انطلقت صباح أمس الخميس الفعاليات العلمية لـ«المؤتمر الدولي الثاني» الذي تنظمه «الجمعية السعودية لطب الأسرة والمجتمع – فرع جدة» بالتعاون مع «المجموعة السعودية لأطباء الغدد» و«المجموعة الخليجية لدراسة مرض السكري» تحت عنوان: «المستجدات في الاضطرابات الشائعة للغدد الصماء والأمراض النادرة في الأطفال» بقاعة «السلطانة» في فندق «إنتركونتيننتال» بجدة، ولمدة 3 أيام.
افتتح المؤتمر والمعرض الطبي المصاحب له المدير العام التنفيذي لـ«تجمع جدة الصحي الثاني» الدكتور شادي بن سالم الخياط، بحضور نخبة من المدعوين من كبار المسؤولين في مختلف المرافق الصحية بمحافظة جدة وعمداء كليات الطب والصيدلة وغيرهم من الأطباء والمتحدثين والمشاركين من داخل المملكة وخارجها.
أكد رئيس المؤتمر؛ استشاري الغدد الصماء والسكري لدى الأطفال، الدكتور عبد العزيز التويم، أن المؤتمر في نسخته الثانية يهدف إلى تسليط الضوء على أحدث المستجدات العلمية والطبية العالمية في الاضطرابات الشائعة للغدد الصماء والأمراض النادرة لدى الأطفال. كما أن المؤتمر يهدف بشكل أساسي إلى مواكبة خطط وأهداف «رؤية 2030» للمملكة الرامية إلى تحسين جودة الحياة للإنسان في المملكة العربية السعودية سواء أكان مواطناً أم مقيماً.
مؤتمر للتثقيف الصحي والتغذية
الاختصاصية إيمان عبد الرحمن العقل، رئيسة «تدريب المثقفين المعتمدين لمرض السكري ومضخة الإنسولين لدى الأطفال» منسقة «برنامج رعاية مرضى السكري» في المملكة، أشارت إلى انعقاد «المؤتمر الطبي للتثقيف الصحي والتغذية» متزامناً مع «المؤتمر الطبي لاضطرابات الغدد والأمراض النادرة عند الأطفال»، مستهدفاً جميع الممارسين الصحيين في مجال التثقيف الصحي والتغذية ومن لهم تعامل مباشر مع مرضى السكري وغدد الأطفال. وجرى استقطاب أساتذة ومحاضرين من مختلف الجامعات الدولية والمحلية لتقديم المحاضرات والتدريب. من أهم المحاضرات محاضرة للبروفسور خالد الربيعان، مدير البحوث والمركز العلمي في «مدينة سلطان بن عبد العزيز الإنسانية» بالرياض بعنوان: «هل تمكنا من إدارة مرض السكري بشكل أفضل منذ اكتشاف الإنسولين؟»، ومحاضرة أخرى عن «دور اختصاصي التغذية لمريض السكري»، وورشة عمل عن «استخدام جهاز تنظيم جرعات هرمون النوم بشكل دقيق»، ومحاضرة عن «أنواع مضخات الإنسولين وكيفية استخدامها»، ومحاضرة للبروفسور بسام بن عباس بعنوان: «الذكاء الاصطناعي في مرض السكري: أين نحن؟» ومحاضرة بعنوان: «التعامل مع المضاعفات البسيطة ومنع حدوثها». المؤتمران معتمدان بعشرين ساعة تعليمية؛ لأهميتهما وما للتثقيف الصحي من دور كبير في تدبير داء السكري والتقليل من مضاعفاته وجعل مريض السكري يعيش حياة أقرب إلى الطبيعية.
تقنيات حديثة لسكري الأطفال
الأستاذ الدكتور بسام بن عباس، استشاري ورئيس قسم الغدد الصماء والسكري في «مستشفى الملك فيصل التخصصي» و«مركز الأبحاث بالرياض» أستاذ طب الأطفال والغدد الصماء بجامعة الفيصل بالرياض، أوضح أن مرض السكري من أكثر الأمراض المزمنة انتشاراً، «فقد أوضحت الإحصاءات العالمية أن هناك أكثر من 500 مليون مصاب بمرض السكري حول العالم، وهذا الرقم مرشح للزيادة إلى أكثر من 700 مليون مصاب بحلول عام 2045. أما محلياً؛ ففي المملكة العربية السعودية هناك نحو 7 ملايين شخص مصاب بمرض السكري من النوع الثاني غير المعتمد على الإنسولين، و3 ملايين شخص في مرحلة ما قبل الإصابة، بينما هناك 30 إصابة بمرض سكري الأطفال، وهو السكري من النوع الأول المعتمد على الإنسولين، لكل مائة ألف طفل».
وتقترن هذه الأعداد الكبيرة من مرضى السكري بعدم قدرة المصابين من ناحية، وعدم قدرة الفريق الطبي المعالج من ناحية أخرى، على التحكم التام في مستويات السكر العامة ومعدلات السكر التراكمية التي أدت إلى تفاقم المضاعفات؛ الحادة منها والمزمنة. إلا إن التقنية الحديثة لمتابعة وعلاج مرض السكري أثبتت قدرتها على التحكم في هذا المرض والحد من مضاعفاته. من أهم هذه التقنيات الحديثة ما يلي:
* تحليل السكر من غير وخز: يكون باستخدام أجهزة تحليل السكر المستمرة، وهي دون شك أفضل من أجهزة تحليل السكر المنزلية المعتادة، وذلك من ناحية إعطاء صورة أوضح عن وضع مريض السكري الصحي. فكما هو معروف، لا يستطيع مريض السكري؛ مهما بلغ من الحرص ومهما بذل من الجهد، أن يُجري تحليل سكره أكثر من 4 مرات في اليوم، وإن استطاع عمل ذلك؛ فإنه لن يداوم على ذلك أكثر من أيام أو أشهر معدودة، وحتى ولو قام بهذا الأمر وبهذا الجهد فهو ليس بكافٍ لمعرفة احتياجه الحقيقي من الإنسولين أو من أدوية تخفيض السكر. لذا كانت أجهزة تحليل السكر «من غير وخز» أفضل من ناحية ألم الوخز، وأيضاً لأنها تعطي صورة أكبر ومستمرة لقراءات سكر الدم.
