إسفنجة تزيل الرصاص من المياه

تم تطويرها من منتج شبيه لتنظيف الانسكابات النفطية

 إسفنج مغطى بجسيمات نانوية (يسار) بجوار إسفنجة سليلوز غير مطلية (جامعة نورث وسترن)
إسفنج مغطى بجسيمات نانوية (يسار) بجوار إسفنجة سليلوز غير مطلية (جامعة نورث وسترن)
TT

إسفنجة تزيل الرصاص من المياه

 إسفنج مغطى بجسيمات نانوية (يسار) بجوار إسفنجة سليلوز غير مطلية (جامعة نورث وسترن)
إسفنج مغطى بجسيمات نانوية (يسار) بجوار إسفنجة سليلوز غير مطلية (جامعة نورث وسترن)

طوّر مهندسو جامعة نورث وسترن الأميركية، إسفنجاً جديداً يمكنه إزالة المعادن، بما في ذلك المعادن الثقيلة السامة، مثل الرصاص والمعادن المهمة مثل الكوبالت، من المياه الملوثة، لتحويلها مياهاً صالحة للشرب.

إسفنج مطور

وفي تجارب إثبات المفهوم التي تمت خلال الدراسة المنشورة في العدد الأخير من دورية «إنفيرومنتال ساينس آند تكنولوجي ووتر ACS ES&T Water»، اختبر الباحثون إسفنجهم الجديد على عينة شديدة التلوث من ماء الصنبور، تحتوي على أكثر من جزء لكل مليون من الرصاص، وباستخدام واحد، نجح الإسفنج المفلتر في إزالة المعادن لأقل من المستويات التي يمكن اكتشافها.

بعد استخدام الإسفنج، تمكّن الباحثون أيضاً من استعادة المعادن بنجاح وإعادة استخدام الإسفنج لدورات متعددة؛ وهو ما يؤكد إمكانية الاستخدام المستقبلي للإسفنج الجديد، كأداة غير مكلفة وسهلة الاستخدام في فلاتر المياه المنزلية أو جهود المعالجة البيئية واسعة النطاق.

يقول فيناياك درافيد، أستاذ هندسة المواد بجامعة نورث وسترن، والباحث الرئيسي بالدراسة، في تقرير نشره الموقع الإلكتروني للجامعة في 11 مايو (أيار) الماضي: «وجود المعادن الثقيلة في إمدادات المياه يمثل تحدياً هائلاً للصحة العامة؛ وهو ما يتطلب حلولاً يمكن نشرها بسهولة وفاعلية وبتكلفة زهيدة، وهنا يأتي دور الإسفنج، حيث يمكنه إزالة التلوث، ثم استخدام الإسفنج مراراً وتكراراً».

يعتمد هذا الابتكار على عمل درافيد السابق لتطوير إسفنج مسامي للغاية لجوانب مختلفة من العلاج البيئي، وفي مايو 2020، كشف فريقه النقاب عن إسفنجة جديدة مصممة لتنظيف الانسكابات النفطية.

والإسفنج المطلي بالجسيمات النانوية، الذي يتم تسويقه الآن بواسطة إحدى الشركات التابعة لجامعة نورث وسترن، يوفر بديلاً أكثر كفاءة واقتصادياً وصديقاً للبيئة وقابلاً لإعادة الاستخدام، من الخيارات المتاحة حالياً للتعامل مع مشكلة الانسكابات النفطية. لكن درافيد كان يعلم أن ذلك لا يكفي، يقول: «عندما يكون هناك تسرب للنفط، يمكنك إزالة الزيت، لكن هناك أيضاً معادن ثقيلة سامة، مثل الزئبق والكادميوم والكبريت والرصاص، ناتجة من تلك الانسكابات النفطية، لذلك؛ حتى عند إزالة الزيت، قد تبقى بعض السموم الأخرى».

ماء صحي

ولمعالجة هذا الجانب من المشكلة، لجأ فريق درافيد، مرة أخرى، إلى الإسفنج المغطى بطبقة رقيقة للغاية من الجسيمات النانوية، وبعد اختبار العديد من الأنواع المختلفة من الجسيمات النانوية، وجد الفريق البحثي أن طلاء «الجيوثايت» المشبع بالمنغنيز يعمل بشكل أفضل، ولا يقتصر الأمر على أن جسيمات الجيوثايت النانوية المطعمة بالمنغنيز غير مكلفة، ومتاحة بسهولة وغير سامة للإنسان، بل إنها تتمتع أيضاً بالخصائص اللازمة لالتقاط المعادن الثقيلة بشكل انتقائي.

