ولدت قبل 11700 مليون سنة... «جيمس ويب» يرصد أبعد مجرة تشبه درب التبانة

«سيرز 2112» مجرة بعيدة تشبه مجرتنا الأم (حساب جيمس ويب على إكس)
«سيرز 2112» مجرة بعيدة تشبه مجرتنا الأم (حساب جيمس ويب على إكس)
TT

ولدت قبل 11700 مليون سنة... «جيمس ويب» يرصد أبعد مجرة تشبه درب التبانة

«سيرز 2112» مجرة بعيدة تشبه مجرتنا الأم (حساب جيمس ويب على إكس)
«سيرز 2112» مجرة بعيدة تشبه مجرتنا الأم (حساب جيمس ويب على إكس)

رصد علماء الفلك ظاهرة مثيرة للاهتمام في الكون البعيد، وهي مجرة تشبه إلى حد كبير درب التبانة، وهي تتحدى النظريات الرئيسية حول كيفية تطور المجرات، بحسب تقرير أعدته شبكة «سي إن إن».

تم رصد النظام البعيد، المسمى «سيرز 2112» ( ceers-2112)، من قبل فريق دولي باستخدام تلسكوب جيمس ويب الفضائي.

مثل مجرتنا الأم، فإن مجرة «Ceers-2112» المكتشفة حديثاً هي مجرة حلزونية قضيبية، وهي الآن الأبعد من نوعها التي تم رصدها على الإطلاق. والشريط الموجود في وسط الهيكل مصنوع من النجوم.

وشكل «Ceers-2112» بعد وقت قصير من الانفجار الكبير للكون (الذي يقدر عمره بـ 13.8 مليار سنة)، وكانت البنية المميزة للمجرة موجودة بالفعل بعد 2.1 مليار سنة.

بالنظر إلى المسافة بين الأرض والأجسام منذ الأيام الأولى للكون، عندما ترصد التلسكوبات مثل جيمس ويب الضوء من الكون البعيد، فإن الأمر يشبه النظر إلى الماضي.

وقال لوكا كوستانتين، مؤلف الدراسة الرئيسي وباحث ما بعد الدكتوراه في المجلس الوطني الإسباني للبحوث في مركز البيولوجيا الفلكية الإسباني في مدريد، في بيان: «بشكل غير متوقع، يكشف هذا الاكتشاف أن المجرات التي تشبه مجرتنا كانت موجودة بالفعل قبل 11700 مليون سنة، عندما كان الكون يمتلك 15 في المائة فقط من حياته».

وتفاجأ علماء الفلك برؤية مثل هذه المجرة المنظمة والمرتبة بشكل جيد في وقت كانت فيه المجرات الأخرى غير منتظمة بشكل أكبر، بحسب الدراسة، في حين أن المجرات الحلزونية الضخمة شائعة في الحي الكوني لمجرة درب التبانة، إلا أن هذا لم يكن الحال دائماً.

إن هذا الاكتشاف، الذي أصبح ممكناً بفضل قدرات جيمس ويب الحساسة للغاية في الكشف عن الضوء، يغير فهم العلماء لتكوين المجرات والمراحل الأولى للكون.

وقال المؤلف المشارك في الدراسة ألكسندر دي لا فيغا، وهو باحث ما بعد الدكتوراه في جامعة كاليفورنيا في ريفرسايد، في بيان: «إن العثور على ceers-2112 يُظهر أن المجرات في الكون المبكر يمكن أن تكون مرتبة مثل مجرة درب التبانة».

وأضاف: «هذا أمر مثير للدهشة لأن المجرات كانت أكثر فوضوية في الكون المبكر وكان عدد قليل جداً منها لديه هياكل مماثلة لدرب التبانة».

عالما الفيزياء الفلكية بابلو جي بيريز غونزاليس (يسار) ولوكا كوستانتين في مركز علم الأحياء الفلكي في توريخون دي أردوز

التطور المبكر للمجرات الحلزونية المحظورة

واعتقد علماء الفلك أن المجرات الحلزونية المحظورة مثل مجرة درب التبانة لم تظهر إلا بعد أن وصل الكون إلى نصف عمره الحالي على الأقل لأنه كان يعتقد أن الأمر استغرق عدة مليارات من السنين من تطور المجرة قبل أن تتمكن المجموعات الضخمة من النجوم داخل المجرات من تشكيل قضبان مركزية.

وتشكل القضبان عندما تدور النجوم داخل المجرات الحلزونية بطريقة منظمة، كما تفعل في درب التبانة. حتى الآن، لم يعتقد علماء الفلك أن المجرات المبكرة كانت تتمتع بما يكفي من الاستقرار لتكوين القضبان أو استمرارها.

لكن اكتشاف «Ceers-2112» يشير إلى أن هذا التطور استغرق نحو مليار سنة فقط أو أقل، حسبما قال دي لا فيغا.

وأوضح أن «جميع القضبان توجد تقريباً في المجرات الحلزونية»، لافتاً إلى أن «الشريط الموجود في ceers-2112 يشير إلى أن المجرات نضجت وأصبحت منظمة بشكل أسرع بكثير مما كنا نعتقد سابقاً، ما يعني أن بعض جوانب نظرياتنا حول تكوين المجرات وتطورها تحتاج إلى مراجعة».

