صور جديدة من الحساسية بعد مرحلة البلوغ

ربما تظهر نتيجة التفاعل المعقد بين الجينات والبيئة

صور جديدة من الحساسية بعد مرحلة البلوغ
TT

صور جديدة من الحساسية بعد مرحلة البلوغ

صور جديدة من الحساسية بعد مرحلة البلوغ

في حياة ليزا، لم يكن تناول المحار مجرد متعة تذوق الطعام - وإنما كان جزءً أساسياً من ثقافة عائلتها. ولطالما كان الصيف يدفع هذه المرأة الأربعينية نحو السفر إلى ولاية ماين، حيث كانت أطباق الجمبري وسرطان البحر والمحار وجراد البحر نوعاً من الطقوس المميزة في لقاءات لمّ الشمل السنوية.

إلا أن ليزا فوجئت في أحد الأعوام، بأن المحار المحبوب لديها لم يعد يبادلها حباً بحب. إذ وفي الوقت الذي كانت تنغمس في تناول الوليمة البحرية بابتهاج، بدأت تظهر عليها أعراض مثيرة للقلق: تضخمت شفتا ليزا ولسانها، بينما انتشر الشرى (التقرحات) بشدة في جميع أنحاء جلدها. وتقيأت كذلك. وسرعان ما اتصل الأقارب بسيارة إسعاف...

«صدمة حساسية»

وجرى علاج ليزا من صدمة حساسية anaphylactic shock. وأكدت الاختبارات أن المحار الذي كانت تتناوله انقلب عليها: فهي الآن تعاني حساسية شديدة، بعد أن عاشت طول حياتها من قبل دون أي مشكلة.

في مرحلة البلوغ، يظن معظم الناس أنهم تجاوزوا احتمالية الإصابة بحساسية جديدة. ومع ذلك، نجد أن هذه الاحتمالية على أرض الواقع ليست استثنائية الحدوث، فهي تقع في كثير من الأحيان بين النساء، حسبما أوضح أحد المتخصصين من جامعة هارفارد.

وأضافت الدكتورة كاميليا هيرنانديز، مديرة قسم الحساسية والمناعة السريرية بمستشفى «بريغهام آند ويمينز»، التابع للجامعة: «تظن الغالبية أنك تصاب بالحساسية عندما تكون طفلاً، وتظل معك حتى سن البلوغ، أو أنك تتغلب عليها. ومع ذلك، يبقى من الممكن أن تصاب بالحساسية في أي وقت. إن هذا أحد أكثر الأشياء التي تصيب الناس بالدهشة لدى علمهم بها».

معلومات أساسية عن الحساسية

تأتي الحساسية Allergy في صور عدة. وتنشأ عندما يقع الجهاز المناعي في خطأ اعتبار مادة غير ضارة - مثل الطعام، أو حبوب اللقاح، أو وبر الحيوانات، أو عث الغبار، أو الدواء - مادة دخيلة خطيرة.

وبعد ذلك، وفي كل مرة يواجه فيها الجسم تلك المادة المسببة للحساسية، ينشأ رد فعل. وحسب نوع الحساسية وشدتها، يمكن أن تتضمن الأعراض العطاس، وذرف الدموع، والسعال، والحكة، والشرى، والقيء، وصعوبة التنفس.

وأفاد ما يقرب من ثلث البالغين الأميركيين بأنهم يعانون الحساسية الموسمية أو الغذائية، وفقاً لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها. ومع ذلك، تشكل الصور الموسمية من الحساسية – التي تؤججها حبوب اللقاح، وغالباً ما يطلق عليها حمى القش - نسبة أعلى بكثير على الصعيد العام.

حساسية الطعام

يوماً بعد آخر، يتعرف العلماء على المزيد عن أنواع الحساسية التي قد تظهر فجأة مع تقدمنا في السن. والاحتمال الأكبر أن تظهر الحساسية الغذائية في مرحلة البلوغ، مقارنة بصور الحساسية الموسمية. ويتصدر المحار قائمة مسببات الحساسية الغذائية المتأخرة لدى البالغين، طبقاً لمسح أُجري عام 2018 بين أكثر عن 40000 شخص بالغ نشرته دورية Annals of Allergy, Asthma and Immunology.

