بكتيريا في الفم ترتبط بنحو 50 % من سرطانات القولون والمستقيم

سمات وراثية تمكنها الانتقال من الفم عبر المعدة نحو الأمعاء

بكتيريا في الفم ترتبط بنحو 50 % من سرطانات القولون والمستقيم
TT

بكتيريا في الفم ترتبط بنحو 50 % من سرطانات القولون والمستقيم

بكتيريا في الفم ترتبط بنحو 50 % من سرطانات القولون والمستقيم

أفادت دراسة حديثة باكتشاف محوري يتعلق بسلالة محددة من البكتيريا الموجودة عادة في الفم، إذ تم التعرف على تلك البكتيريا على أنها قادرة على الانتقال إلى القناة الهضمية والازدهار داخل أورام سرطان القولون والمستقيم، ما يؤدي في النهاية إلى تطور السرطان، ويقود إلى نتائج أسوأ للمرضى بعد علاج السرطان.

بكتيريا الفم وسرطان القولون

يعد سرطان القولون والمستقيم السبب الرئيسي الثاني للوفيات المرتبطة بالسرطان لدى البالغين في الولايات المتحدة، وفقاً لجمعية السرطان الأميركية. وحسب التقديرات لعدد حالات سرطان القولون والمستقيم في الولايات المتحدة كانت هناك نحو 106590 حالة إصابة جديدة بسرطان القولون، منها 51 بالمائة لدى الرجال، و49 بالمائة لدى النساء، ونحو 46.220 حالة إصابة جديدة بسرطان المستقيم؛ 59 بالمائة لدى الرجال، و41 بالمائة لدى النساء لعام 2022.

ولأجل التحقيق في دور بكتيريا تسمى فيوزيبكتريم نيوكلياتم Fusobacterium nucleatum، وهي بكتيريا معروفة بإصابة الأورام، قام مؤلفا الدراسة بالإشراف بشكل مشترك بدراستها.

وهما سوزان بولمان الباحثة في ميكروبيوم السرطان وكريستوفر جونستون عالم الأحياء الدقيقة الجزيئية، وكلاهما من قسم الأحياء البشرية مركز فريد هاتشينسون للسرطان سياتل واشنطن الولايات المتحدة الأميركية. ونشرت الدراسة في مجلة «نتشر» Nature في 20 مارس (آذار) 2024.

وأجرى الفريق البحثي فحصاً لأورام سرطان القولون والمستقيم التي تمت إزالتها من 200 مريض مصاب بالسرطان، وكشفت التحاليل في نحو 50 بالمائة من الحالات وجود سلالة محددة من البكتيريا بنسبة كبيرة في أنسجة الورم مقارنة بالأنسجة السليمة.

واعتقد الباحثون في البداية أن البكتيريا الأولية في سرطانات القولون والمستقيم نشأت من نوع فرعي واحد. لكن التحقيقات الإضافية كشفت عن نوعين متميزين أحدهما فقط هو الذي يؤدي إلى نمو الورم. علاوة على ذلك، وجد الباحثون مستويات أعلى من هذه البكتيريا في عينات البراز لمرضى سرطان القولون والمستقيم، مقارنة بعينات البراز من الأفراد الأصحاء.

وأكدت سوزان بولمان على الارتباط المستمر بين وجود بكتيريا فيوزيبكتريم نيوكلياتم Fusobacterium nucleatum في أورام القولون والمستقيم، وعلى صعوبة نقاهة المريض وبقائه على قيد الحياة.

اختلافات جينية

سلط الدكتور كريستوفر جونستون الضوء على اكتشاف مهم يتعلق بالتنوع الجيني لبكتيريا فيوزيبكتريم نيوكلياتم في أورام القولون والمستقيم. وخلافاً للافتراضات السابقة، كشفت التحليلات الجينية أن هذه البكتيريا التي تعد أنها نوع فرعي واحد single subspecies لكنها في الواقع تتكون من سلالتين متميزتين تعرفان باسم «الفرعيات» clades هما Fna C1 وFna C2 من البكتيريا داخل الأورام. وتظهر هذه الفروع اختلافات وراثية ملحوظة، حيث يُظهر النوع الفرعي Fna C2 سمات تمكنه من الانتقال من الفم عبر المعدة وقدرته على تحمل حامض المعدة والنمو في الجهاز الهضمي السفلي. وكشف التحليل أيضاً عن 195 اختلافاً جينياً بين تلك الفرعيات Fna C1 وFna C2.

