ترمب يرفض تقييم استخباراته ويرى إيران «قريبة للغاية» من القنبلة

لا يزال يأمل في تسوية دبلوماسية ويحضّر الرأي العام للتدخل

أرشيفية لطيارين أميركيين يعاينون قنبلة من طراز «جي بي يو 57» الخارقة للتحصينات في قاعدة وايتمان الجوية في ميسوري (أ.ب)
أرشيفية لطيارين أميركيين يعاينون قنبلة من طراز «جي بي يو 57» الخارقة للتحصينات في قاعدة وايتمان الجوية في ميسوري (أ.ب)
TT

ترمب يرفض تقييم استخباراته ويرى إيران «قريبة للغاية» من القنبلة

أرشيفية لطيارين أميركيين يعاينون قنبلة من طراز «جي بي يو 57» الخارقة للتحصينات في قاعدة وايتمان الجوية في ميسوري (أ.ب)
أرشيفية لطيارين أميركيين يعاينون قنبلة من طراز «جي بي يو 57» الخارقة للتحصينات في قاعدة وايتمان الجوية في ميسوري (أ.ب)

أصرّ الرئيس الأميركي دونالد ترمب على أن إيران كانت «قريبة للغاية» من صنع سلاح نووي، على رغم تأكيد مديرة الاستخبارات الوطنية تولسي غابارد أمام الكونغرس خلال هذا العام أن طهران لم تقترب من ذلك.

وفي حديث مع الصحافيين على متن طائرة «إير فورس وان» الرئاسية خلال عودته ليلاً إلى واشنطن بعد مغادرته المبكرة لقمة مجموعة السبع في كندا، قال ترمب: «لا يهمني ما قالته (غابارد)»، مضيفاً: «أعتقد أنهم كانوا قريبين للغاية من امتلاكه». وإذ أشار ترمب إلى أنه ليس في «مزاج التفاوض»، كرّر أنه «لا يمكن لإيران امتلاك سلاح نووي. الأمر بسيط للغاية».

وهذه التصريحات توحي بأن الرئيس، الذي يخطط للقاء مستشاريه في غرفة الأوضاع في البيت الأبيض، يحضّر الرأي العام الأميركي تدريجياً لدور أكثر مباشرة للولايات المتحدة في الحرب بين إيران وإسرائيل، علماً أنه قال قبل ساعات فقط إن الاتفاق النووي مع إيران لا يزال «قابلاً للتحقيق».

وكان ترمب يشير بذلك إلى شهادة غابارد أمام لجنتي الاستخبارات لدى مجلسي النواب والشيوخ في مارس (آذار) الماضي حين قالت للمشرعين إن وكالات التجسس الأميركية خلصت إلى أن «إيران لا تصنع سلاحاً نووياً»، كما أن المرشد الإيراني علي خامنئي «لم يُصرح ببرنامج الأسلحة النووية الذي علقه عام 2003».

تغيير النبرة

مديرة الاستخبارات الوطنية تولسي غابارد خلال شهادة أمام مجلس الشيوخ في واشنطن (أ.ف.ب)

كذلك، استشاط ترمب غضباً واتهم الزعماء الإيرانيين بعدم رغبتهم في التوصل إلى اتفاق حول برنامجهم النووي، مضيفاً أنه صار الآن أقل اهتماماً بالتحدث معهم. وقال: «كان ينبغي لهم توقيع الاتفاق. قلت لهم: وقّعوا الاتفاق». وأضاف: «لذا لا أعرف. لستُ راغباً في التفاوض».

ويأتي هذا التغيير في نبرة الرئيس ترمب في وقت أعادت فيه الولايات المتحدة نشر سفنها وطائراتها الحربية في الشرق الأوسط للرد في حال تصاعد الصراع بين إسرائيل وإيران.

ووصل ترمب إلى البيت الأبيض صباح الثلاثاء في لحظة حاسمة من ولايته الرئاسية الثانية، وبعد خمسة أيام من الضربات الصاروخية والغارات الإسرائيلية التي ألحقت ضرراً بالغاً بإيران. ويعتقد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أنه يستطيع الآن توجيه ضربة قاصمة لبرنامج طهران النووي، وبخاصة إذا حصل على مزيد من المساعدة من الرئيس ترمب.

