بعد انقطاع لأيام... «ناسا» تستعيد الاتصال بمركبة «فوييجر 2»

صورة وزعتها «ناسا» لمسبار «فوييجر» في 22 أغسطس 2002 (أ.ف.ب)
صورة وزعتها «ناسا» لمسبار «فوييجر» في 22 أغسطس 2002 (أ.ف.ب)
TT

بعد انقطاع لأيام... «ناسا» تستعيد الاتصال بمركبة «فوييجر 2»

صورة وزعتها «ناسا» لمسبار «فوييجر» في 22 أغسطس 2002 (أ.ف.ب)
صورة وزعتها «ناسا» لمسبار «فوييجر» في 22 أغسطس 2002 (أ.ف.ب)

أفادت وكالة الفضاء الأميركية (ناسا) في آخر تحديث لها بأنها تلقت إشارات من مسبار «فوييجر 2» البعيد التابع لها تفيد بأنه في «صحة جيدة»، بعد أن قطعت غرفة التحكم الخاصة بالمهمة من طريق الخطأ الاتصال به لأيام عدة.

هذا المسبار الذي أُطلق عام 1977 في إطار برنامج فضائي طموح لاستكشاف الكون، موجود حالياً على بعد أكثر من 19,9 مليار كيلومتر من كوكبنا، ويستكشف الفضاء بين النجوم جنباً إلى جنب مع توأمه المسبار «فوييجر 1».

وقال مختبر الدفع النفاث (JPL) التابع لوكالة ناسا في تحديث أصدره أخيراً، إن سلسلة من الأوامر المبرمجة مسبقاً أُرسلت إلى «فوييجر 2» في 21 يوليو (تموز) «تسببت من غير قصد في توجيه الهوائي بدرجتين بعيداً عن الأرض».

وقد عطّل ذلك قدرة المسبار على إرسال البيانات أو تلقي الأوامر من وإلى مركز التحكم في المهمة، وهو موقف لم يكن من المتوقع حله إلى حين إجراء مناورة آلية لإعادة التوجيه في 15 أكتوبر (تشرين الأول).

لكن في وقت متأخر الاثنين، أعلن حساب «صن أند سبايس» (Sun & Space) التابع لـ«ناسا» على وسائل التواصل الاجتماعي أنه تمت إعادة الاتصال بالمسبار.

وقالت الوكالة: «لقد التقطت شبكة الفضاء العميق إشارة الناقل من +NASAVoyager 2+، لإعلامنا بأن المركبة الفضائية في صحة جيدة».

وشبكة الفضاء العميق Deep Space Network هي مجموعة من الهوائيات الراديوية العملاقة التابعة لوكالة ناسا.

وبينما تولى مختبر الدفع النفاث بناء وتشغيل مركبة «فوييجر» الفضائية، فإن المهمات جزء من مرصد نظام الفيزياء الشمسية التابع لناسا.

وتركت «فوييجر 2» الفقاعة المغناطيسية الواقية التي توفرها الشمس، والتي تسمى الغلاف الشمسي، في ديسمبر (كانون الأول) 2018، وهي تسافر حالياً عبر الفضاء بين النجوم.

وقبل مغادرة نظامنا الشمسي، أصبحت «فوييجر 2» المركبة الفضائية الأولى والوحيدة حتى الآن التي زارت الكوكبين الخارجيين أورانوس ونبتون.

كانت «فوييجر 1» أول مركبة فضائية في تاريخ البشرية تدخل الوسط النجمي، في عام 2012، وهي تبعد حالياً نحو 24 مليار كيلومتر عن الأرض.


مقالات ذات صلة

مركبة فضائية أميركية ترسل صورة مذهلة لشروق الشمس من القمر

الولايات المتحدة​ صورة أرسلتها مركبة «بلو غوست ميشن 1» لشروق الشمس كما شوهد من القمر (ناسا)

مركبة فضائية أميركية ترسل صورة مذهلة لشروق الشمس من القمر

أرسلت مركبة الهبوط «بلو غوست ميشن 1» Blue Ghost Mission 1، التابعة لشركة «فايرفلاي إيروسبايس» Firefly Aerospace، صورة مذهلة لشروق الشمس كما شوهد من القمر.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق المغنية كاتي بيري (رويترز)

