«تغليف ذكي» للأغذية القابلة للتلف

يراقب درجات الحرارة والرطوبة ومسببات الأمراض

صمم الفريق إطاراً على شكل قرص العسل مصنوع من الورق المقوى لتخزين المواد الغذائية (نانو إنترجي)
صمم الفريق إطاراً على شكل قرص العسل مصنوع من الورق المقوى لتخزين المواد الغذائية (نانو إنترجي)
TT
20

«تغليف ذكي» للأغذية القابلة للتلف

صمم الفريق إطاراً على شكل قرص العسل مصنوع من الورق المقوى لتخزين المواد الغذائية (نانو إنترجي)
صمم الفريق إطاراً على شكل قرص العسل مصنوع من الورق المقوى لتخزين المواد الغذائية (نانو إنترجي)

قد يحدث تلوث الأغذية في أي مرحلة من مراحل الإنتاج، في أثناء الزراعة أو التعبئة أو النقل من المزرعة إلى مائدة المستهلك، وقد يسبب استهلاك الأطعمة الملوثة بالبكتيريا والفيروسات أكثر من 200 مرض تبدأ بالإسهال، وتصل إلى السرطان.

وما زالت أنظمة التغليف التقليدية غير كافية لتجنب هذه المخاطر، ما دفع فرقاً بحثية مختلفة إلى بذل جهود كبيرة لتحسين قدرات الاتصال في أنظمة التعبئة والتغليف، وتصميم أنظمة جديدة ذكية لضمان سلامة وأمن المنتج الغذائي، وتعزيز مدة صلاحيته.

في هذا الإطار، نجح فريق من الباحثين في جامعة «كيس ويسترن ريزيرف» الأميركية، في تطوير نظام جديد للتغليف قادر على مراقبة تقلبات درجات الحرارة والرطوبة ومسببات الأمراض في المنتجات الغذائية القابلة للتلف في أثناء عمليات النقل البعيدة. وقد يتيح هذا النهج الموفر للطاقة سلسلة توريد أكثر فاعلية، من حيث التكلفة للموزعين ومنتجي الأغذية، مع ضمان وجود أغذية تحتفظ بجودة أعلى للمستهلكين.

يقول تشانيونج تشيس كاو، الأستاذ المساعد في هندسة الكمبيوتر والأنظمة في جامعة كيس ويسترن ريزيرف، الذي قاد فريق البحث: «يهدف هذا العمل إلى تطوير نظام تعبئة ذكي أكثر استدامة، مع تفعيل أجهزة الاستشعار للكشف عن درجة الحرارة والرطوبة والبكتيريا الممرضة»، مشدداً على أنه «إذا سار الأمر بشكل جيد، فسيستفيد جميع الأطراف».

وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «نحو ثلث كميات الأغذية المنتجة للاستهلاك البشري تُفْقَد أو تُهْدَر - ما يقرب من 1.3 مليار طن من الأغذية كل عام - ويمكن أن يؤدي الحل الذي نقدمه إلى تقليل التلف بشكل كبير، وخفض التكاليف، وضمان سلامة الأغذية». ووفق البحث المنشور في مجلة «نانو إينرجي»، في 21 أغسطس (آب)، فإن السمة الرئيسية لهذا النظام هي تطوير جهاز صغير للمراقبة، يتألف من أجهزة استشعار مرنة، وجهاز تجميع الطاقة الذي يستخدم المجففات - حزم صغيرة من حبيبات هلام السيليكا توجد في العبوات لامتصاص الرطوبة - لتخزين الطاقة. ويمتاز هذا النظام بأنه يعمل بالطاقة الذاتية، حيث يجري توليد الطاقة من اهتزازات شاحنة توصيل الطعام نفسها. وتعمل الطاقة المتولدة عبر هذه الآلية على تشغيل نظام المراقبة في الوقت الفعلي، ما من شأنه أن يزود منتجي الأغذية وموظفي النقل ببيانات رقمية حول درجة الحرارة والرطوبة وظروف تلف الأغذية المعبأة.

ولتحقيق ذلك، توصل كاو وفريقه إلى تطوير ما أطلقوا عليه، «المولد النانوي الكهربائي» D-TENG، ومهمته تمديد وقت خدمة نظام الاستشعار. والمولد النانوي الكهربائي هو جهاز لجمع الطاقة يحول الطاقة الميكانيكية جراء عمليات الاحتكاك في أثناء سير ناقلات الغذاء إلى كهرباء.

