هندسة البكتيريا وراثياً لإنتاج منسوجات ذاتية الصباغة

لتصميم منتجات أزياء بيئية مستدامة

هندسة البكتيريا وراثياً لإنتاج منسوجات ذاتية الصباغة
TT

هندسة البكتيريا وراثياً لإنتاج منسوجات ذاتية الصباغة

هندسة البكتيريا وراثياً لإنتاج منسوجات ذاتية الصباغة

تقدم دراسة جديده حلاً واعداً للتحديات البيئية المرتبطة بصبغ منسوجات السليلوز المصنعة بواسطة البكتيريا.

السليلوز البكتيري

وتؤدي هندسة البكتيريا وراثياً لإنتاج صبغة الميلانين إلى توفير المواد المصنوعة بواسطة بكتيريا سريعة النمو وصديقة للبيئة، بديلاً جذاباً لبدائل الجلد الصناعي pleather الموجودة حالياً.

وتكون هذه المنسوجات البكتيرية عادة ذات لون بني فاتح أو بيج طبيعي، ولذلك فإن إضافة أنماط ملونة أخرى إلى هذه المنسوجات قد تعني العمل باستخدام الأصباغ الضارة بالبيئة؛ ما يتطلب عادة طرق صباغة تقليدية يمكن أن يكون لها آثار بيئية كبيرة.

وفد نشرت الدراسة في مجلة «نتشر بايوتكنولوجي (Nature Biotechnology)» في 2 أبريل (نيسان) 2024، وأشرف عليها توم إليس وزملاؤه من مركز إمبريال كوليدج للبيولوجيا التركيبية قسم الهندسة الحيوية إمبريال كوليدج (ICL) لندن المملكة المتحدة.

يتكون «بديل الجلد» من السليلوز وهو مادة هيكلية أساسية في النباتات التي تنتجها أيضاً عدة أنواع من البكتيريا. وقد بدأ الباحثون والمصممون في السنوات الأخيرة في إنتاج المنسوجات من السليلوز البكتيري بديلاً للجلد الصناعي، وبعضها موجود بالفعل في السوق، حيث يمتاز النسيج المتين بكثير من الخصائص نفسها التي يتمتع بها الجلد التقليدي.

ولكن على الرغم من أن منسوجات السليلوز البكتيرية لها تأثيرات بيئية أقل من الجلود الصناعية فإنها ذات لون بيج طبيعي، وهذا يعني أنها تلونها بعمليات الصباغة التقليدية التي يمكن أن تستخدم فيها كميات كبيرة من الماء، وتطلق مواد كيميائية قاسية في البيئة.

هندسة وراثية لإنتاج الميلانين

وبناءً على ذلك تساءل الباحثون من إمبريال كوليدج لندن عما إذا كان من الممكن تحفيز البكتيريا لإنتاج السليلوز ذي اللون الداكن بشكل طبيعي. ولمعرفة ذلك قاموا بإجراء هندسة وراثية لبكتيريا منتجة للسليلوز تسمى كوماغا تايباكتر ريتيكوس Komagataeibacter rhaeticus، وهي البكتيريا نفسها التي تساعد على تخمير الكمبوتشا kombucha- وهو نوع من الشاي المخمر يعتقد أنه نشأ في شمال شرق الصين أو في روسيا وأوروبا الشرقية. ويجري تناول المشروب بشكل تقليدي، وقد اكتسب شعبية في الولايات المتحدة - وذلك عن طريق إضافة جين من بكتيريا أخرى تنتج صبغة الميلانين السوداء

والميلانين، وهي الصبغة التي تعطي اللون للأنسجة في جميع أنحاء العالم الطبيعي بما في ذلك جلد الإنسان والعينان والشعر.

كما ابتكر الباحثون تصميمات على المنسوجات عن طريق الهندسة الوراثية لبكتيريا كومبوتشا لإنتاج صبغة الميلانين فقط عند تعرضها للضوء الأزرق الذي جرى إسقاطه بأنماط على طبقة السليلوز. وأشار الباحثون إلى أن المنسوجات المصبوغة بالميلانين تبدو متينة مثل نظيراتها من السليلوز غير المصبوغة. وقال توم إليس إنه إذا انتشرت هذه التقنية فقد توفر نموذجاً لإنشاء مواد أكثر استدامة لعالم الموضة، ويأمل في تبسيط عملية الصباغة بحيث يمكن تصنيع المادة بسرعة أكبر، وكذلك إنتاج منسوجات السليلوز بمجموعة واسعة من الألوان.