وجهاز تحليل السكر المستمر هو قرص يوضع بواسطة إبرة رفيعة تحت الجلد ويحلل السكر في السائل بين الخلايا وليس في الدم كما هو معتاد في الأجهزة المعروفة والموجودة في الصيدليات والمستشفيات، ويقوم المريض عند الحاجة بمسح القرص بواسطة جهاز خاص ليتعرف على قراءة السكر، ويقوم المريض بتغيير القرص المتصل بإبرة تحت الجلد كل 14 يوماً.
وأصبح لهذا الجهاز تطبيق على الهاتف الجوال، وبالتالي يمكن للمريض استخدام الجوال بدلاً من القارئ الذي يستخدم عادة لقراءة السكر، أو المسح به على الحساس. إذن؛ يمكن للمريض تحليل السكر عبر الجوال سواء أكان مستخدماً «الآيفون» أم أجهزة «آندرويد».
* مضخة الإنسولين: هي أداة مبرمجة حجمها صغير، تحتوي الإنسولين الذي يصل إلى الجسم عبر أنبوب بلاستيكي يمتد من المضخة، لينتهي بإبرة أو قسطرة توضع تحت الجلد، وتُلصق أو تثبت الإبرة أو الأنبوب بشريط لاصق لمدة 3 أيام. تمد المضخة جسم مريض السكري بالإنسولين بشكل مستمر، وبكميات صغيرة، وهناك ما تسمى «الجرعة المستمرة» التي تضخ على مدار اليوم، وهناك جرعات من الإنسولين إضافية تعطى قبل الوجبات الأساسية وقبل الوجبات الخفيفة.
من مميزات مضخات الإنسولين الحديثة التوقف عند انخفاض سكر الدم، وإيقاف ضخ الإنسولين عند الوصول للحد الأقصى المحدد مسبقاً من سكر الدم، أيضاً التوقف التنبؤي عند انخفاض سكر الدم. وهذه الخاصية من شأنها أن تسمح بالتوقف عن ضخ الإنسولين عند التنبؤ بوصول مستوى سكر الدم إلى حد معين منخفض.
خلاصة القول؛ إنه على مدى العقود القليلة الماضية، شهدنا حدوث تقدمٍ هائل في علاج داء السكري: استخدام الإنسولين الجديد سريع المفعول؛ ووجود أجهزة أصغر وأسرع لقياس سكر الدم؛ وإدارة أفضل للمعلومات عبر البيانات التي تحمّل من أجهزة رصد سكر الدم، والمضخات، وأجهزة الاستشعار. لقد قطعنا شوطاً طويلاً، وأصبح البنكرياس الاصطناعي على مرمى البصر. وسوف تكون النتيجة النهائية سيطرة شبه مثالية على مستويات سكر الدم دون تدخلٍ بشري كبير.
دور اختصاصي التغذية في مرض السكري
الاختصاصية هبة فوال، اختصاصية التغذية العلاجية، تستشهد بتقرير «الاتحاد الدولي لمرض السكري (IDF)» لعام 2021، بأن 80 في المائة من مرضى السكري يعيشون في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل.
سوء التغذية هو السبب الرئيسي للوفيات والمرض، وقد شُكل فريق متعدد التخصصات لتوفير الدعم اللازم للمرضى ومقدمي الرعاية. وقد أظهرت الأبحاث أن الدعم المستمر يمكن أن يحسن التحكم في نسبة السكر في الدم. كما يمكن تقليل وتأخير ظهور مضاعفات مرض السكري. بالإضافة إلى ذلك؛ فإن التثقيف الغذائي يؤدي إلى انخفاض في مستويات الدهون ونسبة السكر في الدم.
الأطفال والمراهقون المصابون بالسمنة
الدكتورة نور محمد بهاء قزاز، الأستاذة المساعدة واستشارية قسم الغدد الصماء والأيض لدى الأطفال - طب الأطفال جامعة الملك عبد العزيز بجدة، سوف تتحدث غداً السبت في جلسة «لقاء الخبراء» بالمؤتمر عن السمنة، وأنها وصلت عند الأطفال إلى مستويات مثيرة للقلق على مستوى العالم، مما يشكل مخاطر صحية خطرة وعواقب طويلة المدى على الأفراد المتضررين. تهدف جلسة «لقاء الخبراء» هذه إلى تقديم نظرة شاملة عن استراتيجيات التقييم والعلاج المصممة خصيصاً لتلبية الاحتياجات الفريدة للأطفال والمراهقين الذين يعانون من السمنة. إنها رحلة نحو مستقبل أكثر صحة للجيل المقبل، يمكن فيها التزود بالمعرفة والأدوات اللازمة للتصدي لوباء السمنة المتزايد لدى الأطفال، واكتساب الأفكار التي يمكن أن يكون لها تأثير دائم على حياة الأطفال والمراهقين. أخيراً تدعو الدكتورة قزاز إلى الاتحاد في الالتزام بتغيير السرد المحيط بالسمنة لدى الأطفال، فجلسة «لقاء الخبراء» هذه بمثابة حافز للتغيير الذي يشكل مسار حياة عدد لا يحصى من الشباب.
* استشاري طب المجتمع