يقول بنجامين شيندل، الباحث المشارك بالدراسة «أنت تريد مادة ذات مساحة سطح عالية؛ لذلك هناك مساحة أكبر لتلتصق بها أيونات الرصاص، وتحتوي هذه الجسيمات النانوية على مساحات عالية السطح ومواقع سطحية تفاعلية وفيرة للامتصاص وهي مستقرة؛ لذا يمكن إعادة استخدامها مرات عدة».

وعند غمرها في الماء الملوث، يقوم الإسفنج المغلف بالجسيمات النانوية باحتجاز أيونات الرصاص بشكل فعال، لتحقيق مستوى من التنقية يفوق ما تطلبه إدارة الغذاء والدواء الأميركية.

وتطلب إدارة الغذاء والدواء، أن تكون مياه الشرب المعبأة أقل من 5 أجزاء لكل مليار من الرصاص، وفي تجارب الترشيح، خفضت الإسفنج كمية الرصاص إلى ما يقرب من جزأين في المليار؛ مما يجعلها آمنة للشرب.

يقول شيندل «نحن سعداء حقاً بذلك، بالطبع، يمكن أن يختلف هذا الأداء بناءً على عوامل عدة، فعلى سبيل المثال، إذا كان لديك إسفنجة كبيرة في حجم صغير من الماء، فستكون أفضل من الإسفنج الصغير في بحيرة ضخمة».

استعادة المعادن

وبالإضافة إلى قيام الإسفنج الجديد بالتقاط المعادن، وجد الباحثون أنه عند القيام بشطفه باستخدام ماء محمض قليلاً، يشبه «حموضة عصير الليمون»، يمكن وقتها أن يتسبب المحلول الحمضي في قيام الإسفنج بإطلاق أيونات الرصاص والاستعداد لاستخدام آخر، ورغم انخفاض أداء الإسفنج بعد الاستخدام الأول، فإنه لا يزال يستعيد أكثر من 90 في المائة من الأيونات خلال دورات الاستخدام اللاحقة.

يقول شيندل «تعد هذه القدرة على جمع المعادن الثقيلة ثم استعادتها ذات قيمة خاصة لإزالة المعادن النادرة والحرجة، مثل الكوبالت، من مصادر المياه، حيث يعد الكوبالت مكوناً شائعاً في بطاريات الليثيوم أيون، وهو مكلف من حيث الطاقة في التعدين، وبالتالي فإن التمكن من تطوير إسفنجة تزيل المعادن النادرة بشكل انتقائي، بما في ذلك الكوبالت، من الماء، يساعد على إعادة تدوير تلك المعادن إلى منتجات مثل البطاريات.



نظام «كريسبر» جديد لإسكات الجينات بدلاً من «قصّها»

نظام «كريسبر» جديد لإسكات الجينات بدلاً من «قصّها»
TT

نظام «كريسبر» جديد لإسكات الجينات بدلاً من «قصّها»

نظام «كريسبر» جديد لإسكات الجينات بدلاً من «قصّها»

توصَّل باحثون في «مركز علوم الحياة بجامعة» فيلنيوس في ليتوانيا، إلى اكتشاف طريقة جديدة رائدة في مجال البحث الجيني تسمح بإسكات (أو إيقاف عمل) جينات معينة دون إجراء قطع دائم للحمض النووي (دي إن إيه).

وتُقدِّم الدراسة مساراً جديداً محتملاً لتعديل الجينات بشكل أكثر أماناً يشبه الضغط على زر «إيقاف مؤقت» على التعليمات الجينية داخل الخلايا.

آلية عمل نظام «كريسبر» الجديد

اكتشف فريق البروفسور باتريك باوش من معهد الشراكة لتقنيات تحرير الجينوم بمركز العلوم الحياتية في جامعة فيلنيوس بليتوانيا، بالتعاون مع خبراء دوليين في البحث المنشور في مجلة «Nature Communications» في 29 أكتوبر (تشرين الأول) 2024، نظاماً جديداً مختلفاً للتعديل الجيني.

وعلى عكس نظام «كريسبر كاس9 (CRISPR-Cas9)»، المعروف الذي اشتهر بقدرته على قطع الحمض النووي (DNA)، يعمل نظام «كريسبر» من النوع «آي في إيه» (IV-A CRISPR) بشكل مختلف، حيث يستخدم مركباً موجهاً بالحمض النووي الريبي لإسكات الجينات دون انشقاق خيوط الحمض النووي «دي إن إيه (DNA)».

