رذاذ الأنف المحمَّل بالأجسام المضادة قد يمنع الإصابة بـ«كوفيد-19»

«غلوبولين مناعي» مصنع يحيّد الفيروسات التنفسية

رذاذ الأنف المحمَّل بالأجسام المضادة قد يمنع الإصابة بـ«كوفيد-19»
TT

رذاذ الأنف المحمَّل بالأجسام المضادة قد يمنع الإصابة بـ«كوفيد-19»

رذاذ الأنف المحمَّل بالأجسام المضادة قد يمنع الإصابة بـ«كوفيد-19»

أظهر باحثون في «معهد كارولينسكا» في استوكهولم السويد أن قطرات الأنف التي تحتوي على الأجسام المضادة الإفرازية، المعروفة بـ«الغلوبيولينات المناعية» (IgA)، يمكن أن تحمي من عدوى «سارس-كوف2».

طريقة جديدة مضادة للعدوى

وتشير النتائج إلى طريقة جديدة لحماية الأفراد المعرضين لخطر كبير من أنواع مختلفة من الفيروس، وربما حالات عدوى أخرى، بما في ذلك الإنفلونزا والتهابات الجهاز التنفسي الأخرى.

ونشرت الدراسة في وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم «PNAS Proceedings of the National Academy of Science» في 9 يناير (كانون ثاني) الحالي 2024 لمجموعة من الباحثين يقودها البروفيسور تشيانغ بان هامرستروم في «معهد كارولينسكا للهندسة الوراثية». وكان هدف الدراسة إنشاء أجسام مضادة من نوع «الغلوبيولينات المناعية» (Immunoglobulin)، ترتبط ببروتين الفيروس بطريقة مشابهة للأجسام المضادة لـ«الكلوبيولينات» المناعية الطبيعية.

«الغلوبولين المناعي»

«الغلوبولين المناعي» هو نوع من الأجسام المضادة التي تدافع ضد الميكروبات الضارة وتشكل الاستجابة المناعية. وهو الجسم المضاد السائد في الأمعاء وفي المخاط التنفسي وحليب الثدي والسوائل المفرزة الأخرى. ويتم إنتاجه بواسطة خلايا الدم البيضاء البائية ثم يتم نقلها إلى السوائل التي تفرزها الخلايا المخاطية، وهو يوجد بشكل طبيعي في الأغشية المخاطية للممرات الهوائية جزءاً من الجهاز المناعي التكيفي. وترتبط المستويات المنخفضة من «IgA» في الغشاء المخاطي بزيادة خطر الإصابة بالعدوى الاختراقية لفيروس «سارس-كوف2».

وتحفز لقاحات «كوفيد-19» التقليدية في المقام الأول استجابة الأجسام المضادة «IgG»، لكن فاعليتها ضد متغيرات «الأوميكرون» الجديدة محدودة. ولمعالجة هذه المشكلة قام الباحثون بتصميم الأجسام المضادة «IgA» التي ترتبط ببروتين الفيروس بشكل مشابه للأجسام المضادة (IgG) الطبيعية ما يشير إلى نهج جديد محتمل لحماية الأفراد المعرضين للخطر الشديد من مختلف أنواع الفيروسات والعدوى.

العلماء يسعون لتطوير بخاخات أنف مضادة لفيروس «كورونا»

تحييد الفيروس

لاحظ الباحثون أن الفئران المصابة بمتغير «أوميكرون»، وتم علاجها بالأجسام المضادة (IgA) التي أعطيت من خلال رذاذ الأنف، قل لديها بشكل كبير حمل الفيروس في القصبة الهوائية والرئتين. كما لاحظوا أن الأجسام المضادة «IgA» ترتبط بشكل أقوى بالبروتين الشوكي للفيروس، وكانت أكثر فاعلية في تحييد الفيروس مقارنة بالأجسام المضادة (IgG) الأصلية.

