تركيا: تحقيق ثانٍ ضد رئيس بلدية إسطنبول في أسبوع واحد

19 موقوفاً في تحقيقات حريق مركز التزلج... ووزير السياحة في مرمى الانتقادات

رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو خلال مؤتمر صحافي بمقر البلدية الاثنين (من حسابه في «إكس»)
رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو خلال مؤتمر صحافي بمقر البلدية الاثنين (من حسابه في «إكس»)
TT

تركيا: تحقيق ثانٍ ضد رئيس بلدية إسطنبول في أسبوع واحد

رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو خلال مؤتمر صحافي بمقر البلدية الاثنين (من حسابه في «إكس»)
رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو خلال مؤتمر صحافي بمقر البلدية الاثنين (من حسابه في «إكس»)

فتح المدعي العام لمدينة إسطنبول تحقيقاً جديداً ضد رئيس بلديتها المنتمي إلى حزب الشعب الجمهوري المعارض، أكرم إمام أوغلو.

وجاء فتح التحقيق -وهو الثاني ضد إمام أوغلو الذي يتولّى أيضاً رئاسة اتحاد البلديات في تركيا، ويُنظر إليه على أنه مرشح محتمل بقوة لرئاسة تركيا- بسبب تصريحات في مؤتمر صحافي عقده، الاثنين، وجّه فيه انتقادات إلى بعض التحقيقات المتعلّقة ببلديات تديرها المعارضة.

وعلى الفور أمر المدعي العام في إسطنبول، أكين جورليك، بفتح تحقيق تلقائي ضد إمام أوغلو؛ بتهمتي «محاولة التأثير في شخص يقوم بواجب قضائي أو خبير أو شاهد»، و«محاولة التأثير في محاكمة قضائية».

وتمّ تكليف شرطة إسطنبول بإجراء التحقيقات اللازمة مع مَن أدلوا بتصريحات بهذا الاتجاه في وسائل الإعلام المكتوبة والمرئية.

اتهامات وتحقيقات

واتهم إمام أوغلو، خلال المؤتمر الصحافي الذي بثّته قنوات قريبة من المعارضة على الهواء مباشرة، حكومة الرئيس رجب طيب إردوغان، باستخدام القضاء أداةً سياسية للضغط على المعارضة.

إمام أوغلو (من حسابه في «إكس»)

وقال إمام أوغلو إن «خبيراً واحداً (رمز إليه بالحرفين «إس بي») تمّت الاستعانة به شاهداً في تحقيقات قضائية معه ومع مسؤولي بلديات أخرى في إسطنبول» يديرها حزب الشعب الجمهوري الذي يُعد أكبر أحزاب المعارضة في تركيا.

وتنفي حكومة إردوغان أي تدخل في عمل القضاء، مؤكدة أن السلطة القضائية تتمتع بالاستقلال.

وكان المدعي العام لإسطنبول قد فتح تحقيقاً ضد إمام أوغلو في أثناء حديثه على الهواء مباشرة الأسبوع الماضي خلال ندوة نظّمها حزب الشعب الجمهوري حول «القانون الحديث وتسييس القضاء»؛ حيث وجّه انتقادات إلى المدعي العام لإسطنبول، الذي كان قد أصدر قبل ساعات من انعقاد الندوة أمراً باعتقال رئيس فرع الشباب في حزب الشعب الجمهوري، جيم آيدين، من منزله، بتهمة «إهانة مسؤول عام واستهداف الأشخاص الذين يحاربون الإرهاب»، بسبب منشور له على وسائل التواصل الاجتماعي.

ووجّه المدعي العام ذاته تهمة «تهديد موظف عام وعائلته واستهداف الأشخاص الذين يحاربون الإرهاب».

وكان إمام أوغلو علّق على اعتقال آيدين، قائلاً: «أنت (المدعي العام لإسطنبول) تدعوه إلى الإدلاء بإفادته، إذا جاز التعبير، ثم تداهم منزله برفقة 8 من رجال الشرطة، هدفك هو ترهيب الناس، السيد المدعي العام أنا أقول لك سنستأصل العقل الفاسد الذي يحكمك من أذهان هذه الأمة، من أجل إنقاذ حتى أطفالك، سنقتلعه حتى لا يطرق أحد باب أطفالك عند الفجر بهذه الطريقة، دعنا نضمن السلام لبيتك ولأولادك».

