توصيات نفسية جديدة لعلاج آثار الصرع

علاج جديد يبشر بنتائج أفضل

توصيات نفسية جديدة لعلاج آثار الصرع
TT

توصيات نفسية جديدة لعلاج آثار الصرع

توصيات نفسية جديدة لعلاج آثار الصرع

أشارت أحدث دراسة لفريق بحثي من علماء «يونيفرسيتي كوليدج - لندن» (University College London)، ونشرت في دورية لانست (The Lancet) الطبية في مطلع شهر مارس (آذار) من العام الحالي، إلى الأهمية الكبيرة للعلاج النفسي في مراكز علاج الصرع، حيث يتم علاج الطفل عضوياً ونفسياً من كل المشكلات التي تتبع حدوث المرض. وثبت أن العلاج المدمج يقلل من صعوبات الصحة النفسية لهؤلاء المرضى.

الآثار النفسية للصرع

العلاج الحالي للمرض يعتمد بشكل أساسي على الأدوية المضادة للتشنجات (antiepileptic drugs) للسيطرة على النوبات اللاإرادية التي يتعرض لها المريض باستمرار. وتحصل هذه النوبات نتيجة لشحنات كهربائية زائدة في المخ يمكن أن تحدث في جزء معين من العضلات في الجسم، أو تحدث في كل العضلات وتنتهي بالإغماء لفترة بسيطة.

وعلى الرغم من أن المريض بعد انتهاء النوبات يكون سليماً عضوياً، فإن الأثر النفسي لها يكون عنيفاً مما يستدعي ضرورة الدعم النفسي خاصة في العمر الصغير.

من المعروف أن الأطفال الذين يعانون من حالات صحية عضوية مزمنة هم أكثر عُرضة للإصابة بمشاكل الصحة النفسية، مثل القلق، والتوتر، واعتلال المزاج من أقرانهم الأصحاء جسدياً بنسبة تتراوح بين مرتين إلى أربع مرات.

وتزيد الأمراض المرتبطة بالجهاز العصبي، بشكل خاص مرض الصرع، حدة الأعراض النفسية عن المعدل الطبيعي. وعلى وجه التقريب يعاني 60 في المائة من الأطفال المصابين بالصرع من اضطرابات مرتبطة بالمرض، مثل تدني صورة الذات (لعدم القدرة على التحكم في الجسم وقت النوبات)، والخوف سواء من نظرات الآخرين، أو احتمالية حدوث النوبات في أي وقت. وفي الأغلب يكون لديهم أكثر من مرض نفسي.

أوضح الباحثون أن المراكز المعالجة للمرض عادة ما تكون متخصصة في الأعصاب ومنفصلة عن عيادات الطب النفسي. وفي حالة وجود أعراض نفسية يتم علاجها عن طريق وصف العلاج الملائم للعرض النفسي موضع الشكوى (مثل القلق، أو الاكتئاب، أو مشاكل السلوك) على حدة.

علاج جديد

العلاج الجديد المسمى «تدخلات الصحة النفسية للأطفال المصابين بالصرع» (Mental Health Intervention for Children with Epilepsy) أو اختصاراً (MICE)، رغم أنه يعتمد بشكل أساسي على توصيات معينة لعلاج الأعراض الشائعة للمشاكل النفسية، مثل العلاج السلوكي المعرفي للقلق والاكتئاب، فإنه يستخدم أيضاً أسلوباً جديداً يتيح علاج كثير من الأعراض النفسية في وقت واحد بدلاً من الحصول على علاج لكل عرض.

وقد تم تعديل هذا الأسلوب خصيصاً ليناسب الأطفال والمراهقين المصابين بالصرع، حيث يتضمن جلسات تفصيلية عن العلاقة بين المرض العضوي في المخ (الصرع) والحالة النفسية. وأشار الباحثون إلى إمكانية أن يتم تقديم العلاج النفسي عبر الجوال أو عبر مكالمة فيديو، حتى لا يضطر الأطفال إلى التنقل إلى المستشفيات أو المراكز المتخصصة والغياب من المدرسة.

قام الباحثون بتجربة الطريقة الجديدة على 334 من الأطفال والمراهقين الذين تتراوح أعمارهم بين 3 و18 عاماً وكان نصفهم من الذكور ونصفهم من الإناث الذين يترددون على عيادات علاج الصرع في إنجلترا وآيرلندا الشمالية. وقاموا بتقسيمهم إلى مجموعتين، الأولى كانت تضم 166 تم علاجهم بالطريقة الجديدة لتدخلات الصحة النفسية والعضوية (MICE)، والثانية شملت 168 تم علاجهم بالطريقة المعتادة لمشاكل الصحة النفسية للأطفال المصابين بالصرع.

