نوافير عازلة للصوت في الحدائق العامّة

لتوفير الهدوء لسكان المدن

نوافير عازلة للصوت في الحدائق العامّة
TT

نوافير عازلة للصوت في الحدائق العامّة

نوافير عازلة للصوت في الحدائق العامّة

يُسمع صوت زحمة السيّارات بشكلٍ متواصل في أحد المتنزّهات العامّة في مدينة أنتويرب البلجيكية القريبة من طريق سريعة معروفة. ولكنّ المدينة تعكف اليوم على إعادة تصميم المساحة لمنحها مزيداً من الهدوء بإضافة نوافير حاجبة للصوت قد تساعد في حجب أصوات السيارات والشاحنات وطائرات الدرون.

نوافير تحجب الصوت

يقول راف فيربروغن، مدير مشروع «أنتويرب لتأهيل المشهد الصوتي المدني» urban soundscaping، إنّ المدينة أرادت «تحسين مناخ الصوت في المتنزّه، وتأمين مكان يجد فيه النّاس الراحة والهدوء وملجأً من الضجيج المدني... تحتاج جميع المدن حول العالم إلى هذا النوع من الأماكن المنعشة».

تعاونت الحكومة مع باحثٍ من جامعة خنت سجّل أصواتاً عدّة نوافير قائمة في المدينة، فقاس تردّداتها، وديناميتها، ومستويات الصوت فيها. وسمح له هذا الأمر بوضع تصاميم لنوافير قد تساعد في تخفيف ضجيج السير. ويشرح فيربروغن أنّ «نسبة الإرسال إلى الضجيج مهمّة جداً هنا. يجب أن يكون صوت النوافير مرتفعاً بقدر صوت السير، وليس أعلى بكثير».

ولأنّ المدينة تعي أنّ تجربة الصوتيات شخصية، وقّعت شراكة مع «آيفوون» (Aifoon)، منظّمة تركّز في عملها على الأصوات، لتسمح للسكّان المحليين بالمشاركة في التصميم.

ويقول ستيجن ديكل، المدير الفنّي في «آيفوون»: «منحنا الناس فرصة للتفكير بالأصوات التي يرغبون في العيش معها». عمّمت المنظّمة تسجيلات لنوافير مختلفة في المتنزّه، وصوّت أعضاء المجتمع المحلّي عليها لتحديد درجة حجبها لصوت السير، وما إذا كانت أصواتها مريحة أو مزعجة.

تعتزم المدينة تركيب تصميم مستوحى من أكثر النوافير شعبية العام المقبل، بالإضافة إلى إجراء تغييرات أخرى، كإضافة أخاديد في الطرقات لتخفيف ضجيج السير بنسبة 4 ديسيبل.

جدار عازل

وتشمل التغييرات إنشاء جدار عازل للصوت أيضاً سيساعد في تخفيف الضجيج في الحيّ المحيط والمتنزّه، ودرج جديد يوصل الزوّار إلى مكان يكون فيه مستوى الصوت أدنى.

والأهم من هذا كلّه أن المدينة تعمل لتخفيف حركة السير، إذ تعتزم تحويل نصف رحلات النقل التي تجري يومياً في المدينة إلى وسائل كالدراجة الهوائية، والقطار، والحافلة، ومشاركة السيارات، وغيرها من وسائل النقل العام بحلول نهاية هذا العقد.

ويشهد عدد السيارات الكهربائية في بلجيكا تزايداً مطرداً، لكنّه لن يحلّ مشكلة الضجيج المدني لأنّ سير هذه السيارات بسرعة أعلى من 7 أمتار في الساعة يدفع العجلات إلى إصدار صوتٍ أعلى من صوت المحرّك.