وأظهرت هذه النتائج أن الأجسام المضادة المعدلة وراثياً يمكن أن تعزز الحماية ضد متغيرات الفيروس الجديدة، لكن ليس المقصود منها أن تحل محل اللقاحات الحالية.

وبينما تثير اللقاحات التقليدية استجابة مناعية نشطة من الجسم، فإن هذه الاستراتيجية هي وسيلة تحصين سلبية. وأشارت الدراسة إلى أن هذا النهج لن يكون مناسباً لحماية الأفراد الأكثر ضعفاً مثل كبار السن أو الأشخاص الذين يعانون من ضعف المناعة، كما يقول هارولد ماركوت الأستاذ المشارك في قسم الكيمياء الحيوية الطبية والفيزياء الحيوية بـ«معهد كارولينسكا» والباحث الأول فيه.

درء العدوى التنفسية الأخرى

وهناك أيضاً آمال في إمكانية استخدام هذه الطريقة لتحييد المتغيرات الأخرى الحالية والناشئة للفيروس، وأن هذه ستكون استراتيجية واعدة للغاية، ليس فقط بالنسبة لـ«كوفيد-19»، والمتغيرات الجديدة، لكن أيضاً للأمراض المعدية الأخرى، بما في ذلك الإنفلونزا والتهابات الجهاز التنفسي الأخرى، حيث لا يوجد لقاح متوفر لها في الوقت الحالي، كما يقول تشيانغ بان هامرستروم، الأستاذ في القسم نفسه وآخر مؤلف للورقة البحثية. وأضاف أنها مفيدة حتى الحد من التهابات الغشاء المخاطي في المعدة مثل تلك الناجمة عن بكتريا «هيليكوباكتر بيلوري».

وتشير النتائج إلى أن استراتيجية التحصين السلبية هذه لا تهدف إلى استبدال اللقاحات الحالية التي تحفز الاستجابة المناعية النشطة من الجسم.

من ناحيه أخرى، ذكر موقع «ديلي إكسبريس» في 7 يناير (كانون الثاني) الحالي 2024 أن العلماء يناقشون استخدام رذاذ الأنفو الذي يحتوي على «إيثيل لوريل أرجينات هيدروكلوريد» (ELAH) لمنع الفيروسات من الالتصاق بالممرات الأنفية. وقد ثبت أن الرذاذ كان آمناً وفعالاً للمساعدة في منع العدوى الناجمة عن فيروس «الروتا» المسبب للإسهال والفيروس المخلوي التنفسي المسبب لنزلات البرد الشائعة والإنفلونزا والفيروسات التاجية بما في ذلك «كوفيد-19».


مقالات ذات صلة

وزارة الصحة: كل مستشفيات غزة ستتوقف عن العمل خلال 48 ساعة

المشرق العربي فلسطيني يحمل طفلة صغيرة مصابة داخل مستشفى كمال عدوان في قطاع غزة (أ.ف.ب)

وزارة الصحة: كل مستشفيات غزة ستتوقف عن العمل خلال 48 ساعة

حذرت وزارة الصحة في قطاع غزة من توقف جميع مستشفيات القطاع عن العمل أو تقليص خدماتها خلال 48 ساعة بسبب نقص الوقود، إذ ترفض إسرائيل دخوله للقطاع.

«الشرق الأوسط» (غزة)
صحتك سمنة البطن مع وزن طبيعي للجسم... مشكلة صحية تستدعي الاهتمام

سمنة البطن مع وزن طبيعي للجسم... مشكلة صحية تستدعي الاهتمام

تعتمد الأوساط الطبية بالعموم في تحديد «مقدار وزن الجسم» على عدد الكيلوغرامات بوصفه «رقماً»

د. حسن محمد صندقجي (الرياض)
صحتك الحياة الخاملة ترفع ضغط الدم لدى الأطفال

الحياة الخاملة ترفع ضغط الدم لدى الأطفال

كشفت أحدث دراسة تناولت العوامل المؤثرة على ضغط الدم، عن الخطورة الكبيرة للحياة الخاملة الخالية من النشاط على الصحة بشكل عام، وعلى الضغط بشكل خاص.

