سوء التغذية للأطفال… مشكلة عضوية وإدراكية خطيرة

وسط تحذيرات دولية من خطره على أطفال السودان

عدم توافر شروط البيئة الصحية وانعدام المياه الصالحة للشرب يفاقم المجاعة وسوء التغذية
عدم توافر شروط البيئة الصحية وانعدام المياه الصالحة للشرب يفاقم المجاعة وسوء التغذية
TT
20

سوء التغذية للأطفال… مشكلة عضوية وإدراكية خطيرة

عدم توافر شروط البيئة الصحية وانعدام المياه الصالحة للشرب يفاقم المجاعة وسوء التغذية
عدم توافر شروط البيئة الصحية وانعدام المياه الصالحة للشرب يفاقم المجاعة وسوء التغذية

حذرت عدة منظمات تابعة للأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية من خطورة التدهور الكبير في الوضع الغذائي للأطفال والأمهات في السودان جراء الحرب خاصة مع وجود الكثير من العوامل التي يمكن أن تؤدي إلى المجاعة وأهمها عدم إمكانية الحصول على الطعام وعدم توفر مياه الشرب الآمنة فضلاً عن تردي خدمات الصرف الصحي، ما يضاعف من فرص الإصابة بالأمراض.

المجاعة تهدد اطفال السودان (أ ف ب)
المجاعة تهدد اطفال السودان (أ ف ب)

مشكلة عضوية وإدراكية

الحقيقة أن سوء التغذية malnutrition يمكن أن يكون مشكلة مؤقتة بالنسبة للبالغين، ولكنها بالنسبة للأطفال تُعد مشكلة طويلة الأمد تؤثر على صحة الطفل سواء بشكل عضوي أو إدراكي.

بعيداً عن الحروب تعرّف منظمة الصحة العالمية سوء التغذية بأنه نقص أو عدم توازن في استهلاك الشخص للطاقة أو عناصر غذائية محددة فيما يتعلق باحتياجاته سواء للأطفال أو البالغين، ولكن بطبيعة الحال يكون الأمر أسوأ في الأطفال. ويُعد سوء التغذية من أهم المشكلات الصحية في البلدان ذات الدخل المنخفض.

وعلى وجه التقريب يتوفى أكثر من 5.9 مليون طفل كل عام دون سن الخامسة في جميع أنحاء العالم، نسبة 45 في المائة منهم تقريباً بسبب سوء التغذية. وفي المجمل فإن خطر وفاة الطفل الذي يعاني من سوء التغذية أعلى بـنحو 11 مرة من خطر وفاة الطفل الذي يتمتع بفرص للحصول على غذاء جيد.

أخطار سوء التغذية

* التقزّم. حسب العديد من الدراسات يتسبب سوء التغذية في قصر القامة (التقزم dwarfism).

* انخفاض النمو المعرفي. ويؤدي انخفاض الوزن في مرحلة الطفولة إلى خطر انخفاض النمو المعرفي ودرجة الذكاء ما يؤثر على المستوى الأكاديمي للطفل وذلك لأن الفيتامينات والمعادن الموجودة في المواد الغذائية المختلفة تلعب دوراً مهماً في زيادة الإدراك في مرحلة الطفولة لأن التوصيلات العصبية الموجودة في المخ تحتاج إلى هذه العناصر ما يؤدي إلى ضعف التوصيلات ونقص في تشعب الأعصاب والناقلات الكيميائية في المخ.

* ضعف المناعة. يرتبط سوء التغذية بضعف المناعة بشكل عام ويُدخل الطفل في حلقة مفرغة لأن سوء التغذية يؤدي إلى العدوى، والعدوى تؤدي إلى سوء التغذية عن طريق فقدان الشهية ما يجعل الطفل أكثر عرضة للإصابة بالأمراض المعدية المختلفة خاصة في المناطق التي تنتشر بها الصراعات والحروب. وهذا يتسبب في حدوث النزلات المعوية والأطفال الذين يعانون من سوء التغذية يكونون أكثر عرضة لخطر الإصابة بالإسهال بشكل كبير مع ارتفاع معدل حدوثه وزيادة شدته ما يمكن أن يؤدي إلى الوفاة من الجفاف لأن خطر الوفاة بعد نوبة من الإسهال في حالة سوء التغذية أعلى بأربع مرات من الأطفال الذين حصلوا على تغذية جيدة.