كما يستخدم النظام الجديد مركباً مؤثراً يجنِّد إنزيماً يُعرف باسم «دين جي (DinG)». ويعمل هذا الإنزيم عن طريق التحرك على طول خيط الحمض النووي (DNA)، وتسهيل إسكات الجينات من خلال عملية غير جراحية.

تقنية «كريسبر-كاس9» للقص الجيني

هي أداة تعمل كمقص جزيئي لقص تسلسلات معينة من الحمض النووي (دي إن إيه). وتستخدم الحمض النووي الريبي الموجه للعثور على الحمض النووي المستهدف. و«كاس9» هو البروتين الذي يقوم بالقص، وهذا ما يسمح للعلماء بتعديل الجينات عن طريق إضافة أو إزالة أو تغيير أجزاء من الحمض النووي، وهو ما قد يساعد على علاج الأمراض الوراثية، وتعزيز الأبحاث.

** آفاق جديدة لتعديل الجينات بشكل أكثر أماناً وغير جراحي

بروتينات وحلقات

يستخدم نظام «كريسبر» من النوع «IV-A» بروتينين مهمين، هما «Cas8»، و«Cas5» للعثور على بقع محددة على الحمض النووي (DNA). ويبحث هذان البروتينان عن تسلسل قصير من الحمض النووي بجوار المنطقة المستهدفة التي تتطابق مع دليل الحمض النووي الريبي. وبمجرد العثور عليه يبدآن في فك الحمض النووي وإنشاء هياكل تسمى حلقات «آر (R)».

وحلقات «آر» هي الأماكن التي يلتصق فيها الحمض النووي الريبي بخيط واحد من الحمض النووي (DNA)، وتعمل بوصفها إشارةً للنظام لبدء إيقاف أو إسكات الجين.

وكما أوضح البروفسور باوش، فإن «آر» في حلقة «R» تعني الحمض النووي الريبي. وهذه الهياكل أساسية لأنها تخبر النظام متى وأين يبدأ العمل. ولكي تكون حلقات «آر» مستقرةً وفعالةً يجب أن يتطابق الحمض النووي، ودليل الحمض النووي الريبي بشكل صحيح.

وظيفة إنزيم «دين جي»

يساعد إنزيم «DinG» نظام «كريسبر» على العمل بشكل أفضل من خلال فك خيوط الحمض النووي (DNA). وهذا يجعل من الأسهل على النظام التأثير على قسم أكبر من هذا الحمض النووي، ما يجعل عملية إسكات الجينات أكثر فعالية وتستمر لفترة أطول.

وأشار البروفسور باوش إلى أنه نظراً لأن إنزيم «DinG» يمكنه تغيير كيفية التعبير عن الجينات دون قطع الحمض النووي، فقد يؤدي ذلك إلى تطوير أدوات وراثية أكثر أماناً في المستقبل.

تطبيقات محتملة لتخفيف تلف الحمض النووي

يحمل الاكتشاف إمكانات هائلة لتحرير الجينوم والبحث في المستقبل، إذ يمكن أن تخفف الطبيعة غير القاطعة لهذه الطريقة من المخاطر المرتبطة بتلف الحمض النووي( DNA). وهو مصدر قلق عند توظيف تقنيات تحرير الجينات الحالية.

ومن خلال تمكين تعديل الجينات دون إحداث تغييرات دائمة في الحمض النووي( DNA) يمكن أن يكون هذا النهج الجديد مفيداً بشكل خاص في التطبيقات السريرية مثل العلاج الجيني للاضطرابات الوراثية. كما أن القدرة الفريدة لهذا النظام على عبور الحمض النووي دون إجراء قطع، أمر مثير للاهتمام لتطبيقات تحرير الجينات المتقدمة.

الدقة والسلامة

ويعتقد فريق البحث بأن هذه الطريقة يمكن أن تزوِّد العلماء وخبراء التكنولوجيا الحيوية بأدوات أكثر دقة لدراسة وظائف الجينات وتصحيح التشوهات الجينية بطريقة خاضعة للرقابة.

ويمثل الاكتشاف تقدماً كبيراً في مجال البحث الجيني؛ حيث يفتح نظام «كريسبر» من النوع «IV-A» آفاقاً جديدة لتعديل الجينات بشكل أكثر أماناً وغير جراحي، ويمكن أن تحدث هذه الطريقة ثورةً في كيفية دراسة الأمراض الوراثية وعلاجها، مع التركيز على الدقة والسلامة.