدة ضراوتها.

• مجلة «سايكولوجي توداي» - خدمات «تريبيون ميديا»



هل يمكن لنظم الذكاء الاصطناعي التكيف مع ثقافات متعددة؟

هل يمكن لنظم الذكاء الاصطناعي التكيف مع ثقافات متعددة؟
TT

هل يمكن لنظم الذكاء الاصطناعي التكيف مع ثقافات متعددة؟

هل يمكن لنظم الذكاء الاصطناعي التكيف مع ثقافات متعددة؟

في سباق محتدم لنشر نماذج اللغات الكبيرة والذكاء الاصطناعي التوليدي في الأسواق العالمية، تفترض العديد من الشركات أن «النموذج الإنجليزي ← المترجم» كافٍ لذلك.

اللغة- ثقافة وأعراف

ولكن إذا كنتَ مسؤولاً تنفيذياً أميركياً تستعد للتوسع في آسيا أو أوروبا أو الشرق الأوسط أو أفريقيا، فقد يكون هذا الافتراض أكبر نقطة ضعف لديك. ففي تلك المناطق، ليست اللغة مجرد تفصيل في التغليف: إنها الثقافة والأعراف والقيم ومنطق العمل، كلها مُدمجة في شيء واحد.

وإذا لم يُبدّل نظام الذكاء الاصطناعي الخاص بك تسلسل رموزه الكمبيوترية فلن يكون أداؤه ضعيفاً فحسب؛ بل قد يُسيء التفسير أو يُسيء المواءمة مع الوضع الجديد أو يُسيء خدمة سوقك الجديدة.

الفجوة بين التعدد اللغوي والثقافي في برامج الدردشة الذكية

لا تزال معظم النماذج الرئيسية مُدربة بشكل أساسي على مجموعات النصوص باللغة الإنجليزية، وهذا يُسبب عيباً مزدوجاً عند نشرها بلغات أخرى. وعلى سبيل المثال، وجدت دراسة أن اللغات غير الإنجليزية والمعقدة لغويا غالباً ما تتطلب رموزاً أكثر (وبالتالي تكلفةً وحساباً) لكل وحدة نصية بمقدار 3-5 أضعاف مقارنةً باللغة الإنجليزية.

ووجدت ورقة بحثية أخرى أن نحو 1.5 مليار شخص يتحدثون لغات منخفضة الموارد يواجهون تكلفة أعلى وأداءً أسوأ عند استخدام نماذج اللغة الإنجليزية السائدة.

والنتيجة: قد يتعثر نموذج يعمل جيداً للمستخدمين الأميركيين، عند عمله في الهند أو الخليج العربي أو جنوب شرق آسيا، ليس لأن مشكلة العمل أصعب، ولكن لأن النظام يفتقر إلى البنية التحتية الثقافية واللغوية اللازمة للتعامل معها.

«ميسترال سابا» نظام الذكاء الاصطناعي الفرنسي مصمم خصيصاً للغات العربية وجنوب آسيا

مثال «ميسترال سابا» الإقليمي جدير بالذكر

لنأخذ نموذج «ميسترال سابا» (Mistral Saba)، الذي أطلقته شركة ميسترال للذكاء الاصطناعي الفرنسية كنموذج مصمم خصيصاً للغات العربية وجنوب آسيا (التاميلية والمالايالامية... إلخ). تشيد «ميسترال» بأن «(سابا) يوفر استجابات أكثر دقة وملاءمة من النماذج التي يبلغ حجمها 5 أضعاف» عند استخدامه في تلك المناطق. لكن أداءه أيضاً أقل من المتوقع في معايير اللغة الإنجليزية.

وهذه هي النقطة المهمة: السياق أهم من الحجم. قد يكون النموذج أصغر حجماً ولكنه أذكى بكثير بالنسبة لمكانه.

