إسرائيل تصدّ «رسائل دافئة» من دمشق

اتهمت السلطة الجديدة في سوريا بـ«محاولة تسويق نفسها حكومةَ سلام»

TT

إسرائيل تصدّ «رسائل دافئة» من دمشق

وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر (أ.ف.ب)

في وقت كشفت فيه مصادر سياسية في تل أبيب عن «رسائل دافئة» من الحكومة السورية الجديدة تم إرسالها بواسطة الإدارة الأميركية بشكل رسمي، وخروج المحافظ الجديد لدمشق بتصريحات علنية عن الرغبة في السلام، أطلق وزير الخارجية الإسرائيلي، جدعون ساعر، تصريحات عدائية صَدّ فيها هذه الرسائل، وعَدّها جزءاً من محاولات تسويق النظام الجديد في الغرب.

وقال ساعر، خلال لقاءات صحافية، الجمعة: «إن النظام الجديد في سوريا ما هو إلا عصابة إرهاب نعرفها من أدائها في إدلب، والجديد أنها سيطرت على دمشق. صحيح أن الغرب معجب بطريقة تسليم السلطة هناك بطرق سلمية، لكن علينا أن نتذكّر أنه ليس نظام حكم منتخباً بشكل ديمقراطي. فالعالم الغربي يتحمس له؛ لأنه يريد المساعدة على الاستقرار وإعادة ملايين اللاجئين السوريين. لكن الوضع في سوريا لا يطمئن، ولا يوجد استقرار حقيقي. هناك معارك قتالية في بلدات الشاطئ، وهناك تهديدات واضحة من الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، لتصفية الحكم الذاتي للأكراد، وهناك تنكيل بالمسيحيين، فهذا نظام حكم إسلامي يسعى للسيطرة على سوريا برمتها».

القائد العام للإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع في دمشق 23 ديسمبر 2024 (رويترز)

وقامت جهات سياسية أخرى في إسرائيل بإطلاق تصريحات أكثر اعتدالاً، لكنها تحمل المضمون نفسه في التشكيك بصدق النظام الجديد في دمشق. وقالت هذه الجهات، وفق موقع «واي نت»، إن قائد النظام أحمد الشرع يُطلق تصريحات مهمة، لكن من غير الواضح إذا كان يريد فعلاً دولة سوريا موحدة تحت قيادة من جميع الأطياف. عليه أن يثبت صدق نياته بالأفعال، وليس بالأقوال وحسب.

وكانت مصادر سياسية أخرى قد أكدت أن إسرائيل تلقّت رسائل من الشرع وصفتها بـ«سلمية دافئة»، توضح أنه ورفاقه غير معنيين بأي صراع مع إسرائيل. وقد جاءت هذه الرسائل عبر واشنطن، لكنها أكدت أن «الإدارة الأميركية شريكة في الشكوك، ولم تُقدم النصح لا لإسرائيل ولا لسوريا، بأن تباشرا اتصالات تفاهم على علاقات سلمية في الوقت الحاضر».

وأضافت أن «واشنطن تُقيم علاقات مع دمشق الجديدة، وتُقدم دعماً لها لتطور سياستها السلمية إزاء الداخل وإزاء الخارج، وتنتظر هي أيضاً أن ترى تطبيقاً عملياً للسياسة المعلنة التي تتسم حالياً بالاعتدال.

من جانبه، كان قد ألمح قائد تنظيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، بنفسه، قبل نحو أسبوعين، إلى أن الحكومة الجديدة في سوريا غير مهتمة بالدخول في صراع مع إسرائيل في المستقبل القريب. وأكد الجولاني أن «الوضع في سوريا المنهكة من سنوات القتال لا يسمح بالدخول في صراعات جديدة»، لافتاً إلى أن «البناء والاستقرار على رأس الأولويات، وعدم الانجرار إلى صراعات جديدة تؤدي إلى مزيد من الدمار».

وقد فوجئ الإسرائيليون بالتصريحات التي أدلى بها محافظ دمشق الجديد ماهر مروان، الذي عيّنه الشرع، الجمعة، في مقابلة مع الإذاعة الأميركية العامة (إن بي آر)، قائلاً: «نحن نريد السلام، ولا نريد أن نكون أعداء لإسرائيل، أو لأي أحد آخر».

وأبدى مروان، في المقابلة، تفهماً للشكوك الإسرائيلية تجاه الحكومة الجديدة في سوريا، وقال: «من الممكن أن تكون إسرائيل قد شعرت بالخوف، ولهذا تقدمت قليلاً (في المنطقة العازلة) وقصفت قليلاً. إنه خوف طبيعي. نحن لسنا خائفين من إسرائيل، وليس لدينا أي مشكلة. ليس لدينا أي رغبة في التدخل في أمر من شأنه أن يُهدد أمن إسرائيل. يوجد هنا أناس يريدون العيش بتعايش ويريدون السلام».