طرق صباغة صديقة للبيئة

ومن خلال الاستفادة من المصادر الميكروبية وهندستها وراثياً لإنتاج السليلوز البكتيري ذاتي الصبغ، والذي يعد بديلاً للجلود التقليدية، وكذلك يعالج الحاجة إلى طرق صباغة صديقة للبيئة. في هذا السياق قام باحثون من الولايات المتحدة وفرنسا وسويسرا وألمانيا برئاسة بيتر هيجمان من معهد الأحياء الفيزياء الحيوية التجريبية جامعة برلين بألمانيا في دراسة نشرت في مجلة Nature Reviews Methods Primers في 21 يوليو (تموز) 2022 باستخدام التخليق الحيوي للميلانين لتحقيق لون أسود داكن، والذي يعد إنجازاً كبيراً وأن قوة الميلانين في استخدام المواد تعد مفيدة بشكل خاص ما يضمن المتانة وطول مدة الاستخدام في تطبيقات النسيج علاوة على ذلك، فإن قابلية التوسع في إنتاج السليلوز البكتيري تفتح إمكانات لتصنيع منتجات الأزياء المستدامة على نطاق واسع.

بالإضافة إلى ذلك فإن دمج تقنيات علم البصريات الوراثي Optogenetic techniques الذي جرى تطويره للسماح بالتحكم في نشاط خلايا مختارة داخل النسيج المتجانس، وذلك باستخدام مزيج من الهندسة الوراثية والضوء في التعبير الجيني في البكتيريا المنتجة للسليلوز، يُظهر إمكانات البيولوجيا التركيبية لزيادة تعزيز خصائص ووظائف هذه المنسوجات البديلة، كما يتيح هذا النهج التحكم الدقيق في توزيع الأصباغ، ويؤكد أيضاً على الطبيعة المتعددة التخصصات للتصنيع الحيوي.

وبشكل عام يهدف فريق البحث بالتعاون مع شركة التكنولوجيا الحيوية للنسيج Modern Synthesis إلى تسويق التكنولوجيا لإنشاء منتجات أزياء مستدامة، وفي حين لا تزال هناك تحديات في زيادة الإنتاج مع الحفاظ على القدرة على تحمل التكاليف للمستهلكين، فإن هذه التقنية تبشر بإحداث ثورة في صناعة المنسوجات مع التركيز على الاستدامة، وتسلط الدراسة أيضاً الضوء على إمكانات الهندسة الوراثية لإنتاج مواد صديقة للبيئة، وتوضح التداخل بين علم الأحياء والأزياء في إيجاد حلول مبتكرة لمستقبل أكثر استدامة؛ ما يمهد الطريق لعصر جديد من المنسوجات الصديقة للبيئة.



​الذكاء الاصطناعي في علاج جذور الأسنان

​الذكاء الاصطناعي في علاج جذور الأسنان
TT

​الذكاء الاصطناعي في علاج جذور الأسنان

​الذكاء الاصطناعي في علاج جذور الأسنان

حقق الذكاء الاصطناعي تقدماً كبيراً في اكتشاف وتوقع جوانب مختلفة في علاج جذور الأسنان المسماة من قِبل عامة الجمهور بـ«حشوات العصب» Endodontics.

الذكاء الاصطناعي يرصد جذر الأسنان

في مجال الاكتشاف، تم استخدام الذكاء الاصطناعي لتحديد الآفات والخراجات حول قمة جذور الأسنان، وكسر التاج والجذر، وتحديد طول الجذر، وكشف تشريح الجذور والقنوات. تشمل مهام التنبؤ تقدير الحاجة إلى إعادة العلاج. تُعد الخراجات حول قمة جذور الأسنان، شائعة وتُشكّل تحديات في التشخيص وتخطيط العلاج للأطباء. ويمكن أن يُحسّن التعرف المبكر على هذه الآفات من نتائج العلاج من خلال منع انتشار المرض إلى الأنسجة المحيطة.

إن علاج جذور الأسنان أو حشوات العصب، المعروف أيضاً باسم «علاج العصب»، فرع من فروع طب الأسنان يركز على تشخيص، ومعالجة أمراض لب الأسنان (العصب) والجذور.

يتضمن هذا العلاج إزالة اللب التالف أو المصاب داخل السن (لب السن المحتوي على العصب والشريان والوريد والأوعية اللمفاوية وكثير من الخلايا لكن الكل يسمي اللب بالعصب!)، وتنظيف وتعقيم القنوات الجذرية، ثم حشوها بمواد طبية خاصة لمنع العدوى المستقبلية، وحماية الأسنان من مزيد من التلف.

أهمية علاج جذور الأسنان

- تخفيف الألم: يساعد علاج الجذور في تخفيف الألم الشديد الناتج عن التهابات العصب، إذ قالت العرب: «لا ألم إلا ألم الضرس».

- إنقاذ الأسنان: يمكن أن يمنع العلاج الفقدان الكامل للسن المتضررة، مما يحافظ على الأسنان الطبيعية بدلاً من اللجوء إلى التعويضات الصناعية.

