ما هي طبيعة الذكاء الاصطناعي التي لا يمكن السيطرة عليها؟

تنتفي حالياً قدرات التحكم فيه

ما هي طبيعة الذكاء الاصطناعي التي لا يمكن السيطرة عليها؟
TT

ما هي طبيعة الذكاء الاصطناعي التي لا يمكن السيطرة عليها؟

ما هي طبيعة الذكاء الاصطناعي التي لا يمكن السيطرة عليها؟

في مراجعة شاملة تلقي الضوء على مجال الذكاء الاصطناعي الناشئ، يرفع د. رومان فـ. يامبولسكي، الخبير الرائد في أمن الذكاء الاصطناعي بجامعة لويزفيل الأميركية، الصوت مشكّكاً بقدرة البشرية على السيطرة على هذه التقنية.

الذكاء الاصطناعي يهيكل المجتمعات

في كتابه المقبل «الذكاء الاصطناعي: غير القابل للشرح والتنبؤ والسيطرة»، يغوص الخبير في أشكال إعادة هيكلة الذكاء الاصطناعي لمجتمعاتنا والتي لن تكون دائماً للأفضل. وتوصلت تحقيقاته في الأدب العلمي المحيط بالذكاء الاصطناعي إلى خلاصة صاعقة: لا يوجد حالياً دليلٌ يرجّح إمكانية السيطرة على الذكاء الاصطناعي.

يشير بحث الدكتور يامبولسكي إلى خطرٍ وجودي محتمل تمثله هذه التقنية، ويقول: «نحن نواجه حدثاً قادراً على التسبّب بكارثة وجودية». يسلّط هذا التحذير الصارخ الضوء على سيفٍ ذي حدّين لتطوّر الذكاء الاصطناعي: الوعد بالازدهار غير المسبوق، يقابله خطر الانقراض.

طرائق الذكاء لا يمكن فهمها

يرى الخبير استهانة هائلة في تحدّي السيطرة على الذكاء الاصطناعي؛ إذ على الرغم من مكاسبه المحتملة، فإن قدرة الذكاء الاصطناعي على التعلّم، والتكيّف، والتصرّف بشكلّ شبه مستقلّ في الأوضاع المستجدّة، تضعنا أمام عددٍ لا يُعدّ ولا يُحصى من المشاكل المرتبطة بالسلامة. يكمن أصل هذه المسألة في طبيعة أنظمة الذكاء الاصطناعي التي تُشبه «الصندوق الأسود»، حيث تُتخذ القرارات بطرائق لا يستطيع البشر فهمها أو توقّعها تلقائياً.

في عالم الذكاء الخارق، تتضاءل القدرة على الحفاظ على السيطرة في ظلّ تصاعد استقلالية الذكاء الاصطناعي. ويحاجج الدكتور يامبولسكي بأنّ العناصر الأقلّ ذكاءً، كالبشر، لا يستطيعون السيطرة إلى الأبد على العناصر الأكثر ذكاءً، كالذكاء الاصطناعي، شارحاً أنّ المسألة هنا ليس تحدياً تقنياً، بل وضعاً مستحيلاً نظراً لطبيعة الذكاء الخارق.

اصطفاف أم معادة للقيم الإنسانية؟

علاوةً على ذلك، تضعنا المطالبة بذكاء اصطناعي منحاز للأخلاق والقيم أمام مفارقة. فبينما يُرى اصطفاف الذكاء الاصطناعي إلى جانب القيم الإنسانية بوصفه وسيلة لضمان السلامة، لا تزال هذه التقنية تحمل في طيّاتها الكثير من الانحياز الذي لا يفضي دوماً إلى نتائج أخلاقية أو إيجابية حتى ولو كان مناصراً للبشر.

يدعم يامبولسكي مقاربة متوازنة لتطوير الذكاء الاصطناعي، يُصار فيها إلى قياس المكاسب المحتملة مقابل المخاطر.

الذكاء الاصطناعي يَعِد بالازدهار غير المسبوق يقابله خطر الانقراض

تصميم لمراعاة الفهم البشري

ويقترح الخبير أن يُعمد إلى تصميم أنظمة ذكاء اصطناعي تراعي قابلية التعديل، والشفافية، والفهم البشري. ويدعو أيضاً إلى المزيد من الجهود والتمويل للأبحاث التي تدرس أمن الذكاء الاصطناعي، مشيراً إلى أنّ الذكاء الاصطناعي الآمن بالكامل ليس قابلاً للتحقيق، ولكن إجراء تحسينات وازنة قد يساعد في تقليل المخاطر.