كما صمم الفريق إطاراً على شكل قرص عسل مصنوع من الورق المقوى لتخزين المواد الغذائية، التي تُستخدم أيضاً لتوليد الكهرباء من حركتها داخل هذا الإطار. يقول كاو: «نقوم بتصنيع صندوق التغليف لتجميع طاقة الاهتزاز وتوليد الكهرباء وتشغيل أجهزة الاستشعار بشكل مستمر للعمل فترة طويلة، وتجنب فقدان الطاقة والبيانات»، مؤكداً أنها «تقنية رخيصة وسهلة». وأضاف في حين أن بعض شركات النقل الحديثة تستخدم أجهزة استشعار لتسجيل درجة الحرارة والرطوبة وثاني أكسيد الكربون، فإن البطاريات التقليدية اللازمة لتشغيل تلك الأنظمة مكلفة وثقيلة، وقد تكون ملوثة للبيئة. وأوضح أن الكثير من هذه الأنظمة لا توفر بيانات في الوقت الفعلي للكشف عن تلف الطعام في الحال؛ إذ لا تستطيع الأنظمة المحمولة الصغيرة الحالية استكشاف الظروف البيئية إلا خلال فترة زمنية محدودة للغاية.



جهاز جديد ينتج الهيدروجين الأخضر وماء الشرب

الجهاز الجديد
الجهاز الجديد
TT
20

جهاز جديد ينتج الهيدروجين الأخضر وماء الشرب

الجهاز الجديد
الجهاز الجديد

طور باحثون في جامعة كورنيل الأميركية جهازاً رائداً، يعتمد على اثنين من أكثر موارد الأرض وفرة: ضوء الشمس ومياه البحر، لإنتاج الهيدروجين الأخضر الخالي من الكربون، ومياه شرب نظيفة في الوقت نفسه.

تقطير شمسي هجين

وتبلغ أبعاد هذا الاختراع الصغير، hybrid solar distillation-water electrolysis system المعروف باسم «نظام التقطير الشمسي الهجين والتحليل الكهربائي للمياه» 10 × 10 سنتيمترات فقط، وقد يكون له تأثير كبير على مستقبل الطاقة المستدامة والوصول إلى المياه.

في العادة، يتطلب إنتاج الهيدروجين الأخضر تحليل المياه النقية إلى هيدروجين وأكسجين، من خلال عملية التحليل الكهربائي، وهي عملية تحتاج إلى كميات هائلة من المياه النظيفة، وغالباً ما تستهلك الطاقة بكثافة، مع ارتفاع تكلفتها.

توظيف حرارة الألواح الشمسية المهدورة

في المقابل، يحول الجهاز القيود المرتبطة بالألواح الشمسية، وتحديداً كفاءتها المنخفضة، إلى ميزة. فالمعروف أن معظم الألواح الكهروضوئية تحول نحو 30 في المائة فقط من طاقة الشمس إلى كهرباء، بينما يجري فقدان الباقي في صورة حرارة. وهنا، يظهر الجهاز الجديد الذي يلتقط هذه الحرارة المهدرة، باستخدام فتيل شعري يحمل طبقة رقيقة من مياه البحر مباشرةً على اللوح الشمسي. وتتولى الحرارة تبخير مياه البحر، مخلفة وراءها الأملاح ومنتجة بخار ماء نقي. ويجري تكثيف هذا البخار بوقت لاحق، ثم يُغذّى إلى جهاز التحليل الكهربائي، حيث يجري تحليله إلى هيدروجين وأكسجين، باستخدام الكهرباء الناتجة من نفس اللوح الشمسي.

ويلغي هذا النهج المتكامل الحاجة إلى مصادر مياه نظيفة خارجية، ويستغل الطاقة الحرارية والكهربائية والكيميائية كلها في آن واحد. من ناحية أخرى، لا يولد الجهاز وقود الهيدروجين الأخضر فقط، بل يوفر كذلك مياه صالحة للشرب ـ مما يحل مشكلتين عالميتين في الوقت ذاته: إنتاج الطاقة المستدامة وتوفير مياه نظيفة صالحة للشرب.

خفض تكلفة الإنتاج

وحسب لينان زانغ، أستاذ مساعد في كلية سيبلي للهندسة الميكانيكية وهندسة الطيران بجامعة كورنيل وقائد المشروع، كان التصميم معقداً من الناحية الفنية، بسبب الترابط الوثيق بين العمليات، لكنه حقق طفرة من خلال استخدام الموارد المتاحة بكفاءة أعلى.

وعبَّر زانغ عن اعتقاده بأنه مع الانتشار الواسع والتطوير المستمر، يمكن أن يؤدي هذا الجهاز إلى خفض تكلفة إنتاج الهيدروجين إلى دولار واحد فقط لكل كيلوغرام خلال الأعوام الـ15 القادمة. وبالإضافة إلى توليد الهيدروجين والمياه، قد يخدم النظام غرضاً آخر، وهو تبريد الألواح الشمسية داخل منشآت الطاقة الشمسية الكبرى ـ الأمر الذي يحسن من كفاءتها ويطيل عمرها.

وفي ظل تزايد الطلب العالمي على الطاقة النظيفة والمياه، قد يمهد هذا الابتكار من كورنيل الطريق أمام حلول قابلة للتوسيع وصديقة للبيئة تعتمد كلياً على الطبيعة.