اكتشاف جين يرتبط بفقدان السمع

يبشر بآفاق جديدة لدرء الصمم

اكتشاف جين يرتبط بفقدان السمع
TT

اكتشاف جين يرتبط بفقدان السمع

اكتشاف جين يرتبط بفقدان السمع

توصل الباحثون في جامعة كاليفورنيا في سان فرنسيسكو إلى اكتشاف جين يرتبط بفقدان السمع وموت الخلايا في الأذن الداخلية للإنسان؛ ما يفتح أفقاً جديداً لتجنب فقدان السمع. وفي العادة يمكن أن يتضرر سمع الشخص بسبب الضوضاء العالية والشيخوخة وحتى تناول بعض الأدوية، ما يؤدي إلى اللجوء إلى أدوات مساعدة السمع أو زراعة القوقعة الصناعية.

جين الأذن الداخلية

حقق الباحثون طفرة في فهم ما يحدث في الأذن الداخلية أثناء فقدان السمع ما وضع الأساس لمنع الصمم. ويربط البحث الذي نُشر في مجلة «The Journal of Clinical Investigation Insight (JCI)» في 9 يناير (كانون الثاني) 2024، الطفرات في جين يدعى «تي إم تي سي 4 (TMTC4)» بفقدان السمع، حيث يؤثر ذلك في استجابة البروتينات التي تتحكم بها الخلايا في توازن بروتين الشبكة الإندوبلازمية في خلايا الأذن؛ ما يؤدي إلى موت الخلايا الشعرية في الأذن الداخلية.

ويعد هذا الاكتشاف أساساً لفهم العمليات الجزيئية خلال فقدان السمع، وقد يمهد الطريق لتطوير استراتيجيات لمنع فقدان السمع، حيث يفقد الملايين من البالغين سمعهم بسبب التعرض للضوضاء أو الشيخوخة كل عام. وأفاد ديلان تشان، صاحب دكتوراه في الطب وخبير الأذن الداخلية ومؤلف المشارك في الدراسة، بأنه لم يكن هناك أحد يعلم ما يحدث، بل كان الأمر لغزاً.

أثر الضوضاء العالية

وقد لاحظ الدكتور إليوت شي، مدير برنامج أبحاث تطوير الدماغ بجامعة كاليفورنيا في سان فرنسيسكو وأحد المشاركين الرئيسيين في الدراسة الحالية في دراسة سابقة، أن الأطفال الذين يعانون من تشوهات في الدماغ لديهم طفرات في جين «TMTC4». ومع ذلك فإن الدراسات التي أُجريت على هذا الجين في الفئران بدت في البداية طبيعية، ولكن عندما نضجت الفئران ظهرت عليها علامات الصمم خصوصاً أثناء الاستجابة للضوضاء العالية.

وبالتعاون مع ديلان تشان اكتشف الفريق العلمي في الدراسة الجديدة أن الطفرات في ذلك الجين تؤدي إلى التدمير الذاتي لخلايا الأذن الشعرية، وهي عملية تتفاقم أيضاً بسبب الضوضاء العالية، فعندما تتعرض الخلايا للضغط البيئي أو الداخلي فإنها تقوم بتنشيط الاستجابة المتكاملة للضغط (ISR) لاستعادة التوازن، وتعزيز بقاء الخلية.

ثم لاحظوا أن العقار الذي جرى تطويره في جامعة كاليفورنيا في سان فرنسيسكو لمنع آلية التدمير الذاتي قد منع فعلاً الحيوانات المعرضة للضوضاء من أن تصبح صماء، ويعرف العقار باسم مثبط الاستجابة للضغط المتكامل «(ISRIB) integrated stress response inhibitor».

أول جين صمم بشري

وكان فريق من العلماء الكوريين الجنوبيين بقيادة الدكتور بونج جيك كيم قد قام في عام 2020 بربط النتائج التي توصل إليها ديلان تشان وإليوت شير في عام 2018 مع الطفرات الجينية التي لوحظت في شقيقين فقدا السمع في منتصف العشرينات من العمر، ولاحظوا أن الطفرات في جين «TMTC4» تطابقت مع تلك الموجودة في الدراسة التي أجريت على الحيوانات، ما يؤكد أهمية البحث بالنسبة للبشر الذين يعانون من فقدان السمع التدريجي.

وجرى تحديد الطفرات في هذا الجين كأول جين صمم لدى الإنسان البالغ، حيث ربطت الجين بفقدان السمع لدى الفئران والبشر. كما أن فهم الطفرات في ذلك الجين يوفر للباحثين نهجاً جديداً لدراسة الصمم التدريجي؛ لأنه يلعب دوراً حاسماً في الحفاظ على صحة الأذن الداخلية للبالغين؛ حيث إن هذه الطفرات تحاكي الضرر الناجم عن عوامل مثل الضوضاء أو الشيخوخة أو بعض الأدوية.