تتسم نتائج أبحاث الدكتور يامبولسكي بالعمق، وتحثّ على إعادة تقييم مسيرة تطوير الذكاء الاصطناعي. فمن دون الضوابط المناسبة، يضع دمج الذكاء الاصطناعي في مجالات حساسة كالعناية الصحية، والموارد المالية، والأمن، البشرية أمام مخاطر كبيرة على المستويين الأخلاقي والأمني. يكمن التحدّي الأكبر في إيجاد طريقة لتسخير مكاسب الذكاء الاصطناعي وضمان انحيازه للقيم الإنسانية والسيطرة عليه، هذه المهمّة التي يشدّد الخبير على أهميتها العظيمة لمستقبل البشرية.

مع استمرار تطوّر الذكاء الاصطناعي، سيبقى الجدل حول سلامته، والسيطرة عليه، وتبعاته الأخلاقية في مقدّمة الخطابين العلمي والشعبي. وحسب موقع «سبايس وور» الإلكتروني، فإن الدكتور يامبولسكي يسلط الضوء على الحاجة الملحّة لجهود عالمية متضافرة تواجه المخاطر المحتملة للذكاء الاصطناعي غير الخاضع للسيطرة.

طريق المستقبل غامض، ولكنّ الدعوة إلى التحرّك واضحة: السير في طريق تطوير الذكاء الاصطناعي بحذر وحكمة، والتزام عميق بحماية مستقبل البشرية.


مقالات ذات صلة

«شات جي بي تي» أو «كوبايلوت»... من تختار؟ ولماذا؟

تكنولوجيا يختص «ChatGPT» بإنشاء تنسيقات نصية والإجابة عن الأسئلة في حين يركز «Copilot» على تعزيز الإنتاجية في البرمجة وتحليل البيانات (شاترستوك)

«شات جي بي تي» أو «كوبايلوت»... من تختار؟ ولماذا؟

يعتمد الاختيار بين «شات جي بي تي» و«كوبايلوت» على احتياجاتك وسياقك المحددين لذا من المهم فهم قدرات ومميزات كل منهما.

نسيم رمضان (لندن)
تكنولوجيا عزز الباحثون سماعات إلغاء الضوضاء بشبكة عصبية تعتمد على الهاتف الذكي لتحديد الأصوات المحيطة والحفاظ عليها مع تصفية كل شيء آخر (شاترستوك)

سماعات رأس مانعة للضوضاء تسمعك ما تريده بذكاء

يطور باحثون أميركيون سماعات رأس ذكية مانعة للضوضاء تفرق في كثير من الأحيان بين الضوضاء في الخلفية والأصوات المهمة.

نسيم رمضان (لندن)
الولايات المتحدة​ الملياردير إيلون ماسك والرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب (أ.ب)

تقرير: إيلون ماسك قد ينضم لإدارة ترمب في حال فوزه بالانتخابات المقبلة

ذكر تقرير صحافي أن الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب أجرى مكالمات هاتفية عدة مع الملياردير إيلون ماسك لمناقشة إمكانية تولي الأخير دوراً استشارياً في إدارته.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
تكنولوجيا أعلنت «يوتيوب» أنها ستوفر الألعاب القابلة للتشغيل للمزيد من المستخدمين تدريجياً خلال الأشهر المقبلة (مدونة يوتيوب)

«يوتيوب» تطلق خدمة «الألعاب القابلة للتشغيل» لجميع المستخدمين

أطلقت «يوتيوب» مبادرة «الألعاب القابلة للتشغيل» (Playables) مقدمة بذلك تجربة لعب مبتكرة ومميزة لمستخدميها.

عبد العزيز الرشيد (الرياض)
تكنولوجيا «أدوبي» تطلق أدوات «الإزالة التوليدية» و«التمويه العدسي» في «لايت روم» الآن للمستخدمين لتحرير الصور بسهولة وسرعة (لايت روم)

«أدوبي» تطلق أداة «الإزالة التوليدية» لتحرير الصور بسهولة في «لايت روم»

أعلنت «أدوبي»، الشركة الرائدة في مجال البرمجيات الإبداعية والتصميم الرقمي، عن إطلاق أداة جديدة فائقة التطور تحت اسم «الإزالة التوليدية - Generative Remove».

