مبنى بيئي جديد في نيويورك

يستهلك طاقة أقل بنسبة 80%

مبنى بيئي جديد في نيويورك
TT

مبنى بيئي جديد في نيويورك

مبنى بيئي جديد في نيويورك

تستهلك الأبنية المكتبية العادية في مدينة نيويورك كميات هائلة من الطاقة للتدفئة والتبريد. ولكنّ مبنى حديثاً مؤلّفاً من 16 طابقاً في مانهاتن يتبنّى مقاربةً أكثر فاعلية مستوحاةً من الشمال: نظامٌ واحد يعتمد على ضخّ التدفئة عبر الأنابيب المعبّأة بالمياه، مصمّم لنقل الحرارة إلى المكان الذي يحتاج إليها في كلّ طابق، وبين الطوابق، وحتّى من وإلى المبنى المجاور.

ومن المتوقَّع أن يستهلك المبنى الجديد الذي يقع في شارع «555 غرينيتش» طاقة أقلّ بنسبة 80 في المائة من متوسط استهلاك المباني المكتبية الكبيرة في المدينة. ويسبق هذا الحدث بأشواط قانوناً فرضته المدينة يُلزم المباني الكبرى بتقليل انبعاثاتها بنسبة 40 في المائة خلال العقد المقبل على أن تبدأ المرحلة الأولى من التخفيض في 2024.

بدأ العمل في تصميم هذا المبنى المتقدّم في 2018، ومرّرت مدينة نيويورك قانون الطاقة للمباني في السنة التّالية. يقول مايك إيزو، نائب رئيس قسم استراتيجيات الكربون في شركة «هادسن سكوير بروبرتيز» المطوّرة للمبنى: «لقد سألنا أنفسنا: هل نريد أن نكون أكثر عدوانية؟ هل نريد بناء آخر المباني القديمة في نيويورك؟».

استوحت الشركة المبنى من العمارة التي تعيد دراسة كيفية استخدام الحرارة بفاعلية في السويد والنرويج. عندما بنى الفريق أساس المبنى، استخدموا دعامات على عمق 36 متراً تحت الأرض وأدخلوا فيها نظام تدفئة بمضخّات حرارية يستخدم الحرارة المستقرّة تحت الأرض لنقل الحرارة من وإلى المبنى. يقول إيزو: «نستخدم الدعامات كأصابع تُغرس في الأرض لتخزين واستخراج الطاقة».

تنتقل الحرارة من تحت الأرض عبر أنابيب المياه إلى السقف، حيث تعمل مضخّات حرارية إضافية على استخراج الحرارة من الهواء. يعمل النظام أيضاً في الاتجاه المعاكس لتأمين التبريد. ويشرح إيزو أنّ الشركة «ضمّنت جميع هذه الأنظمة في المبنى ما يتيح لها اختيار مصدر الطاقة الأكثر فاعلية في أيّ وقت». بعدها، تُرسَل الحرارة إلى نظام المياه الساخنة في المبنى، وإلى نظام من أنابيب التدفئة المثبّتة في كلّ طابق. ومع تحرّك المياه الساخنة أو الباردة عبر الأرضيّة الإسمنتية، يستفيد كلّ مكتب من درجة حرارة مريحة باستهلاك القليل من الطاقة. يرصد نظام من أجهزة الاستشعار الإشغال لتحديد الأماكن التي يعمل فيها الأفراد ومن ثمّ يعمل نظام مستقلّ على سحب الهواء النقي للتهوية، حاملاً معه 70 في المائة إضافية من الهواء الخارجي مقارنةً بالأنظمة التقليدية.

