سباق محموم لإقامة سوق تجارية على القمر

تقدر بـ170 مليار دولار بحلول 2040

صورة تخيلية لرود فضاء وعربات جوالة على القمر
صورة تخيلية لرود فضاء وعربات جوالة على القمر
TT

سباق محموم لإقامة سوق تجارية على القمر

صورة تخيلية لرود فضاء وعربات جوالة على القمر
صورة تخيلية لرود فضاء وعربات جوالة على القمر

وأوروبا والصين مليارات الدولارات على خططٍ لعودة البشر إلى قمر الأرض المفضّل. ولكنّ الفارق هذه المرّة -حسب وكالة الطيران والفضاء الأميركية «ناسا»- هو أن الأشخاص الذين سيذهبون سيبقون، وسيحملون معهم الأدوات اللازمة لاستكشافات طويلة الأمد. والفارق البارز الآخر هو أن تلعب الشركات الخاصّة دوراً أكبر بكثير في هذه البعثات من دورها في عصر مركبة «أبولو».

سفن وبزّات وتأسيسات قمريةتستثمر الشركات الخاصة في الولايات المتّحدة أموالها إلى جانب وكالة «ناسا» لتطوير سفن هبوط قمرية («أستروبوتيك تكنولوجي» و«إنتويتف ماشينز»)، وسفن هبوط لروّاد الفضاء («سيبي إكس» و«بلو أوريجن»)، وبزات فضائية («أكسيوم سبيس»)، وبنى تحتية، كأقمار اصطناعية للاتصالات والملاحة، ومصادر للطاقة («كريسينت»).

وأيضاً، تدور أحاديث حول التنقيب عن المعادن أو الثلج، حيث قدّر مستشارون في «بي دبليو سي» أنّ الاقتصاد القمري قد يصبح سوقاً بقيمة 170 مليار دولار بحلول 2040.

ولكنّ هذه السوق مبنيّة على فكرة عثور الشركات المستثمرة على زبائن آخرين إلى جانب الوكالات الحكومية لبضائعها وخدماتها. يُعدّ التعاون بين «ناسا» و«سبيس إكس» لبناء صواريخ وسفن فضائية جديدة لصالح المحطّة الفضائية الدولية نموذجاً على هذا النوع من الأسواق، والذي تملك «ناسا» اليوم بفضله وصولاً جاداً إلى الفضاء، بينما تمكّنت «سبيس إكس» من بناء تجارة ناجحة تعتمد على إرسال أقمار اصطناعية تجارية وبعثات فضائية مأهولة خاصّة إلى الفضاء.

ولكنّ المشكلة هنا هي أنّ أسواق إطلاق الأقمار الاصطناعية والسياحة الفضائية كانت قائمة قبل «سبيس إكس»، بينما لا يزال مصدر الطلب من القطاع الخاص على القمر غير واضحٍ على الإطلاق.

وهنا يأتي دور «داربا»، وكالة مشاريع الأبحاث الدفاعية المتقدّمة التابعة للجيش الأميركي.

استغلال القمر اقتصادياًكيف يُجنى المال على القمر؟ يقول الدكتور مايكل ناياك، عالم كواكب وطيّار سابق في القوات البحرية الأميركية يدير أحد برامج «داربا» اليوم: «أسمع هذه الجملة، (اقتصاد أرضي- قمري بقيمة 97 مليار دولار)، ولكن كيف نحوّلها إلى أموال حقيقية في حسابٍ مصرفي؟ لا أعتقد أنّنا نعلم بعد».

وكان ناياك قد أطلق أخيراً دراسة ستمتدّ لمدّة 10 سنوات حول القدرات القمرية تحت عنوان «لونا- 10»، ستدفع الشركات الخاصة للعمل معاً على خطط لتأسيس اقتصاد خاص على القمر بحلول 2035. وتهدف الدراسة إلى تأسيس اقتصاد قابلٍ للقياس والتحليل التقني للحصول على «بنية تحتية قمرية ذاتية الاستدامة، ومنتِجة مالياً، بملكية وتشغيل تجاريين».