عبد العزيز الرشيد (الرياض)

جمجمة تكشف محاولة المصريين القدماء علاج مرض السرطان

صورة تعبيرية لجمجمة من بيكسباي/pixabay
صورة تعبيرية لجمجمة من بيكسباي/pixabay
TT

جمجمة تكشف محاولة المصريين القدماء علاج مرض السرطان

صورة تعبيرية لجمجمة من بيكسباي/pixabay
صورة تعبيرية لجمجمة من بيكسباي/pixabay

كشف فريق من العلماء من بريطانيا وإسبانيا وألمانيا، عن جمجمة مصرية، عمرها نحو 4000 سنة، تظهر عليها علامات تشير إلى خضوعها لمحاولات علاج مرض السرطان، في دراسة جديدة نشرتها مجلة «فرونتيير إن ميدسين» Frontiers in Medicine.

وقال علماء إن العلامات التي تم اكتشافها على الجمجمة من شأنها أن تكون مؤشراً على أن المصريين القدماء حاولوا إجراء عمليات جراحية على نمو الأنسجة المفرط، وبالتالي فهي إشارة على محاولتهم علاج السرطان.

وكانت الدراسات القديمة تقول بالأدلة في النصوص القديمة إن المصريين القدماء كانوا بارعين في الطب في عصرهم، إذ كان بإمكانهم علاج وتحديد الأمراض والإصابات وحتى تركيب حشوات الأسنان، لكنهم لم يفلحوا في علاج الأمراض المزمنة على غرار السرطان. وفي المقابل، أشارت الدراسة الجديدة إلى أن المصريين القدماء حاولوا ذلك.

وقام فريق دولي من العلماء بفحص جمجمتين بشريتين، يبلغ عمرهما آلاف السنين، موجودتين في مجموعة داكوورث بجامعة كامبريدج البريطانية.

وتعود الجمجمة الأولى رقم 236، التي يرجع تاريخها إلى ما بين 2687 و2345 قبل الميلاد، إلى رجل يتراوح عمره بين 30 و35 ربيعاً، فيما تعود الجمجمة الثانية «إي 270» التي يعود تاريخها بين 343 و663 إلى امرأة يزيد سنها على 50 عاماً.

وأظهر الكشف المجهري وجود ورم أساسي كبير، إضافة إلى أكثر من 30 ورماً ثانوياً أصغر حجماً منتشرة في جميع أنحاء الجمجمة، محاطة بعلامات قطع، يعتقد الباحثون أنه تم خلقها بواسطة أداة معدنية، ما يشير إلى محاولة المصريين القدماء إجراء عملية جراحية لعلاج المريض.

وقالت الألمانية تاتيانا توندينيا الباحثة في جامعة «توبينغين» Tübingen وهي واحدة من العلماء الذين أجروا الدراسة الجديدة، إنه «من خلال محاولتنا التعرف على مدى انتشار مرض السرطان في العصور القديمة، وكيف تعاملت المجتمعات القديمة معه، لاحظنا العلامات على الجمجمة تحت المجهر لأول مرة، ولم نصدق ذلك».

من جهته، أضاف المعد الرئيسي للدراسة البروفسور إدغارد كاماروس، من جامعة «سانتياغو دي كومبوستيلا» بإسبانيا: «هذا الاكتشاف يعتبر دليلاً قاطعاً على تجارب الطب المصري القديم في التعامل مع مرض السرطان أو استكشافه منذ أكثر من 4000 عام».

كما صرح المعد المشارك في الدراسة البروفسور ألبرت إيسيدرو، جراح الأورام في مستشفى جامعة «ساغرات كور» بإسبانيا، بأن «المصريين القدماء أجروا نوعاً من التدخل الجراحي المتعلق بوجود الخلايا السرطانية، ما يؤكد أن الطب المصري القديم كان يجري محاولات تجريبية لعلاج المصابين».

وقال فريق الدراسة الحديثة إن جمجمة المرأة تظهر عليها أورام سرطانية تسببت في تدمير العظام.

كما عثر الثلاثي على جروح ملتئمة جراء إصابات رضحية في الجمجمة، ما يدل على أن المرأة تلقت نوعاً من العلاج.

وخلصت الدراسة الجديدة إلى أن السرطان كان مرضاً شائعاً في الحقبات المنصرمة، علماً بأن الحياة اليوم وتقدم الناس في العمر وتعرضهم لمواد مسببة للسرطان في البيئة تزيد من خطر الإصابة بمرض العصر عند جميع الفئات العمرية.