استشارات

استشارات
TT

استشارات

استشارات

استشاري باطنية وطب قلب للكبار

- فقدان الوعي وحالات الإغماء

> أصيبت زوجتي بحالة إغماء. ولم يجد الطبيب أي سبب لذلك. هل الأمر نتيجة شيء خطر في القلب أو غيره، وهل من الممكن أن يتكرر؟

- هذا ملخص أسئلتك عن حالة الإغماء التي أصابت زوجتك. ولم يتضح لي مقدار عمرها أو مدى إصابتها بأي أمراض مزمنة، وما الظروف التي حدثت فيها نوبة الإغماء، وما نوع الفحوصات التي أُجريت لها. ومع ذلك؛ لاحظ معي النقاط التالية حول المقاربة الطبية لحالات الإغماء، وأهم الأسباب وأكثرها شيوعاً لهذه الحالة:

1- الإغماء في التعريف الطبي هو حالة من نوع «الفقد المؤقت للوعي»، نتيجة تدني تدفق الدم إلى الدماغ. ويتسم بأنه يحدث بسرعة، ويستمر لفترة وجيزة، وتعقب ذلك إفاقة تامة. وفي كثير من الحالات، عند اقتراب حدوث الإغماء، يشعر الشخص بدوار أو خِفَّة في الرأس أو غثيان. وقد يرى بياضاً ضبابياً أو سواداً، كما قد يكون جلده بارداً ورطباً. وغالباً يفقد المُصاب تحكمه في عضلات جسمه، ومن ثمّ يقع.

2- يجب التأكُّد عند إصابة شخصٍ بالإغماء من سلامة جريان المَسلك الهوائي، والتحقّق من التنفُّس، ومُساعدته في الاستلقاء على الأرض برفق. وتجب محاولة إيقاظ المُصاب بسؤاله عن اسمه أو بالتربيت على كتفه. كما يجب تحري النبض وإجراء الإنعاش القلبي الرئوي عند الحاجة أو طلب المساعدة الطبية العاجلة لذلك في حال عدم استجابته. ويجب سؤال الشخص الذي أصيب بالإغماء، بعد أن يَستفيق، عما إذا كان عنده ألم في البطن أو الظهر أو الصدر أو الرأس أو ضيق في التنفس أو ضعف في أي من الأطراف.

3- والحقيقة هي أنها حالات شائعة، وتُقدّر الإحصاءات الطبية أن نحو نصف الناس عُرضة للإصابة بنوبة «الإغماء» لمرة واحدة على أقل تقدير خلال حياتهم. كما تُضيف أنه على الرغم من أن الإغماء حالة مرضية شائعة، فإن تكرار حدوثها لا يتجاوز 3 في المائة فيما بين منْ سبقت إصابتهم بها إذا ما جرى التعامل العلاجي معهم بطريقة صحيحة. ومعظم أسباب حالات الإغماء غير خطرة، ولذا لا تتطلب الدخول إلى المستشفى في الغالب. ولكن يكتسب الأمر أهمية لعموم الناس؛ لأن حالات الإغماء مثيرة للقلق لدى المُصاب ولدى أفراد أسرته. كما أنه، بخلاف ما قد يتوقعه البعض، 10 في المائة فقط من حالات الإغماء ربما لها علاقة بطريقة أو بأخرى بأحد أنواع الاضطرابات في القلب. ولكن تظل حالات الإغماء وفقدان الوعي تثير الهلع لدى غالبية الناس.

4- تجدر ملاحظة أن الـ«الفقدان المؤقت للوعي» في العموم لا يعني تلقائياً حالة «الإغماء» بالذات، بل إن «الإغماء» يشترك مع حالات أخرى من الاضطرابات المرضية التي يحدث فيها «فقد مؤقت للوعي». ووفق التصنيف الطبي، فإن «الفقد المؤقت للوعي» يُعرّف بأنه حالة حقيقية أو ظاهرية لفقد الوعي، مع فقد للذاكرة عن تلك الفترة من اللاشعور ومن فقدان القدرة على الاستجابة، التي مرّ بها الشخص.