تدمير فوردو

ينطوي تعميق التدخل الأميركي، سواء عبر تزويد الإسرائيليين بقنابل خارقة للتحصينات لتدمير المواقع النووية الإيرانية المبنية في أعماق الأرض، أو بالانخراط العسكري المباشر، على مخاطر سياسية لترمب، الذي أصرّ أيضاً على أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مخطئ في قوله إن الولايات المتحدة تعمل على وقف النار. وقال: «نحن نتطلع إلى ما هو أفضل من وقف النار. لا نسعى إلى وقف إطلاق النار»، مضيفاً أن ماكرون «رجل لطيف، لكنه لا يُصيب كثيراً». وكرر أنه لا يستبعد الخيار الدبلوماسي، وأنه قد يُرسل نائب الرئيس جي دي فانس والمبعوث الخاص ستيف ويتكوف للقاء المسؤولين الإيرانيين، ومفاوضهم الأبرز وزير الخارجية عباس عراقجي.

وتزداد التكهنات بأن ترمب قد يميل نحو المزيد من التدخل المباشر، ولا سيما لتدمير منشأة فوردو لتخصيب اليورانيوم الإيرانية، المشيّدة في أعماق الأرض، ويحتاج القضاء عليها إلى قنبلة «جي بي يو 57» الخارقة للتحصينات وتزن 30 ألف رطل. ولا تمتلك إسرائيل مثل هذا السلاح أو القاذفة اللازمة لإطلاقه. وتطلق هذه القنبلة الخارقة حالياً بواسطة القاذفة «بي 2» الشبحية.

الرئيس الأميركي دونالد ترمب وخلفه وزير الدفاع بيت هيغسيث في واشنطن (رويترز)

وحول احتمالات التدخل أو التفاوض، قال وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث عبر شبكة «فوكس نيوز» إن الرئيس «بالطبع» يريد رؤية اتفاق يُوقّع لكبح البرنامج النووي الإيراني، مؤكداً أن موقف ترمب «لم يتغير. ما تشاهدونه في الوقت الفعلي هو السلام من خلال القوة وأميركا أولاً. مهمتنا هي أن نكون أقوياء. نحن في وضع دفاعي في المنطقة لنكون أقوياء في السعي للتوصل إلى اتفاق سلام. ونأمل بالتأكيد أن يحدث هذا هنا».


مقالات ذات صلة

ترمب يحضر مراسم إعادة جثامين 3 أميركيين قتلوا في سوريا

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب يؤدي التحية خلال مراسم إعادة رفات اثنين من عناصر الحرس الوطني قُتلا في هجوم بسوريا (أ.ف.ب)

ترمب يحضر مراسم إعادة جثامين 3 أميركيين قتلوا في سوريا

حضر الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الأربعاء، مراسم لتكريم جنديين من القوات الأميركية قتلا في سوريا في مطلع الأسبوع على يد مهاجم يشتبه في انتمائه لتنظيم «داعش».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب (إ.ب.أ)

إدارة ترمب تعتزم حل وكالة رئيسية لأبحاث المناخ

قالت إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، مساء أمس الثلاثاء، إنها ستحل مركزاً اتحادياً رئيسياً لأبحاث علوم المناخ بكولورادو، في أحدث خطوة لوقف تمويل هذه الأبحاث.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ مبنى الكونغرس الأميركي في واشنطن (رويترز - أرشيفية)

مجلس الشيوخ الأميركي يقر ميزانية الدفاع بقيمة 901 مليار دولار

وافق مجلس الشيوخ الأميركي، الأربعاء، على قانون ميزانية الدفاع بقيمة 901 مليار دولار.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الكونغرس يلغي عقوبات قيصر على سوريا (أ.ب)

الكونغرس يلغي «عقوبات قيصر» على سوريا

ألغى الكونغرس رسمياً «عقوبات قيصر» التي فرضها في عام 2019 على نظام الأسد، ما سيفتح الباب أمام الاستثمارات الأجنبية في البلاد.