بالنسبة لشركة أميركية تدخل منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أو سوق جنوب آسيا، هذا يعني أن استراتيجيتك «العالمية» للذكاء الاصطناعي ليست عالمية ما لم تحترم اللغات والمصطلحات واللوائح والسياق المحلي.

تكاليف الرموز والتحيز اللغوي

من منظور الأعمال، تُعدّ التفاصيل التقنية للترميز أمراً بالغ الأهمية. تشير مقالة حديثة إلى أن تكاليف الاستدلال في اللغة الصينية قد تكون ضعف تكلفة اللغة الإنجليزية، بينما بالنسبة للغات مثل الشان أو البورمية، يمكن أن يصل تضخم عدد الرموز إلى 15 ضعفاً.

هذا يعني أنه إذا استخدم نموذجك ترميزاً قائماً على اللغة الإنجليزية ونشرتَه في أسواق غير إنجليزية، فإن تكلفة الاستخدام سترتفع بشكل كبير، أو تنخفض الجودة بسبب تقليل الرموز. ولأن مجموعة التدريب الخاصة بك كانت تركز بشكل كبير على اللغة الإنجليزية، فقد يفتقر «نموذجك الأساسي» إلى العمق الدلالي في لغات أخرى.

أضف إلى هذا المزيج اختلافات الثقافة والمعايير: النبرة، والمراجع، وممارسات العمل، والافتراضات الثقافية، وما إلى ذلك، وستصل إلى مجموعة تنافسية مختلفة تماماً: ليس «هل كنا دقيقين» بل «هل كنا ملائمين».

التوسع في الخارج

لماذا يهم هذا الأمر المديرين التنفيذيين الذين يتوسعون في الخارج؟

إذا كنت تقود شركة أميركية أو توسّع نطاق شركة ناشئة في الأسواق الدولية، فإليك ثلاثة آثار:

-اختيار النموذج ليس حلاً واحداً يناسب الجميع: قد تحتاج إلى نموذج إقليمي أو طبقة ضبط دقيقة متخصصة، وليس فقط أكبر نموذج إنجليزي يمكنك ترخيصه.

-يختلف هيكل التكلفة باختلاف اللغة والمنطقة: فتضخم الرموز وعدم كفاءة الترميز يعنيان أن تكلفة الوحدة في الأسواق غير الإنجليزية ستكون أعلى على الأرجح، ما لم تخطط لذلك.

-مخاطر العلامة التجارية وتجربة المستخدم ثقافية: فبرنامج الدردشة الآلي الذي يسيء فهم السياق المحلي الأساسي (مثل التقويم الديني، والمصطلحات المحلية، والمعايير التنظيمية) سيُضعف الثقة بشكل أسرع من الاستجابة البطيئة.

بناء استراتيجية ذكاء اصطناعي متعددة اللغات واعية ثقافياً

للمديرين التنفيذيين الجاهزين للبيع والخدمة والعمل في الأسواق العالمية، إليكم خطوات عملية:

• حدّد اللغات والأسواق كميزات من الدرجة الأولى. قبل اختيار نموذجك الأكبر، اذكر أسواقك ولغاتك ومعاييرك المحلية وأولويات عملك. إذا كانت اللغات العربية أو الهندية أو الملايوية أو التايلاندية مهمة، فلا تتعامل معها كـ«ترجمات» بل كحالات استخدام من الدرجة الأولى.

• فكّر في النماذج الإقليمية أو النشر المشترك. قد يتعامل نموذج مثل «Mistral Saba» مع المحتوى العربي بتكلفة أقل ودقة أكبر وبأسلوب أصلي أكثر من نموذج إنجليزي عام مُعدّل بدقة.

• خطط لتضخم تكلفة الرموز. استخدم أدوات مقارنة الأسعار. قد تبلغ تكلفة النموذج في الولايات المتحدة «س» دولاراً أميركياً لكل مليون رمز، ولكن إذا كان النشر تركياً أو تايلاندياً، فقد تكون التكلفة الفعلية ضعف ذلك أو أكثر.