وسبق أن صدر حكم على إمام أوغلو في عام 2022، بتهمة الإساءة لمسؤولين حكوميين لانتقاده قرار المجلس الأعلى للانتخابات بإلغاء الجولة الأولى من الانتخابات المحلية في إسطنبول عام 2019 التي فاز فيها على مرشح حزب العدالة والتنمية الحاكم رئيس الوزراء السابق، بن علي يلدريم.

وطعن إمام أوغلو على الحكم، لكن إذا أيّدته محاكم الاستئناف العليا، قد يتم فرض حظر على ممارسته العمل السياسي لمدة 5 سنوات.

تحقيقات حريق الفندق

من ناحية أخرى، طالب إمام أوغلو بتحديد هوية المسؤولين عن حريق فندق «غراند كارتال»، الواقع في مركز «كارتال كايا» للتزلج، في ولاية بولو غرب تركيا التي يرأس بلديتها تانجو أوزجان المنتمي إلى حزب الشعب الجمهوري.

حريق فندق «غراند كارتال» في ولاية بولو غرب تركيا (أ.ف.ب)

وقال إمام أوغلو إن أوزجان بذل جهوداً لتسليط الضوء على الحادثة منذ اللحظة الأولى للكارثة، لكن الحكومة تحاول إلقاء المسؤولية على الآخرين.

وأوقفت السلطات التركية 19 شخصاً لصلتهم بالحريق الذي اندلع في ساعة مبكرة من صباح الثلاثاء الماضي، وأدى إلى مقتل 78 شخصاً وإصابة 51 آخرين، من بين 238 نزيلاً في الفندق المؤلّف من 12 طابقاً الذي اعتمد في بنائه على الخشب بشكل كبير.

ومن بين الموقوفين مالك الفندق، أحمد أرغول، والمدير، ورئيس إدارة الإطفاء في بلدية بولو، ونائب رئيس البلدية، وموظف في شركة تفتيش تابعة لوزارة الثقافة والسياحة.

إطفائي أمام فندق «غراند كارتال» وقد تفحم تماماً بفعل الحريق (إعلام تركي)

وأثار الحريق غضباً في تركيا في ظل ما يتردّد عن تجاهل إجراءات الحماية من الحرائق بصورة كبيرة. وسعى وزير الثقافة والسياحة، محمد نوري أرصوي، إلى تحميل البلدية التي تديرها المعارضة، المسؤولية عن الحريق؛ لكن التقرير الأولي نفى أي مسؤولية للبلدية، بالإضافة إلى أن الفندق خاضع تماماً لإشراف الوزارة وخارج نطاق سلطة البلدية.

انتقادات لوزارة السياحة

وتصاعدت المطالبات بإقالة الوزير أرصوي، وظهرت أصوات من داخل حزب العدالة والتنمية الحاكم تؤكد أنه صار عبئاً على الحزب.

وكتب النائب البرلماني السابق العضو البارز في الحزب الحاكم، شامل طيار، أن وزير الثقافة والسياحة، محمد عاكف أرصوي، ضغط على جميع الأزرار في حالة ذعر خلال برنامج تلفزيوني، وألقى باللوم على جميع الوحدات ذات الصلة تقريباً، ناهيك ببلدية بولو، رغم أن الوزارة لديها السلطة لتفتيش المنشأة بشهادة سياحية.

وأضاف، عبر حسابه في «إكس»، أن «سلطة الإشراف تقع على عاتق وزارة السياحة، قد لا يعرف وزير السياحة إجراءات كل بيروقراطي في وزارته، لكن لو أنه طعن نفسه قبل أن يطعن غيره، كنت سأصدق براءته، للأسف، بدلاً من الوصول إلى الحقيقة بشأن الحادث المأساوي، اختار التعتيم عليها... ببساطة، أصبح وزير السياحة الآن عبئاً ثقيلاً على حزب العدالة والتنمية».

في السياق، كشفت وزارة الثقافة والسياحة التركية عن إغلاق 4 آلاف و380 منشأة تبيّن أنها لا تستوفي للمعايير خلال السنوات الثلاث الماضية، منها 767 في إسطنبول، و515 منشأة في إزمير، و499 منشأة في سكاريا، بغرب البلاد.


