«الخلايا الخالدة» تحل أزمة اللحوم المستزرعة

تساعد على إنتاج مستدام وبتكاليف أقل

لحم مستزرع أنتجه علماء من هولندا عام 2013
لحم مستزرع أنتجه علماء من هولندا عام 2013
TT

«الخلايا الخالدة» تحل أزمة اللحوم المستزرعة

لحم مستزرع أنتجه علماء من هولندا عام 2013
لحم مستزرع أنتجه علماء من هولندا عام 2013

يزداد الحديث عن اللحوم المستزرعة كحل لأزمة الغذاء عالمياً، في ظل تزايد الطلب على اللحوم نتيجة الزيادة السكانية، وعدم وجود عدد كافٍ من رؤوس الماشية يكافئ الطلب. إلا أن الانتقاد الرئيسي لهذه الفكرة، التي أثبتت كفاءة من الناحية النظرية، أنه وإن كان بالإمكان استنبات اللحوم باستخدام الخلايا الجذعية، إلا أن التكلفة الاقتصادية المرتفعة لهذه العملية، لا تجعلها فكرة عملية، وهي المشكلة التي يزعم فريق بحثي من جامعة «تافتس»الأميركية أنه نجح في حلها، عبر استخدام «خلايا جذعية خالدة»، وتم الإعلان عن تفاصيل هذا الحل في 5 مايو (أيار) بدورية «علم الأحياء التركيبي ACS Synthetic Biology».

تبدأ عملية تصنيع «اللحوم المستزرعة»، بالحصول على الخلايا الجذعية من الحيوان، ثم تُزرع في مفاعلات حيوية بكثافات وأحجام عالية على غرار ما يحدث داخل جسم الحيوان، وتتم تغذية الخلايا بوسط مستنبت غني بالأكسجين يتكون من العناصر الغذائية الأساسية مثل الأحماض الأمينية والغلوكوز والفيتامينات والأملاح غير العضوية، وتُضاف إليها البروتينات وعوامل النمو الأخرى، وتؤدي التغييرات في التركيبة المتوسطة، إلى تحفيز الخلايا غير الناضجة على التمايز إلى العضلات الهيكلية والدهون والأنسجة الضامة التي تتكون منها اللحوم، ثم يتم حصاد الخلايا المتمايزة وتحضيرها وتعبئتها في المنتجات النهائية، وتستغرق هذه العملية ما بين 2 و8 أسابيع، اعتماداً على نوع اللحم الذي تتم زراعته.

تحتاج هذه العملية وفق هذه الخطوات التي تم تفصيلها في دراسة لباحثين من جامعة طوكيو اليابانية، نشرتها دورية «ساينس إن فود» في مارس (آذار) 2021، إلى مصدر دائم من الخلايا الجذعية العضلية المأخوذة من الحيوانات، لكن عادة ما تنقسم (تتكاثر) هذه الخلايا ما يقرب من 50 مرة فقط قبل أن تبدأ في التقدم في العمر وتصبح غير قابلة للحياة، وبالتالي يتعين الحصول على خلايا جديدة، وهي عملية مكلفة اقتصادياً، لكن «الخلايا الخالدة» التي طوّرها الباحثون تعد بإنتاج مستدام للحوم بكميات كبيرة وباقتصاديات أقل.

ولتحويل الخلايا الجذعية لعضلات الأبقار العادية إلى خلايا جذعية خالدة، هناك خطوتان أساسيتان تم الإعلان عنهما خلال الدراسة، الأولى هي هندسة الخلايا الجذعية للأبقار لإعادة بناء «التيلوميرات» الخاصة بها باستمرار؛ ما يحافظ بشكل فعال على كروموسوماتها «شابة» وجاهزة لجولة أخرى من التكاثر والانقسام الخلوي.

يقول أندرو ستاوت، من مركز جامعة تافتس للزراعة الخلوية، والباحث الرئيسي بالدراسة، في تقرير نشره الموقع الإلكتروني للجامعة في 10 مايو إن «معظم الخلايا تبدأ أثناء انقسامها وتقدُّمها بالعمر، في فقدان الحمض النووي في نهايات الكروموسومات الخاصة بها، والتي تسمى التيلوميرات، مثل الحبال البالية التي تتآكل مع الاستخدام، ويمكن أن يؤدي هذا إلى حدوث أخطاء عند نسخ الحمض النووي أو إصلاحه، ويمكن أن يتسبب ذلك أيضاً في فقد الجينات، وفي النهاية موت الخلايا، لكن خطوتنا الأولى تحل تلك المشكلة».