تأثيرات عضوية

* الالتهاب الرئوي. وبالنسبة للجهاز التنفسي تكون خطورة سوء التغذية كبيرة جداً لأنه لا يرتبط فقط بزيادة خطر الإصابة بنوبات الالتهاب الرئوي Pneumonia ولكن أيضاً يزيد من شدته وزيادة نسبة الوفيات. وهناك ارتباط بين سوء التغذية الحاد ونقص الأكسجين في الدم ما يجعل الطفل أكثر عرضة للغيبوبة والفشل التنفسي وفي كينيا من بين 4187 طفلاً تم حجزهم في المستشفى بسبب التهاب رئوي حاد كان 25 في المائة منهم يعانون من سوء التغذية الحاد.

* خلل وظائف الأمعاء الدقيقة. سوء التغذية يحدث تغييرات في نسيج الأمعاء الدقيقة تؤدي إلى انخفاض قدرة الخلايا التي تقوم بإفراز المواد اللازمة لامتصاص الطعام ما يؤدي إلى خلل في وظائف الأمعاء وعدم القدرة على الاستفادة حتى من الكميات القليلة من الطعام.

ويمكن أن تحدث هذه التغيرات بدون أعراض إكلينيكية واضحة خاصة في البيئات غير النظيفة لأن التعرض المزمن لبيئات ملوثة بالبراز يؤدي إلى متلازمة عديمة الأعراض تتمثل في سوء الامتصاص والتهاب موضعي في الأمعاء.

وفي النهاية فإن نقص الغذاء وسوء التغذية في الأطفال أمر بالغ الخطورة يجب أن تتضافر كافة الجهود لتفاديه.

حقائق

5.9 مليون

طفل يتوفى تقريبا كل عام دون سن الخامسة في أنحاء العالم، 45 في المائة منهم بسبب سوء التغذية


مقالات ذات صلة

مدير «الصحة العالمية»: وضع غزة «كارثي» ومليونا شخص يعانون الجوع

المشرق العربي الطفل الفلسطيني أسامة الرقب (5 سنوات) في مستشفى ناصر حيث يتلقى العلاج (رويترز) play-circle

مدير «الصحة العالمية»: وضع غزة «كارثي» ومليونا شخص يعانون الجوع

قال المدير العام لـ«منظمة الصحة العالمية»، اليوم الخميس، إن الوضع في غزة «كارثي» وإن مليوني شخص بالقطاع يعانون الجوع.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
عالم الاعمال جانب من مختبرات الشركة (الشرق الأوسط)

«بوهرنجر إنجلهايم» توسّع استفادتها العالمية... وتحقق نمواً قوياً في 2024

أعلنت شركة «بوهرنجر إنجلهايم» ارتفاع عدد المرضى المستفيدين من حلولها العلاجية إلى 66 مليون مريض خلال عام 2024، بزيادة بلغت 8 في المائة مقارنةً بالعام السابق.

شمال افريقيا مركز أبحاث المايستوما في الخرطوم (موقع المركز)

تدمير المركز الوحيد في العالم لأبحاث «المايستوما» بالسودان

أعلنت منظمة الصحة العالمية الخميس أن المركز الوحيد في العالم لأبحاث المايستوما (الورم الفطري)، وهو مرض مداريّ مُعدٍ يصيب خصوصا الفئات المحرومة، قد دُمّر في…

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
عالم الاعمال «أسبوع التحصين العالمي» يبرز دور اللقاحات في حماية المجتمعات ودعم الاقتصادات

«أسبوع التحصين العالمي» يبرز دور اللقاحات في حماية المجتمعات ودعم الاقتصادات

يُعقد «أسبوع التحصين العالمي» هذا العام تحت شعار «يمكننا تحصين الجميع»، ويشدد هذا التجمع العالمي على أهمية اللقاحات ودورها الحيوي في حماية المجتمعات من الأمراض.