يجاور المبنى الجديد مبنى آخر قديم يعود لعام 1931 تملكه الشركة العقارية نفسها، ويعمل الفريق الهندسي على تجديد كلّ طابق فيه بهدوء للتخلّص من نظام التدفئة البخاري القديم الذي يعمل بالوقود الأحفوري، وإضافة المزيد من المضخّات الحرارية. وتجدر الإشارة إلى أنّ المبنيين متّصلان. ففي الأيّام الباردة، عندما يكون أحدهما أكثر دفئاً لأنّ أحد جدرانه مواجهٌ للغرب، يستطيع إرسال فائض الحرارة إلى المبنى الآخر. (تعتمد الخدمات في السويد ومناطق أخرى على مبدأ مشابه لنقل فائض الحرارة من مراكز البيانات إلى المنازل التي تحتاج إلى الحرارة). سيساعد الذكاءُ الاصطناعي النظامَ على نقل الحرارة إلى المكان المناسب في الوقت المناسب، وسيستخدم أيضاً توقعات الأرصاد الجوية وبيانات الإشغال للمساعدة في التنبؤ بالطلب على الطاقة.

وعندما تتحوّل مدينة نيويورك أخيراً إلى الكهرباء المتجددة بشكلٍ كامل بحلول عام 2040، لن يكون لنظام التدفئة والتبريد بصمة كربونية. (في الوقت الحالي، يُنتج المبنى بصمة كربونية أقلّ من الأبنية التي تعمل بالوقود الأحفوري لأنّه يعمل بالكهرباء، وشبكته الكهربائية لا تزال تنتج الانبعاثات). وقد يشكّل المبنى الجديد نموذجاً لسائر المباني المكتبية في المدينة والمناطق ذات المناخات الباردة الأخرى. في سياق متصل، يعمل مطوّرون آخرون في المدينة، مدفوعين بقانون طاقة المباني الجديد، على تطوير مبانٍ أخرى تستخدم التدفئة بالمضخّات الحرارية. يخطّط مبنى سكني قيد التطوير في بروكلين مثلاً لاستخدام التدفئة بالمضخّات الحرارية في 800 شقّة موزّعة على 5 مبانٍ.

* «فاست كومباني» - خدمات «تريبيون ميديا».



نظام «كريسبر» جديد لإسكات الجينات بدلاً من «قصّها»

نظام «كريسبر» جديد لإسكات الجينات بدلاً من «قصّها»
TT

نظام «كريسبر» جديد لإسكات الجينات بدلاً من «قصّها»

نظام «كريسبر» جديد لإسكات الجينات بدلاً من «قصّها»

توصَّل باحثون في «مركز علوم الحياة بجامعة» فيلنيوس في ليتوانيا، إلى اكتشاف طريقة جديدة رائدة في مجال البحث الجيني تسمح بإسكات (أو إيقاف عمل) جينات معينة دون إجراء قطع دائم للحمض النووي (دي إن إيه).

وتُقدِّم الدراسة مساراً جديداً محتملاً لتعديل الجينات بشكل أكثر أماناً يشبه الضغط على زر «إيقاف مؤقت» على التعليمات الجينية داخل الخلايا.

آلية عمل نظام «كريسبر» الجديد

اكتشف فريق البروفسور باتريك باوش من معهد الشراكة لتقنيات تحرير الجينوم بمركز العلوم الحياتية في جامعة فيلنيوس بليتوانيا، بالتعاون مع خبراء دوليين في البحث المنشور في مجلة «Nature Communications» في 29 أكتوبر (تشرين الأول) 2024، نظاماً جديداً مختلفاً للتعديل الجيني.

وعلى عكس نظام «كريسبر كاس9 (CRISPR-Cas9)»، المعروف الذي اشتهر بقدرته على قطع الحمض النووي (DNA)، يعمل نظام «كريسبر» من النوع «آي في إيه» (IV-A CRISPR) بشكل مختلف، حيث يستخدم مركباً موجهاً بالحمض النووي الريبي لإسكات الجينات دون انشقاق خيوط الحمض النووي «دي إن إيه (DNA)».

كما يستخدم النظام الجديد مركباً مؤثراً يجنِّد إنزيماً يُعرف باسم «دين جي (DinG)». ويعمل هذا الإنزيم عن طريق التحرك على طول خيط الحمض النووي (DNA)، وتسهيل إسكات الجينات من خلال عملية غير جراحية.