رنا أبتر (واشنطن)
أفريقيا مسلحون يختطفون ما لا يقل عن 13 مصلياً من كنيسة في ولاية كوجي (أ.ب)

مسلحون يختطفون 13 مصلياً في هجوم على كنيسة بوسط نيجيريا

قال مسؤول بولاية كوجي في نيجيريا، اليوم الأربعاء إن ما لا يقل عن 13 مصلياً خُطفوا عندما هاجم مسلحون كنيسة في الولاية الواقعة بوسط البلاد.

«الشرق الأوسط» (أبوجا)

نتنياهو يعلن «أكبر صفقة غاز لإسرائيل» مع مصر

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (إ.ب.أ)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (إ.ب.أ)
TT

نتنياهو يعلن «أكبر صفقة غاز لإسرائيل» مع مصر

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (إ.ب.أ)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (إ.ب.أ)

أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، اليوم الأربعاء، الموافقة على صفقة الغاز مع مصر، مشيراً إلى أن الصفقة هي الأكبر في تاريخ إسرائيل.

وقال نتانياهو في خطاب متلفز «وافقت اليوم على أكبر اتفاق غاز في تاريخ إسرائيل. تبلغ قيمة الصفقة 112 مليار شيكل (34,7 مليار دولار). ومن هذا المبلغ الإجمالي، سيذهب 58 مليار شيكل (18 مليار دولار) إلى خزائن الدولة».

وأضاف «الاتفاق مع شركة شيفرون الأميركية، بالتعاون مع شركاء إسرائيليين سيقومون بتزويد مصر بالغاز». وقال وزير الطاقة إيلي كوهين الذي كان حاضرا أثناء الخطاب «هذا أكبر اتفاق تصدير في تاريخ الدولة».


إسرائيل تحذر من محاولة طهران إحياء برنامجها النووي

القاذفة الشبح «بي 2 سبيريت» التابعة لسلاح الجو الأميركي بعد عودتها من الهجوم على المنشآت النووية الإيرانية (رويترز)
القاذفة الشبح «بي 2 سبيريت» التابعة لسلاح الجو الأميركي بعد عودتها من الهجوم على المنشآت النووية الإيرانية (رويترز)
TT

إسرائيل تحذر من محاولة طهران إحياء برنامجها النووي

القاذفة الشبح «بي 2 سبيريت» التابعة لسلاح الجو الأميركي بعد عودتها من الهجوم على المنشآت النووية الإيرانية (رويترز)
القاذفة الشبح «بي 2 سبيريت» التابعة لسلاح الجو الأميركي بعد عودتها من الهجوم على المنشآت النووية الإيرانية (رويترز)

بعد ستة أشهر من قصف منشآت طهران النووية، كشفت تقارير عن تفاصيل جديدة عن اغتيال مسؤولين وعلماء مرتبطين بالبرنامج الإيراني خلال حرب الأيام الـ12، فيما حذر رئيس جهاز الاستخبارات الإسرائيلي (الموساد) ديفيد برنياع من عودة طهران إلى نشاطها النووي، رافضاً في الوقت نفسه أي اتفاق جديد وصفه بـ«السيئ».

وقال برنياع ، مساء الثلاثاء، إن «فكرة مواصلة تطوير قنبلة نووية ما زالت تخفق في قلوبهم»، مضيفاً أن «المسؤولية تقع على عاتقنا لضمان ألا يفعّل مجدداً المشروع النووي الذي تضرر بشكل بالغ، وذلك بتعاون وثيق مع الأميركيين»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وأشاد برنياع الذي تنتهي ولايته في 13 يونيو (حزيران) المقبل، بالضربات الافتتاحية المفاجئة التي شنّتها إسرائيل في الحرب، معتبراً أنها كشفت عن حجم المعلومات الاستخباراتية التي جمعها عملاء إسرائيليون عن إيران. وقال: «استفاق نظام الملالي، في لحظة واحدة، ليكتشف أن إيران مكشوفة بالكامل ومخترَقة».