مقالات ذات صلة

زيارة وزير الخارجية المصري لسوريا «ما زالت مستبعدة»

شمال افريقيا وزير الخارجية المصري خلال مشاركته في اجتماع «لجنة الاتصال العربية» بشأن سوريا (الخارجية المصرية)

زيارة وزير الخارجية المصري لسوريا «ما زالت مستبعدة»

قال مصدران مطلعان، مصري وعربي، إن «ما تردد بشأن زيارة قريبة لوزير الخارجية المصري إلى سوريا غير صحيح».

أحمد إمبابي (القاهرة)
شؤون إقليمية أحمد الشرع في أثناء استقباله هاكان فيدان في دمشق (رويترز)

فيدان لبلينكن: لن نسمح بوجود مقاتلين أكراد في سوريا

قال وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، في اتصال مع نظيره الأميركي أنتوني بلينكن، السبت، إنه «لا يمكن السماح» بوجود مقاتلين أكراد في سوريا.

«الشرق الأوسط» (إسطنبول)
المشرق العربي التشييع الرمزي في نصب «الشهيد» (إعلام الحشد والفصائل)

«الحشد» وفصائله يحيون ذكرى ضحايا الضربة الأميركية قبل 5 سنوات

أحيت هيئة «الحشد الشعبي»، والفصائل المنضوية تحت مظلتها، الذكرى الخامسة لتعرُّض «كتائب حزب الله» إلى ضربة جوية أميركية استهدفت خلالها مقرات للحشد الشعبي.

فاضل النشمي (بغداد)
شؤون إقليمية جانب من لقاء الرئيسين التركي رجب طيب إردوغان والإيراني مسعود بيزشكيان على هامش قمة الثماني في القاهرة (الرئاسة التركية)

حملة إيرانية ضد تركيا بعد نصائح لطهران بعدم إثارة غضب إسرائيل

تتصاعد حملة الانتقادات والهجوم الحاد في إيران ضد السياسة الخارجية لتركيا وتعاطيها مع قضايا المنطقة وسط صمت رسمي من أنقرة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي السوداني يلتقي المشهداني الجمعة (رئاسة الوزراء العراقية)

السوداني يحض القوى السياسية على حفظ استقرار العراق

أطلق رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني تحذيرات مشددة بشأن المخاطر المحتملة التي قد يتعرض لها العراق، وحض القوى السياسية على تحمل المسؤولية لحفظ الاستقرار.

حمزة مصطفى (بغداد)

إيطاليا: جهود إطلاق الصحافية المحتجزة في إيران «معقدة»

الصحافية الإيطالية المحتجزة في إيران تشيتشيليا سالا تتحدث خلال فعالية بميلانو... فبراير الماضي (رويترز)
الصحافية الإيطالية المحتجزة في إيران تشيتشيليا سالا تتحدث خلال فعالية بميلانو... فبراير الماضي (رويترز)
TT

إيطاليا: جهود إطلاق الصحافية المحتجزة في إيران «معقدة»

الصحافية الإيطالية المحتجزة في إيران تشيتشيليا سالا تتحدث خلال فعالية بميلانو... فبراير الماضي (رويترز)
الصحافية الإيطالية المحتجزة في إيران تشيتشيليا سالا تتحدث خلال فعالية بميلانو... فبراير الماضي (رويترز)

أفاد وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني، السبت، بأن الجهود المبذولة للإفراج عن الصحافية الإيطالية المحتجزة في إيران، تشيتشيليا سالا، «معقدة».

تعمل سالا (29 عاماً) لصالح صحيفة «إل فوليو» وشركة «كورا ميديا» للبث الصوتي (بودكاست)، وأُلقي القبض عليها في طهران في 19 ديسمبر (كانون الأول)، لكن نبأ احتجازها في سجن إيفين سيئ السمعة، أُعلن، الجمعة.

وقال تاياني: «نحاول حلَّ قضية معقدة، وفي الوقت نفسه ضمان أن تُحتجز تشيتشيليا سالا في أفضل الظروف الممكنة».

وعند سؤاله عن موعد الإفراج عنها، أجاب: «آمل أن يكون قريباً، لكن الأمر لا يعتمد علينا». وأضاف: «من الواضح أنها محتجزة، وهو أمر ليس مثالياً، لكنها تتلقى الطعام وتقيم في زنزانة منفردة». مضيفاً: «يبدو أنها تُعامل بطريقة تراعي الكرامة الشخصية. حتى الآن لم نتلقَّ تقارير سلبية».