ثم قام الباحثون بعد ذلك بتقييم الصحة النفسية للمراهقين من خلال استبيان نقاط القوة والصعوبات (SDQ) أجاب الوالدان عليه، ويغطي معظم المجالات التي تشمل سلوك المراهق وحالته النفسية والاجتماعية، مثل علاقته مع أصدقائه وإخوته، وقدرته على إدارة العواطف المختلفة من الحزن والفرح والتحكم في الغضب، وهل يتمتع بعلاقات عاطفية من عدمه؟ وعن وجود أي خلل في السلوك، سواء فرط النشاط أو الخمول الزائد، وهل يعاني من العزلة المجتمعية؟

نتائج جيدة

وأظهرت النتائج أن الأطفال الذين خضعوا للطريقة الجديدة كانت لديهم مشاكل نفسية واجتماعية أقل من أقرانهم الذين خضعوا للعلاج بالطريقة المعتادة بنسبة بلغت 40 في المائة في احتمالية الإصابة باضطرابات نفسية مختلفة. وقال الباحثون إن تقديم العلاج يمكن أن يكون داخل المستشفيات أو مراكز معدة لعلاج الصرع. وفي الجلسات الأولية يتم تقييم المريض تبعاً لصحته النفسية، وبعد ذلك يكون مخيّراً بين العلاج بشكل مباشر عن طريق جلسات مع طبيب نفسي، أو من خلال متابعة هاتفية كل أسبوع للوقوف على حالته، وتقديم الدعم النفسي له، مع الاستمرار في تناول علاج التشنجات.

أوضحت التجربة أن الأعراض سواء النفسية والسلوكية المصاحبة للصرع تحسّنت بشكل ملحوظ عن طريق استخدام التقنيات الحديثة للوصول للمريض، مثل مكالمات الفيديو، مما أحدث تناغماً بين العلاج العضوي والنفسي. وتبعاً للدراسة التي تُعد الأولى من نوعها، يجب أن يكون دمج الجلسات النفسية والأدوية معاً عاملاً أساسياً في علاج الصرع أو أي حالة صحية مزمنة أخرى ترتبط بمشكلات نفسية في الأطفال، بحيث يتم علاج الجانب النفسي بشكل أولي دون انتظار لحدوث أعراض تستدعي العلاج.

على الرغم من أن جلسات العلاج في التجربة بلغت حوالي 20 جلسة على فترة زمنية تراوحت بين الستة أشهر والعام، فإن الباحثين لم يقوموا بتحديد وقت معين للعلاج، لعلمهم أن كل حالة يمكن أن تختلف طريقة علاجها تبعاً لتقدير الأطباء. ولكن يجب أن يكون العامل الحاسم هو تحسن الحالة العامة للطفل على المستوى النفسي الذي ينعكس بالضرورة على الجانب العضوي، ويقل حدوث تشنجات للحد الأدنى مع الالتزام بالأدوية.

*استشاري طب الأطفال


مقالات ذات صلة

جمجمة تكشف محاولة المصريين القدماء علاج مرض السرطان

علوم صورة تعبيرية لجمجمة من بيكسباي/pixabay

جمجمة تكشف محاولة المصريين القدماء علاج مرض السرطان

الدراسات القديمة تقول بالأدلة في النصوص القديمة إن المصريين القدماء كانوا بارعين في الطب في عصرهم إذ كان بإمكانهم علاج وتحديد الأمراض والإصابات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك تهدف خدمة «وصفتي»، بجانب الربط الإلكتروني بين المستشفيات والصيدليات إلى تحسين وتطوير إرشادات استخدامات الأدوية (الشرق الأوسط)

السعودية: 99 مليون وصفة إلكترونية تسهل وصول العلاج للمستفيدين

أعلن برنامج تحول القطاع الصحي أحد برامج رؤية السعودية 2030، عن إصدار 99 مليون وصفة طبية إلكترونية، منذ إطلاقه، لخدمة 13 مليون مستفيد.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
صحتك 7 معلومات غير صحيحة عن تناول الصوديوم والملح

7 معلومات غير صحيحة عن تناول الصوديوم والملح

«يجب على معظم الناس تقليل تناول الصوديوم لتحسين صحتهم»

د. حسن محمد صندقجي (الرياض)
صحتك تأثير الإجهاد الحراري على الأطفال

تأثير الإجهاد الحراري على الأطفال

رغم أن التعرض للشمس ودرجات الحرارة المرتفعة يمر، في الأغلب، من دون مشكلات صحية كبرى، فإن بعض عواقبه يمكن أن تكون وخيمة وتؤدي إلى الوفاة