رئيس «الموساد» ديفيد برنياع في مقر وزارة الدفاع الإسرائيلية في تل أبيب يناير 2023 (أرشيفية - رويترز)

وأعرب برنياع عن تشكيكه في أي حل دبلوماسي مع طهران، وحذر من رهانها على التوصل إلى تسوية جديدة، مضيفاً: «تعتقد إيران أنها قادرة على خداع العالم مرة أخرى وإبرام اتفاق نووي سيئ جديد. نحن لم نسمح ولن نسمح بتحقيق اتفاق سيئ».

وأضاف أن إيران «دولة التزمت بتدمير إسرائيل»، وأن مستويات تخصيب اليورانيوم التي وصلت إليها «لا يمكن تفسيرها إلا برغبتها في امتلاك قدرة نووية عسكرية».

وتتهم القوى الغربية إيران بالسعي إلى امتلاك سلاح نووي، وتعمل على منعها من ذلك، في حين تنفي طهران باستمرار هذه الاتهامات.

وخلال ولايته الأولى، انسحب الرئيس الأميركي دونالد ترمب من الاتفاق التاريخي الموقّع عام 2015 والذي قيّد تخصيب إيران للمواد النووية مقابل رفع العقوبات، وهو اتفاق عارضته إسرائيل.

وبدأت إيران والولايات المتحدة مفاوضات للتوصل إلى اتفاق جديد في أبريل (نيسان)، بوساطة عُمانية، لكن تلك المحادثات توقفت فجأة بعد الهجوم الإسرائيلي المباغت على إيران في 13 يونيو، والذي أشعل نزاعاً استمر 12 يوماً. وانضمت الولايات المتحدة لاحقاً إلى المواجهة بشنّ ضربات على ثلاثة مواقع نووية إيرانية.

عملية «نارنيا»

تزامنت تحذيرات برنياع مع تحقيق مشترك نشرته صحيفة «واشنطن بوست» بالتعاون مع برنامج «فرونتلاين» على قناة «بي بي إس» الأميركية.

وبحسب التقرير، فإن إسرائيل أعدت، قبل حرب يونيو مع إيران، شبكة من العملاء داخل البلاد، وجهزت طياريها وأسلحة دقيقة، ضمن حملة متعددة المسارات استهدفت البنية النووية الإيرانية ومنصات الصواريخ والدفاعات الجوية، إلى جانب اغتيال علماء نوويين بارزين.

واعتبر مسؤولون أمنيون إسرائيليون أن إلحاق ضرر محدود بالبرنامج النووي الإيراني لا يكفي، وأن الهدف شمل أيضاً ضرب ما وصفوه بـ«العقل المدبر» من مهندسين وفيزيائيين يعتقد أنهم يعملون على جوانب حساسة مرتبطة بتحويل مواد انشطارية إلى قنبلة.

وذكر التقرير أن الأسلحة الإسرائيلية بدأت عند نحو الساعة 3:21 صباحاً يوم 13 يونيو في ضرب مبانٍ سكنية وشقق في طهران. وقال إن العملية التي حملت اسم «نارنيا» ركزت على كبار العلماء النوويين بعدما جمعت معلومات عن 100 عالم.

وأضاف أن محمد مهدي طهرانجي قتل في شقته في مبنى يعرف باسم «مجمع الأساتذة» بطهران، فيما قتل فريدون عباسي الذي ترأس اللجنة النووية في البرلمان السابق، وترأس المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية خلال عهد الرئيس محمود أحمدي نجاد، بعد ذلك بساعتين في ضربة أخرى. ونقل التقرير عن إسرائيل قولها إنها اغتالت 11 عالماً نووياً إيرانياً بارزاً في 13 يونيو والأيام التالية.

طهرانجي يتحدث إلى المرشد الإيراني علي خامنئي خلال لقاء الأخير مع مسؤولين للبرنامج النووي (أرشيفية - موقع خامنئي)

وقالت «واشنطن بوست» إن تقريرها يستند إلى مقابلات مع مسؤولين حاليين وسابقين في إسرائيل وإيران ودول عربية والولايات المتحدة، تحدث بعضهم شريطة عدم الكشف عن هويته لوصف عمليات سرية وتقييمات.