5- في الأساس؛ هناك نوعان من «الفقد المؤقت للوعي»: نوع له علاقة بإصابات الرأس مباشرة في الحوادث، ونوع لا علاقة له بذلك. والنوع الذي لا علاقة له بحوادث إصابات الرأس مباشرة، يُقسم إلى 4 أنواع: الأول هو «الإغماء»، والثاني هو «نوبات الصرع»، والثالث هو «فقدان الوعي النفسي العابر»، والنوع الرابع يُسمى «مجموعة متنوعة من الأسباب النادرة». وهذا التقسيم مفيد للطبيب وللمريض ولأقاربه من أجل فهم آلية حدوث فقدان الوعي؛ لأن حالات «الإغماء» لها وصف دقيق للتفريق بينها وبين غيرها من عموم حالات فقدان الوعي.

6- الذي يحصل في حالات «الإغماء» هو تدني تدفق الدم إلى الدماغ لفترة وجيزة، مما يُؤدي إلى فقدان الوعي. ثم بعد عودة تدفق الدم بشكل كاف إلى الدماغ، يُفيق المُصاب. ومن السمات المهمة لحالة «الإغماء» أنه في أثنائها لا تصدر عن المُصاب في الغالب أي حركات عضلية لتشنجات الأطراف ولا في حركة العين. ولكن على سبيل المثال، في نوبات «الصرع» يكون السبب هو زيادة مفرطة وغير طبيعية في النشاط الكهربائي بالدماغ، مما يُؤدي إلى فقدان مؤقت للوعي، ترافقه تشنجات عضلية في الأطراف، مع حركة العينين، وزيادة خروج اللعاب من الفم، وربما تغيرات في لون الشفتين أو عض اللسان.

7- المظاهر الإكلينيكية التي تميز أنواع حالات «الفقد المؤقت للوعي» يجري التعرف عليها من الشخص أو الأشخاص الذين شاهدوا الشخص المُصاب في حال إصابته بفقدان الوعي. بمعنى أن شهود عيان الحالة هم الذين يستطيعون إفادة الطبيب بالذي جرى للشخص الذي فقد وعيه بشكل مؤقت. ولذا؛ فإن وصف ما جرى جزء مهم في التقييم الإكلينيكي للوصول إلى تشخيص سبب الفقد المؤقت للوعي. أما حالات فقد الوعي نفسية المنشأ، فإنها تحصل ضمن عملية من التغير النفسي غير الطبيعي، ولا يكون ثمة نقص في تروية الدماغ بالدم أو أي اضطرابات في نشاط كهرباء الدماغ.

8- «الإغماء»، الذي هو في الأصل ناجم عن النقص المؤقت في وصول كمية كافية من الدم إلى الدماغ، له 3 أسباب رئيسية: أولها اضطرابات في عمل القلب، وثانيها اضطرابات لا علاقة لها بالقلب، وثالثها اضطرابات غير معروفة المصدر. واضطرابات القلب المحتملة تشمل اضطرابات إيقاع نبض القلب (مثل البطء الشديد في نبض القلب أو التسارع الشديد في عدد نبضات القلب)، أو تضيقات شديدة في أحد الصمامات القلبية، أو الضعف الشديد في قوة القلب. ولكن بخلاف ما يُعتقد؛ فإن اضطرابات القلب المسببة للإغماء أقل شيوعاً من بين جميع الاضطرابات الأخرى المسببة للإغماء.

9- الاضطرابات التي لا علاقة لها بالقلب، هي في الغالب السبب الرئيسي في نوبات الإغماء. وهي التي تُصنّف طبياً إلى 3 فئات؛ فئة ناتجة عن اضطرابات في الجهاز العصبي (مثل السكتة الدماغية العابرة)، وهي تمثل نسبة واحد في المائة فقط من بين جميع أسباب الإغماء. وفئة لها علاقة باضطرابات في العمليات الكيميائية الحيوية بالجسم (مثل نقص نسبة السكر في الدم، وتدني نسبة الأكسجين في الدم، وزيادة وتيرة التنفس في حالات الذعر). وفئة ثالثة لها علاقة بآلية انقباض وارتخاء الأوعية الدموية (خصوصاً المغذية للدماغ). وهذه الفئة الثالثة هي الأعلى شيوعاً في التسبب بالإغماء.