بينهن كاتي بيري... طاقم نسائي بالكامل سيسافر إلى الفضاء للمرة الأولى منذ 62 عاماً

أعلن المليادرير الأميركي جيف بيزوس، أمس (الخميس)، أن طاقماً نسائياً بالكامل سيقود الرحلة التالية إلى الفضاء لصاروخ «بلو أوريجين».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الصاروخ الذي يحمل مهمة «أرتيميس 1» في منصة الإطلاق ويظهر بجواره شعارا وكالة «ناسا» وبرنامج «أرتيميس» الفضائي (ناسا) play-circle

الوصول إلى المريخ قد يحجب القمر في برامج الفضاء الأميركية

بعد مرور شهر على تولي دونالد ترمب رسمياً منصبه كرئيس للولايات المتحدة، تسود حالة من الغموض بشأن مستقبل برنامج «أرتيميس» الفضائي الشهير.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق شراكة لتعزيز القدرات (بلو أبيس)

«ناسا» تتأهَّب لبناء أعمق حوض سباحة في العالم

قدَّمت مؤسّسة «بلو أبيس» البحثية طلباً للحصول على إذن تخطيط لبناء حوض سباحة على مساحة 10 أفدنة (4 هكتارات) في منطقة إيروهاب إنتربرايز بمطار كورنوال، نيوكواي.

«الشرق الأوسط» (كورنوال (إنجلترا))
يوميات الشرق كويكب اكتُشف حديثا بحجم يناهز ملعب كرة قدم بات لديه احتمال للاصطدام بالأرض (رويترز)

بحجم ملعب كرة قدم... كويكب «قاتل» قد يضرب الأرض

انفجار هائل في السماء يطلق طاقة أكبر بمئات المرات من قنبلة هيروشيما... قد يبدو الأمر أشبه بقصص نهاية العالم.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

قرون من العزلة ترسم مشهداً وراثياً فريداً لسكان جزيرة غرينلاند

قرون من العزلة ترسم مشهداً وراثياً فريداً لسكان جزيرة غرينلاند
TT

قرون من العزلة ترسم مشهداً وراثياً فريداً لسكان جزيرة غرينلاند

قرون من العزلة ترسم مشهداً وراثياً فريداً لسكان جزيرة غرينلاند

على مدى أكثر من ألف عام، لم تؤثر التضاريس الجليدية الشاسعة في غرينلاند على استراتيجيات البقاء لسكانها فحسب، بل انعكست على حمضهم النووي أيضاً. وقد كشفت دراسة جديدة كيف نحتت قرون من العزلة ملفاً وراثياً مميزاً لسكان غرينلاند، ما يوفر رؤى حول التكيف البشري ودروساً للرعاية الصحية العادلة.

وقد قاد فريق دولي من العلماء هذه الدراسة، التي نُشرت في مجلة «Nature» في 12 فبراير(شباط) 2025، حيث قاموا بتحليل جينومات 5996 بالغاً من سكان غرينلاند، أي ما يقرب من 14 بالمائة من السكان البالغين. وأكدت البيانات أن أسلاف الإنويت (Inuit) وصلوا إلى غرينلاند في موجة هجرة واحدة من سيبيريا عبر أميركا الشمالية منذ نحو ألف عام، حيث بلغ عدد المجموعة المؤسسة أقل من 300 فرد.

والإنويت هي مجموعة من الشعوب الأصلية المتشابهة ثقافياً وتاريخياً التي تسكن تقليدياً المناطق القطبية الشمالية وشبه القطبية الشمالية في أميركا الشمالية، بما في ذلك غرينلاند. وظل سكان غرينلاند معزولين إلى حد كبير، ما خلق «عنق زجاجة» وراثياً، أدى إلى تضخيم المتغيرات النادرة والجينات المتنحية.

التكيفات القطبية والمخاطر الوراثية

وكان أحد أبرز الاكتشافات في الدراسة هو انتشار التكيفات الجينية الخاصة بالقطب الشمالي، مثل المتغير في جين «CPT1A» الذي ينظم استقلاب الأحماض الدهنية. وقد ساعد هذا التكيف أسلاف الإنويت على البقاء في بيئة فقيرة الموارد من خلال اتباع الأنظمة الغذائية الغنية بالثدييات البحرية.