ويعتبر فيربروغن أنّ «التحوّل إلى السيارات الكهربائية مهمّ، ولكن يجب أيضاً أن يصار إلى تخفيض السرعات المسموح بها». وكانت «أنتويرب» قد عمدت أخيراً إلى تخفيض السرعة القانونية في معظم المناطق السكنية إلى 40 كيلومتراً تقريباً في الساعة، فضلاً عن أنّها تبنّت فكرة «شوارع السكن» التي تضع الناس الذين يسيرون على الأقدام أو يركبون الدراجات في الأولوية.

* مجلة «فاست كومباني»،

خدمات «تريبيون ميديا»



الطائرات المُسيّرة... ابتكارات متعددة لتحسين جهود مكافحة الأمراض

الطائرات المُسيرة أداة فعالة لمكافحة الأمراض المنقولة بواسطة البعوض (برنامج البعوض العالمي)
الطائرات المُسيرة أداة فعالة لمكافحة الأمراض المنقولة بواسطة البعوض (برنامج البعوض العالمي)
TT

الطائرات المُسيّرة... ابتكارات متعددة لتحسين جهود مكافحة الأمراض

الطائرات المُسيرة أداة فعالة لمكافحة الأمراض المنقولة بواسطة البعوض (برنامج البعوض العالمي)
الطائرات المُسيرة أداة فعالة لمكافحة الأمراض المنقولة بواسطة البعوض (برنامج البعوض العالمي)

يتنامى دور الطائرات المُسيّرة «الدرونز» في عديد من المجالات، من بينها مجال الصحة العامة ومكافحة الأمراض، حيث تقدم هذه التكنولوجيا حلولاً مبتكرة للوصول إلى المناطق النائية، وتُسهم في تقليل انتشار المرض.

ويمثّل استخدام الطائرات المُسيّرة في مكافحة الأمراض المنقولة بواسطة البعوض تطوراً مهماً في الصحة العامة؛ حيث يجمع بين التكنولوجيا الحديثة والفاعلية في السيطرة على انتشار الأمراض، وحماية صحة الإنسان.

وفي السنوات الأخيرة، استُخدمت الطائرات المُسيّرة لمكافحة الملاريا وحمى الضنك وفيروس زيكا، عبر إطلاق ذكور البعوض العقيمة في المناطق المستهدفة، وتُحلّق الطائرات المزوّدة بصندوق مليء بالبعوض العقيم فوق هذه المناطق، وتطلق الحشرات التي تتزاوج مع الإناث، ما يقلّل من النسل، وهي وسيلة فعّالة وآمنة لتقليل تجمّعات البعوض الناقل للأمراض.

وعلى مدى الأعوام الخمسين الماضية زاد انتشار الأمراض الفيروسية المنقولة بواسطة البعوض، مثل حمى الضنك وزيكا، وتُعدّ بعوضة «الزاعجة المصرية» ناقلاً رئيسياً لهذه الأمراض، وانتشارها تزايَد بسبب التحضر وتغيّر المناخ، ما أطال موسم انتقال الأمراض.

الطائرات المُسيرة يمكنها إطلاق البعوض بشكل آلي (برنامج البعوض العالمي)

ويعيش حوالي 53 في المائة من سكان العالم في مناطق مناسبة لانتقال حمى الضنك، خصوصاً في آسيا وأفريقيا والأميركتين، ما يؤثر على أكثر من 100 دولة.

ولمكافحة حمى الضنك، استخدم باحثون في برنامج البعوض العالمي (WMP) بأستراليا نهجاً مبتكراً، ينطوي على نشر بكتيريا «ولباشيا» في البعوض، التي تمنع انتقال الفيروسات، لكن تطبيق هذه الاستراتيجية على نطاق واسع كان يمثّل تحدياً، بسبب الجهد والوقت، والقدرة على استخدام الطرق اليدوية التقليدية.

نظام آلي

ولإجراء هذه العملية بدقة وأمان طوّر الباحثون ببرنامج البعوض العالمي نظاماً آلياً لنقل البعوض باستخدام الطائرات المُسيّرة، قادراً على حمل 160 ألف بعوضة بالغة، ونُشرت النتائج بعدد 31 يوليو (تموز) 2024 من دورية «Science Robotics».