كانت الخطوة الأخرى، هي تخليد الخلايا، أي جعلها تنتج باستمرار بروتيناً يحفز مرحلة حرجة من انقسام الخلايا، وهذا يشحن العملية بشكل فعال ويساعد الخلايا على النمو بشكل أسرع، كما يوضح ستاوت.

والخلايا الجذعية للعضلات ليست المنتج النهائي الذي يريد المرء تناوله، فلا يجب أن تنقسم وتنمو فحسب، بل يجب أن تتمايز أيضاً إلى خلايا عضلية ناضجة تماماً مثل خلايا العضلات التي نتناولها في شريحة لحم أو فيليه، وقد وجد ستاوت وفريقه البحثي أن الخلايا الجذعية الجديدة تمايزت بالفعل إلى خلايا عضلية ناضجة، رغم أنها ليست متطابقة تماماً مع خلايا العضلات الحيوانية أو خلايا العضلات من الخلايا الجذعية التقليدية للأبقار.

يقول ديفيد كابلان، من مركز جامعة تافتس للزراعة الخلوية والباحث المشارك بالدراسة، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»: «هذه النتيجة تعني أنه يمكن للباحثين والشركات في جميع أنحاء العالم الوصول إلى منتجات جديدة وتطويرها دون الحاجة إلى مصدر الخلايا بشكل متكرر من خزعات حيوانات المزرعة».

يضيف «رغم أن اللحوم المزروعة بالخلايا حظيت باهتمام وسائل الإعلام بعد الموافقة المبدئية لإدارة الغذاء والدواء على الدجاج المستزرع، فإن المنتجات لا تزال باهظة الثمن ويصعب توسيع نطاقها، وهي المشكلة التي يمكن أن نكون قد قطعنا خطوة مهمة في طريق حلها».



​الذكاء الاصطناعي في علاج جذور الأسنان

​الذكاء الاصطناعي في علاج جذور الأسنان
TT

​الذكاء الاصطناعي في علاج جذور الأسنان

​الذكاء الاصطناعي في علاج جذور الأسنان

حقق الذكاء الاصطناعي تقدماً كبيراً في اكتشاف وتوقع جوانب مختلفة في علاج جذور الأسنان المسماة من قِبل عامة الجمهور بـ«حشوات العصب» Endodontics.

الذكاء الاصطناعي يرصد جذر الأسنان

في مجال الاكتشاف، تم استخدام الذكاء الاصطناعي لتحديد الآفات والخراجات حول قمة جذور الأسنان، وكسر التاج والجذر، وتحديد طول الجذر، وكشف تشريح الجذور والقنوات. تشمل مهام التنبؤ تقدير الحاجة إلى إعادة العلاج. تُعد الخراجات حول قمة جذور الأسنان، شائعة وتُشكّل تحديات في التشخيص وتخطيط العلاج للأطباء. ويمكن أن يُحسّن التعرف المبكر على هذه الآفات من نتائج العلاج من خلال منع انتشار المرض إلى الأنسجة المحيطة.

إن علاج جذور الأسنان أو حشوات العصب، المعروف أيضاً باسم «علاج العصب»، فرع من فروع طب الأسنان يركز على تشخيص، ومعالجة أمراض لب الأسنان (العصب) والجذور.

يتضمن هذا العلاج إزالة اللب التالف أو المصاب داخل السن (لب السن المحتوي على العصب والشريان والوريد والأوعية اللمفاوية وكثير من الخلايا لكن الكل يسمي اللب بالعصب!)، وتنظيف وتعقيم القنوات الجذرية، ثم حشوها بمواد طبية خاصة لمنع العدوى المستقبلية، وحماية الأسنان من مزيد من التلف.

أهمية علاج جذور الأسنان

- تخفيف الألم: يساعد علاج الجذور في تخفيف الألم الشديد الناتج عن التهابات العصب، إذ قالت العرب: «لا ألم إلا ألم الضرس».

- إنقاذ الأسنان: يمكن أن يمنع العلاج الفقدان الكامل للسن المتضررة، مما يحافظ على الأسنان الطبيعية بدلاً من اللجوء إلى التعويضات الصناعية.

- منع العدوى: العلاج الفوري والعناية الجيدة تمنعان انتشار العدوى إلى الأنسجة المحيطة والعظام، وقد تم تسجيل بعض حالات الوفاة من انتقال الصديد من خراجات الأسنان إلى الدورة الدموية.