وكشف الاستطلاع كذلك عن أن ما يقرب من نصف الأشخاص الذين يعانون بالفعل حساسية الطعام، تطورت لديهم صورة جديدة واحدة على الأقل من صور الحساسية في مرحلة البلوغ. ومن اللافت للنظر أن نحو ربعهم لم يكن يعاني أي حساسية غذائية في الطفولة. ويأتي بعد المحار بقائمة صور الحساسية الغذائية التي تصيب البالغين، الحليب والقمح وجوز الأشجار وفول الصويا.

بوجه عام، تعدّ النساء أكثر عرضة للإصابة بالحساسية الغذائية في مرحلة البلوغ عن الرجال - ومن بين الأشخاص الذين يعانون ذلك، تبقى النساء أكثر عرضة للإصابة بالقلق الشديد المرتبط بالطعام، حسب دراسة نُشرت عبر الإنترنت في السابع من فبراير (شباط) 2024، من قِبل Clinical and Experimental Allergy.

ومع هذا، لا يزال الغموض يكتنف السبب وراء إصابة بعض الأشخاص بالحساسية، سواء في الطفولة أو في مرحلة لاحقة من حياتهم، بينما لا يصاب البعض الآخر بها إطلاقاً.

وقالت الدكتورة هيرنانديز إن السبب ربما يرتبط بالتفاعل المعقد بين الجينات والبيئة. ومع ذلك، يبدو أنه كلما قل تعرضك لمسببات الحساسية المحتملة - مثل المحار، الذي يأكله كثير من الناس بضع مرات فقط في السنة - تنامت احتمالات ظهورها كمشكلة جديدة في وقت لاحق.

اختفاء الحساسية

رغم ما سبق، يظل هناك، على الأقل، بعض التوازن في المعادلة، ذلك أنه إذا تمكنا من التعايش مع الحساسية مع مرور العقود، فإن هذا قد يعني أننا قد ننجح في التخلص منها - إذا حالفنا الحظ.

والمثير أنه يمكن للحساسية أن تطارد بعض الأشخاص لسنوات قبل أن تختفي فجأة. وربما يعود السبب إلى حقيقة أن استجابة (رد فعل) جهاز المناعة لدينا تهدأ في منتصف العمر؛ ما يعني أن مسببات الحساسية التي كانت تثير الاستجابة في السابق أصبحت تمر على الجسم الآن دون أن ينازعها شيء، حسبما شرحت الدكتورة هيرنانديز.

والمحتمل أن تسبب بعض صور الحساسية أعراضاً أقل حدة أو حتى تتلاشى تماماً، أكثر عن غيرها. على سبيل المثال، فإن نحو 30 في المائة من الأشخاص الذين يعانون حساسية الفول السوداني يتخلصون في النهاية منها، حسبما ذكرت الدكتورة هيرنانديز.

ومع أنه يمكن لأي شخص أن يصاب بالحساسية في مرحلة لاحقة من حياته، فإن أولئك الذين لديهم تاريخ طويل من الحساسية الموسمية يميلون إلى المعاناة من أعراض أقل مع مرور السنين؛ ما يسمح لأولئك المحاصرين بالعطاس وسيلان الأنف وحكة العيون والتعب، باستقبال الأشهر الأكثر دفئاً بخوف أقل مع التقدم في العمر.

علامات مثيرة للقلق

تعتمد قدرتنا على رصد الحساسية الناشئة بسهولة، إلى حد كبير، على نوع الحساسية ذاتها. وهنا، شرحت الدكتورة هيرنانديز أنه ربما لن يكون واضحاً على الفور، ما إذا كان أحد المحفزات البيئية، مثل وبر الحيوانات، قد تحول مشكلة فجأة.