المادة المظلمة

ووفق دي لا فيغا، فإن علماء الفلك سيحتاجون إلى تغيير نماذجهم النظرية لكيفية تشكل المجرات وتطورها من خلال حساب كمية المادة المظلمة الموجودة في المجرات الأولى.

ورغم أنه لم يتم اكتشاف المادة المظلمة فعلياً، فإنه يُعتقد أنها تشكل 85 في المائة من إجمالي المادة في الكون، وهو شيء صمم تلسكوب إقليدس التابع لوكالة الفضاء الأوروبية لرسم خريطة له. ربما لعبت المادة المظلمة دوراً في تكوين القضبان.

ويشير هذا الاكتشاف أيضاً إلى إمكانية اكتشاف القضبان في المجرات المبكرة، على الرغم من أن المجرات الأقدم أصغر بكثير.

وأكد دي لا فيغا أن «اكتشاف ceers-2112 يمهد الطريق لاكتشاف المزيد من القضبان في الكون الشاب»، وأضاف: «في البداية، اعتقدت أن اكتشاف وتقدير خصائص القضبان في مجرات مثل سيرز-2112 سيكون محفوفاً بشكوك في القياس. لكن قوة تلسكوب جيمس ويب الفضائي وخبرة فريق البحث لدينا ساعدتنا في وضع قيود قوية على حجم وشكل الشريط».


مقالات ذات صلة

نيزك يكشف وجود مياه على المريخ قبل 742 مليون سنة

يوميات الشرق النيزك «لافاييت» عُثر عليه بمدينة لافاييت في ولاية إنديانا الأميركية (جامعة بوردو)

نيزك يكشف وجود مياه على المريخ قبل 742 مليون سنة

توصل باحثون من جامعة بوردو الأميركية إلى أن نيزكاً يعود أصله إلى المريخ تعرضَ لتفاعل مع المياه السائلة أثناء وجوده على سطح الكوكب الأحمر قبل نحو 742 مليون سنة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق يمنح الغبار هذه المجرات الضخمة الثلاث مظهراً أحمر مميزاً (تلسكوب جيمس ويب)

اكتشاف 3 مجرات من «الوحوش الحمراء»

تمكن فريق دولي، بقيادة جامعة جنيف السويسرية (UNIGE)، يضم البروفيسور ستين وويتس من جامعة باث في المملكة المتحدة، من تحديد 3 مجرات فائقة الكتلة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق صورة تخيلية لمركبة «أوروبا كليبر» وهي تحلق بالقرب من قمر «المشتري - أوروبا» (ناسا - رويترز)

«المشتري»... كوكب بلا سطح ويتسع لأكثر من 1000 أرض بداخله

قال بنيامين رولستون الأستاذ المساعد في الفيزياء بجامعة كلاركسون الأميركية، إنه لا توجد لكوكب «المشتري» أرض صلبة ولا سطح مثل العشب أو التراب الذي نطأه على الأرض.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق الصين تُخطِّط لِما لا يُنسى (أرشيفية - أ.ب)

للبيع في الصين... تذكرتان لاختبار انعدام جاذبية الفضاء

طَرحت شركة صينية للبيع تذكرتين لرحلة فضائية تجارية من المزمع تسييرها عام 2027... ما ثمنهما؟

«الشرق الأوسط» (بكين)
يوميات الشرق محطة الفضاء الدولية (أ.ب)

تأجيل عودة طاقم بمحطة الفضاء الدولية منذ مارس بسبب الظروف الجوية

تأجلت عودة أفراد الطاقم الموجودين على متن محطة الفضاء الدولية منذ مارس (آذار) بسبب الظروف الجوية السيئة، وفقاً لما ذكرته وكالة «ناسا».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

نظام «كريسبر» جديد لإسكات الجينات بدلاً من «قصّها»

نظام «كريسبر» جديد لإسكات الجينات بدلاً من «قصّها»
TT

نظام «كريسبر» جديد لإسكات الجينات بدلاً من «قصّها»

نظام «كريسبر» جديد لإسكات الجينات بدلاً من «قصّها»

توصَّل باحثون في «مركز علوم الحياة بجامعة» فيلنيوس في ليتوانيا، إلى اكتشاف طريقة جديدة رائدة في مجال البحث الجيني تسمح بإسكات (أو إيقاف عمل) جينات معينة دون إجراء قطع دائم للحمض النووي (دي إن إيه).

وتُقدِّم الدراسة مساراً جديداً محتملاً لتعديل الجينات بشكل أكثر أماناً يشبه الضغط على زر «إيقاف مؤقت» على التعليمات الجينية داخل الخلايا.

آلية عمل نظام «كريسبر» الجديد

اكتشف فريق البروفسور باتريك باوش من معهد الشراكة لتقنيات تحرير الجينوم بمركز العلوم الحياتية في جامعة فيلنيوس بليتوانيا، بالتعاون مع خبراء دوليين في البحث المنشور في مجلة «Nature Communications» في 29 أكتوبر (تشرين الأول) 2024، نظاماً جديداً مختلفاً للتعديل الجيني.