لكن العزل الجيني لم يكن دائماً ميزة، فقد أدى أيضاً إلى زيادة تواتر الطفرات المتنحية الضارة، مثل الطفرة المسؤولة عن الركود الصفراوي المألوف في غرينلاند (Cholestasis Familiaris Groenlandica – CFG)، وهو اضطراب كبدي شديد. وينتشر هذا الاضطراب بشكل خاص في شرق غرينلاند حيث أدى العزل الجغرافي إلى الحد من التنوع الجيني. ونتيجة لذلك، يتم الآن فحص الحوامل في غرينلاند بشكل روتيني لهذا المتغير، ما يسهم في تحسين الرعاية الصحية.

والركود الصفراوي هو انخفاض أو توقف تدفق الصفراء، الذي عادة ما يحدث أثناء الحمل، ولكن يمكن أن يحدث أيضاً للذكور والإناث غير الحوامل بسبب ضعف إفراز الصفراء من خلايا الكبد أو انسداد يمنع تدفق الصفراء، أو مزيج من الاثنين. كما يمكن أن يتسبب الركود الصفراوي في ظهور الجلد وبياض العينين باللون الأصفر. وقد يسبب أيضاً حكة في الجلد والتعب والغثيان وبراز كريه الرائحة. حيث يمكن أن تؤثر هذه الحالة على الأشخاص من جميع الأعمار.

ويسلط المشهد الوراثي الفريد لسكان غرينلاند الضوء على التحديات الأوسع في علم الوراثة، حيث تظل المجتمعات الأصلية والسكان الصغار ممثلين بشكل ضئيل في قواعد البيانات الجينية التي تهيمن عليها بيانات الأوروبيين. وقد تؤدي هذه الفجوة إلى تفاوتات صحية، إذ التشخيصات والعلاجات المصممة لمجموعة معينة قد لا تكون مناسبة لمجموعات أخرى.

ووفقاً لعالم المعلومات الحيوية في جامعة كوبنهاغن، أندرس ألبريشتسن، فإن سكان غرينلاند لا يمتلكون عدداً أكبر من الطفرات الوراثية مقارنة بالأوروبيين، لكن عزلتهم زادت من انتشار بعض السمات المتنحية، مثل الاضطرابات الأيضية والحالات العصبية.

الهجرة والتحولات الجينية

وقد شهد منتصف القرن العشرين تحولاً جذرياً في غرينلاند مع تزايد التحضر وانتقال السكان إلى العاصمة نوك. وتشير الدراسة إلى أن هذه الهجرة الداخلية يمكن أن تخفف من انتشار الأمراض الوراثية المتنحية عن طريق تعزيز تدفق الجينات.

لكن هذه التغيرات تطرح تساؤلات مهمة؛ هل سيؤدي التحضر والتغيير في النظام الغذائي إلى اختفاء التكيفات الجينية التي ساعدت السكان على البقاء في القطب الشمالي؟ وكيف يمكن لأنظمة الرعاية الصحية أن توازن بين فوائد التنوع الوراثي والحفاظ على المعرفة البيولوجية الفريدة؟

يؤكد أندرس كوخ، طبيب أول في مستشفى كوين إنغريد في الدنمارك، أن دراسة الجينوم لدى السكان الصغار يمكن أن يكون لها تأثير كبير على صحتهم. وعلى سبيل المثال، بينما لا يكون من المنطقي فحص الركود الصفراوي في الدنمارك، فإن ذلك ضروري في غرينلاند.

وتشير الدراسة أيضاً إلى أن انتقال مزيد من سكان غرينلاند من القرى الصغيرة إلى المناطق الحضرية قد يقلل من انتشار الأمراض المتنحية، مثل الركود الصفراوي المألوف. لكن هذه التحولات قد تعني أيضاً فقدان بعض التكيفات الجينية الفريدة التي ساعدت السكان على البقاء لقرون.

إن دراسة السكان المعزولين مثل سكان غرينلاند لا تعطي لمحة فقط عن التاريخ الوراثي البشري، بل توفر معلومات قيّمة أيضاً يمكن أن تحسن الرعاية الصحية العالمية. ومع استمرار العالم في التغير، تبقى مسألة التكيف الوراثي والموازنة بين الحفاظ على الهوية الجينية والتنوع البيولوجي أمراً بالغ الأهمية لمستقبل الصحة العامة.