على سبيل المثال، قد يكون اللقاء والترحيب بقطة صديقك الجديدة، موقفاً محفوفاً بالمخاطر على نحو غير متوقع. وينتهي اللقاء بالعطاس المتكرر، مع سيلان في الأنف وحكة وعيون دامعة، لكنك تظن أنك تصاب بنزلة برد. بعد عودتك إلى المنزل، تبقى الأعراض لديك لبضع ساعات فقط، ثم تبدأ في الانحسار.

النصيحة: انتبه لأنه إذا كانت نزلة برد، ستستمر الأعراض لأيام عدة أو أكثر.

وأضافت الدكتورة هيرنانديز: «لن تكون قادراً على إدراك حقيقة الأمر من المرة الأولى. عادةً ما يستغرق الأمر بضع مرات من الوجود مع الحيوان المسبب للحساسية، قبل أن تدرك حقيقة ما يحدث».

ومع ذلك، فإن صور الحساسية الغذائية الجديدة قد تظهر بقوة أكبر. على سبيل المثال، قبل رد فعل ليزا التحسسي تجاه المحار، الذي هدد حياتها، كانت تعاني علامات خفية يمكن تجاهلها بسهولة تتعلق بحساسية التخمير brewing allergy. قبل بضعة أشهر من نوبة الطوارئ التي تعرضت لها ليزا، تقيأت بعد تناول الجمبري العملاق. وهنا، أوضحت الدكتورة هيرنانديز أن ليزا: «لم تفكر في الأمر، بل اعتقدت أنه تسمم غذائي». إلا أنه بعد فترة وجيزة، أسفر التهامها لفائف جراد البحر عن التأثير نفسه.

وقالت الدكتورة هيرنانديز: «بمرور الوقت، تصبح حساسية الطعام أمراً متوقعاً: ففي كل مرة تتناول فيها هذا الطعام، ستظهر عليك تلك الأعراض، وفي غضون دقائق معدودة».

نتيجة أخرى للتغيّرات المناخية

إذا خالجتك الدهشة من ظهور أعراض حمى القش بقوة، حتى قبل أن يذوب الثلج الشتوي، فاطمئن: أنت لا تتخيل الأمر. من الواضح أن التأثيرات واسعة النطاق للتغييرات المناخ تتضمن مواسم حساسية موسمية أطول وأقوى.

واليوم، يبدأ «موسم الحساسية» قبل ثلاثة أسابيع مما كان عليه عام 1990؛ ما يعني مزيداً من الشقاء لـ81 مليون أميركي يعانون التهاب الأنف التحسسي - المعروف باسم الحساسية الموسمية - الأمر الذي يثير لديهم ردود أفعال تحسسية تجاه حبوب اللقاح من الأشجار والأعشاب والأعشاب الضارة.

وكشفت دراسة نشرتها دورية Proceedings of the National Academy of Sciences عام 2021، عن أن التغييرات المناخية السبب وراء ذلك. وأظهرت أن موسم حبوب اللقاح في أميركا الشمالية امتد بمقدار 20 يوماً بين عامي 1990 و2018، بينما ارتفعت تركيزات حبوب اللقاح المحمولة جواً بأكثر عن 20 في المائة.

المحار والحليب والقمح وجوز الأشجار وفول الصويا تثير الحساسية الغذائية لدى البالغين

واعتمد التحليل على بيانات حبوب اللقاح التي جرى جمعها من 60 موقعاً في أميركا الشمالية خلال تلك الفترة، وكشفت عن تغييرات مهمة في 7 من 10 قياسات، مثل أقصى معدلات حبوب اللقاح اليومية، وتاريخ بدء موسم حبوب اللقاح وطوله. ويبدو أن فصول الشتاء المعتدلة وارتفاع متوسط درجات الحرارة، تحفّز النباتات على إنتاج حبوب اللقاح في وقت مبكر، والاستمرار في ذلك لفترة أطول.

وقالت الدكتورة هيرنانديز: «في السابق، خاصة في منطقة الشمال الشرقي، لم يكن موسم الحساسية يبدأ إلا في أبريل (نيسان) أو مايو (أيار). الآن، يبدأ الأمر في فبراير (شباط) أو مارس (آذار). هذا تغيير كبير».