وعلى عكس نظام «كريسبر كاس9 (CRISPR-Cas9)»، المعروف الذي اشتهر بقدرته على قطع الحمض النووي (DNA)، يعمل نظام «كريسبر» من النوع «آي في إيه» (IV-A CRISPR) بشكل مختلف، حيث يستخدم مركباً موجهاً بالحمض النووي الريبي لإسكات الجينات دون انشقاق خيوط الحمض النووي «دي إن إيه (DNA)».

كما يستخدم النظام الجديد مركباً مؤثراً يجنِّد إنزيماً يُعرف باسم «دين جي (DinG)». ويعمل هذا الإنزيم عن طريق التحرك على طول خيط الحمض النووي (DNA)، وتسهيل إسكات الجينات من خلال عملية غير جراحية.

تقنية «كريسبر-كاس9» للقص الجيني

هي أداة تعمل كمقص جزيئي لقص تسلسلات معينة من الحمض النووي (دي إن إيه). وتستخدم الحمض النووي الريبي الموجه للعثور على الحمض النووي المستهدف. و«كاس9» هو البروتين الذي يقوم بالقص، وهذا ما يسمح للعلماء بتعديل الجينات عن طريق إضافة أو إزالة أو تغيير أجزاء من الحمض النووي، وهو ما قد يساعد على علاج الأمراض الوراثية، وتعزيز الأبحاث.

** آفاق جديدة لتعديل الجينات بشكل أكثر أماناً وغير جراحي

بروتينات وحلقات

يستخدم نظام «كريسبر» من النوع «IV-A» بروتينين مهمين، هما «Cas8»، و«Cas5» للعثور على بقع محددة على الحمض النووي (DNA). ويبحث هذان البروتينان عن تسلسل قصير من الحمض النووي بجوار المنطقة المستهدفة التي تتطابق مع دليل الحمض النووي الريبي. وبمجرد العثور عليه يبدآن في فك الحمض النووي وإنشاء هياكل تسمى حلقات «آر (R)».

وحلقات «آر» هي الأماكن التي يلتصق فيها الحمض النووي الريبي بخيط واحد من الحمض النووي (DNA)، وتعمل بوصفها إشارةً للنظام لبدء إيقاف أو إسكات الجين.

وكما أوضح البروفسور باوش، فإن «آر» في حلقة «R» تعني الحمض النووي الريبي. وهذه الهياكل أساسية لأنها تخبر النظام متى وأين يبدأ العمل. ولكي تكون حلقات «آر» مستقرةً وفعالةً يجب أن يتطابق الحمض النووي، ودليل الحمض النووي الريبي بشكل صحيح.

وظيفة إنزيم «دين جي»

يساعد إنزيم «DinG» نظام «كريسبر» على العمل بشكل أفضل من خلال فك خيوط الحمض النووي (DNA). وهذا يجعل من الأسهل على النظام التأثير على قسم أكبر من هذا الحمض النووي، ما يجعل عملية إسكات الجينات أكثر فعالية وتستمر لفترة أطول.

وأشار البروفسور باوش إلى أنه نظراً لأن إنزيم «DinG» يمكنه تغيير كيفية التعبير عن الجينات دون قطع الحمض النووي، فقد يؤدي ذلك إلى تطوير أدوات وراثية أكثر أماناً في المستقبل.

تطبيقات محتملة لتخفيف تلف الحمض النووي

يحمل الاكتشاف إمكانات هائلة لتحرير الجينوم والبحث في المستقبل، إذ يمكن أن تخفف الطبيعة غير القاطعة لهذه الطريقة من المخاطر المرتبطة بتلف الحمض النووي( DNA). وهو مصدر قلق عند توظيف تقنيات تحرير الجينات الحالية.

ومن خلال تمكين تعديل الجينات دون إحداث تغييرات دائمة في الحمض النووي( DNA) يمكن أن يكون هذا النهج الجديد مفيداً بشكل خاص في التطبيقات السريرية مثل العلاج الجيني للاضطرابات الوراثية. كما أن القدرة الفريدة لهذا النظام على عبور الحمض النووي دون إجراء قطع، أمر مثير للاهتمام لتطبيقات تحرير الجينات المتقدمة.

الدقة والسلامة

ويعتقد فريق البحث بأن هذه الطريقة يمكن أن تزوِّد العلماء وخبراء التكنولوجيا الحيوية بأدوات أكثر دقة لدراسة وظائف الجينات وتصحيح التشوهات الجينية بطريقة خاضعة للرقابة.

ويمثل الاكتشاف تقدماً كبيراً في مجال البحث الجيني؛ حيث يفتح نظام «كريسبر» من النوع «IV-A» آفاقاً جديدة لتعديل الجينات بشكل أكثر أماناً وغير جراحي، ويمكن أن تحدث هذه الطريقة ثورةً في كيفية دراسة الأمراض الوراثية وعلاجها، مع التركيز على الدقة والسلامة.