تقنية «كريسبر-كاس9» للقص الجيني

هي أداة تعمل كمقص جزيئي لقص تسلسلات معينة من الحمض النووي (دي إن إيه). وتستخدم الحمض النووي الريبي الموجه للعثور على الحمض النووي المستهدف. و«كاس9» هو البروتين الذي يقوم بالقص، وهذا ما يسمح للعلماء بتعديل الجينات عن طريق إضافة أو إزالة أو تغيير أجزاء من الحمض النووي، وهو ما قد يساعد على علاج الأمراض الوراثية، وتعزيز الأبحاث.

** آفاق جديدة لتعديل الجينات بشكل أكثر أماناً وغير جراحي

بروتينات وحلقات

يستخدم نظام «كريسبر» من النوع «IV-A» بروتينين مهمين، هما «Cas8»، و«Cas5» للعثور على بقع محددة على الحمض النووي (DNA). ويبحث هذان البروتينان عن تسلسل قصير من الحمض النووي بجوار المنطقة المستهدفة التي تتطابق مع دليل الحمض النووي الريبي. وبمجرد العثور عليه يبدآن في فك الحمض النووي وإنشاء هياكل تسمى حلقات «آر (R)».

وحلقات «آر» هي الأماكن التي يلتصق فيها الحمض النووي الريبي بخيط واحد من الحمض النووي (DNA)، وتعمل بوصفها إشارةً للنظام لبدء إيقاف أو إسكات الجين.

وكما أوضح البروفسور باوش، فإن «آر» في حلقة «R» تعني الحمض النووي الريبي. وهذه الهياكل أساسية لأنها تخبر النظام متى وأين يبدأ العمل. ولكي تكون حلقات «آر» مستقرةً وفعالةً يجب أن يتطابق الحمض النووي، ودليل الحمض النووي الريبي بشكل صحيح.

وظيفة إنزيم «دين جي»

يساعد إنزيم «DinG» نظام «كريسبر» على العمل بشكل أفضل من خلال فك خيوط الحمض النووي (DNA). وهذا يجعل من الأسهل على النظام التأثير على قسم أكبر من هذا الحمض النووي، ما يجعل عملية إسكات الجينات أكثر فعالية وتستمر لفترة أطول.

وأشار البروفسور باوش إلى أنه نظراً لأن إنزيم «DinG» يمكنه تغيير كيفية التعبير عن الجينات دون قطع الحمض النووي، فقد يؤدي ذلك إلى تطوير أدوات وراثية أكثر أماناً في المستقبل.

تطبيقات محتملة لتخفيف تلف الحمض النووي

يحمل الاكتشاف إمكانات هائلة لتحرير الجينوم والبحث في المستقبل، إذ يمكن أن تخفف الطبيعة غير القاطعة لهذه الطريقة من المخاطر المرتبطة بتلف الحمض النووي( DNA). وهو مصدر قلق عند توظيف تقنيات تحرير الجينات الحالية.

ومن خلال تمكين تعديل الجينات دون إحداث تغييرات دائمة في الحمض النووي( DNA) يمكن أن يكون هذا النهج الجديد مفيداً بشكل خاص في التطبيقات السريرية مثل العلاج الجيني للاضطرابات الوراثية. كما أن القدرة الفريدة لهذا النظام على عبور الحمض النووي دون إجراء قطع، أمر مثير للاهتمام لتطبيقات تحرير الجينات المتقدمة.

الدقة والسلامة

ويعتقد فريق البحث بأن هذه الطريقة يمكن أن تزوِّد العلماء وخبراء التكنولوجيا الحيوية بأدوات أكثر دقة لدراسة وظائف الجينات وتصحيح التشوهات الجينية بطريقة خاضعة للرقابة.

ويمثل الاكتشاف تقدماً كبيراً في مجال البحث الجيني؛ حيث يفتح نظام «كريسبر» من النوع «IV-A» آفاقاً جديدة لتعديل الجينات بشكل أكثر أماناً وغير جراحي، ويمكن أن تحدث هذه الطريقة ثورةً في كيفية دراسة الأمراض الوراثية وعلاجها، مع التركيز على الدقة والسلامة.