• لا تحسّن اللغة فقط، بل الثقافة ومنطق العمل أيضاً. لا ينبغي أن تقتصر مجموعات البيانات المحلية على اللغة فحسب، بل ينبغي أن تشمل السياق الإقليمي: اللوائح، وعادات الأعمال، والمصطلحات الاصطلاحية، وأطر المخاطر.

صمم بهدف التبديل والتقييم النشطين. لا تفترض أن نموذجك العالمي سيعمل محلياً. انشر اختبارات تجريبية، وقيّم النموذج بناءً على معايير محلية، واختبر قبول المستخدمين، وأدرج الحوكمة المحلية في عملية الطرح.

المنظور الأخلاقي والاستراتيجية الأوسع

عندما تُفضّل نماذج الذكاء الاصطناعي المعايير الإنجليزية والناطقة بالإنجليزية، فإننا نُخاطر بتعزيز الهيمنة الثقافية.

كمسؤولين تنفيذيين، من المغري التفكير «سنترجم لاحقاً». لكن الترجمة وحدها لا تُعالج تضخم القيمة الرمزية، وعدم التوافق الدلالي، وعدم الأهمية الثقافية. يكمن التحدي الحقيقي في جعل الذكاء الاصطناعي مُتجذراً محلياً وقابلاً للتوسع عالمياً.

إذا كنت تُراهن على الذكاء الاصطناعي التوليدي لدعم توسعك في أسواق جديدة، فلا تُعامل اللغة كحاشية هامشية. فاللغة بنية تحتية، والطلاقة الثقافية ميزة تنافسية. أما التكاليف الرمزية وتفاوتات الأداء فليست تقنية فحسب، بل إنها استراتيجية.

في عالم الذكاء الاصطناعي، كانت اللغة الإنجليزية هي الطريق الأقل مقاومة. ولكن ما هي حدود نموك التالية؟ قد يتطلب الأمر لغةً وثقافةً وهياكل تكلفة تُمثل عوامل تمييز أكثر منها عقبات.

اختر نموذجك ولغاتك واستراتيجية طرحك، لا بناءً على عدد المعاملات، بل على مدى فهمه لسوقك. إن لم تفعل، فلن تتخلف في الأداء فحسب، بل ستتخلف أيضاً في المصداقية والأهمية.

* مجلة «فاست كومباني»، خدمات «تريبيون ميديا».


الذكاء الاصطناعي... نجم المؤتمر السنوي لطب الأسنان في نيويورك

آلاف المشاركين وشركات تعرض أحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي
آلاف المشاركين وشركات تعرض أحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي
TT

الذكاء الاصطناعي... نجم المؤتمر السنوي لطب الأسنان في نيويورك

آلاف المشاركين وشركات تعرض أحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي
آلاف المشاركين وشركات تعرض أحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي

في مدينةٍ لا تهدأ، وتحديداً في مركز «جاڤِتس» على ضفاف نهر هدسون، اختتمت أمس أعمال اجتماعات نيويورك السنوية لطبّ الأسنان، التي استمرت 5 أيام، أحد أكبر التجمعات العالمية للمهنة، بمشاركة نحو 50 ألف طبيب وخبير من أكثر من 150 دولة.

لم يكن الحدث مجرد مؤتمر، بل منصّة حيّة لمستقبل طبّ الأسنان؛ فبين أروقته تتقدّم التكنولوجيا بخطى ثابتة: من الروبوتات الجراحية إلى أنظمة الذكاء الاصطناعي القادرة على قراءة الأشعة في ثوانٍ، وصولاً إلى تجارب التجديد الحيوي التي قد تغيّر شكل العلاج خلال سنوات قليلة.

