«ضاعت الخبرة»... رئيس وكالة الفضاء الروسية يدافع عن تحطم المسبار «لونا-25»

دعا لمواصلة البرنامج الروسي لاستكشاف القمر

صورة أعلنت عنها وكالة الفضاء الروسية توضح انطلاق صاروخ سويوز 2.1 بي مع المسبار «لونا-25» من منصة الإطلاق في قاعدة فوستوشني الفضائية (أ.ف.ب)
صورة أعلنت عنها وكالة الفضاء الروسية توضح انطلاق صاروخ سويوز 2.1 بي مع المسبار «لونا-25» من منصة الإطلاق في قاعدة فوستوشني الفضائية (أ.ف.ب)
TT

«ضاعت الخبرة»... رئيس وكالة الفضاء الروسية يدافع عن تحطم المسبار «لونا-25»

صورة أعلنت عنها وكالة الفضاء الروسية توضح انطلاق صاروخ سويوز 2.1 بي مع المسبار «لونا-25» من منصة الإطلاق في قاعدة فوستوشني الفضائية (أ.ف.ب)
صورة أعلنت عنها وكالة الفضاء الروسية توضح انطلاق صاروخ سويوز 2.1 بي مع المسبار «لونا-25» من منصة الإطلاق في قاعدة فوستوشني الفضائية (أ.ف.ب)

أكّد رئيس وكالة الفضاء الروسية يوري بوريسوف أنّه لا يفترض من موسكو أن تتخلّى عن برنامجها لاستكشاف القمر رغم تحطّم المسبار «لونا-25» في انتكاسة أرجع سببها إلى توقّف المهام الروسية على سطح القمر لأكثر من 50 سنة.

وقال المدير العام لـ«روسكوزموس»، في مقابلة مع قناة «روسيا 24» التلفزيونية الرسمية نقلتها وكالة الصحافة الفرنسية إنّ «الإحجام عن المهام الخاصة باستكشاف القمر سيكون أسوأ قرار تتخذه روسيا»، وأضاف أنّه يتعيّن على موسكو «أن تتقن مجدداً مختلف التقنيات المناسبة».

ورأى أنّ أحد الأسباب الرئيسية لتحطّم «لونا-25»، وهو أول مسبار تطلقه موسكو إلى القمر منذ العام 1976، يتمثّل في تعليق روسيا «برنامجها الخاص باستكشاف القمر لنحو خمسين عاماً».

وأضاف بوريسوف «لقد ضاعت عملياً الخبرة الكبيرة التي راكمها المتخصّصون في المجال الفضائي خلال ستينيات القرن العشرين وسبعينياته، من دون نقلها إلى الأجيال التي تلت».

وبعد نحو خمسين عاماً على آخر مهمة قمرية ناجحة لموسكو، تحطّم «لونا-25» البالغة زنته حوالى 800 كلغم على سطح القمر نتيجة حادث وقع السبت خلال مناورة تمهيدية لعملية هبوطه.

وأوضح بوريسوف أنّ الحادث وقع لأنّ المحرك لم يُطفأ بشكل طبيعي وعمل لـ127 ثانية بدل 84 ثانية. ويتعيّن على إحدى اللجان تسليط الضوء سريعاً على سبب الحادث.

ويأتي هذا الفشل في وقت تعهّد فيه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بمواصلة برنامج الفضاء على الرّغم من العقوبات الغربية المفروضة على بلاده، مستذكراً أنّ الاتّحاد السوفياتي أرسل أول إنسان إلى الفضاء في عام 1961، وسط تصاعد التوتر بين الشرق والغرب.

ووعد بوتين بمواصلة البرنامج الفضائي على الرغم من مشاكل التمويل وفضائح الفساد التي يعاني منها بالإضافة إلى العزلة التي تواجهها روسيا منذ غزوها أوكرانيا.

ووُضع المسبار بنجاح في مداره حول القمر الأربعاء بعد إطلاقه ليل 10 إلى 11 أغسطس (آب) من أقصى الشمال الروسي. وكان مقرّراً أن يهبط المسبار الاثنين شمال «فوهة بوغوسلافسكي» على القطب الجنوبي للقمر، ما كان سيشكّل سابقة إذ إنّ كلّ المهمّات حتى الآن هبطت في المنطقة الاستوائية منه.

ومهمّة المركبة التي كان من المفترض أن تستمرّ عاماً، كانت تقضي بأخذ عيّنات من تربة القمر وتحليلها.

وتشهد السنوات الأخيرة سباقاً جديداً إلى القمر، مع إبداء الولايات المتّحدة والصين، وكذلك الهند وكوريا الجنوبية، طموحات كبيرة بهذا الصدد، فضلاً عن عدد من الشركات الخاصة.


