هل بإمكانك اتباع الأوامر البسيطة وأنت في نوم عميق؟

«ستارة الدماغ» قد تكون «مفتوحة جزئياً» للابتسام أو العبوس

هل بإمكانك اتباع الأوامر البسيطة وأنت في نوم عميق؟
TT

هل بإمكانك اتباع الأوامر البسيطة وأنت في نوم عميق؟

هل بإمكانك اتباع الأوامر البسيطة وأنت في نوم عميق؟

النوم لا يقطعك عن العالم الخارجي بل إن هناك فترات خلال النوم قد يكون فيها الدماغ حساساً بشكل جزئي للإشارات الخارجية.

«ستارة الدماغ»

لقد كان العلماء في السابق يعتقدون أن الدماغ يعزل نفسه تماماً عن العالم الخارجي في أثناء النوم مثلما يحدث عند سحب الستارة لتغطية النافذة، فعندما تغلق «الستارة» يتوقف الدماغ عن الاستجابة للمحفزات الخارجية.

إلا أن دراسة حديثة نشرت في 12 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي 2023، في مجلة نيتشر نيوروساينس Nature Neuroscience، لمجموعة من الباحثين برئاسة دلفين أودييت عالمة الإدراك في معهد باريس للدماغ في فرنسا وزملائها، تتحدى هذا الاعتقاد.

وتقول الدراسة إن هناك فترات في أثناء النوم تكون فيها هذه «الستارة» مفتوحة جزئياً، حيث كان المشاركون في الدراسة قادرين إما أن يبتسموا أو يعبسوا في مراحل معينة من النوم. وليس من المفترض أن يكون النائم قادراً على القيام بالأشياء في أثناء نومه. ومن الناحية التاريخية يعرف النوم على أنه توقف الوعي بالبيئة المحيطة بالنائم وهو ما يعني أنه لا يتفاعل مع العالم الخارجي.

حالمون لكنهم واعون

قبل بضع سنوات بدأت عالمة الإدراك دلفين أوديت في التشكيك في هذا التعريف بعد أن أجرت هي وفريقها تجربة تمكنوا فيها من التواصل مع الأشخاص الذين يدركون أنهم يحلمون في أثناء نومهم، وهم المعروفون باسم «الحالمون الواعون».

ومن خلال أحلام هؤلاء الأشخاص تمكن الباحثون القائمون على الدراسة من طرح الأسئلة والحصول على إجابات من خلال حركات العين وعضلات الوجه. ويشكل هذا الاكتشاف تحدياً للتعريف التقليدي للنوم كحالة من عدم الوعي تجاه البيئة، إذ كان يُعتقد سابقاً أن النائم لا يستجيب للعالم الخارجي في أثناء نومه.

في هذه الدراسة الأخيرة قام الباحثون بمراقبة 49 مشاركاً في نوم القيلولة منهم 27 شخصاً يعانون من مرض الناركولبسي narcolepsy أو ما يعرف بالخدار الذي يتسم بالنعاس النهاري وارتفاع تكرار الأحلام الواعية و22 متطوعاً أصحاء لا يعانون من هذا المرض.

وطلب من المشاركين جميعا في الدراسة أن يبتسموا أو يعبسوا في أثناء نومهم، وقد استجابوا جميعاً بدقة لما لا يقل عن 70 بالمائة من هذه الإشارات، حيث كانت معدلات الاستجابة العامة أعلى لدى جميع المشاركين في أثناء مرحلة من مراحل النوم تعرف بالحركة السريعة للعيونREM rapid eye movement. وهذه المرحلة هي عادة الوقت الأعمق في النوم لكن الدماغ ما زال نشطاً بشكل كبير.

وقام الباحثون بتتبع نشاط الدماغ لدى المشاركين خلال التجارب باستخدام تقنية التخطيط الكهربائي للدماغ (EEG) electroencephalography التي تلتقط إشارات من الأقطاب الكهربائية الموضوعة على طول فروة رأس الشخص.

الدماغ يستقبل المؤثرات الخارجية

وأشارت النتائج إلى وجود حالات فسيولوجية معينة في أثناء النوم تجعل الدماغ أكثر استعداداً لاستقبال المؤثرات الخارجية. ومن الممكن أن تساعد هذه الاكتشافات في فهم أفضل لاضطرابات النوم المختلفة مثل الأرق والمشي في أثناء النوم، وتسلط الضوء على الأجزاء في الدماغ التي تكون نشطة في أثناء النوم وكيف تتصل هذه النشاطات بالوعي.