لاستيعاب موسم حبوب اللقاح الممتد، قد تحتاج إلى تغيير كيفية التعامل مع الحساسية لديك - ربما باستخدام الأدوية لفترة أطول وبمجموعات مختلفة، حسبما نبهت د. الدكتور هيرنانديز. وأضافت إن تناول مضادات الهيستامين التي لا تستلزم وصفة طبية، مثل فيكسوفينادين fexofenadine (أليغرا Allegra) أو لوراتادين loratadine (كلاريتين Claritin) لفترات أطول، لا يزيد من احتمالية ظهور آثار جانبية مثل الصداع أو جفاف الفم.

أما مضادات الهيستامين القديمة، مثل ديفينهيدرامين diphenhydramine (بينادريل Benadryl) - والتي يمكن أن تجعلك تشعر بالنعاس - فينبغي استخدامها باعتدال، بغض النظر عن المدة التي يستمر فيها موسم الحساسية، لأنها قد تجعلك تشعر بالدوار.

التعايش مع الحساسية مع مرور الزمن قد يؤدي إلى نجاح التخلص منها

علاوة على تناول أدوية الحساسية لفترة أطول، فإنه لا بأس في «تكديسها» معاً - عن طريق مزج مضادات الهيستامين عن طريق الفم، مثلاً، مع رذاذ الأنف القائم على الستيرويد، مثل فلوتيكاسون fluticasone (فلوناس Flonase). ويمكنك كذلك استخدام قطرات العين المضادة للهستامين في الوقت نفسه، إذا كان ذلك مفيداً.

وقالت الدكتورة هيرنانديز: «يمكنك الاستمرار في إضافة مزيد من العناصر إلى مجموعة الأدوية التي تجعلك تشعر بأفضل حالاتك، لكن عليك أن تنتظر وتتابع كيف تبدو أعراضك. في الواقع، إن حالات الحساسية تتسم بطابع فردي على نحو يتعذر تصديقه».

ثلث البالغين الأميركيين يعانون من أشكالها الموسمية أو الغذائية

السبل الآمنة للتشخيص

السؤال الملح هنا: كيف ينبغي الرد على هذه الإشارات. عن ذلك، أجابت الدكتورة هيرنانديز بأن الأمر يعتمد على نوع الحساسية.

في حالة الحساسية البيئية، مثل حبوب اللقاح أو وبر الحيوانات الأليفة، يمكنك تجربة أسلوب «افعل ذلك بنفسك» للتخفيف من آثار الحساسية، باستخدام رذاذ الأنف القائم على الستيرويد مثل فلوتيكاسون (فلوناز) أو تناول مضادات الهيستامين التي لا تستلزم وصفة طبية مثل السيتريزين (زيرتيك)، أو فيكسوفينادين (أليغرا)، أو لوراتادين (كلاريتين). إذا نجحت العلاجات، فسيكون لديك على الأقل فكرة عما يحدث وكيفية تخفيف حدة الأعراض. وعليك إطلاع طبيب الرعاية الأولية الخاص بك على ما تشك فيه.

في المقابل، فإن طبيب الحساسية يمثل المفتاح لتشخيص الحساسية الغذائية الجديدة المحتملة - أمر لا ينبغي لك الاضطلاع به بنفسك. ويمكن لاختصاصي الحساسية استخدام مجموعة متنوعة من الاختبارات لتحقيق ذلك، فقد تخضع لتحدي الطعام في عيادة طبيب الحساسية - اختبار تستهلك خلاله كمية خاضعة للرقابة من العنصر المعني محط الاشتباه، حسبما يرى الطبيب. إذا واجهت رد فعل شديداً، فيمكن للطبيب حينها التدخل على الفور.

وعن ذلك، حذرت الدكتورة هيرنانديز من أنه: «قد يكون رد الفعل التحسسي تجاه الطعام شديداً للغاية بعض الأحيان. لذلك؛ ليس من الآمن محاولة تشخيصه ذاتياً».