- منع العدوى: العلاج الفوري والعناية الجيدة تمنعان انتشار العدوى إلى الأنسجة المحيطة والعظام، وقد تم تسجيل بعض حالات الوفاة من انتقال الصديد من خراجات الأسنان إلى الدورة الدموية.

وحسب المكتب العربي في منظمة الصحة العالمية فإن هناك أكثر من 130 مليون عربي بالغ يعانون من تسوس أو نخر الأسنان، ونسبة كبيرة منهم ستحتاج إلى حشوات العصب.

الذكاء الاصطناعي يسابق جراحي الأسنان

* رصد الخراجات: أجرى العالم البريطاني أندرياس وزملاؤه دراسة مقارنة ما بين أداء خوارزمية الذكاء الاصطناعي و24 جراح فم ووجه في اكتشاف الخراجات حول قمة جذور الأسنان على الأشعة البانورامية. وخلصت الدراسة إلى أن خوارزميات الذكاء الاصطناعي القائمة على التعلم العميق تفوقت على بعض الجراحين. وبالمثل، أظهرت دراسة أخرى أن نماذج الشبكات العصبية التلافيفية CNN، (وهي من مكونات الذكاء الاصطناعي المستلهمة من العصب البصري لتحديد الأشكال)، أدت أداءً أفضل من ثلاثة أطباء استشاريي أشعة فم ووجه، في اكتشاف الخراجات حول قمة جذور الأسنان أثناء المحاكاة على الأشعة داخل الفم.

وفي دراسة أخرى نشرت في مجلة «طب الأسنان» البريطانية أخيراً، استخدم العالم أورهان وزملاؤه أكثر من 100 أشعة مقطعية للأسنان لاختبار نظام الذكاء الاصطناعي، وذكروا دقة اكتشاف عالية مقارنة باختصاصي الأشعة.

تشخيص كسور الجذور وأطوالها

* تشخيص كسور الجذور الأفقية والعمودية: وهو مهمة تتطلب الخبرة، ويفشل تقريباً 75 في المائة من الأطباء في تحديدها على الأشعة. تم تطوير نماذج من الذكاء الاصطناعي لاكتشاف كسور الجذور تلقائياً على الصور الشعاعية للأسنان ثنائية وثلاثية الأبعاد.

أظهرت دراسة لفوكودا وزملائه أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يكون أداة واعدة لتشخيص الكسور الجذرية العمودية على الأشعة البانورامية. وأظهرت دراسة أخرى للدكتور جوهاري من «هارفارد» وزملائه أداءً ممتازاً باستخدام خوارزمية الذكاء الاصطناعي للكشف عن الكسور الجذرية العمودية بدقة 96.6 في المائة.

* تحديد طول الجذر بدقة: خطوة حاسمة لنجاح علاج قناة الجذر أو حشوات العصب، حيث إن 60 في المائة من فشل علاج حشوات العصب بسبب عدم الحساب الدقيق لطول قناة العصب، ما يؤدي إلى قصر أو زيادة الحشوة، ويؤدي بدوره إلى فشل العلاج، وتفاقم الخراج مع خطورة ذلك.

أظهرت الدراسات أن الشبكات العصبية الاصطناعية (وهي من مكونات الذكاء الاصطناعي) يمكن استخدامها لتحديد طول الجذر بدقة. أبلغ الدكتور ساغيري وزملاؤه في بحث منشور أخيراً في مجلة «طب الأسنان» الأميركية أن الذكاء الاصطناعي يمكن استخدامه أداة إضافية لتحديد موقع خروج العصب من قمة جذر الأسنان، وقد أثبت ذلك عدم وجود فروق في قياسات طول الجذر عند مقارنة الذكاء الاصطناعي مع القياسات الفعلية بعد إجراء القياسات الفعلية.

معدلات نجاح عالية

وهكذا فقد أظهرت خوارزميات الذكاء الاصطناعي القائمة على CNN معدلات نجاح عالية في الكشف التلقائي عن الأسنان وتجزئتها على الأشعة ثنائية وثلاثية الأبعاد.

ويتمتع الذكاء الاصطناعي بمستوى عالٍ، مقارنة بالمراقبين البشريين، ولكن مع أوقات معالجة أسرع بكثير. وبما أن تحديد تشريح الجذور والقنوات هو أمر ضروري لنجاح علاج قناة الجذر، فإن لدى تطبيقات الذكاء الاصطناعي القدرة على المساهمة في هذه المهام.

*رئيس جمعية الذكاء الاصطناعي بطب الأسنان في الشرق الأوسط.

حقائق

130 مليون عربي بالغ يعانون من تسوس أو نخر الأسنان ونسبة كبيرة منهم ستحتاج إلى حشوات العصب