الأمهات الجدد لديهن قدرة على رؤية الوجوه في الأشياء الجامدة

تكون للنساء بعد الولادة مستويات أعلى من الأوكسيتوسين (شاتيرستوك)
تكون للنساء بعد الولادة مستويات أعلى من الأوكسيتوسين (شاتيرستوك)
TT

الأمهات الجدد لديهن قدرة على رؤية الوجوه في الأشياء الجامدة

تكون للنساء بعد الولادة مستويات أعلى من الأوكسيتوسين (شاتيرستوك)
تكون للنساء بعد الولادة مستويات أعلى من الأوكسيتوسين (شاتيرستوك)

يقول الباحثون إن ارتفاع مستويات الأوكسيتوسين قد يكون السبب في أن النساء يجدن من الأسهل اكتشاف ملامح الوجه في الأجسام الجامدة بعد الإنجاب. وسواء كانت رؤية شخص في الخبز المحمص المحترق، أو ابتسامة رقيقة في أخاديد مبشرة الجبن، أو ببساطة ملامح رجل في القمر، فقد أدرك البشر منذ فترة طويلة وجوها في أماكن غير متصورة، حسب صحيفة «الغارديان» البريطانية. ويقول الباحثون الآن إن هذا الميل قد لا يكون ثابتا لدى البالغين، مما يشير إلى أنه يبدو أنه يزداد لدى النساء اللاتي أنجبن للتو. ويقترح العلماء أن النتيجة يمكن أن تكون للنساء بعد الولادة اللاتي لديهن مستويات أعلى من الأوكسيتوسين، ويشار إليه بالعامية باسم هرمون «المحبة» أو «الثقة» بسبب دوره في الترابط الاجتماعي. وكتب الفريق البحثي يقول: «تشير هذه البيانات، التي جُمعت عبر الإنترنت، إلى أن حساسيتنا تجاه الأنماط الشبيهة بالوجه ليست ثابتة وقد تتغير طوال مرحلة البلوغ». وكتب باحثون من جامعة «كوينزلاند» وجامعة «صن شاين كوست» في أستراليا، في مجلة «رسائل علم الأحياء» كيف شرعوا في التحقيق فيما إذا كان الميل إلى رؤية الوجوه في الأجسام الجامدة - وهي ظاهرة تعرف باسم شهوات الوجه - يتغير خلال الحياة. واستخدم الباحثون منصة على الإنترنت لاستقدام النساء، حيث سئلت المشاركات عما إذا كن حوامل أو أنجبن للتو - وهذه الأخيرة هي الفترة التي ترتفع فيها مستويات الأوكسيتوسين بشكل عام. وعُرضت 320 صورة على النساء في ترتيب عشوائي على الإنترنت وطلب منهن تقييم، على مقياس من 11 نقطة، مدى سهولة رؤيتهن للوجه. في حين أن 32 من الصور كانت من وجوه بشرية، كانت 256 صورة أخرى لأجسام جامدة مع أنماط يمكن أن يُقال إنها تشبه الوجه، و32 صورة من أجسام جامدة من دون مثل هذه الأنماط الوجهية. وتكشف النتائج أن جميع المشاركات تعرفن بسهولة على صور الوجوه البشرية، ووجدن صعوبة في رؤية الوجوه في الصور الـ32 للأجسام الجامدة التي تفتقر إلى أنماط الوجه. مع ذلك، ذكرت النساء اللاتي أنجبن مؤخرا أنهن قادرات على رؤية 256 وجها وهميا بسهولة أكبر من النساء الحوامل.



اختلاف تكوين المخّ قد يدفع إلى تعاطي المخدرات

اختلاف تكوين المخّ قد يدفع إلى تعاطي المخدرات
TT

اختلاف تكوين المخّ قد يدفع إلى تعاطي المخدرات

اختلاف تكوين المخّ قد يدفع إلى تعاطي المخدرات

كشفت دراسة عصبية حديثة نُشرت في نهاية شهر ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي في مجلة الرابطة الطبية الأميركية «JAMA Network Open»، عن احتمالية أن يكون لشكل المخ وتكوينه الخارجي دور مهم في التوجه إلى تجربة المواد المضرة المختلفة في سن مبكرة أثناء فترة المراهقة، ثم إدمانها لاحقاً في مرحلة الشباب. وبالتالي يكون هؤلاء الأطفال مدفوعين لتعاطي هذه المواد أكثر من غيرهم الذين يتمتعون ببنية مخية طبيعية.

دراسة المخ

الدراسة التي تم تمويلها من المعاهد الوطنية الصحية (NIH) بالولايات المتحدة وقام بها باحثون من جامعة واشنطن Washington University بسانت لويس أجريت على ما يقرب من 10 آلاف مراهق من جميع أنحاء الولايات المتحدة، حيث تمت متابعتهم عن طريق تحليل بيانات تم جمعها من دراسة سابقة (وهي: دراسة التطور المعرفي لمخ المراهقين ABCD Study التي تُعد أكبر دراسة طولية لتطور المخ في الأطفال والمراهقين في الولايات المتحدة)، التي يدعمها المعهد الوطني لتعاطي المخدرات التابع للمعاهد الوطنية للصحة (NIDA).

قام الباحثون بعمل مراجعة وتقييم لأشعة الرنين المغناطيسي التي أجريت على المخ لـ9804 أطفال عندما كانت أعمارهم تتراوح بين 9 و11 عاماً. وبطبيعة الحال لم يكن هناك أي طفل قام بتجربة أي مادة مخدرة.