ويعد هذا جزءاً من تطور ميدان أبحاث النوم الذي يجمع بين تقنيات مثل تخطيط الدماغ باستخدام الكهرباء مع مهام ومحفزات متنوعة لدراسة النوم بشكل شامل.

وتتفق ميلاني شتراوس طبيبة الأعصاب والعالمة المعرفية في مستشفى إيراسموس في بروكسل (بلجيكا)، على أن هذه الدراسة جزء من تطور أكبر في مجال أبحاث النوم، وتقول إن الباحثين يبتعدون عن مراقبة النوم بشكل رئيسي باستخدام تخطيط كهربائية الدماغ ويتجهون نحو الأساليب «الدقيقة» التي تجمع بين تخطيط كهربائية الدماغ ومهام ومحفزات مختلفة، وهي استراتيجية يمكن أن تساعد في تسليط الضوء على أمراض أو حالات معينة.



الكشف عن العوامل الوراثية المرتبطة بـ«الانزلاق الغضروفي»

 41 منطقة جديدة من الجينوم تعمل على تعديل خطر الإصابة بالانزلاق الغضروفي (غيتي)
41 منطقة جديدة من الجينوم تعمل على تعديل خطر الإصابة بالانزلاق الغضروفي (غيتي)
TT

الكشف عن العوامل الوراثية المرتبطة بـ«الانزلاق الغضروفي»

 41 منطقة جديدة من الجينوم تعمل على تعديل خطر الإصابة بالانزلاق الغضروفي (غيتي)
41 منطقة جديدة من الجينوم تعمل على تعديل خطر الإصابة بالانزلاق الغضروفي (غيتي)

سلطت دراسة حديثة الضوء على التقدم الكبير في فهم الأسس الجينية للانزلاق الغضروفي القطني، ووجدت 41 منطقة جديدة من الجينوم تعمل على تعديل خطر الإصابة بالانزلاق الغضروفي، بالإضافة إلى 23 منطقة كانت حُددت سابقاً.

كما توفر الدراسة رؤى جديدة بشأن كيفية تأثير هذه المناطق على بنية القرص الموجود بين الفقرات (القرص الفقري)، والالتهاب، ووظيفة الأعصاب. وتتعلق النتائج الرئيسية بالجينات المرتبطة بالأعصاب، والتي تعزز فهمنا كيفية تسبب الانزلاق الغضروفي في ألم طويل الأمد وتجارب ألم متفاوتة.

الجينات و«الانزلاق الغضروفي»

يعدّ الانزلاق الغضروفي القطني أحد أكثر التغيرات البنيوية شيوعاً في أسفل الظهر، والسبب الأكثر شيوعاً لألم العصب الوركي في الساق، وقد حُقق في عوامل الخطر الوراثية للانزلاق الغضروفي في دراسة دولية قادتها مجموعة بحثية من فلندا.

وحللت الدراسة، التي نُشرت في مجلة «Nature Communications» يوم 7 نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، برئاسة يوهانس كيتونين، من وحدة أبحاث الصحة السكانية بكلية الطب والمركز الحيوي في جامعة أولو، البيانات الجينية والصحية لنحو 830 ألف مشارك من بنوك حيوية قوية، مثل «البنك الحيوي الفلندي والإستوني» و«البنك الحيوي البريطاني»، وقيّمت دور مجموعات البيانات الكبيرة في الكشف عن العلاقات الجينية المعقدة. وكان لاكتشاف 5 مناطق جينومية جديدة مرتبطة بحالات أكثر شدة تتطلب الجراحة أهمية كبيرة للتأكيد على إمكانية تصميم التدخلات الطبية.

وحددت الدراسة، بالإضافة إلى ذلك، ارتباطات جديدة بالقرب من الجينات المرتبطة بالجهاز العصبي ووظيفة الأعصاب. وقد أدت النتائج المتعلقة بوظائف الجهاز العصبي إلى زيادة فهمنا العلاقة بين الانزلاق الغضروفي العرضي والألم المنتشر.

جينات الاستعداد الوراثي

وقال فيلي سالو، الباحث في جامعة أولو والمحلل الرئيسي في الدراسة، إنهم وجدوا جينات الاستعداد الوراثي التي يمكنها تفسير إطالة الألم جزئياً وكذلك الاختلافات التي لوحظت سريرياً في الألم الذي يعانيه المرضى.