صحتك يستخدم الباحثون أساليب مبتكرة لدراسة دور خصائص البروتين الدهني عالي الكثافة في صحة القلب (شترستوك)

عندما يصبح الكوليسترول الجيد... ضارّاً

وجد باحثون أن بعض مكونات الكوليسترول «الجيد» أو البروتينات الدهنية عالية الكثافة قد تكون سبباً لزيادة انتشار أمراض القلب والأوعية الدموية.

«الشرق الأوسط» (هيوستن)

غسل ملابس الطواقم الطبية في المنزل يعزِّز انتشار العدوى

البكتيريا المقاوِمة للعلاج تنجو من دورات الغسل المنزلية (جامعة دي مونتفورت)
البكتيريا المقاوِمة للعلاج تنجو من دورات الغسل المنزلية (جامعة دي مونتفورت)
TT
20

غسل ملابس الطواقم الطبية في المنزل يعزِّز انتشار العدوى

البكتيريا المقاوِمة للعلاج تنجو من دورات الغسل المنزلية (جامعة دي مونتفورت)
البكتيريا المقاوِمة للعلاج تنجو من دورات الغسل المنزلية (جامعة دي مونتفورت)

حذّرت دراسة بريطانية من أن غسل ملابس العاملين في القطاع الصحي داخل المنازل قد يسهم، دون قصد، في نشر العدوى المقاومة للمضادات الحيوية في المستشفيات.

وأوضح الباحثون من جامعة دي مونتفورت أن كثيراً من الغسالات المنزلية تفشل في إزالة الميكروبات الخطرة من الملابس، مما قد يُعرِّض المرضى لخطر الإصابة بعدوى المستشفيات. وقد نُشرت نتائج الدراسة، يوم الأربعاء، في دورية «PLOS One».

ويُعدُّ انتقال العدوى داخل المستشفيات مشكلة صحية عامة كبرى، لا سيما أن هذه العدوى غالباً ما تنطوي على بكتيريا مقاومة للعلاج. وفي حين يلجأ عدد من الممرضين والعاملين في مجال الرعاية الصحية إلى غسل ملابسهم المهنية في المنزل، تشير بعض الدراسات إلى أن الملابس قد تكون وسيلة لنقل البكتيريا، ما يطرح تساؤلات حول قدرة الغسالات المنزلية على القضاء على تلك الكائنات الدقيقة، ومنع انتشار الميكروبات الخطرة.

وقد أجرى الباحثون تجربة على 6 نماذج من الغسالات المنزلية، فغُسلت قطع قماش ملوثة بالبكتيريا في دورات غسل سريعة، وأخرى عادية باستخدام الماء الساخن.

مقاومة المنظفات المنزلية

أظهرت النتائج أن نصف الغسالات لم تنجح في تعقيم الملابس عند استخدام الدورة السريعة، في حين فشل ثُلثها في تنظيف الملابس بشكل كافٍ، حتى عند استخدام الدورة العادية. كما أخذ الفريق عيّنات من الأغشية البيولوجية الموجودة داخل 12 غسالة منزلية. وكشفت تحاليل الحمض النووي وجود بكتيريا مسبِّبة للأمراض لا تزال حيَّة داخل مكونات الغسالة، بالإضافة إلى جينات مقاوِمة للمضادات الحيوية.

وبيّنت النتائج أيضاً أن بعض البكتيريا أظهرت مقاومة متزايدة لمنظفات الغسيل المنزلية، وهي مقاومة ترتبط أيضاً بزيادة مقاومتها للمضادات الحيوية. كما أن اكتشاف جينات مقاوِمة للمضادات الحيوية يعني أن هذه البكتيريا لا يمكن القضاء عليها بسهولة.

ووفقاً للباحثين، تشير هذه النتائج إلى أن الغسالات المنزلية قد لا تكون فعَّالة بما يكفي لتطهير ملابس العاملين بالمجال الصحي، مما قد يسهم في انتشار العدوى داخل المستشفيات وتفاقم مشكلة مقاومة المضادات الحيوية، وهو ما يشكل خطراً مباشراً على المرضى.

وأوصى الباحثون بضرورة إعادة النظر في إرشادات غسل ملابس العاملين بالمجال الطبي، واقترحوا استخدام غسَّالات مخصَّصة داخل المستشفيات؛ لضمان نظافة الملابس المهنية، والحصول على مستوى أعلى من التعقيم، وتعزيز سلامة المرضى.