ونقل التقرير عن مسؤولين من إسرائيل والولايات المتحدة والوكالة الدولية للطاقة الذرية قولهم إن البرنامج النووي الإيراني ربما تأخر لسنوات، لكنه لا يرقى إلى ما وصفه ترمب بأنه «تدمير كامل وتام» للبرنامج.

وأضاف التقرير أن إيران لا تزال تتخذ موقفاً متحدياً عبر التمسك بأنشطة التخصيب. ونقل عن أمير طهرانجي قوله لـ«فرونتلاين» إن عمل شقيقه سيستمر، مضيفاً أن «المعرفة لم تفقد لبلدنا».

وقال التقرير إن إسرائيل نفذت في السابق عمليات اغتيال لعلماء إيرانيين مع هامش إنكار، من بينها قنابل مغناطيسية لُصقت بسيارات في شوارع طهران، ومحاولة عام 2010 نجا منها عباسي، واغتيال محسن فخري زاده في 2020 عبر سلاح يُدار عن بعد.

وذكر التقرير أن «واشنطن بوست» وموقع «بيلينغكات» تمكنا من التحقق بشكل مستقل من مقتل 71 مدنياً في خمس ضربات استهدفت علماء نوويين، بالاستناد إلى صور أقمار اصطناعية وتحديد مواقع فيديوهات وإشعارات وفاة وسجلات مقابر وتغطية جنازات.

وأضاف أن التحقق شمل مقتل 10 مدنيين، بينهم رضيع عمره شهران، في ضربة «مجمع الأساتذة» في حي سعادت آباد بطهران، مع مؤشرات إلى أن قوة الانفجار قاربت قنبلة تزن نحو 500 رطل.

وأشار التقرير إلى استهداف محمد رضا صديقي صابر في منزله بطهران خلال الموجة الأولى، لكنه لم يكن موجوداً وقتها وقُتل ابنه البالغ 17 عاماً. وفي 24 يونيو، قال التقرير إنه قُتل في منزل قريب له بمحافظة جيلان خلال مراسم عزاء، مع التحقق من مقتل 15 مدنياً، بينهم أربعة قُصر، وتدمير منزلين.

ونقل التقرير عن مسؤولين إسرائيليين قولهم إنهم سعوا لتقليل الضحايا المدنيين. وفي المقابل، قال مسؤول عسكري إسرائيلي إن الضربات الإيرانية الانتقامية أصابت مدارس ومستشفيات ومواقع مدنية وقتلت 31 إسرائيلياً. وقال متحدث باسم الحكومة الإيرانية في يوليو (تموز) إن 1062 شخصاً قُتلوا في الضربات الإسرائيلية، بينهم 276 مدنياً.

الضربات الأميركية

وحملت الحملة الأوسع ضد إيران اسم «الأسد الصاعد»، وشملت ضربات جوية ومسيرات وعملاء على الأرض، ودمّرت أكثر من نصف منصات إطلاق الصواريخ الباليستية الإيرانية، وحيّدت دفاعات جوية، واستهدفت محطات كهرباء وأنظمة تهوية قالت إنها ضرورية لتشغيل أجهزة الطرد المركزي في نطنز وفوردو. وأضاف أن ضربات أميركية لاحقة شملت قاذفات الشبح «بي 2 سبيريت» وصواريخ توماهوك.

وقال التقرير إن «الموساد» حشد أكثر من 100 عميل إيراني، وزود بعضهم بسلاح «خاص» من ثلاثة أجزاء لتنفيذ ضربات دقيقة ضد أصول عسكرية،، وإن السلطات الإيرانية عثرت على بعض المنصات لكن ليس الصواريخ أو «المكون الثالث» السري.