* رسالة هارفارد «مراقبة صحة المرأة» - خدمات «تريبيون ميديا»


مقالات ذات صلة

أطعمة تقلل من خطر الإصابة بـ14 نوعاً مختلفاً من السرطان

صحتك استهلاك الأطعمة التي تحتوي على «أوميغا 3» و«أوميغا 6» مثل الأسماك الزيتية يقلل معدل خطر الإصابة بالسرطان (جمعية الصيادين الاسكوتلنديين)

أطعمة تقلل من خطر الإصابة بـ14 نوعاً مختلفاً من السرطان

وجدت دراسة أن استهلاك «أوميغا 3» و«أوميغا 6»، وهي الأحماض الدهنية التي توجد في الأطعمة النباتية والأسماك الزيتية، قد يؤثر على معدل خطر الإصابة بالسرطان.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق الغضب لا يزال يشكل حافزاً مهماً للنجاح في العالم الحديث (رويترز)

الأشخاص الغاضبون «أكثر ميلاً للنجاح»... كيف؟

كشف أحد علماء الأعصاب أن الأشخاص الغاضبين أكثر ميلاً للنجاح، وقال الدكتور جاي ليشزينر إن الشعور بالغضب قد يكون «محركاً مهماً» للنجاح في العالم الحديث.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم صورة تحت المجهر الإلكتروني والتي قدمها المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية في عام 2024 لجزيئات فيروس جدري القردة باللون البرتقالي الموجودة داخل الخلايا المصابة باللون الأخضر (أ.ب)

كندا ترصد أول إصابة بسلالة فرعية من جدري القردة

أكدت وكالة الصحة العامة الكندية أمس (الجمعة) رصد أول حالة إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة في كندا لدى شخص في مانيتوبا.

«الشرق الأوسط» (مونتريال)
المشرق العربي فلسطيني يحمل طفلة صغيرة مصابة داخل مستشفى كمال عدوان في قطاع غزة (أ.ف.ب)

وزارة الصحة: كل مستشفيات غزة ستتوقف عن العمل خلال 48 ساعة

حذرت وزارة الصحة في قطاع غزة من توقف جميع مستشفيات القطاع عن العمل أو تقليص خدماتها خلال 48 ساعة بسبب نقص الوقود، إذ ترفض إسرائيل دخوله للقطاع.

«الشرق الأوسط» (غزة)
صحتك سمنة البطن مع وزن طبيعي للجسم... مشكلة صحية تستدعي الاهتمام

سمنة البطن مع وزن طبيعي للجسم... مشكلة صحية تستدعي الاهتمام

تعتمد الأوساط الطبية بالعموم في تحديد «مقدار وزن الجسم» على عدد الكيلوغرامات بوصفه «رقماً»

د. حسن محمد صندقجي (الرياض)

ما أفضل مكملات غذائية لدعم صحة الدماغ؟

دماغ (أ.ف.ب)
دماغ (أ.ف.ب)
TT

ما أفضل مكملات غذائية لدعم صحة الدماغ؟

دماغ (أ.ف.ب)
دماغ (أ.ف.ب)

أكد موقع «هيلث» على أهمية الحفاظ على عقل سليم، لأنه يساعد على تعلُّم المعلومات والاحتفاظ بها واتخاذ القرارات وحل المشكلات والتركيز والتواصل عاطفياً مع الآخرين. وذكر أنه، مع التقدُّم في العمر، قد تصبح حالات، مثل الخرف أو مرض ألزهايمر، مصدر قلق أكبر، وهناك طرق لدعم صحة الدماغ، منها الحصول على قدر كافٍ من التمارين الرياضية والنوم والنظام الغذائي.

ولفت إلى بعض الأشخاص قد يلجأون للمكملات الغذائية لسد الفجوات الغذائية في نظامهم الغذائي وتعزيز صحتهم الإدراكية.