ما هو حجم الكتلة التي يجب نقلها إلى القمر؟ ما هو مقدار الطاقة الذي تحتاجه المساكن والروبوتات؟ أي نوعٍ من الروبوتات سنحتاج؟ والأهمّ من وجهة نظر ناياك، ماذا سيتطلّب الأمر لجعل الشركات الخاصة تبيع البضائع والخدمات بعضها لبعض بدل بيعها للوكالات الحكومية؟

الجواب ليس واضحاً بعد، ولكنّ ناياك يتفاوض مع 14 شركة قدّمت عروضاً للمشاركة في المجموعة البحثية، التي ستعمل لاحقاً وفقاً لأفكار الشركات نفسها، وتقدّم النتائج العام المقبل. سيقدّم هذا الإطار العملي لـ«ناسا» والشركات الخاصة فكرة أفضل عن فجوات التطوّر التقني التي قد تبطئ تقدّمها نحو القمر، وسيوضح لها الوجهة الصحيحة لمواردها وطاقتها، حتّى إنّه قد يكشف عن أنّ الاقتصاد القمري ليس جاهزاً للازدهار بعد.

يشكّل نقص المعلومات جزءاً من التحدّي. يعتقد العلماء أنّ المياه المجلّدة موجودة على القمر ويمكن استخدامها للحصول على المياه، والهيدروجين والأكسجين، وأنّ هذا الأمر قد يسهّل الوجود البشري الطويل الأمد، وإنتاج وقود الصواريخ، إلا أنّهم لا يعرفون بعدُ مدى سهولة هذا الأمر. ويأمل هؤلاء أيضاً باستخدام المعادن القمرية لصناعة مكوّنات للمعدّات الفضائية، دون أن ننسى العناصر النادرة التي قد يُعثر عليها. وهذا ما يدفع «ناسا» إلى إرسال سفن هبوط وعربات جوّالة آلية لاستكشاف القمر قبل إرسال البشر.

خدمات قمرية مجزيةفي الوقت الحالي، بدأ ناياك وفريقه العمل على الأسس، وسؤاله الأوّل هو: «ما هي الخدمات القمرية التي قد يدفع الناس للحصول عليها؟ الطاقة، والاتصالات، والقدرة على نقل الأشياء».

تخطّط معظم الشركات التي تراهن على الانضمام إلى المشروع لتقديم هذه الخدمات. ولكنّ ثلاث فئات إضافية برزت في العروض الأولى: تحليل في عمق السوق، وأموالٌ تركّز على الاستفادة من الموارد القمرية، والبناء والروبوتيات.

على خطٍّ موازٍ، يعمل ناياك على إطلاق مشروعٍ آخر اسمه «لوجيك» (اختصار لعبارة «إرشادات التشغيل القمرية لاتحاد البنية التحتية» باللغة الإنجليزية)، الذي يهدف إلى تطوير معايير تقنية تتشاركها الشركات المختلفة. على سبيل المثال، تخطّط منظّمات عدّة لبناء شبكة أقمار اصطناعية حول القمر للإرشاد والاتصالات، ما يعني توفّر بروتوكول مشترك للوصول إلى البيانات سيسهّل على المستخدمين التحضير لأدواتهم.

من المرجح أن تكون النتائج الأولى لهذا التخطيط بسيطة، مثل دفع أحد مقاولي «ناسا» مبلغاً مالياً لمقاول آخر لإنجاز مهمة ما.

يتشارك العاملون في صناعة الفضاء بعقلية تقوم على المبدأ التالي: «إذا بنيتَ... فسيحضرون». تعتزم شركة «إنتويتف ماشينز» من القطاع الخاص إرسال أولى بعثاتها الخاصة إلى القمر هذا العام، بدعم من «ناسا»، وهدف هذه البعثة الرئيسي هو نقل أجهزة استشعار علمية مقابل مكاسب مالية من شركات أخرى كـ«كولومبيا سبورتسوير» التي ساعدت في تطوير مادّة عازلة للمركبة الفضائية.

* «كوارتز» - خدمات «تريبيون ميديا»



«مستخدمون خارقون» يوظفون الذكاء الاصطناعي للتقدم في العمل

«مستخدمون خارقون» يوظفون الذكاء الاصطناعي للتقدم في العمل
TT

«مستخدمون خارقون» يوظفون الذكاء الاصطناعي للتقدم في العمل

«مستخدمون خارقون» يوظفون الذكاء الاصطناعي للتقدم في العمل

يقول كثير من العاملين في المؤسسات والشركات إن نظم الذكاء الاصطناعي تساعد في إنجاز أعمالهم بسرعة وكفاءة؛ إذ إنها توظف لإنشاء محتوى باستخدام أطر عمل محددة، والاستعداد للمحادثات الصعبة، والمساعدة في التخطيط للمشروع، وتحديد تأثير القرارات.

