ارتفاع أعداد الذين يعانون من ألم أسفل الظهر حول العالم

من المتوقع إصابة 843 مليون شخص بهذه الحالة بحلول 2050

الدراسات السابقة ربطت استهلاك التبغ بألم الظهر المزمن (رويترز)
الدراسات السابقة ربطت استهلاك التبغ بألم الظهر المزمن (رويترز)
TT

ارتفاع أعداد الذين يعانون من ألم أسفل الظهر حول العالم

الدراسات السابقة ربطت استهلاك التبغ بألم الظهر المزمن (رويترز)
الدراسات السابقة ربطت استهلاك التبغ بألم الظهر المزمن (رويترز)

أُصيب نحو 619 مليون شخص في أنحاء العالم بألم أسفل الظهر خلال عام 2020، ومن المتوقع ارتفاع هذا العدد إلى 843 مليون شخص بحلول عام 2050، وفقاً لفريق من الباحثين الدوليين.

وفي تحليل نُشر مؤخراً في دورية «لانسيت الطبية»، ومقرها لندن، قال الباحثون إن أسفل الظهر ما زال السبب الرئيسي لسنوات تم العيش بإعاقة فيها في أنحاء العالم، ويرجع نحو 40 في المائة منها إلى التدخين والبدانة والعوامل المتعلقة ببيئات العمل؛ مثل الجلوس لفترات طويلة أو الوقوف والانحناء وطريقة رفع الأشياء، وفقاً لـ«وكالة الأنباء الألمانية».

وربطت الدراسات السابقة استهلاك التبغ بألم أسفل الظهر المزمن. ويُعتقد أن انقباض الأوعية الدموية الناجم عن النيكوتين يؤدي لحدوث تصلب الشرايين، مما يؤدي لخفض إمدادات الدم للعظام والأقراص بين الفقرات وعضلات الظهر.

وقام الباحثون بتحليل بيانات بشأن ألم أسفل الظهر من «دراسة العبء العالمي للأمراض والإصابات وعوامل الخطورة لعام 2021»، الصادرة عن معهد مقاييس الصحة والتقييم في جامعة واشنطن في سياتل. وخلال عام 2018، قال العلماء إن أكثر من نصف مليار شخص حول العالم يعانون من ألم أسفل الظهر.

وجاء هذه الرقم المرتفع متوافقاً مع بيانات صادرة من ألمانيا. وأظهر استطلاع عشوائي أجري عام 2021، بقيادة معهد روبرت كوخ، معهد الصحة العامة في ألمانيا، أن أكثر من ثلثي المشاركين يعانون من ألم في الظهر، وهو المرض الأكثر شيوعاً في منطقة العمود الفقري القطني.

ويظهر التحليل الجديد انتشار ألم أسفل الظهر وسنوات العيش بإعاقة في 204 دول ومناطق من 1990 حتى 2020. ويقول الباحثون إنه وفقاً لمعيار العمر، تراجعت معدلات الانتشار والعجز بنسبة 10.4 في المائة و10.5 في المائة على التوالي.

وتراجعت معدلات معيار العمر بصورة متوسطة خلال الثلاثة عقود الماضية. وسجلت المجر وتليها جمهورية التشيك، أعلى معدلات الانتشار وفقاً لمعيار العمر، في حين كانت الدول صاحبة أقل معدلات انتشار هي المالديف وميانمار.

وكانت معدلات الانتشار العالمية الأعلى بين النساء مقارنة بالرجال في جميع الفئات العمرية، حيث تظهر الفروق بنسبة أكبر بعد عام 75 عاماً. وارتفع معدل الانتشار وسنوات العيش بإعاقة بسبب ألم أسفل الظهر مع ارتفاع العمر إلى 85 عاماً.

ويشار إلى أنه خلال عام 2020، كان هناك 69 مليون شخص يعانون من سنوات العيش بإعاقة بسبب ألم أسفل الظهر. وعلى الرغم من أن هذا العدد يمثل تراجعاً طفيفاً، مقارنة من عام 1990 فيما يتعلق بجميع الأسباب التي تسبب ارتفاع معدل سنوات العيش بإعاقة بسبب المرض، قال الباحثون إن ألم أسفل الظهر ما زال المسبب الرئيسي لسنوات العيش بإعاقة على مستوى العالم. وهذا المرض يؤدي لتوقف كثير من الأشخاص عن العمل مقارنة بأي حالة صحية مزمنة أخرى.

ووفقاً لهيكل النمو وتغير العمر المتوقع لسكان العالم، توقع الباحثون أن يرتفع عدد الأشخاص المصابين بألم أسفل الظهر إلى 843 مليون شخص على مدار الثلاثة عقود المقبلة. وكتب واضعو التحليل: «بحلول عام 2050، من المتوقع ارتفاع إجمالي حالات الإصابة بألم أسفل الظهر بنسبة 36.4 في المائة على مستوى العالم، حيث من المتوقع تسجيل أكبر زيادة في آسيا وأفريقيا».