الذكاء الاصطناعي نجم المؤتمر بلا منافس

كان الذكاء الاصطناعي العنوان الأبرز لهذا العام، إذ جاء المؤتمر في لحظةٍ تتسارع فيها التحوّلات العلمية بسرعة تفوق قدرة المناهج التقليدية على مواكبتها. وقد برزت تقنيات محورية: أنظمة تحليل الأشعة الفورية، والمساعد السريري الذكي، والتخطيط الرقمي للابتسامة. وعلى امتداد القاعات، كان واضحاً أن هذه التقنيات لم تعد تجارب مختبرية، بل هي حلول جاهزة تغيّر طريقة ممارسة المهنة أمام أعيننا.

الروبوتات تدخل غرفة العمليات

شكّلت الجراحة الروبوتية محوراً لافتاً هذا العام، بعد أن عرضت شركات متخصصة أنظمة دقيقة تعتمد على بيانات الأشعة ثلاثية الأبعاد وتتكيف لحظياً مع حاجة الإجراء. وقد أظهرت العروض قدرة هذه الروبوتات على تنفيذ خطوات معقدة بثباتٍ يفوق اليد البشرية، مع تقليل هامش الخطأ ورفع مستوى الأمان الجراحي.

التجديد الحيوي... من الخيال إلى التجربة

عرضت جامعات نيويورك وكورنيل أبحاثاً حول بروتينات مثل «BMP-2»، وهو بروتين ينشّط نمو العظم، و«FGF-2» عامل يساعد الخلايا على الانقسام والتئام الأنسجة خصوصاً الألياف، إلى جانب تقنيات الخلايا الجذعية لإحياء الهياكل الدقيقة للسن.

في حديث مباشر مع «الشرق الأوسط»

وأثناء جولة «الشرق الأوسط» في معرض اجتماع نيويورك لطبّ الأسنان، التقت الدكتورة لورنا فلامر–كالديرا، الرئيس المنتخب لاجتماع نيويورك الكبرى لطب الأسنان، التي أكدت أنّ طبّ الأسنان يشهد «أكبر تحوّل منذ ثلاثة عقود»، مشيرة إلى أنّ المملكة العربية السعودية أصبحت جزءاً فاعلاً في هذا التحوّل العالمي.

وأضافت الدكتورة لورنا، خلال حديثها مع الصحيفة في أروقة المؤتمر، أنّ اجتماع نيويورك «يتطلّع إلى بناء شراكات متقدمة مع جهات في السعودية، أسوة بالتعاون القائم مع الإمارات ومؤسسة (إندكس) وجهات دولية أخرى»، موضحة أنّ هناك «فرصاً واسعة للتعاون البحثي والتعليمي في مجالات الزراعة الرقمية والذكاء الاصطناعي والعلاجات المتقدمة»، وأن هذا التوجّه ينسجم بطبيعة الحال مع طموحات «رؤية السعودية 2030».

العرب في قلب الحدث

شارك وفود من السعودية والإمارات وقطر والكويت والبحرين ومصر والعراق في جلسات متقدمة حول الذكاء الاصطناعي والزراعة الرقمية، وكان حضور الوفود لافتاً في النقاشات العلمية، ما عكس الدور المتنامي للمنطقة في تشكيل مستقبل طبّ الأسنان عالمياً.

نيويورك... حيث يبدأ الغد

منذ بدايات اجتماع نيويورك قبل أكثر من قرن، بقيت المدينة مرآةً لتحوّلات المهنة ومختبراً مفتوحاً للمستقبل. وعلى امتداد 5 أيام من الجلسات والمحاضرات والورش العلمية، رسّخ اجتماع نيويورك السنوي مكانته كأكبر تجمع عالمي لطبّ الأسنان، وكمنصّة تُختبر فيها التقنيات التي ستعيد رسم ملامح المهنة في السنوات المقبلة. كما يقول ويليام جيمس، مؤسس الفلسفة البراغماتية الأميركية، إنّ أميركا ليست مكاناً، بل تجربة في صناعة المستقبل... وفي نيويورك تحديداً، يبدو مستقبل طبّ الأسنان قد بدأ بالفعل.