سياسياً، كشف التقرير عن أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عرض على ترمب في بداية ولايته الثانية أربعة سيناريوهات لعمل عسكري ضد إيران، وأن الإدارة الأميركية أبقت باب الدبلوماسية مفتوحاً علناً بالتزامن مع التنسيق الاستخباراتي والعملياتي. وأضاف أن محادثات نووية كان مقرراً عقدها في 15 يونيو استُخدمت كجزء من مناورة لخداع إيران، وإبقاء الانطباع بوجود تباعد بين واشنطن وتل أبيب.

وذكر التقرير أن الولايات المتحدة نقلت في 15 يونيو، عبر وسطاء قطريين، مقترحاً إلى إيران تضمن وقف دعم جماعات مثل «حزب الله» و«حماس»، وأن تستبدل بمنشأة فوردو وأي منشأة تخصيب عاملة، مرافق لا تسمح بالتخصيب، مقابل رفع «جميع العقوبات» عن إيران. وأضاف أن طهران رفضت المقترح، ثم أذن ترمب بتوجيه ضربات أميركية.

ترمب يتحدث في المكتب البيضاوي بينما وضع أمامه مجسماً من قاذفات «بي 2» التي قصفت منشآت إيران النووية 6 أغسطس الماضي (أ.ف.ب)

وبشأن تأثير العلميات العسكرية على البرنامج الإيراني، نقل التقرير عن «معهد العلوم والأمن الدولي» قوله في تقييم صدر في نوفمبر (تشرين الثاني) إن الأضرار الناجمة عن الضربات على مواقع نووية كانت واسعة وفي بعض الحالات «كارثية». وقال مسؤولون إسرائيليون إن منشأة نطنز دمرت، وأجزاء من مجمع أصفهان طمست، وتعرضت منشأة فوردو لأضرار جسيمة.

وقال مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي لـ«فرونتلاين» إن الأضرار «كبيرة جداً»، وإن إيران لا تزال تمتلك نحو 900 رطل من يورانيوم مخصب حتى 60 في المائة في أصفهان وفوردو ونطنز، لكن الوصول إليها غير واضح، مع منع المفتشين من دخول مواقع رئيسية.

وأضاف التقرير أن إيران كثفت البناء في موقع تحت الأرض قرب نطنز يُعرف باسم «جبل كالانغ»، وأنها تحاول إعادة بناء مخزون الصواريخ الباليستية بمساعدة من الصين، وفقاً لمسؤولين إسرائيليين ومحللين أميركيين. كما نقل عن ترمب تهديده بضربات جديدة إذا عادت إيران إلى تخصيب اليورانيوم بمستويات مرتفعة.

وبشأن التقديرات الأميركية، قالت مصادر مطلعة إن وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية جمعت منذ 2023 معلومات تفيد بأن باحثين يعملون ضمن وحدة بوزارة الدفاع الإيرانية تُعرف باسم «سبند» كانوا يستكشفون سبل تسريع بناء سلاح نووي إذا تغير قرار القيادة الإيرانية.

وقدرت الوكالة، وفق هذه المصادر، أن الإيرانيين بحثوا تصنيع «جهاز نووي بدائي» يمكن إنتاجه خلال نحو ستة أشهر باستخدام مخزونات اليورانيوم المخصب لديهم، مع الإشارة إلى أن هذا الجهاز سيكون محدوداً من حيث الاختبار المسبق أو وسائل الإيصال بعيدة المدى.

وأضافت المصادر أن تقديرات استخباراتية أميركية وإسرائيلية لم تخلص إلى أن إيران بدأت فعلياً تصنيع قنبلة، لكنها أشارت إلى تزايد القلق بحلول ربيع 2025 من احتمال صعوبة رصد أي انتقال سريع إلى مرحلة التجميع في الوقت المناسب. كما قالت إن الإيرانيين بدوا وكأنهم يدرسون أيضاً مفاهيم مرتبطة بأسلحة اندماجية، لكن محللين أميركيين وإسرائيليين اعتبروها «خارج المتناول» في المدى المنظور.

ونقل التقرير عن علي لاريجاني، أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، قوله لـ«فرونتلاين»: «لا يمكن تدمير البرنامج النووي الإيراني أبداً... لأنهم لا يستطيعون سلبك الاكتشاف بعد أن تكتشف التقنية».