مقالات ذات صلة

كشف مصدر إشارة راديو غامضة سافرت 200 مليون سنة ضوئية لتصل إلى الأرض

يوميات الشرق رسم توضيحي فني لنجم نيوتروني ينبعث منه شعاع راديوي (إم تي آي نيوز)

كشف مصدر إشارة راديو غامضة سافرت 200 مليون سنة ضوئية لتصل إلى الأرض

اكتشف علماء انفجاراً راديوياً غامضاً من الفضاء عام 2022، وقع في المجال المغناطيسي لنجم نيوتروني فائق الكثافة على بُعد 200 مليون سنة ضوئية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق يتم رصد القمر وكوكب الزهرة في السماء فوق المجر (إ.ب.أ)

هواة مراقبة النجوم يشهدون كوكب الزهرة بجانب الهلال

يبدو أن شهر يناير (كانون الثاني) سيكون شهراً مميزاً لرؤية الظواهر السماوية النادرة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق أجسام محترقة رصدها مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي جنوب السعودية

أجسام غامضة في سماء السعودية... هذا تفسيرها

تناقل رواد مواقع التواصل الاجتماعي، مساء الخميس، مقاطع فيديو لظهور ما يشبه أجسام محترقة في سماء مدينة جازان (جنوب السعودية).

جبير الأنصاري (الرياض)
يوميات الشرق عرض سماوي مبهر يحدث مرّة كل 80 عاماً (غيتي)

بعد انتظار 80 عاماً... علماء الفلك يستعدون لعرض سماوي مبهر وقصير

وتنتج هذه الظاهرة الفلكية عن التفاعل بين نجمين يدوران حول بعضهما بعضاً.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق إنجاز مذهل (ناسا)

مسبار «ناسا»... «يقهر» الشمس مُسجِّلاً إنجازاً مذهلاً

أكّدت «ناسا» أنّ المسبار «باركر» الشمسي «سليم» ويعمل «بشكل طبيعي» بعدما نجح في الوصول إلى أقرب نقطة من الشمس يصل إليها أي جسم من صنع الإنسان.

«الشرق الأوسط» (ماريلاند الولايات المتحدة)

المستقبل الغريب للحوم المستزرعة في المختبر

المستقبل الغريب للحوم المستزرعة في المختبر
TT

المستقبل الغريب للحوم المستزرعة في المختبر

المستقبل الغريب للحوم المستزرعة في المختبر

تلتمع «بارفيه» السمّان (وهي لحم مسحون لطير السمّان) على صحني، مقترنة بقرص من الذرة المقلية. وللوهلة الأول، يبدو هذا كنوع من طعام العشاء الفاخر الذي ستجده في العديد من المطاعم الراقية: عجينة غنية وردية مغطاة بالفلفل المخلل، وزهرة صالحة للأكل، ولمحة من الكوتيجا (الجبن المكسيكي المعتّق).

لحم طير مختبري

ولكن العرض التقليدي لهذا اللحم يحجب حقيقة أعمق، فهذه الوجبة غير تقليدية، بل وراديكالية. ومن بعض النواحي، تختلف عن أي شيء شهده العالم في أي وقت مضى.

لم تُصنع عجينة اللحم الموجودة على طبقي بالطريقة التقليدية مع كبد الإوزّ. لقد تمت زراعة اللحم من خلايا النسيج الضام لجنين السمان الياباني الذي تم حصاده منذ سنوات، وتم تحفيزه وراثياً على التكاثر إلى الأبد في المختبر. وقد قُدم لي هذا الطبق في فعالية «أسبوع المناخ» في نيويورك من قبل جو تيرنر، المدير المالي في شركة «فاو» الأسترالية الناشئة للتكنولوجيا الحيوية.

إن تسمية السمان «اللحم المستزرع في المختبرات» تعد تسمية خاطئة. فهذه النسخة الشبيهة بالهلام من السمان كانت تُزرع في مصنع حقيقي للحوم الخلوية، وهو الأول والأكبر من نوعه. وعلى وجه التحديد زرعت في خزان طوله 30 قدماً، وسعته 15 ألف لتر في مصنع «فاو» في سيدني، حيث، حتى كتابة هذه السطور، يمكن للشركة إنتاج 2000 رطل (الرطل 152 غراماً تقريباً) من السمان كل شهر.

وهذه كمية ضئيلة مقارنة بالكميات المتوفرة في مرافق اللحوم التقليدية، لكنها تمثل خطوة كبيرة إلى الأمام بالنسبة إلى التكنولوجيا التي - على مدى العقد الماضي - أسست سمعتها بالكامل تقريباً على تقديم قطع صغيرة شهية في جلسات التذوق الصحفية الفردية.