وأكدت التحليلات الجزيئية الإضافية انتشار النوع الفرعي Fna C2 في نحو 50 بالمائة من حالات سرطان القولون والمستقيم. والأهم من ذلك أن مستويات هذا النوع كانت أعلى باستمرار في مرضى سرطان القولون والمستقيم مقارنة بالأفراد الأصحاء عبر مئات عينات البراز التي تم اختبارها.

وتفتح نتائج هذا البحث الرائد السبل الكفيلة لتطوير علاجات مستهدفة، وكذلك طرق فحص تستهدف مجموعة فرعية محددة من بكتيريا فيوزيبكتريم نيوكلياتم المرتبطة بنمو سرطان القولون والمستقيم.

ويتصور الباحثون فرصاً كبيرة لتطوير علاجات خلوية ميكروبية، وذلك باستخدام سلالات بكتيرية معدلة لتوصيل العلاج مباشرة إلى الأورام. وتمثل هذه الدراسة خطوة حاسمة إلى الأمام في فهم التفاعل المعقد بين المجتمعات الميكروبية وتطور سرطان القولون والمستقيم.



الكشف عن العوامل الوراثية المرتبطة بـ«الانزلاق الغضروفي»

 41 منطقة جديدة من الجينوم تعمل على تعديل خطر الإصابة بالانزلاق الغضروفي (غيتي)
41 منطقة جديدة من الجينوم تعمل على تعديل خطر الإصابة بالانزلاق الغضروفي (غيتي)
TT

الكشف عن العوامل الوراثية المرتبطة بـ«الانزلاق الغضروفي»

 41 منطقة جديدة من الجينوم تعمل على تعديل خطر الإصابة بالانزلاق الغضروفي (غيتي)
41 منطقة جديدة من الجينوم تعمل على تعديل خطر الإصابة بالانزلاق الغضروفي (غيتي)

سلطت دراسة حديثة الضوء على التقدم الكبير في فهم الأسس الجينية للانزلاق الغضروفي القطني، ووجدت 41 منطقة جديدة من الجينوم تعمل على تعديل خطر الإصابة بالانزلاق الغضروفي، بالإضافة إلى 23 منطقة كانت حُددت سابقاً.

كما توفر الدراسة رؤى جديدة بشأن كيفية تأثير هذه المناطق على بنية القرص الموجود بين الفقرات (القرص الفقري)، والالتهاب، ووظيفة الأعصاب. وتتعلق النتائج الرئيسية بالجينات المرتبطة بالأعصاب، والتي تعزز فهمنا كيفية تسبب الانزلاق الغضروفي في ألم طويل الأمد وتجارب ألم متفاوتة.

الجينات و«الانزلاق الغضروفي»

يعدّ الانزلاق الغضروفي القطني أحد أكثر التغيرات البنيوية شيوعاً في أسفل الظهر، والسبب الأكثر شيوعاً لألم العصب الوركي في الساق، وقد حُقق في عوامل الخطر الوراثية للانزلاق الغضروفي في دراسة دولية قادتها مجموعة بحثية من فلندا.

وحللت الدراسة، التي نُشرت في مجلة «Nature Communications» يوم 7 نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، برئاسة يوهانس كيتونين، من وحدة أبحاث الصحة السكانية بكلية الطب والمركز الحيوي في جامعة أولو، البيانات الجينية والصحية لنحو 830 ألف مشارك من بنوك حيوية قوية، مثل «البنك الحيوي الفلندي والإستوني» و«البنك الحيوي البريطاني»، وقيّمت دور مجموعات البيانات الكبيرة في الكشف عن العلاقات الجينية المعقدة. وكان لاكتشاف 5 مناطق جينومية جديدة مرتبطة بحالات أكثر شدة تتطلب الجراحة أهمية كبيرة للتأكيد على إمكانية تصميم التدخلات الطبية.

وحددت الدراسة، بالإضافة إلى ذلك، ارتباطات جديدة بالقرب من الجينات المرتبطة بالجهاز العصبي ووظيفة الأعصاب. وقد أدت النتائج المتعلقة بوظائف الجهاز العصبي إلى زيادة فهمنا العلاقة بين الانزلاق الغضروفي العرضي والألم المنتشر.

جينات الاستعداد الوراثي

وقال فيلي سالو، الباحث في جامعة أولو والمحلل الرئيسي في الدراسة، إنهم وجدوا جينات الاستعداد الوراثي التي يمكنها تفسير إطالة الألم جزئياً وكذلك الاختلافات التي لوحظت سريرياً في الألم الذي يعانيه المرضى.