مقالات ذات صلة

اعتقال عمدة إسطنبول يفجّر أزمة سياسية في تركيا

شؤون إقليمية أنصار رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو يحملون صورة له أثناء تظاهرهم خارج مبنى بلدية إسطنبول ضد اعتقاله بسبب تحقيق فساد في 19 مارس (أ.ف.ب)

اعتقال عمدة إسطنبول يفجّر أزمة سياسية في تركيا

فجّر اعتقال السلطات التركية رئيس بلدية إسطنبول المعارض، أكرم إمام أوغلو، أزمة سياسية في تركيا، ووُصف بأنه محاولة «انقلاب على الديمقراطية» سيُخلّف تداعيات ثقيلة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية أنصار رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو يحملون صورته أثناء تظاهرهم خارج مبنى بلدية إسطنبول ضد اعتقاله بسبب تحقيق فساد... 19 مارس 2025 (أ.ف.ب)

رئيسة المفوضية الأوروبية: اعتقال رئيس بلدية إسطنبول أمر مقلق للغاية

قالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، اليوم الأربعاء، إن اعتقال السلطات التركية لرئيس بلدية إسطنبول أمر مقلق للغاية.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
شؤون إقليمية رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام اوغلو خلال مؤتمر جماهيري استعداداً للانتخابات التمهيدية لمرشح الرئاسة لحزب الشعب الجمهوري في أرزينجان شرق تركيا (من حسابه في «إكس»)

تركيا: إلغاء الشهادة الجامعية لرئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو

تركيا: إلغاء الشهادة الجامعية لرئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو... المعارضة عدته قراراً سياسياً ومحاموه إلى الطعن عليه.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية مسيرة في ديار بكر كبرى المدن ذات الغالبية الكردية في جنوب شرقي تركيا للمطالبة بالإفراج عن زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان بعد توجيه دعوته لحل الحزب (رويترز)

تركيا: رسالة جديدة متوقعة من أوجلان والحكومة تغلق الباب أمام إطلاق سراحه

أغلقت الحكومة التركية الباب أمام العفو عن زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان بعد دعوته لحل الحزب بينما يتوقع أن يطلق رسالة جديدة للسلام.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية دعوة أوجلان لحل حزب العمال الكردستاني أعطت زخماً لاحتفالات عيد النيروز (موقع حزب الديمقراطية والمساواة للشعوب)

تركيا: اختتام لقاءات حزبية حول دعوة أوجلان لحل «العمال الكردستاني»

اختتم حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب» لقاءاته مع الأحزاب السياسية لمناقشة الخطوات القادمة بعد دعوة زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان لحل الحزب.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

اعتقال عمدة إسطنبول يفجّر أزمة سياسية في تركيا

أنصار رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو يحملون صورة له أثناء تظاهرهم خارج مبنى بلدية إسطنبول ضد اعتقاله بسبب تحقيق فساد في 19 مارس (أ.ف.ب)
أنصار رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو يحملون صورة له أثناء تظاهرهم خارج مبنى بلدية إسطنبول ضد اعتقاله بسبب تحقيق فساد في 19 مارس (أ.ف.ب)
TT

اعتقال عمدة إسطنبول يفجّر أزمة سياسية في تركيا

أنصار رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو يحملون صورة له أثناء تظاهرهم خارج مبنى بلدية إسطنبول ضد اعتقاله بسبب تحقيق فساد في 19 مارس (أ.ف.ب)
أنصار رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو يحملون صورة له أثناء تظاهرهم خارج مبنى بلدية إسطنبول ضد اعتقاله بسبب تحقيق فساد في 19 مارس (أ.ف.ب)

فجّر اعتقال السلطات التركية رئيس بلدية إسطنبول المعارض، أكرم إمام أوغلو، أزمة سياسية في تركيا، ووُصف بأنه محاولة «انقلاب على الديمقراطية» سيُخلّف تداعيات ثقيلة على دولة القانون، واستقلال القضاء، وأداء الاقتصاد.

واعتُقل إمام أوغلو، الذي يُعدّ أبرز منافسي الرئيس التركي رجب طيب إردوغان على رئاسة تركيا، في مداهمة على منزله في إسطنبول فجر أمس (الأربعاء). وجاء توقيفه بعد ساعات من إعلان جامعة إسطنبول إلغاء شهادته الجامعية الحاصل عليها من الجامعة.

وتسبّب اعتقال إمام أوغلو في تداعيات حادّة على الاقتصاد التركي، وأدّى إلى انهيار غير مسبوق لليرة التركية التي فقدت 12 في المائة من قيمتها أمام الدولار.