نجاحات وإخفاقات

وقد بدأت «فاو» للتو أعمالها هذه مع ما يقرب من 50 مليون دولار من تمويل شركات أخرى مثل «بلاكبيرد فينشرز»، و«بروسبيرتي 7»، و«تويوتا فينشرز» (التي رعت فاعلية أسبوع المناخ). وقامت الشركة حديثاً بتركيب مفاعل بيولوجي كبير آخر سعته 20 ألف لتر هذه المرة، أكبر بنسبة 33 في المائة من الأول. ومع تشغيل المفاعلين على الإنترنت، تُقدر الشركة أنها سوف تنتج قريباً 100 طن من السمان المستزرع كل عام.

قد يبدو كل ذلك متناقضاً مع التقارير السابقة، إذ وصف مقال استقصائي نشرته أخيرا صحيفة «نيويورك تايمز» كيف أن قطاع اللحوم المستزرعة الناشئ قد خرج عن مساره بسبب العقبات الاقتصادية والتقنية، رغم سنوات من الضجيج، وسلسلة من الموافقات التنظيمية البارزة، و3 مليارات دولار من الاستثمار.

جمعت شركة «أب سايد فودز»، ومقرها في بيركلي، بولاية كاليفورنيا، أكثر من 600 مليون دولار لتقييم نموذج لشريحة دجاج تبين أنها يمكنها أن تصنعه يدوياً فقط في أنابيب اختبار صغيرة، في حين أن محاولة شركة «إيت جاست»، ومقرها في كاليفورنيا لبناء مصنع للحوم أكبر 50 مرة من مصنع «فاو» انتهت بدعاوى قضائية ومشاكل مالية والقليل للغاية من الدجاج المستزرع.

وقد وعدت الجهات الداعمة لهذا القطاع بمحاكاة اللحوم التي نشأنا على تناولها، اللحم البقري والدجاج، من دون المعاناة التي تعرضت لها الحيوانات والطيور، ومن دون انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري. ولكن اليوم لم يعد هناك أي منتج متاح إلا بالكاد في هذه الصناعة. لقد حان الوقت، كما كتبتُ، للاعتراف بحقيقة أن هذا الحلم قد مات.

تطويرات غير مألوفة

كيف تستعد شركة «فاو» لشحن المنتجات بكميات كبيرة؟ بالتخلي عن المألوف واعتماد غير المألوف. إذ وبدلاً من محاولة إنتاج قطع الدجاج الصغيرة والبرغر، ركزت «فاو» على ما يمكن أن تقدمه الخزانات الفولاذية الكبيرة المليئة بالخلايا بشكل موثوق به في المدى القصير: منتجات غريبة ومميزة مخصصة لسوق السلع الفاخرة، وهي فئة جديدة من الأطعمة التي يسميها جورج بيبو الرئيس التنفيذي لشركة «فاو»: «اللحوم الغريبة».

اللحوم الغريبة هي انحراف عمّا وعدت به صناعة اللحوم الخلوية بالأساس. سيكون الأمر مكلفاً، في البداية. ابتداء من نوفمبر (تشرين الثاني)، كانت شركة «فاو» تبيع بارفيه السمان لأربعة مطاعم في سنغافورة مقابل 100 دولار للرطل. وسوف تتميز هذه اللحوم بمذاق وقوام غير موجودين في الطبيعة. وسوف تُصنع من الحيوانات التي لم يعتد الناس أكلها. فكروا في التمساح، والطاووس، وطائر الغنم، وغيرها. في العام الماضي، تصدرت «فاو» عناوين الأخبار العالمية بعد «كرات اللحم الضخمة» - وهي نموذج أولي ضخم وفريد مختلط مع خلايا الفيل والحمض النووي لحيوان الماموث الصوفي - مما أدى إلى ظهور مقطع ذائع الانتشار في برنامج «العرض الأخير» مع ستيفن كولبرت. في نهاية المطاف، تأمل «فاو» في أن يمنحها إنشاء سوق فاخرة قوية للحوم الغريبة الفرصة لخفض التكاليف تدريجياً من خلال مواصلة البحث والتطوير، رغم أنها سوف تحتاج أولاً إلى تطبيع فكرة تناول الأنواع غير التقليدية.

غرائب الأطباق

عندما أنظر إلى طبق بارفيه السمان خاصتي، يدهشني أنني لم أتناول السمان من قبل. أتناول قضمة، ويكون الطعم خفيفاً ومليئاً مثل الزبدة المخفوقة، مع ملاحظات بطعم معدني دقيق أقرنه بالكبد. إنها تمثل بداية عصر جديد غامض، عصر ستكون فيه اللحوم المستزرعة متوافرة أخيراً، ولكن ليس بالطريقة التي يتوقعها أي شخص.

* مجلة «فاست كومباني»

ـ خدمات «تريبيون ميديا»