10- وللتوضيح؛ فإن السبب الأعلى شيوعاً من بين جميع مسببات «الإغماء» هو: «اضطرابات ارتخاء وانقباض الأوعية الدموية». وتُصنف إلى نوعين. النوع الأول إغماء ناتج عن انخفاض ضغط الدم في «عموم الجسم» بسبب؛ إما جفاف الجسم في درجات الحرارة العالية، أو مع الإسهال، أو كثرة التعرّق، أو عدم شرب كميات كافية من الماء... أو غيرها من أسباب جفاف الجسم. وإما نتيجة تغير وضعية الجسم مع وجود انخفاض ضغط الدم في «عموم الجسم»؛ أي مثل انخفاض ضغط الدم عند الوقوف الطويل، أو انخفاض ضغط الدم بسبب تناول بعض الأدوية. وإما وجود حالات مرضية، كمرض السكري ومرض «باركنسون» العصبي، وحالات مرضية أخرى، التي فيها لا يتمكن الجسم من الحفاظ على ضغط دم طبيعي لفترات طويلة في أثناء الوقوف أو خلال لحظات تغير وضعية الجسم من الجلوس إلى الوقوف بسرعة.

11- والنوع الآخر يُسمى حالات «الإغماء العصبي القلبي»، التي هي في الواقع السبب الأول لحالات الإغماء، وتشير الإحصاءات إلى أنه في 80 في المائة من حالات الإغماء هي السبب. وما يحدث هو توسع مفاجئ في الأوعية الدموية بالأطراف السفلية نتيجة لإثارة الجهاز العصبي في الأطراف لأسباب عدة؛ غالبها غير مرضي، ولا يستدعي مزيداً من القلق.

الرجاء إرسال الأسئلة على البريد الألكتروني: [email protected]


مقالات ذات صلة

نصائح لتصبح ممارسة الرياضة عادة يومية

صحتك نصائح لتصبح ممارسة الرياضة عادة يومية

نصائح لتصبح ممارسة الرياضة عادة يومية

يعيش كثيرون منا أيامهم وهم يعانون من آلام الظهر وجفاف العينين وغيرهما من المتاعب الصحية بسبب كثرة الوقت الذي نمضيه أمام الشاشات.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك فحوص تصوير مقطعي لشخص مصاب بألزهايمر (رويترز)

التلوث الضوئي في الليل قد يزيد خطر الإصابة بألزهايمر

حذرت دراسة من أن التعرض للتلوث الضوئي في الليل قد يزيد من خطر الإصابة بمرض ألزهايمر، وخاصة بين الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 65 عاماً.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك اليوغا وتمارين التمدُّد فعالة لمواجهة سلس البول (جامعة ستانفورد)

تمارين تُساعد المُسنّات في السيطرة على السلس البولي

كشفت دراسة أميركية عن أنّ النساء الأكبر سناً اللواتي يعانين سلس البول يمكنهن الاستفادة من ممارسة التمارين الرياضية الخفيفة بانتظام بما فيها اليوغا.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
صحتك عبوة من عقار أوزمبيك في بريطانيا (رويترز)

دراسة: «أوزمبيك» يقلل من مخاطر أعراض فيروس كورونا

أفادت دراسة حديثة بأن الأشخاص الذين يستخدمون 2.4 مليغرام من عقار سيماغلوتيد أقل عرضة للإصابة بحالات شديدة من كوفيد-19 عند استخدام هذا الدواء.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك قد تجعل التكنولوجيا الجديدة من جامعة كاليفورنيا في سان دييغو -الظاهرة في الصورة- من السهل إلى حد بعيد مراقبة العلامات الصحية الحيوية للمرضى (شيشاو دينغ)

ابتكار رائد... ضمادة إلكترونية تمكِّنك من مراقبة صحتك عَبر «إصبعك»