ويتوقع الباحثون مستقبلاً أن يتمكن الأفراد المعرّضون لأنواع معينة من الأدوية أو الضوضاء العالية كما هي الحال في بعض البيئات المهنية كالحدادة والنجارة... وغيرها، من تناول دواء يخفف من استجابة البروتينات في خلايا الأذن؛ ما يمنع الخلايا الشعرية من التدهور، ويحافظ على السمع. وتشير النتائج أيضاً إلى أن استهداف هذه الاستجابة يمكن أن تكون له آثار على حالات أخرى؛ حيث تواجه الخلايا العصبية إجهاداً وتدهوراً كبيرين بما في ذلك الأمراض التي يُعتقد منذ فترة طويلة أنها غير قابلة للشفاء مثل مرض ألزهايمر أو مرض لو غيريغ «Lou Gehrig's disease»، ويسمى أيضاً مرض العصب الحركي «(MND) motor neurone disease» وهو الشكل الأكثر شيوعاً لأمراض الخلايا العصبية الحركية. وكان الهدف الرئيسي للدراسة إيجاد وسيلة يمكن من خلالها اعتراض طريق موت الخلايا الشعرية في الأذن لمنع فقدان السمع.



الكشف عن العوامل الوراثية المرتبطة بـ«الانزلاق الغضروفي»

 41 منطقة جديدة من الجينوم تعمل على تعديل خطر الإصابة بالانزلاق الغضروفي (غيتي)
41 منطقة جديدة من الجينوم تعمل على تعديل خطر الإصابة بالانزلاق الغضروفي (غيتي)
TT

الكشف عن العوامل الوراثية المرتبطة بـ«الانزلاق الغضروفي»

 41 منطقة جديدة من الجينوم تعمل على تعديل خطر الإصابة بالانزلاق الغضروفي (غيتي)
41 منطقة جديدة من الجينوم تعمل على تعديل خطر الإصابة بالانزلاق الغضروفي (غيتي)

سلطت دراسة حديثة الضوء على التقدم الكبير في فهم الأسس الجينية للانزلاق الغضروفي القطني، ووجدت 41 منطقة جديدة من الجينوم تعمل على تعديل خطر الإصابة بالانزلاق الغضروفي، بالإضافة إلى 23 منطقة كانت حُددت سابقاً.

كما توفر الدراسة رؤى جديدة بشأن كيفية تأثير هذه المناطق على بنية القرص الموجود بين الفقرات (القرص الفقري)، والالتهاب، ووظيفة الأعصاب. وتتعلق النتائج الرئيسية بالجينات المرتبطة بالأعصاب، والتي تعزز فهمنا كيفية تسبب الانزلاق الغضروفي في ألم طويل الأمد وتجارب ألم متفاوتة.

الجينات و«الانزلاق الغضروفي»

يعدّ الانزلاق الغضروفي القطني أحد أكثر التغيرات البنيوية شيوعاً في أسفل الظهر، والسبب الأكثر شيوعاً لألم العصب الوركي في الساق، وقد حُقق في عوامل الخطر الوراثية للانزلاق الغضروفي في دراسة دولية قادتها مجموعة بحثية من فلندا.

وحللت الدراسة، التي نُشرت في مجلة «Nature Communications» يوم 7 نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، برئاسة يوهانس كيتونين، من وحدة أبحاث الصحة السكانية بكلية الطب والمركز الحيوي في جامعة أولو، البيانات الجينية والصحية لنحو 830 ألف مشارك من بنوك حيوية قوية، مثل «البنك الحيوي الفلندي والإستوني» و«البنك الحيوي البريطاني»، وقيّمت دور مجموعات البيانات الكبيرة في الكشف عن العلاقات الجينية المعقدة. وكان لاكتشاف 5 مناطق جينومية جديدة مرتبطة بحالات أكثر شدة تتطلب الجراحة أهمية كبيرة للتأكيد على إمكانية تصميم التدخلات الطبية.

وحددت الدراسة، بالإضافة إلى ذلك، ارتباطات جديدة بالقرب من الجينات المرتبطة بالجهاز العصبي ووظيفة الأعصاب. وقد أدت النتائج المتعلقة بوظائف الجهاز العصبي إلى زيادة فهمنا العلاقة بين الانزلاق الغضروفي العرضي والألم المنتشر.

جينات الاستعداد الوراثي

وقال فيلي سالو، الباحث في جامعة أولو والمحلل الرئيسي في الدراسة، إنهم وجدوا جينات الاستعداد الوراثي التي يمكنها تفسير إطالة الألم جزئياً وكذلك الاختلافات التي لوحظت سريرياً في الألم الذي يعانيه المرضى.