تركيا: تباينات في مواقف الأحزاب بشأن «عملية السلام» مع الأكراد

لجنة «التضامن الوطني والأخوة والديمقراطية» بالبرلمان التركي تستعد لمناقشة الاقتراحات الخاصة بعملية السلام (حساب البرلمان في إكس)
لجنة «التضامن الوطني والأخوة والديمقراطية» بالبرلمان التركي تستعد لمناقشة الاقتراحات الخاصة بعملية السلام (حساب البرلمان في إكس)
TT

تركيا: تباينات في مواقف الأحزاب بشأن «عملية السلام» مع الأكراد

لجنة «التضامن الوطني والأخوة والديمقراطية» بالبرلمان التركي تستعد لمناقشة الاقتراحات الخاصة بعملية السلام (حساب البرلمان في إكس)
لجنة «التضامن الوطني والأخوة والديمقراطية» بالبرلمان التركي تستعد لمناقشة الاقتراحات الخاصة بعملية السلام (حساب البرلمان في إكس)

تستعد لجنة «التضامن الوطني والأخوة والديمقراطية» التي شكّلها البرلمان التركي لاقتراح الإطار القانوني لحل حزب «العمال الكردستاني» ونزع أسلحته للمرحلة الثانية من عملية «تركيا خالية من الإرهاب»، التي يطلق عليها الجانب الكردي «عملية السلام والمجتمع الديمقراطي».

ويتم خلال هذه المرحلة مناقشة تقارير الأحزاب المشاركة في اللجنة (11 حزباً)، التي تتضمن اقتراحاتها بشأن التدابير واللوائح القانونية والخطوات التي تتعين تطبيقها في إطارها.

وبحسب ما رشح من الأحزاب المختلفة المشاركة في اللجنة، عكست التقارير تباينات في المنظور لعملية السلام واللوائح القانونية اللازمة، وينتظر أن تبدأ اللجنة مناقشتها للتقارير في النصف الثاني من شهر يناير (كانون الثاني) المقبل.

رئيس البرلمان التركي نعمان كورتولموش ناقش مع ممثلي الأحزاب السياسية المرحلة الثانية من عمل اللجنة البرلمانية المعنية باقتراح الإطار القانوني لعملية السلام (البرلمان التركي - إكس)

وعقد رئيس البرلمان التركي، الذي يترأس اللجنة أيضاً، نعمان كورتولموش، اجتماعاً بمقر البرلمان، الأربعاء، مع نواب رؤساء المجموعات البرلمانية للأحزاب المشاركة في اللجنة.

وانتهت الأحزاب من إعداد تقاريرها حول عملية السلام والأطر القانونية المقترحة، وتقرر تشكيل لجنة فرعية لدمجها وإعداد تقرير واحد شامل لتقديمه إلى مكتب رئيس البرلمان.

ويجري بحث تمديد ولاية اللجنة، التي تنتهي بنهاية شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي، لمدة شهرين كإجراء احترازي.

موقف حذر

وقالت مصادر حزب «العدالة والتنمية» الحاكم إن إعداد تقرير مشترك هو الأسلوب الأمثل للجنة، لكن في حال تعذر التوصل إلى توافق، يُمكن اتباع أسلوب عرض وجهات نظر؛ كل حزب سياسي على حدة.

وبحسب المصادر، يربط الحزب الحاكم، الذي يتحرك بحذر بشأن التدابير القانونية بإعلان الحكومة السورية التزام قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، التي تقودها «وحدات حماية الشعب» الكردية، بالاتفاق الموقع في دمشق في 10 مارس (آذار)، بشأن اندماج «قسد» في الجيش السوري.

عناصر من حزب «العمال الكردستاني» في أثناء مراسم رمزية لإحراق الأسلحة في جبل قنديل شمال العراق في 11 يوليو الماضي (رويترز)

ولن يقدم الحزب على خطوات بناء الثقة قبل تأكيد السلطات الحكومية، كالمخابرات أو مجلس الأمن القومي، واكتمال نزع أسلحة حزب «العمال الكردستاني».