طور المهندسون في جامعة كاليفورنيا سان دييغو لفافة إلكترونية للأصابع، تراقب مستويات المؤشرات الصحية المهمة باستخدام العَرَق فقط.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

ما أسباب الالتهابات الحادة للثة؟

التهاب اللثة يؤدّي إلى تآكل الأنسجة الداعمة للأسنان (جامعة أوميو)
التهاب اللثة يؤدّي إلى تآكل الأنسجة الداعمة للأسنان (جامعة أوميو)
TT

ما أسباب الالتهابات الحادة للثة؟

التهاب اللثة يؤدّي إلى تآكل الأنسجة الداعمة للأسنان (جامعة أوميو)
التهاب اللثة يؤدّي إلى تآكل الأنسجة الداعمة للأسنان (جامعة أوميو)

أفادت دراسة سويدية بأنّ الأشخاص الذين يعانون التهاب اللثة الحاد يُظهرون تغيّرات في تركيزات البروتينات المختلفة في دمائهم.

وأوضح الباحثون في جامعة «أوميو» بالسويد أنّ هذه النتائج تمثّل خطوة مهمّة نحو البحث عن العلامات الحيوية لمرض التهاب اللثة، وفهم الأسباب الكامنة وراءه، وفق النتائج المنشورة، الجمعة، في دورية «دنتال ريسرتش».

والتهاب اللثة هو مرض مزمن يصيبها، ويُسبّب تهيّجاً وإحمراراً وتورُّماً ونزيفاً في أجزائها المحيطة بقاعدة الأسنان، نتيجة تراكم «البلاك»؛ وهو طبقة لزجة تتكوّن أساساً من البكتيريا.

ومع الوقت، يمكن أن تتصلّب الطبقات اللزجة، وتتحوّل إلى «جير»، وتسبّب تهيُّج أنسجة اللثة والتهابها، ومن ثمّ تنتج فجوات عميقة بين الأسنان واللثة، حيث تزدهر البكتيريا.

ويؤدّي التهاب اللثة إلى تآكل الأنسجة الداعمة للأسنان، وفي الحالات الحادة يمكن أن يؤدّي إلى فقدانها.

وغالباً يعاني المصابون بها أمراضاً أخرى، مثل القلب والروماتيزم، ولكن الآليات التي تربط هذه الأمراض ببعضها لا تزال غير واضحة.

وخلال الدراسة، أجرى الفريق تحليلاً لبيانات جُمعت من نحو 1000 شخص تردّدوا على عيادات الأسنان في مقاطعتي فاستربوتن وغافلبورغ بالسويد.

وبيّنت الدراسة أنّ الأشخاص الذين يعانون التهاب اللثة يُظهرون تركيبة فريدة من البروتينات الالتهابية في دمائهم.

وعن أسباب الالتهابات، أشارت النتائج إلى أنّ المرض يرتبط بانخفاض كبير في مستويات بروتين يُدعى «EGF»، وهو أساسي لشفاء الجروح. كما تبيّن أنّ مستويات بروتين آخر مرتبط بأمراض القلب، هو «OLR-1» تكون أقل بشكل ملحوظ لدى المصابين بالتهاب اللثة مقارنةً بالأصحاء.

وأظهرت بحوث سابقة أنّ العامل الوراثي يلعب دوراً مهماً في التهاب اللثة، لكنّ الجينات المحدّدة المرتبطة بالمرض لا تزال غير معروفة.

ويعمل الباحثون حالياً على تحليل الحمض النووي للمشاركين لتحديد التغيّرات الجينية التي قد ترتبط بتطوّر المرض.

وقالوا إنه من خلال الجمع بين المؤشرات الجينية والبيولوجية، قد يصبح بالإمكان مستقبلاً التعرُّف على الأفراد الأكثر عرضة للإصابة بالتهاب اللثة الحاد. كما سيمكن هذا التقدُّم من تطوير علاجات مخصَّصة لإبطاء المرض، تستهدف العوامل المحدّدة التي تسهم في تطوره والمخاطر المرتبطة به.