وفي حين يتم تسويق العديد من المكملات الغذائية لصحة الدماغ، حيث تلعب بعض العناصر الغذائية دوراً في الوظيفة الإدراكية، فإن الأدلة التي تدعم استخدام وفعالية المكملات الغذائية لصحة الدماغ لا تزال محدودة. وقدَّم الموقع مجموعة من المكملات الغذائية وصفها بأنها الأفضل لدعم صحة الدماغ:

1. أشواغاندا:

هي عشبة شائعة في الطب التقليدي قد تفيد في علاج العديد من الحالات المرتبطة بالدماغ، بما في ذلك القلق والأرق والتوتر والشيخوخة. ووجدت إحدى الدراسات التي أُجريَت على أشخاص تتراوح أعمارهم بين 65 و80 عاماً أن تناول 600 ملليغرام من أشواغاندا يومياً لمدة 12 أسبوعاً أدى إلى تحسين الصحة العامة وجودة النوم واليقظة العقلية مقارنة بأولئك الذين لم يتناولوها. ووفقاً للموقع، هناك حاجة إلى مزيد من البحث لفهم فوائد أشواغاندا للدماغ.

2. فيتامينات «ب»

فيتامينات مثل «ب6» (بيريدوكسين)، و«ب9» (حمض الفوليك)، و«ب12» (كوبالامين) هي فيتامينات أساسية تلعب دوراً في العديد من الوظائف في الجسم والدماغ. وتم ربط مشاكل الوظائف الإدراكية، مثل الذاكرة ومهارات التفكير العامة، بانخفاض مستويات فيتامين «ب»، خصوصاً فيتامين «ب12». ووجد الباحثون أيضاً علاقة بين مستويات فيتامين «ب» والخرف ومرض ألزهايمر، وخلصت إحدى الدراسات إلى أن انخفاض مستويات فيتامين «ب12»، وارتفاع مستويات فيتامين «ب9» مرتبطان بارتفاع خطر ضعف الإدراك. ومع ذلك، لم تجد دراسات أخرى نتائج مماثلة، ولم تتمكن من استنتاج أن مستويات فيتامين «ب» تؤثر على صحة الدماغ. وهناك حاجة إلى دراسات إضافية لفهم دور فيتامينات «ب» في صحة الدماغ. ويمكن تناول فيتامينات «ب»، من خلال النظام الغذائي أو المكملات الغذائية، والحد الأقصى الموصى به لفيتامين «ب6» 100 ملليغرام يومياً؛ بالنسبة لفيتامين «ب9»، الحد الأقصى هو 1000 ميكروغرام يومياً.

الدراسات السابقة قالت إن المكملات تدعم صحة الدماغ والقلب (رويترز)

3- الكافيين

منبه يوقظك ويعزز الطاقة، ويبدو أن تناوله يحسن القدرة الإدراكية واليقظة العقلية طوال اليوم، ولا يؤثر على الأداء العقلي أو الدقة، ومن المحتمل ألا تكون له فوائد طويلة الأمد لصحة الدماغ. ويمكن تناول الكافيين في المشروبات، مثل القهوة والشاي، ولكن الكافيين متوفر أيضاً في شكل مسحوق أو أقراص. وتتراوح الجرعات غالباً من 50 إلى 260 ملليغراماً يومياً وبالمقارنة، يوفر كوب واحد من القهوة عادة 95 إلى 200 ملليغرام من الكافيين.

4- الكولين

عنصر غذائي يساعد دماغك على إنتاج الأستيل كولين، وهو ناقل عصبي ضروري لإشارات الخلايا والذاكرة والمزاج والإدراك. وقامت إحدى الدراسات بتقييم تناول الكولين من خلال النظام الغذائي والمكملات الغذائية والوظيفة الإدراكية لدى الأشخاص الذين تزيد أعمارهم على 60 عاماً في الولايات المتحدة. ووجد الباحثون أن تناول 188 - 399 ملليغراماً من الكولين يومياً يقلل من خطر انخفاض الوظيفة الإدراكية بنحو 50 في المائة مقارنةً بتناول أقل من 188 ملليغراماً. وهناك حاجة إلى مزيد من الدراسات لفهم العلاقة بين تناول الكولين والوظيفة الإدراكية. وتبلغ مستويات الكمية الكافية اليومية من الكولين لدى البالغين 550 ملليغراماً لدى الذكور والمرضعات، و425 ملليغراماً لدى الإناث، و450 ملليغراماً لدى الحوامل.