وقال تاياني، إن السبب الرسمي لاحتجاز سالا لم يتضح بعد، لكنه يأمل في أن يتمكَّن محاميها من زيارتها قريباً ومعرفة المزيد.

ولم يرد أي تأكيد رسمي علني من إيران بشأن الاعتقال. ورفض الوزير تأكيد أو نفي ما إذا كان الأمر مرتبطاً باعتقال إيراني في إيطاليا، هذا الشهر، بناء على طلب من الولايات المتحدة.

تاياني يتحدث إلى وسائل الإعلام لدى وصوله إلى كوسوفو الأسبوع الماضي (إ.ب.أ)

وقال مكتب رئيسة الوزراء الإيطالية، جورجيا ميلوني، إنها «تتابع القضية المعقدة من كثب»، وإن روما تسعى إلى «جميع سبل الحوار الممكنة» لإعادة سالا إلى الوطن «في أسرع وقت ممكن».

وحثَّت وسائل الإعلام على التعامل مع القضية «بالحذر اللازم» حسبما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية».

وقالت شركة «كورا ميديا»، ​الجمعة، وهي شركة نشر بودكاست إيطالية تعمل سالا لصالحها، إنها غادرت إيطاليا إلى إيران في 12 ديسمبر بتأشيرة صحافية صالحة. وكان من المقرر أن تعود إلى روما في 20 ديسمبر.

لكنها اختفت في 19 ديسمبر، ولم تستقل رحلتها الجوية. وبعد ذلك بفترة قصيرة، اتصلت بوالدتها لتخبرها بأنها قد اعتُقلت، بحسب بيان الشركة، يوم الجمعة.

وأضافت الشركة: «تم نقلها إلى سجن إيفين، حيث يُحتجز المعارضون، ولم يتم بعد توضيح سبب اعتقالها».

كما عملت سالا لصالح صحيفة «إل فوليو» الإيطالية، التي ذكرت أنها كانت في إيران «لتغطية أحداث بلد تعرفه وتحبه».

الصحافية الإيطالية تشيتشيليا سالا التي احتجزت بإيران في 19 ديسمبر (أ.ب)

وقالت الصحيفة: «الصحافة ليست جريمة، حتى في البلدان التي تقمع جميع الحريات، بما في ذلك حرية الصحافة. أعيدوها إلى وطنها».

وكانت تقارير قد ربطت بين اعتقال سالا وتوقيف إيرانيين، في الولايات المتحدة وإيطاليا، في 16 ديسمبر، بتهمة تصدير تكنولوجيا حساسة بشكل غير قانوني إلى إيران.

واستدعت إيران الأسبوع الماضي، السفير السويسري لديها، الذي يمثل المصالح الأميركية في البلاد، ودبلوماسياً إيطالياً كبيراً للاحتجاج على اعتقال مواطنيها.

وأوقفت السلطات الإيطالية عابديني نجف أبادي (38 عاماً)، رئيس شركة إيرانية لتصنيع أنظمة الملاحة بناء على طلب من واشنطن، وفق وزارة العدل الأميركية. وقال ممثلو الادعاء إن «الحرس الثوري» الإيراني كان العميل الرئيسي للشركة.

كما اعتُقل في الولايات المتحدة، مهدي صادقي، وهو مهندس متهم بشراء تكنولوجيا بشكل غير قانوني لشركة إيرانية صنعت مكوناً رئيسياً لطائرة مسيَّرة استُخدمت في هجوم في يناير (كانون الثاني) نفَّذه مسلحون مدعومون من إيران في الأردن، وأسفر عن مقتل 3 جنود أميركيين.

والجمعة، قال صادقي الذي طُرد من شركة «أنالوج ديفايسز» بعد اعتقاله إنه «غير مذنب» في جلسة استماع في المحكمة الاتحادية في بوسطن، من التهم الموجهة إليه بالتورط في مخطط لانتهاك قوانين الرقابة على الصادرات والعقوبات الأميركية.

واحتجز «الحرس الثوري» الإيراني العشرات من مزدوجي الجنسية والأجانب في السنوات الأخيرة، ومعظمهم واجهوا تهماً تتعلق بالتجسس والأمن. وتنفي إيران، التي لا تعترف بالجنسية المزدوجة، اللجوء لمثل هذه الاعتقالات لتحقيق مكاسب دبلوماسية، بينما يتهم نشطاء حقوقيون إيران باعتقال مزدوجي الجنسية والأجانب بهدف الضغط على دول أخرى لتقديم تنازلات فيما باتت تُعرف بـ«دبلوماسية الرهائن».