«مستخدمون خارقون»

وقد أصبح عدد كبير من العمال «مستخدمين خارقين» للذكاء الاصطناعي، فهم يلجأون إلى التكنولوجيا يومياً لتعلم المهارات، وتحليل مجموعات كبيرة من البيانات، ومراجعة المرشحين للوظائف، وحتى برمجة روبوتات أخرى لمساعدتهم في المهام المتكررة، مثل إقامة الدورات التدريبية عبر الإنترنت. إلا أن خبراء التقنية يقولون إنهم قلقون أيضاً بشأن الخصوصية، وعدم الدقة وفقدان المهارات، وحتى إمكانية استبدال الوظائف في المستقبل.

تلخيص الكتب والمقالات

لا يزال تبني الذكاء الاصطناعي في العمل في بداياته نسبياً. يقول نحو 67 في المائة من العاملين إنهم لا يستخدمون الذكاء الاصطناعي أبداً في وظائفهم، مقارنة بـ4 في المائة يقولون إنهم يستخدمونه يومياً، وفقاً لمسح حديث أجرته مؤسسة «غالوب». لكن أولئك الذين يستخدمونه، ومعظمهم من العمال ذوي الياقات البيضاء، يرون فوائد في الإنتاجية والكفاءة والإبداع والابتكار، وفقاً للمسح.

تطوير المهارات الفردية

بالنسبة لبعض العاملين لا يوفر الذكاء الاصطناعي الوقت فحسب، بل يساعدهم أيضاً على تطوير المهارات، كما كتبت دانييل أبري في «واشنطن بوست»؛ إذ سرعان ما تعلمت إيلكر إركوت، مساعدة العمليات الإدارية في جامعة ماريلاند، ذلك بعد أن طبقت الذكاء الاصطناعي لأول مرة في عملها. كانت لديها مهلة نهائية مدتها خمس ساعات لتلخيص موضوعات كتاب يحتاجه أحد المديرين التنفيذيين للمناقشة. بدلاً من تصفح النصوص بأسرع ما يمكن، لجأت إلى «تشات جي بي تي»، وأنهت العمل في ساعتين ونصف الساعة.

وتستخدم إركوت الذكاء الاصطناعي كل يوم لتعلم صيغ برنامج «إكسيل» المعقدة لبناء جداول بيانات يمكنها إجراء استطلاعات الرأي، وتتبع وتحليل مكالمات خدمة العملاء. كما تستخدمه لجلسات الشحذ الذهني والتحرير وإنشاء رسومات مخصصة، وهو أمر قالت إنه لم تكن لديها الثقة للقيام به بمفردها، وإنه يوفر نحو 15 ساعة في الأسبوع، مما سمح لها بالعمل في مشاريع أخرى.

كتابة محاضر الاجتماعات

كما وجدت كانيكا كورانا أن الذكاء الاصطناعي يوفر الوقت، حيث تستخدم رئيسة التصميم السابقة البالغة من العمر 30 عاماً في شركة «برو كرييتر»، وهي وكالة تصميم في مومباي، الذكاء الاصطناعي في البحث للمساعدة في كتابة محاضر الاجتماعات من النصوص التي تم إنشاؤها بواسطة الذكاء الاصطناعي، وتلخيص أفكارها التي تم إملاؤها بعد مقابلات المرشحين للوظائف، ثم تنسيقها للموارد البشرية.

كما أنشأ فريقها روبوتات مخصصة يمكنها مساعدة الآخرين، خصوصاً الزملاء الأكثر خبرة، في إنشاء محتوى للعملاء باستخدام لغة وصوت محددين، وتلبية احتياجات الجماهير المستهدفة.

هيكلة الملاحظات

يمكن أن تكون هيكلة الملاحظات مفيدة بشكل خاص عندما تكون هناك عناصر متعددة، وفقاً لجيك صامويلسون، المؤسس المشارك لمنصة التعلم المدعومة بالذكاء الاصطناعي «آبليميت»، ومقرها سان ماتيو بكاليفورنيا.

وجمع صامويلسون، 40 عاماً، بيانات الاستطلاع من أكثر من 1000 شخص استخدموا منصة شركته الناشئة. واستخدم الذكاء الاصطناعي لتحليل التعليقات وتلخيص الموضوعات، وتحديد مجالات التحسين. كما ساعده الذكاء الاصطناعي في إنشاء النماذج الأولية وتبادل الأفكار، وصياغة الدورات التدريبية مع المدربين. وبينما يقدر صامويلسون أنه يوفر ما يصل إلى 10 ساعات في الأسبوع وينتج عملاً أفضل، فقد واجه أيضاً نقاط ضعف للذكاء الاصطناعي.

