خطت تركيا خطوة جديدة في إطار مساعيها للحصول على مقاتلات «يوروفايتر» الأوروبية، في ظل استمرار المفاوضات مع الولايات المتحدة للحصول على مقاتلات«إف16».
وتسعى تركيا لتحديث أسطولها الجوي العسكري، بشراء 24 مقاتلة «يوروفايتر» مستعملة من «الشريحة الثالثة (ترانش3)» من قطر، بالإضافة إلى 16 طائرة جديدة من «الشريحة الرابعة (ترانش4)» في إطار صفقة مع بريطانيا.
وتدير تركيا عملية شراء «يوروفايتر» من خلال بريطانيا، بعد أن وقعت معها، في يوليو (تموز) الماضي، اتفاقية أولية للحصول على 40 من المقاتلات؛ التي ينتجها كونسورتيوم أوروبي، يضم إلى جانب بريطانيا، كلاً من ألمانيا وإسبانيا وإيطاليا، في صفقة تكلف تركيا مليارات الدولارات.
وتتجه الأنظار الآن إلى زيارة رئيس الوزراء البريطاني، كير ستارمر، تركيا خلال الأسابيع المقبلة، من أجل التوقيع النهائي على الاتفاقية.

وقالت مصادر تركية إن زيارة الرئيس رجب طيب إردوغان إلى قطر، الأربعاء، في إطار جولة خليجية بدأت من الكويت، الثلاثاء، وتشمل أيضاً سلطنة عمان، ستشكل خطوةً أخرى نحو تحديث سلاح الجو التركي، وإن بريطانيا تتوسط في هذه العملية.
وتأمل تركيا بدء عمليات تسليم «يوروفايتر» في أقرب وقت ممكن خلال العام المقبل، لا سيما في ظل احتمال عدم وصول طائرات «إف16» الجديدة، التي تتفاوض بشأنها مع الولايات المتحدة، قبل عام 2030.
وتمتلك تركيا، التي يعدّ جيشها ثاني أكبر جيوش «حلف شمال الأطلسي (ناتو)»، أكبر أسطول من طائرات «إف16» في العالم بعد الولايات المتحدة، وتسعى إلى تعويض طائرات «إف4 فانتوم» القديمة، والحفاظ على توازن القوى مع اليونان التي حصلت على مقاتلات «إف35» التي حجبتها الولايات المتحدة عن تركيا في 2019؛ بسبب حصولها على منظومة الدفاع الجوي الروسية «إس400».

والتقى إردوغان ستارمر على هامش قمة شرم الشيخ للسلام في مصر الأسبوع الماضي. كما نوقشت مسألة حصول تركيا على «يوروفايتر» خلال مباحثات وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، مع نظيره الألماني، يوهان فاديفول، خلال زيارته أنقرة، الجمعة.
وأكّد فاديفول، في مؤتمر صحافي مشترك مع فيدان عقب المباحثات، أن ألمانيا «ترغب في تطوير التعاون الدفاعي مع تركيا»، مشيراً إلى أنها «حليف موثوق به في (الناتو)، ومن الطبيعي تماماً أن تُرسل طائرات (يوروفايتر) إليها».
موقف ألمانيا
وأعلن وزير الدفاع التركي، يشار غولر، عن رغبة تركيا في شراء 40 طائرة «يوروفايتر» في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، وبدأت أنقرة بعد ذلك نشاطاً دبلوماسياً مكثفاً لتحقيق هذا الهدف، لكن ألمانيا عارضت لفترة طويلة حصول تركيا عليها، إلى أن تغير هذا الموقف مع تولي حكومة فريدريش ميرتس السلطة فيها.
وبسبب عملية «نبع السلام» العسكرية، التي نفذتها القوات التركية ضد المسلحين الأكراد في شمال شرقي سوريا عام 2019، قررت الحكومة الألمانية وقف صادرات الأسلحة إلى تركيا، بعدما أعلنت سياسة تقييدية في هذا الشأن منذ عام 2016.

لكن ظهرت مؤشرات، خلال السنوات الثلاث الأخيرة، إلى تغير الموقف الألماني، وأعلنت برلين في 23 يوليو (تموز) الماضي موافقتها على تسليمها طائرات «يوروفايتر».
وتُعوّل تركيا أيضاً على دور ألمانيا في تجاوز «فيتو» اليونان على انضمامها إلى «برنامج الاتحاد الأوروبي لدعم الصناعات الدفاعية»، الذي أقره في مايو (أيار) الماضي بميزانية 150 مليار يورو، تشمل تمويلات للصناعات الدفاعية للدول الأعضاء، وللدول غير الأعضاء بشروط معينة، وجرى بحث المسألة خلال لقاء فيدان وفاديفول، وفق مصادر في وزارة الخارجية التركية.
وكانت تركيا، وكذلك كوريا الجنوبية، من بين الدول التي تقدّمت بطلبات إلى المفوضية الأوروبية للمشاركة في «البرنامج».
اعتراض يوناني
ويُطلب من الدول غير الأعضاء في «الاتحاد الأوروبي» توقيع اتفاقية أمنية معه للاستفادة من هذا «البرنامج»، لكن تركيا لم تُوقّعها بعدُ بسبب خلافات مع اليونان وقبرص.
ويدعم عدد من دول «الاتحاد الأوروبي» مشاركة تركيا؛ نظراً إلى إنجازاتها الأخيرة في صناعة الدفاع، وقدرتها على إنتاج ما يَلزم أوروبا دفاعياً، لكن اليونان اعترضت، معلنة أن «حق النقض (الفيتو)»، الذي تملكه بصفتها دولة في «الاتحاد»، «سيظل سارياً ما لم تسحب تركيا قراراً أصدرته عام 1995 يَعدّ توسيع اليونان مياهها الإقليمية إلى مسافة 12 ميلاً سبباً للحرب».
وكشفت تقارير في الصحف اليونانية، نشرت بشكل متكرر في الأيام الأخيرة، عن تدخُّل ألمانيا لتجاوز «الفيتو» اليوناني على انضمام تركيا إلى «البرنامج الأوروبي».
ويتسق الموقف الألماني مع رغبة «الاتحاد الأوروبي»، الذي يجعل الأولوية للأمن في مواجهة ما يَعدُّه تهديداً روسياً متصاعداً، ويُظهر ميلاً نحو تعاونٍ أكبر مع تركيا في هذا المجال.

والتقى وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، الاثنين، نظيره اليوناني، جورجيوس جيرابيتريتيس، على هامش اجتماع وزاري في لوكسمبورغ بشأن الأمن والترابط بين المناطق ضمن إطار «مجلس العلاقات الخارجية للاتحاد الأوروبي».
كما التقى فيدان مفوضة الاتحاد الأوروبي المكلفة شؤون التوسع، مارتا كوس، التي أكدت أن «تركيا تقع في صميم جهود (الاتحاد الأوروبي) بمجال الأمن، وبفضل موقعها الجغرافي، تُعدّ مركزاً طبيعياً يربط أوروبا بآسيا والشرق الأوسط».
وأضافت أن «(الاتحاد الأوروبي) سيواصل تعميق تنسيقه مع تركيا؛ لضمان الأمن في البحر الأسود، وتحقيق الاستقرار طويل الأمد في جنوب القوقاز».