ويشار إلى أن الانتشار السريع لمرض ألم أسفل الظهر، الذي تم تسجيله في جميع أنحاء العالم، يؤدي لظهور تداعيات اجتماعية واقتصادية كبيرة. ففي الولايات المتحدة، على سبيل المثال، بلغ إجمالي التكاليف المباشرة لجميع الأفراد الذين يعانون من ألم في العمود الفقري 315 مليار دولار من 2012 حتى 2014.

وأوضح التحليل أنه «علاوة على ذلك، أظهرت الأدوية الموصوفة للإصابات في العمود الفقري في أستراليا ارتفاعاً ملحوظاً خلال الأعوام الماضية، حيث أصبحت المواد التي تحتوي على الأفيون أكثر الأدوية شيوعا التي يتم وصفها للمصابين بألم أسفل الظهر».

وأضاف التحليل: «أصبحت المواد الأفيونية الآن مصنفة على أنها مسؤولة عن الإصابة بحالات صحية عكسية، تشمل معدلات الإدمان المرتفعة، أو تناول جرعة منها بصورة زائدة دون قصد والوفاة، مما يؤدي إلى تحمل الأفراد والمجتمع تكاليف إضافية بسبب الرعاية الطبية لإساءة استخدام الأفيون وفقدان الإنتاجية».

ونظراً لأن ألم أسفل الظهر ما زال المساهم الرئيسي لحالات العجز في أنحاء العالم، قال واضعو التحليل إن الاستراتيجيات الدولية للحد من تسجيل حالات إصابة جديدة تعد أمراً رئيسياً. مع ذلك، قالوا إن هناك دليلاً نادراً يدعم استراتيجيات الوقاية من هذا المرض، خصوصاً بين فئات خاصة مثل المرضى وكبار السن.

وأشار الباحثون إلى «الحلول المركزة»، ويشمل ذلك استراتيجيات وقاية الصحة العامة، خصوصاً التي يمكن تحمل تكلفتها وذات الصلة بالدول منخفضة ومتوسطة الدخل، ولكن سوف يتعين في البداية اختبارها وتطبيقها على نطاق واسع.


مقالات ذات صلة

خبراء يحذرون من إجبار الأطفال على إنهاء وجباتهم

صحتك إجبار الآباء لأطفالهم على إنهاء وجباتهم قد يؤدي إلى تأجيج أزمة السمنة (رويترز)

خبراء يحذرون من إجبار الأطفال على إنهاء وجباتهم

حذر خبراء التغذية من أن إجبار الآباء لأطفالهم على إنهاء وجباتهم قد يؤدي إلى تأجيج أزمة السمنة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك رجل يعاني من زيادة في الوزن (رويترز)

تقرير عالمي يدعو للتوصل إلى تعريف جديد للسمنة

أكد تقرير جديد صادر عن خبراء عالميين الحاجة إلى التوصل لتعريف جديد «أكثر دقة» للسمنة، ولـ«إصلاح جذري» لكيفية تشخيص هذه المشكلة الصحية في جميع أنحاء العالم.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك سر السعادة في العمل التركيز على التقدم بدلاً من الكمال مما يؤدي إلى تحقيق قدر أكبر من الرضا (رويترز)

نصائح للتغلب على الهوس بتحقيق الكمال

نصحت الدكتورة في مركز جامعة بوسطن لدراسات الاضطرابات والقلق، إلين هندريكسن، بضرورة التمييز بين السعي إلى الكمال والشعور الدائم بعدم الرضا عن النفس.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك تحتوي بعض أنواع الأخشاب على تركيزات عالية من المركبات المضادة للميكروبات الطبيعية (أرشيفية - شبكة «إيه بي سي»)

هل الطهي بالملاعق الخشبية آمن لصحتنا؟ وهل تحبس البكتيريا؟

يختلف متابعون حول مدى صحة استخدام الملاعق الخشبية في الطهي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
تكنولوجيا يسعى العلماء إلى إعادة تعريف كيفية إدارة الحالات المزمنة مثل السكري مما يوفر أملاً لملايين الأشخاص حول العالم (أدوبي)

الذكاء الاصطناعي لتحديد الأنواع الفرعية لمرض السكري

يقول الباحثون إن هذه التكنولوجيا مفيدة للأفراد في المناطق النائية أو ذات التحديات الاقتصادية.

نسيم رمضان (لندن)

نصائح للتغلب على الهوس بتحقيق الكمال

سر السعادة في العمل التركيز على التقدم بدلاً من الكمال مما يؤدي إلى تحقيق قدر أكبر من الرضا (رويترز)
سر السعادة في العمل التركيز على التقدم بدلاً من الكمال مما يؤدي إلى تحقيق قدر أكبر من الرضا (رويترز)
TT

نصائح للتغلب على الهوس بتحقيق الكمال

سر السعادة في العمل التركيز على التقدم بدلاً من الكمال مما يؤدي إلى تحقيق قدر أكبر من الرضا (رويترز)
سر السعادة في العمل التركيز على التقدم بدلاً من الكمال مما يؤدي إلى تحقيق قدر أكبر من الرضا (رويترز)

نصحت الدكتورة في مركز جامعة بوسطن لدراسات الاضطرابات والقلق، إلين هندريكسن، بضرورة التمييز بين السعي إلى الكمال والشعور الدائم بعدم الرضا عن النفس، ومن ثم العمل على تحقيق مزيد من النجاحات للتغلب على هذا الشعور.