وبعد ذلك قام الباحثون بتتبع المشاركين على مدى ثلاث سنوات لمعرفة بدء تعاطي المواد المختلفة وركزوا على مراقبة تعاطي الكحول والنيكوتين و / أو نبات القنب بشكل أساسي؛ لأن هذه المواد على وجه التحديد تعد الأكثر شيوعاً في مرحلة المراهقة المبكرة في الولايات المتحدة. وهذه المتابعة كانت من خلال سؤال المراهقين وذويهم بشكل مباشر، أو من خلال السجلات التي تفيد بتورط هؤلاء الطلاب في تجربة هذه المواد.

وتضمنت الأسئلة استخدام أي مواد غير مشروعة أخرى (مثل الأدوية العصبية من دون وصفة طبية والأقراص المخدرة). ثم قام الباحثون بعمل مقارنة بين صور الرنين المغناطيسي الخاصة بالمراهقين الذين أبلغوا عن بدء تعاطي المواد المخدرة بأنواعها المختلفة قبل بلوغهم سن 15 عاماً بأقرانهم الذين لم يقدموا على تجربة المخدرات، لمعرفة إذا كانت هذه الفرضية (ارتباط تشريح المخ بزيادة القابلية للمخدرات) صحيحة أم لا.

وقال معظم الطلاب (90.2 في المائة) الذين شملتهم الدراسة إنهم قاموا بتجربة تناول الكحوليات مرة واحدة على الأقل قبل عمر الخامسة عشرة. وقالت نسبة كبيرة منهم إنهم قاموا بشرب الكحول بالتزامن مع التدخين سواء النيكوتين أو نبات القنب. وفي المقابل، قال الأطفال الذين قاموا بتجربة التدخين في البداية إنهم بدأوا أيضاً في تعاطي الكحول بعد فترة بسيطة من التدخين، ما يعني أن تجربة مادة معينة في الأغلب تؤدي إلى تجربة بقية المواد.

اختلافات تشريحية

قام العلماء بتقييم الاختلافات التشريحية الظاهرة في الأشعة تبعاً لمقاييس معينة مثل الحجم الكلي للمخ، والسمك، وكذلك النتوءات الموجودة، وعمق طيات المخ depth of brain folds واهتموا بشكل خاص بطبقات القشرة المخية، وهي الطبقة الخارجية من المخ المليئة بالخلايا العصبية. وهي مسؤولة عن العديد من العمليات الإدراكية والعاطفية، مثل التعلم والإحساس والذاكرة واللغة والانفعالات العاطفية واتخاذ القرار (من المعروف أن هذه المقاييس والخصائص ترتبط بالتباين في القدرات المعرفية وردود الفعل والتوصيلات العصبية من شخص لآخر).

ووجد الباحثون اختلافات واضحة في بنية خلايا المخ للمراهقين الذين أبلغوا عن بدء تعاطي المواد المخدرة قبل سن 15 عاماً وأقرانهم الذين لم يقوموا بتجربة المواد. وعلى سبيل المثال، كانت هناك زيادة في حجم المخ الكلي، وأيضاً زيادة في حجم القشرة المخية للمراهقين الذين قاموا بتعاطي المواد المختلفة، سواء المخدرات أو الكحوليات. وأيضاً كان هناك ما يقرب من 39 اختلافاً إضافياً بين مخ الذين جربوا المواد وأقرانهم في الكفاءة الوظيفية للخلايا وسمك القشرة المخية. وقال الباحثون إنهم وجدوا في بعض الحالات اختلافات في شكل الخلايا وبنيتها بطريقة فريدة من نوعها تبعاً لطبيعة المادة المستخدمة.

الإدمان لا يحدث فقط بسبب الانحراف السلوكي بل ربما لسبب قهري

وأظهر تحليل حديث آخر للبيانات الخاصة بالدراسة نفسها (التطور المعرفي لمخ المراهقين ABCD Study) أن أنماط التوصيلات العصبية في المخ في مرحلة المراهقة المبكرة يمكن أن تتنبأ ببدء تعاطي المواد المخدرة في الشباب، وهو الأمر الذي يؤكد أن إدمان هذه المواد ليس فقط بسبب الانحراف السلوكي والمشاكل النفسية، ولكن ربما لسبب قهري مرتبط بشكل المخ والخلل الوظيفي في خلاياه.

أوضحت الدراسة أن هذه النتائج تعد بالغة الأهمية في لفت النظر إلى ضرورة وضع الأسباب البيولوجية في الحسبان عند التعامل مع مشاكل إدمان المراهقين وإقدامهم على تجربة أنواع معينة من المواد الضارة، ونصحت الدراسة أيضاً بضرورة عمل مسح عن طريق أشعة الرنين المغناطيسي للأطفال، وتوفير الدعم النفسي للأطفال الأكثر عرضة لتجربة هذه المواد تبعاً للتغييرات التشريحية في مخهم، وعمل دورات توعية باستمرار لهم، وتحذيرهم من عواقب الإدمان، وعلاجهم في حالة تعرضهم بالفعل لهذه المواد.

وفي النهاية، أكد الباحثون أن بنية المخ وحدها لا يمكنها التنبؤ بتعاطي المواد المخدرة أثناء المراهقة، ولا يجب استخدام هذه البيانات بوصفها أداة تشخيص قاطعة، ولكن يجب أن يتم التعامل معها بوصفها عامل خطورة إضافياً مثل: «البيئة، والاستعداد الوراثي الجيني، والتعرض لأحداث مأساوية في الطفولة»، خاصة في حالة وجود اختلافات واضحة في بنية المخ التشريحية في مرحلة الطفولة، قبل أي استخدام لهذه المواد.

* استشاري طب الأطفال.