وهذا ما يساعد في تطوير أساليب إدارة الألم لمرضى الانزلاق الغضروفي الذين يعانون آلاماً شديدة، وبالتالي تحسين نوعية حياتهم، كما يقول المختص في الطب الطبيعي الذي شارك في البحث، جوهاني ماتا، من وحدة أبحاث العلوم الصحية والتكنولوجيا بكلية الطب في جامعة أولو بفنلندا.

و«الانزلاق الغضروفي القطني» هو إصابة للغضروف بين فقرتين من العمود الفقري، وعادة ما يحدث بسبب الإجهاد المفرط أو صدمة للعمود الفقري، ويعدّ من أكثر التغيرات البنيوية شيوعاً في أسفل الظهر، كما أنه السبب الأكثر شيوعاً لـ«الألم المنتشر» الذي يسمى «عرق النسا»؛ إذ يحدث «الألم المنتشر» بسبب تهيج الأعصاب الذي يحدث بسبب ضيق العصب الناجم عن الانزلاق، وخصوصاً بسبب زيادة العوامل الالتهابية في منطقة الانزلاق الغضروفي.

والانزلاق الغضروفي شائع جداً حتى لدى الأشخاص الذين لا تظهر عليهم أعراض. ويزداد تكراره مع تقدم العمر، ويسبب أعراضاً لبعض الأشخاص فقط عندما يهيج العصب؛ فالعوامل المرتبطة بتطور الانزلاق الغضروفي معروفة نسبياً، لكن التحقيق في خلفيتها الوراثية لم يحظ باهتمام كبير.

التنبؤ بالإعاقة والألم بعد الجراحة

ووفقاً لدراسة نُشرت في 7 فبراير (شباط) 2024 بمجلة «JAMA»، وقادها بيورنار بيرج، من «مركز صحة الجهاز العضلي الهيكلي الذكي» بكلية العلوم الصحية في جامعة أوسلو النرويجية، فقد طور بيرج وزملاؤه نماذج التنبؤ بالإعاقة والألم بعد 12 شهراً من جراحة الانزلاق الغضروفي القطني، وأكدوا صحة هذه النماذج.

كما أكدت الدراسة على إمكانات التعلم الآلي في تعزيز عملية اتخاذ القرار السريري وإرشاد المرضى فيما يتعلق بنتائج جراحة الانزلاق الغضروفي القطني، فقد استخدم البحث مجموعة بيانات شاملة من السجل النرويجي لجراحة العمود الفقري، وحلل أكثر من 22 ألفاً و700 حالة لتطوير نماذج التنبؤ بالإعاقة والألم بعد الجراحة.

واكتشف الباحثون أن معدلات عدم نجاح العلاج كانت على النحو التالي: 33 في المائة للحالات التي قيست باستخدام «مؤشر أوزويستري للإعاقة (ODI)»، و27 في المائة للحالات التي قيست باستخدام «مقياس التصنيف العددي (NRS)» لألم الظهر، و31 في المائة للحالات التي قيست باستخدام المقياس نفسه؛ أي «مقياس التصنيف العددي لألم الساق».

وهذا يشير إلى أن نسبة كبيرة من المرضى لم يحققوا نتائج ناجحة في تقليل الإعاقة أو تخفيف الألم بعد جراحة الانزلاق الغضروفي القطني.

دعم التشخيصات

و«مؤشر أوزويستري للإعاقة Oswestry Disability Index (ODI)» مشتق من استبيان لآلام أسفل الظهر يستخدمه الأطباء والباحثون لقياس الإعاقة الناجمة عن آلام أسفل الظهر ونوعية الحياة. و«أوزويستري» مدينة تاريخية في شروبشاير بإنجلترا.

أما «مقياس التقييم الرقمي (NRS) Numeric Rating Scale» فيقيس مستوى الألم من 0 إلى 10 (حيث يشير 0 إلى عدم وجود ألم، و10 إلى ألم شديد).

ويشير استخدام البيانات قبل الجراحة بوصفها متنبئات إلى أنه يمكن دمج هذه النماذج في سير العمل السريري عبر أنظمة السجلات الطبية الإلكترونية، مما يدعم «التشخيصات الشخصية» ويساعد في اتخاذ القرارات المشتركة للجراحة.

ويؤكد المؤلفون على الحاجة إلى مزيد من التحقق الخارجي بسجلات جراحة العمود الفقري الأخرى؛ لتوسيع نطاق التطبيق. كما يمثل هذا التطور خطوة مهمة نحو الطب الدقيق في جراحة العمود الفقري، مما قد يحسن نتائج المرضى ويحسن التخطيط الجراحي.