وقالت هندريكسن لشبكة «سي إن إن» الأميركية، إن الكمال يمكن أن يبدو وكأنه «السعي إلى التميز من أجل التميز، ووضع معايير عالية، والعمل الجاد، والاهتمام العميق»، وهذه صفات إيجابية، وتُعدُّ مميزات لكثير من المهن -مثل الطيارين أو الجراحين- لكنها يمكن أن تنقلب إلى سلوك غير صحي.

وأضافت أنه في بعض الأحيان قد يكون الحل لتحسين الصحة -سواء العقلية أو العاطفية أو الجسدية- هو القيام بعمل أقل، وتعلُّم التخلِّي -حتى ولو قليلاً- عن تحقيق النجاحات.

السعادة تقل عند مقارنة نفسك بالآخرين (أرشيفية- رويترز)

وقالت إن الرغبة في الكمال لها عدة مصادر: يمكن أن تكون وراثية، أو من الأسرة، أو الثقافة الغربية؛ حيث تهيمن الرأسمالية والاستهلاك ووسائل التواصل الاجتماعي. وأضافت أن جائحة «كورونا» جعلت الأمر أسوأ.

وذكرت أن «الرغبة في الكمال نتيجة للوجود في نظام اقتصادي عازم على تجاوز القدرات البشرية»، ولفتت إلى أن الدراسات أظهرت أن معدلات الرغبة في الكمال آخذة في الارتفاع، وخصوصاً بين الشباب.

وقالت هندريكسن إنه ليس عليك خفض معاييرك، أو أن تكون أقل حماسة لتحقيق الكمال لتخفيف الضغوط النفسية.

وقدَّمت نصائح للتغلب على الهوس بالكمال:

قيمتك ليست بإنجازاتك

أكدت هندريكسن أن قيمة الإنسان تتجاوز ما يحققه من إنجازات.

وقالت: «نحن جميعاً نحدد أنفسنا بأدائنا، وبالطبع نكون فخورين بالدرجات الجيدة، أو الحصول على وظيفة ممتازة، أو تحقيق أهداف التمرينات الرياضية، ومن الطبيعي أن نشعر بالسوء أو خيبة الأمل عند عدم تحقيق الأهداف؛ لكننا في نهاية المطاف لا يتم تعريفنا فقط بأدائنا».

وأضافت أن خلط الأداء بالقيمة الذاتية يُسمى «المبالغة في التقييم»، والذي يمكن أن يؤدي إلى تقليل تقدير الذات «الذي يحدث عندما يصبح كل أداء استفتاءً على القيمة».

الناس يشعرون بعدم الثقة جرَّاء ضغوط في العمل (أ.ف.ب)

خفف من الانتقادات الذاتية

نصحت هندريكسن بالتقليل من أهمية الانتقادات الداخلية، وقالت إن «أولئك الذين يهدفون إلى تحقيق أهداف عالية، ويعملون بجد، ويهتمون بعمق، يأخذون الأمور على محمل الجد؛ لكن هذا يعني أننا نأخذ أفكارنا على محمل الجد أيضاً، فعندما نشعر بأفكار مثل (أنا لست جيداً بما فيه الكفاية)، أو (أنا مقصر)، نفترض أن هذه الأفكار صحيحة، ولكن في الواقع هي مجرد أفكار».

تعاطف أكثر مع ذاتك

قالت هندريكسن إن التعاطف مع الذات يوصف غالباً بأنه «التحدث إلى نفسك كصديق جيد»، وأضافت أن التعاطف يمكن التعبير عنه بكلمة واحدة، أو عبارة مثل: «أنت بخير»، أو أفعال مثل طلب مساعدة، أو تخصيص وقت للراحة أو الاستمتاع بالقهوة في الصباح، أو قراءة رواية قبل النوم، ويمكن أن يكون بعدم القيام بكل الأشياء التي تتوقعها من نفسك.

الضغوط النفسية تضر بالصحة (رويترز)

لا تقمع كسلك الداخلي

نصحت هندريكسن بأن تتجرأ على أن تكون غير منتج، وقالت: «افعل الأشياء التي تحبها، وليس لأنك يجب أن تفعلها، مثل أن تشاهد فيلماً كوميدياً، أو قضاء ساعة في عدم القيام بأي شيء سوى الغناء لقطتك».

أداء العمل وفقاً للمعايير

ونصحت هندريكسن بالحفاظ على أداء العمل بمعايير عالية؛ لكن مع التركيز على العمل، وليس على نفسك، وقالت: «لا تجعل ذلك يشبه الاستفتاء على شخصيتك».