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
صحتك الصداع النصفي: خيارات العلاج المستهدف

الصداع النصفي: خيارات العلاج المستهدف

الصداع النصفي ليس مجرد صداع عادي يعاني منه الجميع في وقتٍ ما، بل هو اضطراب عصبي معقد يمكن أن يُشعر المريض وكأن العالم قد توقف.

د. عبد الحفيظ يحيى خوجة (جدة)
صحتك استشارات طبية: المغنيسيوم والنوم... وعدم تحمّل دواء خفض الكوليسترول

استشارات طبية: المغنيسيوم والنوم... وعدم تحمّل دواء خفض الكوليسترول

ما تأثير تناول المغنيسيوم الغذائي بالعموم، أو أقراص مكملات المغنيسيوم، على النوم؟

د. حسن محمد صندقجي

​الذكاء الاصطناعي في علاج جذور الأسنان

​الذكاء الاصطناعي في علاج جذور الأسنان
TT

​الذكاء الاصطناعي في علاج جذور الأسنان

​الذكاء الاصطناعي في علاج جذور الأسنان

حقق الذكاء الاصطناعي تقدماً كبيراً في اكتشاف وتوقع جوانب مختلفة في علاج جذور الأسنان المسماة من قِبل عامة الجمهور بـ«حشوات العصب» Endodontics.

الذكاء الاصطناعي يرصد جذر الأسنان

في مجال الاكتشاف، تم استخدام الذكاء الاصطناعي لتحديد الآفات والخراجات حول قمة جذور الأسنان، وكسر التاج والجذر، وتحديد طول الجذر، وكشف تشريح الجذور والقنوات. تشمل مهام التنبؤ تقدير الحاجة إلى إعادة العلاج. تُعد الخراجات حول قمة جذور الأسنان، شائعة وتُشكّل تحديات في التشخيص وتخطيط العلاج للأطباء. ويمكن أن يُحسّن التعرف المبكر على هذه الآفات من نتائج العلاج من خلال منع انتشار المرض إلى الأنسجة المحيطة.

إن علاج جذور الأسنان أو حشوات العصب، المعروف أيضاً باسم «علاج العصب»، فرع من فروع طب الأسنان يركز على تشخيص، ومعالجة أمراض لب الأسنان (العصب) والجذور.

يتضمن هذا العلاج إزالة اللب التالف أو المصاب داخل السن (لب السن المحتوي على العصب والشريان والوريد والأوعية اللمفاوية وكثير من الخلايا لكن الكل يسمي اللب بالعصب!)، وتنظيف وتعقيم القنوات الجذرية، ثم حشوها بمواد طبية خاصة لمنع العدوى المستقبلية، وحماية الأسنان من مزيد من التلف.

أهمية علاج جذور الأسنان

- تخفيف الألم: يساعد علاج الجذور في تخفيف الألم الشديد الناتج عن التهابات العصب، إذ قالت العرب: «لا ألم إلا ألم الضرس».

- إنقاذ الأسنان: يمكن أن يمنع العلاج الفقدان الكامل للسن المتضررة، مما يحافظ على الأسنان الطبيعية بدلاً من اللجوء إلى التعويضات الصناعية.

- منع العدوى: العلاج الفوري والعناية الجيدة تمنعان انتشار العدوى إلى الأنسجة المحيطة والعظام، وقد تم تسجيل بعض حالات الوفاة من انتقال الصديد من خراجات الأسنان إلى الدورة الدموية.

وحسب المكتب العربي في منظمة الصحة العالمية فإن هناك أكثر من 130 مليون عربي بالغ يعانون من تسوس أو نخر الأسنان، ونسبة كبيرة منهم ستحتاج إلى حشوات العصب.