وحسب المكتب العربي في منظمة الصحة العالمية فإن هناك أكثر من 130 مليون عربي بالغ يعانون من تسوس أو نخر الأسنان، ونسبة كبيرة منهم ستحتاج إلى حشوات العصب.

الذكاء الاصطناعي يسابق جراحي الأسنان

* رصد الخراجات: أجرى العالم البريطاني أندرياس وزملاؤه دراسة مقارنة ما بين أداء خوارزمية الذكاء الاصطناعي و24 جراح فم ووجه في اكتشاف الخراجات حول قمة جذور الأسنان على الأشعة البانورامية. وخلصت الدراسة إلى أن خوارزميات الذكاء الاصطناعي القائمة على التعلم العميق تفوقت على بعض الجراحين. وبالمثل، أظهرت دراسة أخرى أن نماذج الشبكات العصبية التلافيفية CNN، (وهي من مكونات الذكاء الاصطناعي المستلهمة من العصب البصري لتحديد الأشكال)، أدت أداءً أفضل من ثلاثة أطباء استشاريي أشعة فم ووجه، في اكتشاف الخراجات حول قمة جذور الأسنان أثناء المحاكاة على الأشعة داخل الفم.

وفي دراسة أخرى نشرت في مجلة «طب الأسنان» البريطانية أخيراً، استخدم العالم أورهان وزملاؤه أكثر من 100 أشعة مقطعية للأسنان لاختبار نظام الذكاء الاصطناعي، وذكروا دقة اكتشاف عالية مقارنة باختصاصي الأشعة.

تشخيص كسور الجذور وأطوالها

* تشخيص كسور الجذور الأفقية والعمودية: وهو مهمة تتطلب الخبرة، ويفشل تقريباً 75 في المائة من الأطباء في تحديدها على الأشعة. تم تطوير نماذج من الذكاء الاصطناعي لاكتشاف كسور الجذور تلقائياً على الصور الشعاعية للأسنان ثنائية وثلاثية الأبعاد.

أظهرت دراسة لفوكودا وزملائه أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يكون أداة واعدة لتشخيص الكسور الجذرية العمودية على الأشعة البانورامية. وأظهرت دراسة أخرى للدكتور جوهاري من «هارفارد» وزملائه أداءً ممتازاً باستخدام خوارزمية الذكاء الاصطناعي للكشف عن الكسور الجذرية العمودية بدقة 96.6 في المائة.

* تحديد طول الجذر بدقة: خطوة حاسمة لنجاح علاج قناة الجذر أو حشوات العصب، حيث إن 60 في المائة من فشل علاج حشوات العصب بسبب عدم الحساب الدقيق لطول قناة العصب، ما يؤدي إلى قصر أو زيادة الحشوة، ويؤدي بدوره إلى فشل العلاج، وتفاقم الخراج مع خطورة ذلك.

أظهرت الدراسات أن الشبكات العصبية الاصطناعية (وهي من مكونات الذكاء الاصطناعي) يمكن استخدامها لتحديد طول الجذر بدقة. أبلغ الدكتور ساغيري وزملاؤه في بحث منشور أخيراً في مجلة «طب الأسنان» الأميركية أن الذكاء الاصطناعي يمكن استخدامه أداة إضافية لتحديد موقع خروج العصب من قمة جذر الأسنان، وقد أثبت ذلك عدم وجود فروق في قياسات طول الجذر عند مقارنة الذكاء الاصطناعي مع القياسات الفعلية بعد إجراء القياسات الفعلية.

معدلات نجاح عالية

وهكذا فقد أظهرت خوارزميات الذكاء الاصطناعي القائمة على CNN معدلات نجاح عالية في الكشف التلقائي عن الأسنان وتجزئتها على الأشعة ثنائية وثلاثية الأبعاد.

ويتمتع الذكاء الاصطناعي بمستوى عالٍ، مقارنة بالمراقبين البشريين، ولكن مع أوقات معالجة أسرع بكثير. وبما أن تحديد تشريح الجذور والقنوات هو أمر ضروري لنجاح علاج قناة الجذر، فإن لدى تطبيقات الذكاء الاصطناعي القدرة على المساهمة في هذه المهام.

*رئيس جمعية الذكاء الاصطناعي بطب الأسنان في الشرق الأوسط.

حقائق

130 مليون عربي بالغ يعانون من تسوس أو نخر الأسنان ونسبة كبيرة منهم ستحتاج إلى حشوات العصب