وهذا ما يساعد في تطوير أساليب إدارة الألم لمرضى الانزلاق الغضروفي الذين يعانون آلاماً شديدة، وبالتالي تحسين نوعية حياتهم، كما يقول المختص في الطب الطبيعي الذي شارك في البحث، جوهاني ماتا، من وحدة أبحاث العلوم الصحية والتكنولوجيا بكلية الطب في جامعة أولو بفنلندا.

و«الانزلاق الغضروفي القطني» هو إصابة للغضروف بين فقرتين من العمود الفقري، وعادة ما يحدث بسبب الإجهاد المفرط أو صدمة للعمود الفقري، ويعدّ من أكثر التغيرات البنيوية شيوعاً في أسفل الظهر، كما أنه السبب الأكثر شيوعاً لـ«الألم المنتشر» الذي يسمى «عرق النسا»؛ إذ يحدث «الألم المنتشر» بسبب تهيج الأعصاب الذي يحدث بسبب ضيق العصب الناجم عن الانزلاق، وخصوصاً بسبب زيادة العوامل الالتهابية في منطقة الانزلاق الغضروفي.

والانزلاق الغضروفي شائع جداً حتى لدى الأشخاص الذين لا تظهر عليهم أعراض. ويزداد تكراره مع تقدم العمر، ويسبب أعراضاً لبعض الأشخاص فقط عندما يهيج العصب؛ فالعوامل المرتبطة بتطور الانزلاق الغضروفي معروفة نسبياً، لكن التحقيق في خلفيتها الوراثية لم يحظ باهتمام كبير.

التنبؤ بالإعاقة والألم بعد الجراحة

ووفقاً لدراسة نُشرت في 7 فبراير (شباط) 2024 بمجلة «JAMA»، وقادها بيورنار بيرج، من «مركز صحة الجهاز العضلي الهيكلي الذكي» بكلية العلوم الصحية في جامعة أوسلو النرويجية، فقد طور بيرج وزملاؤه نماذج التنبؤ بالإعاقة والألم بعد 12 شهراً من جراحة الانزلاق الغضروفي القطني، وأكدوا صحة هذه النماذج.

كما أكدت الدراسة على إمكانات التعلم الآلي في تعزيز عملية اتخاذ القرار السريري وإرشاد المرضى فيما يتعلق بنتائج جراحة الانزلاق الغضروفي القطني، فقد استخدم البحث مجموعة بيانات شاملة من السجل النرويجي لجراحة العمود الفقري، وحلل أكثر من 22 ألفاً و700 حالة لتطوير نماذج التنبؤ بالإعاقة والألم بعد الجراحة.

واكتشف الباحثون أن معدلات عدم نجاح العلاج كانت على النحو التالي: 33 في المائة للحالات التي قيست باستخدام «مؤشر أوزويستري للإعاقة (ODI)»، و27 في المائة للحالات التي قيست باستخدام «مقياس التصنيف العددي (NRS)» لألم الظهر، و31 في المائة للحالات التي قيست باستخدام المقياس نفسه؛ أي «مقياس التصنيف العددي لألم الساق».

وهذا يشير إلى أن نسبة كبيرة من المرضى لم يحققوا نتائج ناجحة في تقليل الإعاقة أو تخفيف الألم بعد جراحة الانزلاق الغضروفي القطني.

دعم التشخيصات

و«مؤشر أوزويستري للإعاقة Oswestry Disability Index (ODI)» مشتق من استبيان لآلام أسفل الظهر يستخدمه الأطباء والباحثون لقياس الإعاقة الناجمة عن آلام أسفل الظهر ونوعية الحياة. و«أوزويستري» مدينة تاريخية في شروبشاير بإنجلترا.

أما «مقياس التقييم الرقمي (NRS) Numeric Rating Scale» فيقيس مستوى الألم من 0 إلى 10 (حيث يشير 0 إلى عدم وجود ألم، و10 إلى ألم شديد).

ويشير استخدام البيانات قبل الجراحة بوصفها متنبئات إلى أنه يمكن دمج هذه النماذج في سير العمل السريري عبر أنظمة السجلات الطبية الإلكترونية، مما يدعم «التشخيصات الشخصية» ويساعد في اتخاذ القرارات المشتركة للجراحة.

ويؤكد المؤلفون على الحاجة إلى مزيد من التحقق الخارجي بسجلات جراحة العمود الفقري الأخرى؛ لتوسيع نطاق التطبيق. كما يمثل هذا التطور خطوة مهمة نحو الطب الدقيق في جراحة العمود الفقري، مما قد يحسن نتائج المرضى ويحسن التخطيط الجراحي.