وهذا ما يساعد في تطوير أساليب إدارة الألم لمرضى الانزلاق الغضروفي الذين يعانون آلاماً شديدة، وبالتالي تحسين نوعية حياتهم، كما يقول المختص في الطب الطبيعي الذي شارك في البحث، جوهاني ماتا، من وحدة أبحاث العلوم الصحية والتكنولوجيا بكلية الطب في جامعة أولو بفنلندا.

و«الانزلاق الغضروفي القطني» هو إصابة للغضروف بين فقرتين من العمود الفقري، وعادة ما يحدث بسبب الإجهاد المفرط أو صدمة للعمود الفقري، ويعدّ من أكثر التغيرات البنيوية شيوعاً في أسفل الظهر، كما أنه السبب الأكثر شيوعاً لـ«الألم المنتشر» الذي يسمى «عرق النسا»؛ إذ يحدث «الألم المنتشر» بسبب تهيج الأعصاب الذي يحدث بسبب ضيق العصب الناجم عن الانزلاق، وخصوصاً بسبب زيادة العوامل الالتهابية في منطقة الانزلاق الغضروفي.

والانزلاق الغضروفي شائع جداً حتى لدى الأشخاص الذين لا تظهر عليهم أعراض. ويزداد تكراره مع تقدم العمر، ويسبب أعراضاً لبعض الأشخاص فقط عندما يهيج العصب؛ فالعوامل المرتبطة بتطور الانزلاق الغضروفي معروفة نسبياً، لكن التحقيق في خلفيتها الوراثية لم يحظ باهتمام كبير.

التنبؤ بالإعاقة والألم بعد الجراحة

ووفقاً لدراسة نُشرت في 7 فبراير (شباط) 2024 بمجلة «JAMA»، وقادها بيورنار بيرج، من «مركز صحة الجهاز العضلي الهيكلي الذكي» بكلية العلوم الصحية في جامعة أوسلو النرويجية، فقد طور بيرج وزملاؤه نماذج التنبؤ بالإعاقة والألم بعد 12 شهراً من جراحة الانزلاق الغضروفي القطني، وأكدوا صحة هذه النماذج.

كما أكدت الدراسة على إمكانات التعلم الآلي في تعزيز عملية اتخاذ القرار السريري وإرشاد المرضى فيما يتعلق بنتائج جراحة الانزلاق الغضروفي القطني، فقد استخدم البحث مجموعة بيانات شاملة من السجل النرويجي لجراحة العمود الفقري، وحلل أكثر من 22 ألفاً و700 حالة لتطوير نماذج التنبؤ بالإعاقة والألم بعد الجراحة.

واكتشف الباحثون أن معدلات عدم نجاح العلاج كانت على النحو التالي: 33 في المائة للحالات التي قيست باستخدام «مؤشر أوزويستري للإعاقة (ODI)»، و27 في المائة للحالات التي قيست باستخدام «مقياس التصنيف العددي (NRS)» لألم الظهر، و31 في المائة للحالات التي قيست باستخدام المقياس نفسه؛ أي «مقياس التصنيف العددي لألم الساق».

وهذا يشير إلى أن نسبة كبيرة من المرضى لم يحققوا نتائج ناجحة في تقليل الإعاقة أو تخفيف الألم بعد جراحة الانزلاق الغضروفي القطني.

دعم التشخيصات

و«مؤشر أوزويستري للإعاقة Oswestry Disability Index (ODI)» مشتق من استبيان لآلام أسفل الظهر يستخدمه الأطباء والباحثون لقياس الإعاقة الناجمة عن آلام أسفل الظهر ونوعية الحياة. و«أوزويستري» مدينة تاريخية في شروبشاير بإنجلترا.

أما «مقياس التقييم الرقمي (NRS) Numeric Rating Scale» فيقيس مستوى الألم من 0 إلى 10 (حيث يشير 0 إلى عدم وجود ألم، و10 إلى ألم شديد).

ويشير استخدام البيانات قبل الجراحة بوصفها متنبئات إلى أنه يمكن دمج هذه النماذج في سير العمل السريري عبر أنظمة السجلات الطبية الإلكترونية، مما يدعم «التشخيصات الشخصية» ويساعد في اتخاذ القرارات المشتركة للجراحة.

ويؤكد المؤلفون على الحاجة إلى مزيد من التحقق الخارجي بسجلات جراحة العمود الفقري الأخرى؛ لتوسيع نطاق التطبيق. كما يمثل هذا التطور خطوة مهمة نحو الطب الدقيق في جراحة العمود الفقري، مما قد يحسن نتائج المرضى ويحسن التخطيط الجراحي.