ويمكن للنظام الآلي إطلاق البعوض في مجموعات صغيرة، كما أنه مزوّد بنظام تحكّم يحافظ على البعوض في حالة تخدير وصحة جيدة حتى يتم إطلاقه في مجموعات من 150 بعوضة.

وفي أول تجربة ميدانية في جزر فيجي جنوب المحيط الهادي وجد الفريق أن الإطلاق الجوي أدّى لتوزيع متساوٍ للبعوض مقارنةً بالطرق التقليدية الأرضية، وفي التجربة الثانية في فيجي انتقلت عدوى «ولباشيا» من البعوض المصاب إلى البعوض البرّي، علاوةً على ذلك نُفّذت هذه العملية عن بُعد بأمان وكفاءة.

يقول الباحث الرئيسي للفريق في برنامج البعوض العالمي، الدكتور جيريمي جيلز، إن استخدام الطائرات المُسيّرة لإطلاق البعوض يحمل العديد من المزايا، أبرزها القدرة على تغطية مناطق واسعة، وبكفاءة أكبر من الطرق اليدوية الأرضية، ما يعزّز فاعلية هذا التدخل.

ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «هذه الطائرات تقلّل من الحاجة إلى استخدام فِرق أرضية كبيرة لنشر البعوض؛ لأنها تتم عن بُعد، ومن ثم تنخفض مخاطر السلامة المرتبطة بالوصول للمناطق الوعرة أو غير الآمنة».

وأشار إلى أن الآلية الجديدة لتوزيع البعوض التي نفّذها الفريق في فيجي يمكن أن تُساهم بشكل كبير في تحسين هذا النهج، ما يُساهم في تعزيز جهود مكافحة حمى الضنك، والأمراض الأخرى المنقولة بواسطة البعوض على نطاق عالمي.

مهام متعددة

ولا يقتصر دور الطائرات المُسيّرة على إطلاق البعوض بشكل آلي، حيث استخدمت خلال السنوات الأخيرة في مهام عدة، منها جمع البيانات حول توزيع وأماكن وجود البعوض، ما يساعد في توجيه جهود المكافحة بشكل أكثر دقةً.

واستُخدمت الطائرات المسيّرة أيضاً لمراقبة البيئات التي يصعب الوصول إليها، مثل المستنقعات والغابات الكثيفة حيث يتكاثر البعوض، ليس ذلك فحسب، بل استُخدمت لتحديد مواقع تكاثر البعوض، من خلال التصوير الجوي وتقنيات التصوير الحراري، في تجارب أُجرِيت في زنجبار وتنزانيا، وهذه البيانات تساعد في استهداف المناطق التي تحتاج إلى تدخل عاجل، سواءً من خلال رشّ المبيدات الحشرية، أو إزالة مواقع المياه الراكدة التي تشكّل بيئة مناسبة لتكاثر البعوض الناقل للأمراض.

كما استعانت بلدان عدة، منها كندا والولايات المتحدة وروسيا، بالطائرات المُسيّرة كذلك في توزيع المبيدات الحشرية بكفاءة على مساحات واسعة، بما في ذلك المناطق التي يصعب الوصول إليها بوسائل أخرى، مثل المستنقعات والمياه الراكدة، وهذه الطريقة تضمن توزيعاً أكثر دقة، ما يقلّل الاستخدام المفرط للمبيدات، ويحُدّ من تأثيرها البيئي السلبي.

ووفق الباحثين، فإن ما يميّز الطائرات المُسيّرة أنها تتيح التدخل السريع في المناطق المتضررة من تفشّي الأمراض، ما يساعد في السيطرة على الوضع بشكل أسرع، وبتكلفة أقل من الطرق التقليدية.