الذكاء الاصطناعي يسابق جراحي الأسنان

* رصد الخراجات: أجرى العالم البريطاني أندرياس وزملاؤه دراسة مقارنة ما بين أداء خوارزمية الذكاء الاصطناعي و24 جراح فم ووجه في اكتشاف الخراجات حول قمة جذور الأسنان على الأشعة البانورامية. وخلصت الدراسة إلى أن خوارزميات الذكاء الاصطناعي القائمة على التعلم العميق تفوقت على بعض الجراحين. وبالمثل، أظهرت دراسة أخرى أن نماذج الشبكات العصبية التلافيفية CNN، (وهي من مكونات الذكاء الاصطناعي المستلهمة من العصب البصري لتحديد الأشكال)، أدت أداءً أفضل من ثلاثة أطباء استشاريي أشعة فم ووجه، في اكتشاف الخراجات حول قمة جذور الأسنان أثناء المحاكاة على الأشعة داخل الفم.

وفي دراسة أخرى نشرت في مجلة «طب الأسنان» البريطانية أخيراً، استخدم العالم أورهان وزملاؤه أكثر من 100 أشعة مقطعية للأسنان لاختبار نظام الذكاء الاصطناعي، وذكروا دقة اكتشاف عالية مقارنة باختصاصي الأشعة.

تشخيص كسور الجذور وأطوالها

* تشخيص كسور الجذور الأفقية والعمودية: وهو مهمة تتطلب الخبرة، ويفشل تقريباً 75 في المائة من الأطباء في تحديدها على الأشعة. تم تطوير نماذج من الذكاء الاصطناعي لاكتشاف كسور الجذور تلقائياً على الصور الشعاعية للأسنان ثنائية وثلاثية الأبعاد.

أظهرت دراسة لفوكودا وزملائه أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يكون أداة واعدة لتشخيص الكسور الجذرية العمودية على الأشعة البانورامية. وأظهرت دراسة أخرى للدكتور جوهاري من «هارفارد» وزملائه أداءً ممتازاً باستخدام خوارزمية الذكاء الاصطناعي للكشف عن الكسور الجذرية العمودية بدقة 96.6 في المائة.

* تحديد طول الجذر بدقة: خطوة حاسمة لنجاح علاج قناة الجذر أو حشوات العصب، حيث إن 60 في المائة من فشل علاج حشوات العصب بسبب عدم الحساب الدقيق لطول قناة العصب، ما يؤدي إلى قصر أو زيادة الحشوة، ويؤدي بدوره إلى فشل العلاج، وتفاقم الخراج مع خطورة ذلك.

أظهرت الدراسات أن الشبكات العصبية الاصطناعية (وهي من مكونات الذكاء الاصطناعي) يمكن استخدامها لتحديد طول الجذر بدقة. أبلغ الدكتور ساغيري وزملاؤه في بحث منشور أخيراً في مجلة «طب الأسنان» الأميركية أن الذكاء الاصطناعي يمكن استخدامه أداة إضافية لتحديد موقع خروج العصب من قمة جذر الأسنان، وقد أثبت ذلك عدم وجود فروق في قياسات طول الجذر عند مقارنة الذكاء الاصطناعي مع القياسات الفعلية بعد إجراء القياسات الفعلية.

معدلات نجاح عالية

وهكذا فقد أظهرت خوارزميات الذكاء الاصطناعي القائمة على CNN معدلات نجاح عالية في الكشف التلقائي عن الأسنان وتجزئتها على الأشعة ثنائية وثلاثية الأبعاد.

ويتمتع الذكاء الاصطناعي بمستوى عالٍ، مقارنة بالمراقبين البشريين، ولكن مع أوقات معالجة أسرع بكثير. وبما أن تحديد تشريح الجذور والقنوات هو أمر ضروري لنجاح علاج قناة الجذر، فإن لدى تطبيقات الذكاء الاصطناعي القدرة على المساهمة في هذه المهام.

*رئيس جمعية الذكاء الاصطناعي بطب الأسنان في الشرق الأوسط.

حقائق

130 مليون عربي بالغ يعانون من تسوس أو نخر الأسنان ونسبة كبيرة منهم ستحتاج إلى حشوات العصب