والحد الأقصى المسموح به للكولين لدى البالغين هو 3500 ملليغرام. ويوصى بهذه المستويات بناءً على خطر تلف الكبد وانخفاض ضغط الدم ورائحة الجسم السمكية التي تظهر مع مستويات تناول أعلى. ويحتوي البيض واللحوم والدجاج ومنتجات الألبان بشكل طبيعي على الكولين، وتتوفر أيضاً مكملات غذائية، تتراوح عادة من 10 إلى 250 ملليغراماً.

5- الكرياتين

هو حمض أميني يوجد بشكل طبيعي في أنسجة العضلات والدماغ، وهو مهم للطاقة والوظائف الخلوية. وغالباً ما يُستخدم الكرياتين كمكمل للمساعدة في بناء العضلات الهيكلية. تشير الأبحاث الحديثة إلى أنه قد يحسن أيضاً صحة الدماغ. ووجدت مراجعة للدراسات أن مكملات الكرياتين أثبتت أنها تعمل على تحسين الذاكرة والإدراك والاكتئاب، فضلاً عن وظائف الدماغ بعد الارتجاج أو الإصابة. هناك فائدة محدودة تُرى في الأمراض التي تؤثر على الدماغ، مثل مرض باركنسون أو التصلُّب المتعدد. والجرعة الأكثر استخداماً من الكرياتين في الدراسات هي 20 غراماً يومياً لمدة 5 - 7 أيام، تليها 2.25 - 10 غرام يومياً لمدة تصل إلى 16 أسبوعاً.

6- بيلوبا

مكمل شائع نشأ في الطب الصيني التقليدي، وقد وجدت دراسات أن مستخلص أوراق الجنكة قد يحسن الذاكرة والدماغ.

دماغ (رويترز)

7. المغنيسيوم

معدن أساسي موجود في الأطعمة والمكملات الغذائية، ويلعب دوراً في صحة الدماغ، ويساعد في نقل الإشارات عبر الأعصاب والدماغ. وتشير بعض الأدلة إلى أن انخفاض مستويات المغنيسيوم يرتبط بالتهاب الدماغ وارتفاع خطر الإصابة بضعف الإدراك والأمراض العصبية. وهناك تقارير متضاربة حول ما إذا كان تناول المغنيسيوم بشكل أكبر لدى الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 60 عاماً أو أكثر مرتبطاً بتحسين الوظيفة الإدراكية. وهناك حاجة إلى مزيد من البحث لفهم كيف يمكن للمغنيسيوم أن يفيد صحة الدماغ. ويمكن العثور على المغنيسيوم بشكل طبيعي في الأطعمة، مثل الخضراوات الورقية الخضراء والحبوب الكاملة والمكملات الغذائية متوفرة أيضاً. وتتراوح الكمية اليومية الموصى بها من المغنيسيوم للبالغين من 310 إلى 420 ملليغراماً بناءً على العمر والجنس وما إذا كنت حاملاً أو مرضعة، والحد الأقصى لمكملات المغنيسيوم للبالغين هو 350 ملليغراماً.

النظام الغذائي المتوازن هو الأفضل لصحة الدماغ (أ.ف.ب)

8. أحماض «أوميغا 3» الدهنية

تلعب أحماض «أوميغا 3» الدهنية دوراً في العديد من وظائف الجسم التي تدعم صحة الدماغ، فعلى سبيل المثال، تساعد الأحماض الدهنية في بناء الخلايا ولها خصائص مضادة للالتهابات ومضادات الأكسدة.

وتشير الدراسات إلى أن دمج أحماض «أوميغا 3» الدهنية في نظامك الغذائي أو روتين المكملات الغذائية قد يساعد في صحة الدماغ، بما في ذلك الحالة المزاجية والذاكرة. وارتبطت الأنظمة الغذائية الغنية بأحماض «أوميغا 3» الدهنية بانخفاض خطر الإصابة بالخرف وضعف الإدراك. وتحتوي الأسماك الدهنية (مثل السلمون) وفول الصويا والمكسرات على أحماض «أوميغا 3» الدهنية، ويتوفر أيضاً مكملاً غذائياً، وغالباً ما يكون في شكل كبسولات.