دراسة لـ«ناسا» تظهر التأثير السلبي للأقمار الاصطناعية على عمل التلسكوبات الفضائية

تلسكوب «هابل» الفضائي (أرشيفية - رويترز)
تلسكوب «هابل» الفضائي (أرشيفية - رويترز)
TT

دراسة لـ«ناسا» تظهر التأثير السلبي للأقمار الاصطناعية على عمل التلسكوبات الفضائية

تلسكوب «هابل» الفضائي (أرشيفية - رويترز)
تلسكوب «هابل» الفضائي (أرشيفية - رويترز)

أدت الزيادة الكبيرة في أعداد الأقمار الاصطناعية المتمركزة في مدار منخفض حول الأرض إلى تطورات في مجال الاتصالات، منها توفير خدمات النطاق العريض في المناطق الريفية والنائية في أنحاء العالم.

لكنها تسببت أيضا في زيادة حادة في التلوث الضوئي في الفضاء، ما يشكل تهديدا لعمل المراصد الفلكية المدارية. وتشير دراسة جديدة أجرتها إدارة الطيران والفضاء الأميركية (ناسا) وتركز على أربعة تلسكوبات فضائية، منها تلسكوبان يعملان حاليا وآخران يجري العمل عليهما، إلى أن نسبة كبيرة من الصور التي سيجري التقاطها بواسطة هذه المراصد على مدى العقد المقبل قد تتأثر بالضوء المنبعث أو المنعكس من الأقمار الاصطناعية التي تشترك معها في المدار المنخفض.

وخلص الباحثون إلى أن نحو 40 بالمئة من الصور التي يلتقطها تلسكوب «هابل» الفضائي ونحو 96 بالمئة من تلك التي يلتقطها مرصد «سفير إكس»، يمكن أن تتأثر بضوء الأقمار الاصطناعية. وقال الباحثون إن «هابل» سيكون أقل تأثرا بسبب مجال رؤيته الضيق.

والتلسكوبات المدارية عنصر أساسي في استكشاف الفضاء، نظرا لما تمتلكه من قدرة على رصد نطاق أوسع من الطيف الكهرومغناطيسي مقارنة بالتلسكوبات الأرضية، كما أن غياب التداخل مع العوامل الجوية يمكنها من التقاط صور أكثر وضوحا للكون، مما يتيح التصوير المباشر للمجرات البعيدة أو الكواكب خارج نظامنا الشمسي.

وقال أليخاندرو بورلاف، وهو عالم فلك من مركز أميس للأبحاث التابع لوكالة ناسا في كاليفورنيا وقائد الدراسة التي نشرت في مجلة نيتشر «في حين أن معظم تلوث الضوء حتى الآن صادر من المدن والمركبات، فإن زيادة مجموعات الأقمار الاصطناعية للاتصالات بدأ يؤثر بوتيرة أسرع على المراصد الفلكية في جميع أنحاء العالم».

وأضاف «في الوقت الذي ترصد فيه التلسكوبات الكون في مسعى لاستكشاف المجرات والكواكب والكويكبات البعيدة، تعترض الأقمار الاصطناعية في كثير من الأحيان مجال الرؤية أمام عدساتها، تاركة آثارا ضوئية ساطعة تمحو الإشارة الخافتة التي نستقبلها من الكون. كانت هذه مشكلة شائعة في التلسكوبات الأرضية. ولكن، كان يعتقد، قبل الآن، أن التلسكوبات الفضائية، الأكثر كلفة والمتمركزة في مواقع مراقبة مميزة في الفضاء، خالية تقريبا من التلوث الضوئي الناتج عن أنشطة الإنسان».

وفي 2019، كان هناك نحو ألفي قمر اصطناعي في مدار أرضي منخفض. ويبلغ العدد الآن نحو 15 ألف قمر. وقال بورلاف إن المقترحات المقدمة من قطاع الفضاء تتوقع تمركز نحو 650 ألف قمر اصطناعي في مدار أرضي منخفض خلال العقد المقبل.