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
صحتك من أجل رحلة حج صحية وآمنة

من أجل رحلة حج صحية وآمنة

يعد موسم الحج أحد أهم الأحداث العالمية من حيث الحشد البشري الكبير والتقارب الجسدي في وقت قصير ومكان محدود

د. عبد الحفيظ يحيى خوجة (جدة)

تقنية جديدة لعلاج الأعصاب المقطوعة بلا جراحة

تلغي التقنية الجديدة الحاجة لتقنيات جراحية مجهرية (جامعة أيندهوفن للتكنولوجيا)
تلغي التقنية الجديدة الحاجة لتقنيات جراحية مجهرية (جامعة أيندهوفن للتكنولوجيا)
TT

تقنية جديدة لعلاج الأعصاب المقطوعة بلا جراحة

تلغي التقنية الجديدة الحاجة لتقنيات جراحية مجهرية (جامعة أيندهوفن للتكنولوجيا)
تلغي التقنية الجديدة الحاجة لتقنيات جراحية مجهرية (جامعة أيندهوفن للتكنولوجيا)

توصّل فريق من الباحثين الكوريين إلى تقنية طبية جديدة أظهرت فاعلية ملحوظة في شفاء الأعصاب المقطوعة بسرعة، ومن دون الحاجة إلى تقنيات الخياطة الجراحية المجهرية التقليدية.

ووفق بيان نُشر على موقع «ميديكال إكسبريس»، فإنّ التقنية الجديدة صُمِّمت لمحاكاة الخصائص الهيكلية لجلد الإنسان، مع امتلاك قدرات قوية على لصق الأنسجة.

وأفادت نتائج الدراسة بأنها تستخدم بوليمرات ذاتية الشفاء وهلاماً مائياً لاصقاً لتحقيق التصاق قوي ومرونة مستوحاة من البنية المعقّدة لطبقات الجلد البشري.

ومن خلال عمليات هندسية دقيقة، استطاعت هذه الرقعة العصبية أن تجمع بين خصائص المرونة واللزوجة، ما يوفر قدرة كبيرة على تشتيت الضغوط الخارجية، وامتصاص بعضها الآخر بشكل فعّال.

والبوليمرات ذاتية الشفاء هي مواد ذكية تكتشف من تلقائها وبشكل مستقل عيوبها الهيكلية، وتصلحها عندما تتعرّض لأيّ أضرار مادية.

وتعمل التقنية الجديدة، وفق نتائج الدراسة المنشورة في دورية «أفانسيد ماتريال»، مثل الضمادة من خلال تغليف موقع تمزُّق العصب، مما يسهل عملية التئام الأعصاب بسرعة وسهولة، ويلغي الحاجة إلى تقنيات جراحية مجهرية معقّدة لم يكن من الممكن إجراؤها في السابق إلا من جرّاح مدرَّب جيداً.

ووفق الباحثين، «تكمن الإمكانات التحويلية للتقنية الجديدة في قدرتها على تبسيط إجراءات إصلاح الأعصاب، وتخفيف الطلب على الجراحين المجهريين ذوي التخصُّص العالي وتقليل أوقات الجراحة بشكل كبير».

وجاء هذا الابتكار الذي أطلق عليه «SSGAE»، نتاج تعاون مشترك بين البروفيسور جونغ وونغ بارك، من قسم جراحة العظام في كلية الطب بجامعة كوريا في سيول، والبروفيسور دونغ هي سون، من قسم هندسة الذكاء الفائق، والبروفيسور ميكي ونغ شين، من قسم الهندسة الطبية الحيوية في «جامعة سونغ كيون كوان» بكوريا الجنوبية.

يقول الباحثون: «تؤكد الاختبارات التجريبية، بما فيها الدراسات التي أجريت على نماذج حيوانية صغيرة، على عملية الشفاء السريعة مع إنجاز الالتئام العصبي في أقل من دقيقة».

ويضيفون أنه «بعد عام من المتابعة، تعافت حركة إبهام الرئيسيات التي أجريت عليها التجارب بالكامل تقريباً. كما أظهرت عمليات دمج بروتينات تجديد الأعصاب في التقنية الجديدة نتائج واعدة في تسريع عملية تجديد الأنسجة»، مشدّدين على أنّ «تجارب التحقُّق من صحة النتائج أثبتت تجديداً كبيراً وانتعاشاً وظيفياً للأعصاب بعد إصلاح التلف، مما يؤكد تفوّق التقنية الجديدة على طرق الخياطة التقليدية».