التحقق من صحة مُخرجات الذكاء الاصطناعي

يقول معظم المستخدمين الفائقين إنهم يتحققون من صحة أي شيء يخرجه الذكاء الاصطناعي. وقالت بيكا تشامبرز، رئيسة الاتصالات السابقة في شركة «كنترول آب»، ومقرها فورت لودرديل بولاية فلوريدا، وهي شركة تساعد في إدارة المشكلات التقنية للموظفين، إنها تستخدم محرك البحث بالذكاء الاصطناعي «بيربليكسيتي» Perplexity للتحقق من الإجابات؛ لأنه يوفر روابط للمصادر. وعلى الرغم من حدوث خلل عرضي، فإنها تستعين بالذكاء الاصطناعي في كل مهمة عمل تقريباً، بدءاً من فك رموز الملاحظات المختصرة إلى نسخ البث الصوتي، ومسح وسائل التواصل الاجتماعي لاتجاهات السوق، وتعديل نبرة رسائل البريد الإلكتروني، والتحقق من القواعد النحوية، وتحديد مقاطع الفيديو وترجمتها.

مساعدة لغوية للأجانب

الكتابة هي الغرض الرئيسي لستان سوخينين، مؤسس شركة الاستشارات المالية «سورسو» في أوستن، الذي يستخدم «تشات جي بي تي». وذلك لأن اللغة الأم لسوخينين هي الروسية، لذا فإن كتابة رسائل البريد الإلكتروني الصحيحة نحوياً كانت تستغرق في السابق ما يصل إلى 20 دقيقة. كما يساعده الذكاء الاصطناعي في تحليل البيانات المعقدة لتوقعات الإيرادات، باستخدام إحصاءات أكثر تعقيداً.

وبينما وجد أن نظام «كلود» من «أنثروبيك» هو الأفضل في التعامل مع البيانات، إلا أنه يعتقد أن الذكاء الاصطناعي ليس جيداً بشكل عام في تحليل وتصنيف الأرقام، لذلك لا يزال يقوم بكثير من المهام يدوياً.

وقال سوخينين: «لو لم تخبره بأن الأمر كان خاطئاً، فإنه يعتقد أن الناتج جيد. لقد ارتكب كثيراً من الأخطاء، وأحياناً بشأن أسئلة سهلة».

الحذر من مشاكل الذكاء الاصطناعي

يقول الخبراء إنه بخلاف إدخال الأخطاء، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يسبب مشكلات أخرى إذا لم يكن العاملون حذرين؛ إذ يجب عليهم تجنب إدخال معلومات حساسة في أدوات لا تحتوي على تدابير أمنية مناسبة على مستوى المؤسسة، فقد ينتهي بهم الأمر بسرقة أفكار أو معلومات من الآخرين. وقد يقدم الذكاء الاصطناعي تحيزاً عن غير قصد.

وإذا اعتمد العمال على الذكاء الاصطناعي بشكل مفرط، فقد يفوتون مهارات التعلم أو يخاطرون بفقدان المهارات التي يمتلكونها، كما قال أرفيند كاروناكاران، الأستاذ المساعد وعضو هيئة التدريس في مركز العمل والتكنولوجيا والتنظيم بجامعة ستانفورد.

في حين لا يزال معظم المستخدمين الفائقين غير مرتاحين للذكاء الاصطناعي غير الخاضع للإشراف، يعتقد بعض قادة الصناعة أن الذكاء الاصطناعي المستقل هو المستقبل. في مؤتمر «سيلفورس» Salesforce الأخير، حيث كُشف النقاب عن وكلاء مبيعات الذكاء الاصطناعي، اقترح الرئيس التنفيذي لشركة «نفيديا» Nvidia جينسن هوانغ أن «العمل سيتم قبل أن تفكر فيه». أما بالنسبة للرئيس التنفيذي لشركة «زووم» إريك يوان، فيبدو الذكاء الاصطناعي وكأنه وجود «توأم رقمي» يعمل تلقائياً جنباً إلى جنب مع الناس.

حقائق

67 % من العاملين الأميركيين يقولون إنهم لا يستخدمون الذكاء الاصطناعي أبداً في وظائفهم مقارنة بـ4 % يستخدمونه يومياً وفقاً لمسح حديث أجرته مؤسسة «غالوب»