9- البروبيوتيك والبريبايوتيك

يتواصل الجهاز الهضمي والدماغ لمراقبة وظائف الجسم، بما في ذلك الجوع وحركة محتويات الطعام عبر الجهاز الهضمي. يعتقد الباحثون أن الأمعاء الصحية تساعد في تعزيز وظائف المخ الصحية.

تساعد البروبيوتيك والبريبايوتيك في تنظيم محور الأمعاء والدماغ عن طريق تقليل الالتهاب وزيادة كمية البكتيريا المفيدة في الجسم.

قد تمنع البروبيوتيك والبريبايوتيك المشكلات المعرفية الخفيفة أو تعكسها. ووجدت العديد من الدراسات أن كلا المكملين يمكن أن يحسن الوظيفة الإدراكية والمزاج. وتحدث هذه النتائج بشكل أقل شيوعاً لدى كبار السن الأصحاء والنشطين جسدياً والأفراد الأصغر سناً الذين لا يعانون من حالات صحية.

10- الثيانين

حمض أميني طبيعي موجود في الشاي قد يحسِّن الأداء العقلي، خصوصاً عند دمجه مع الكافيين، ويحتوي الشاي الأخضر بشكل طبيعي على الثيانين والكافيين. ووجدت دراسة أن جرعة واحدة من الثيانين بمقدار 100 ملليغرام تعمل على تحسين الانتباه ومع ذلك، عندما تم إعطاء المشاركين 200 ملليغرام من الثيانين يومياً لمدة أربعة أسابيع، لم يُلاحظ أي تحسن في الذاكرة أو سرعة الحركة أو اتخاذ القرار أو المهارات اللفظية. وتأثيرات الثيانين على التدهور المعرفي المرتبط بالعمر والانتباه ومرض ألزهايمر ليست واضحة، وهناك حاجة إلى مزيد من الدراسات. وجد بعض الباحثين أن تناول الثيانين والكافيين معاً يحسن اليقظة والدقة، ولكنه لا يحسِّن وقت رد الفعل. ومن غير الواضح ما إذا كان الثيانين أو الكافيين يسبِّب هذا التحسن. ويعتبر الثيانين آمناً بجرعات تصل إلى 900 ملليغرام يومياً لمدة 8 أسابيع، يمكن العثور عليه في الشاي أو الأقراص أو المسحوق.

11- فيتامين «د»

هو فيتامين أساسي مهم لصحة العظام والعضلات والأعصاب، وقد يلعب أيضاً دوراً كبيراً في صحة الدماغ. وربطت العديد من الدراسات بين انخفاض مستويات فيتامين «د» وارتفاع خطر الإصابة بالتدهور المعرفي والخرف. وقامت إحدى الدراسات بتقييم مستويات فيتامين «د» في أدمغة الأشخاص بعد وفاتهم. وارتبطت المستويات الأعلى في الدماغ بانخفاض احتمالات الإصابة بالخرف أو ضعف الإدراك بنسبة 25 – 33 في المائة. وخلص الباحثون إلى أن تركيزات فيتامين «د» الأعلى في الدماغ كانت مرتبطة بصحة الدماغ والوظيفة الإدراكية الأفضل. ويمكنك الحصول على فيتامين «د» من التعرض المباشر لأشعة الشمس أو من خلال بعض الأطعمة، مثل الأسماك الدهنية، مثل السلمون والفطر والحليب. وللحصول على تناول فيتامين «د» بشكل ثابت، يمكنك تناول كبسولة أو مسحوق أو مكمل سائل. والجرعة اليومية الموصى بها من فيتامين «د» هي 15 ميكروغراماً، للأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 1 و70 عاماً، بما في ذلك الأشخاص الحوامل أو المرضعات. ويجب أن يحصل الأشخاص فوق سن 70 عاماً على 20 ميكروغراماً.