وبالنسبة لأعضاء «العمال الكردستاني» المتورطين في الجرائم، فيرى الحزب أنه يجب تطبيق أحكام قانون العقوبات التركي، ويمكن تخفيف العقوبة بما لا يسيء إلى الضمير العام.

الحق في الأمل

أما حزب «الحركة القومية» فتضمن تقريره سن قانون خاص بالعملية، بعد تأكيد السلطات، رسمياً، انتهاء وجود حزب «العمال الكردستاني»، وتأجيل الأحكام الصادرة بحق المدانين المرضى وكبار السن، واتخاذ خطوات مثل إطلاق سراح السجناء السياسيين، بمن فيهم الرئيس المشارك السابق لحزب «الشعوب الديمقراطية»، صلاح الدين دميرطاش، وإنهاء نظام الوصاية، بما يتوافق مع قرارات المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان والمحكمة الدستورية.

بهشلي أول من أطلق الدعوة لتطبيق «الحق في الأمل» على أوجلان العام الماضي (حزب الحركة القومية - إكس)

وبالنسبة لتطبيق مبدأ «الحق في الأمل» الذي اقترحه رئيس الحزب دولت بهشلي، عند إطلاقه مبادرة «تركيا خالية من الإرهاب» في 22 أكتوبر (تشرين الأول) 2024، فأبدى التقرير توجهاً يتسق مع توجه الحزب الحاكم، من حيث إنه لا يعني الإفراج عن السجناء، بل يقتصر على إعادة تقييم نظام تنفيذ الأحكام. وتوقعت مصادر أنه في حال منح هذا الحق الذي أقرته محكمة حقوق الإنسان الأوروبية عام 2014 بالنسبة لمن أمضوا 25 سنة من عقوبة السجن المؤبد المشدد، فسيستفيد منه 230 سجيناً، من بينهم أوجلان.

إصلاحات ديمقراطية

وتمسك حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب»، المؤيد للأكراد، في تقريره، بتعريف العملية الجارية بأنها «عملية السلام والمجتمع الديمقراطي»، كما سماها أوجلان، وليس «تركيا خالية من الإرهاب»، كما تسميها الحكومة.

تطبيق «الحق في الأمل» على أوجلان وإطلاق سراحه أحد المطالب الأساسية للأكراد لإنجاح عملية السلام (أ.ف.ب)

ويدعو تقرير الحزب إلى سن «قانون السلام»، وضمان «المواطنة المتساوية»، وتعزيز الحكم المحلي على حساب الدولة القومية، وإنهاء نظام الوصاية على البلديات التي يتم عزل رؤسائها المنتخبين، وإتاحة التعليم باللغة الأم (الكردية)، وإرساء عقد اجتماعي جديد قائم على المساواة في الدستور.

ويطالب بالتنفيذ الكامل لقرارات المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان والمحكمة الدستورية الخاصة بالإفراج عن السجناء السياسيين، والضمان القانوني لـ«الحق في الأمل» لمن يقضون أحكاماً بالسجن المؤبد المشدد، بمن فيهم أوجلان.

محاكمة إمام أوغلو دون احتجاز أحد مطالب حزب «الشعب الجمهوري» في إطار عملية السلام (حساب الحزب في إكس)

أما حزب «الشعب الجمهوري»، أكبر أحزاب المعارضة، فاقترح في تقريره حزمة إصلاحات ديمقراطية من 29 مادة، لتهيئة بيئة سياسية ديمقراطية لحل المشكلة الكردية، بدلاً من اقتراح قانون لعملية السلام.

تتضمن الحزمة إنهاء ممارسة تعيين الأوصياء على البلديات، والإفراج عن السجناء السياسيين، وعلى رأسهم رئيس بلدية إسطنبول المرشح الرئاسي للحزب، أكرم إمام أوغلو، مع بدء محاكمته في قضية الفساد في البلدية في 19 مارس (آذار) المقبل، ومحاكمته وباقي المتهمين فيها دون احتجاز.